حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ثقافي فني إعلامي شامل((((((((( مدير و مهندس المنتدى : حسن الخباز ))))))))))
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com

 

 القصيدة الضوئية من فيزياء المفهوم .. إلى كيمياء الرؤيا قراءة نقدية في (أدونيس ... سياسة الضوء) لفـداء الغضبان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منتدى حلم المهرجان
Admin



عدد المساهمات : 3461
تاريخ التسجيل : 20/07/2010

القصيدة الضوئية من فيزياء المفهوم .. إلى كيمياء الرؤيا  قراءة نقدية في (أدونيس ... سياسة الضوء) لفـداء الغضبان Empty
مُساهمةموضوع: القصيدة الضوئية من فيزياء المفهوم .. إلى كيمياء الرؤيا قراءة نقدية في (أدونيس ... سياسة الضوء) لفـداء الغضبان   القصيدة الضوئية من فيزياء المفهوم .. إلى كيمياء الرؤيا  قراءة نقدية في (أدونيس ... سياسة الضوء) لفـداء الغضبان I_icon_minitimeالأربعاء 9 فبراير - 17:07:54

القصيدة الضوئية من فيزياء المفهوم .. إلى كيمياء الرؤيا
قراءة نقدية في (أدونيس ... سياسة الضوء) لفـداء الغضبان
الجزء الثاني
كاظـم خليـل*


4-2- تحليل : ( القصيدة الضوئية : أول الشعر)

التحليل :
أولا ً : النص الشعري المكتوب :
-* ( أول الشعر )
أجملُ ما تكونُ أن تُخلخل المدى
والأخرون بعضهم يظنّك النداء َ
بعضهم يظنكَ الصّدى
أجملُ ما تكونُ أن تكونَ حجة ً
للنورِ والظَّلام ِ
يكون فيكَ آخرُ الكلام ِ أولَ الكلام ِ
والآخرون - بعضهم يرى إليكَ زبدا ً
وبعضهم يرى إليكَ خالقا ً
أجملُ ما تكونُ
أن تكون هدفا ً –
مفترقا ً
للصمتِ والكلام .

- *يبدأ ظهور( اللوحة : الرقيمة ) الخاصة بهذا النص، كمسرح متحرك تبدأ منه حركة الكاميرا وتنتهي فيه ، و تجري عليه وفيه الإيحاءات التعبيرية - شبه الدرامية ؛ للمحتوى الشعوري الرمزي الإشاري الانفعالي للنص الشعري - كما ذكرنا آنفا ً.
-وللملاحظة ، يحرص (الغضبان) على حركة الكاميرا الافتتاحية ( زوم إن ) للوحة : الرقيمة ؛ بلقطة ذات طبقة واحدة فقط ، ثم يحرك كاميرته بحركة لولبيَّة -عكس عقارب الساعة – في كامل عمله ( الديوان الضوئي ) وهو بهذه الحركة إنما يعطي المشاهد فرصة للتمعن (باللوحة :الرقيمة ) مفردة ً كما صنعها أدونيس على مساحة الورق – كما يفعل ذلك في اللقطة الاخيرة ( زوم آوت ).
-*يبدأ ظهور أدونيس فيلمياً من بروز القدمين ( لقطة تفصيل )، وهي تتحرك على أرض اللوحة ، عبر بروز لقطتين متراكبتين ، في المشهد الأول ، دلالة على الوجود المادي الأرضي لحالة ما قبل اللغة ، ثم يظهر بمشهد فيلمي ثان ٍ ،على أن هذا المشهد مختلف عن الأول ومرتبط به دلالياً.!
- حيث يعمد المخرج إلى إيجاد ( المعادل الرمزي المرئي ) ليتكامل التخليق الإخراجي مع محتوى النص الشعري الأدونيسي ؛ حين يتزامن ظهور جسد أدونيس ( بشكلٍ ثنائي متحرك : لقطتين متراكبتين لأدونيس ) مع ظهور صوته : ( أجمل ما تكون ) حيث تتطابق حركة أدونيس الممثل - هنا – مع اقتراح السيناريو البصري في اللحظة التي يلفظ فيها أدونيس : ( أن تخلخل المدى ) . فيظهر الشاعر وهو يسير بين الغيوم وفوقها ؛كإشارة بصرية "لخلخلة المدى ".
-إن التحليل النقدي الذي قام به المخرج ، الباحث : الغضبان، لنص أدونيس هنا هو :
اجتهاده على إيجاد ( معادل رمزي مرئي ) للبؤرة البصرية ( المَحرق ) لمحتوى النص الشعري وهي هنا في هذا النص محتوى جملة : " أن تخلخل المدى "
حيث تم ذلك ؛ وفق المخطط التالي :

1- (النص الشعري ) : أجمل ما تكون ُ " أن تخلخل المدى "
2- (المعادل الرمزي المرئي ) = ظهور جسد أدونيس ( بشكلٍ ثنائي متحرك : لقطتين متراكبتين للشاعر يسير بين الغيوم ) لتشير و تؤكد بصريا ً :
-أن أدونيس ( الشاعر ) قد خلخل المدى بظهوره الفيزيقي ... على هذا النحو بين الغيوم خارج الحيز المكاني البشري المُعتاد لفعل المشي . وإن ظهور أدونيس في هذا المكان تزامن مع ظهور القصيدة ( صوتيا ً ) فاللغة : الشعر، قد ارتقت بالوجود البشري من الأرض إلى السماء ،ويظهر أدونيس بوضعيته المثالية أثناء الحركة ، يمشي بهدوء في حالة ٍ تأملية ، فيما يمسك (الغليون ) إحدى ثيماته الشخصية الدَّالة إشاريا ً على الحضور الخاص له كمبدع ، فيما يتابع حركته بثقة واضحة . ثمَّ يتصاعد إيقاع النص و يتصاعد الإيحاء الدرامي حين يصل إلى : " أن تكون حجة ً...للنور والظلام " فتظهر ( لقطة : تفصيل رأس أدونيس ) عبر طبقة ثالثة من خلال دخوله إلى داخل الكادر هي بمثابة ( الحجة المرئية) متزامنة ً مع لفظ ( أن تكون حجة ً للنور والظلام ) ،من خلال فعل اللغة و فعل الشعر أو من خلال فعل اللغة الشعرية والكلام الشعري الخاص الذي يمثل " حجة للنور والظلام " حيث تؤكد هذه اللقطة حضور الشاعر الأستعاري النفسي الواثق ( في الأفق .. بين الغيوم ) .وهذا المشهد ؛من المشاهد التي تتميز ببلاغة تشكيلية فيلمية عالية ، حيث عمد المخرج إلى :
- بناء تعدد منظوري للتكوين الواحد ؛ بنفس (اللقطة : المشهد ). - كما عمد إلى إيجاد تعدد بؤري غني للقطة الواحدة ( ثلاثة بؤر متحركة لنفس (الشخصية : الممثل ) ما أعطى (الصورة الفيلمية) قوة استعارية وبلاغية بشكل لافت ، كما ساهم ذلك بأنسنة وجود ( الشخصية : الشاعر ) في هذا (المكان : الفضاء) وتعزيز وجوده (المجازي: الواقعي) في هذا العلوِّ الشاهق ، بين أحرفه وكلماته ( مرسومات اللوحة : الرقيمة ) التي تظهر في خلفية الكادر والتي أصبحت سماء ً وشمسا ً جديدة للسماء القديمة ، هذا بالإضافة إلى أن حركة الكاميرا داخل ( اللوحة : المسرح ) حافظت على حركتها وحيويتها المتنامية مع الإيقاع النفسي المتصاعد بالتزامن مع الموسيقى التصويرية .
- يتابع السرد البصري الفيلمي : والسرد هنا لا يُقصد به السرد الحكائي الحَدَثي بل التتابع المرئي الإشاري الرمزي لحركة أدونيس وإيماءاته .. " ووقوفة ونظره إلى الأعلى " بالتزامن مع لفظه كلمة : ( خالقا ً ) ثم َّمتابعة حركته الواثقة من يمين الكادر إلى شماله ، وذلك أثناء خروجه من الكادر بالتزامن مع لفظه : " أن تكون هدفا ً مفترقا ً للصمت والكلام " . ولا يكون ذلك إلا ( بفعل الشعر) والذي يرمز بإطلاق ( لفعل الإبداع )
لتتصاعد الموسيقى حين تعود اللوحة إلى الظهور حيث ( الشمس) تسبح في فضاء ( اللوحة : الرقيمة)أو السماء الجديدة الحاضنة لألق اللغة الرائية ،مع تصاعد الموسيقى التصويرية المنتشية بروح الشعر والمتنامية مع الإيقاع النفسي المتزامن معها و المرافق لها ، حين تبدأ الكاميرا بالتراجع ( زوم آوت ) لتظهر ( اللوحة : الرقيمة ) حيث المقروء الأبرز منها :
الجملة الشعرية التي وضعها أدونيس ( كلوغو ) على أعماله الشعرية الكاملة " عِشْ ألقا ً ... ابتكرْ قصيدة ً وأمض ِ .. زد سَعَة الأرض ِ " بوصفها تشكل بؤرة ( المرسوم الخطي ) داخل تكوين اللوحة ، حين ُتكمل الكاميرا تراجعها لتظهر اللوحة كاملة .

تتراجع الكاميرا أكثر ، وتختفي الشمس والغيوم والأفق في ( اللاشعور الجمعي الإشاري للنص الشعري الضوئي ) أي = ( اللوحة : الرقيمة ) ويتسع كادر الكاميرا التي تختتم على (اللوحة :الرقيمة ) = (مسرح النص)الذي " تبدأ منه حركة الكاميرا وتنتهي فيه " و تجري عليه وفيه الإيحاءات التعبيرية.
- ما يلفت الإنتباه هو حركة الكاميرا في عَرضِها ( للوحة : الرقيمة ) أثناء تناوبها أو مزجها مع المواد الفيلمية لأدونيس . حيث يفرد المخرج لها مساحة زمنية كافية لإستيعاب (المتلقي: المشاهد) للمرسومات الخطية والمواد الأخرى التي تشكل التكوين الكامل ( للوحة : الرقيمة ) كما يعمد المخرج إلى اختيار حركة كاميرا غاية في السلاسة والراحة لعين المتلقي ( عكس عقارب الساعة ) التي تتابع استعراض مفردات ( اللوحة : الرقيمة ) بمتعة وحيوية مترافقين .
-تتكامل المادة الفيلمية للشارات الافتتاحية، التي تتغير إيقاعاتها اللونية بتغير إيقاع النص الشعري - لكامل الديوان الضوئي وبالتزامن مع النص الصوتي (النص : المدخل) المرافق للشارة والمتغير بتغير القصيدة ، والدال شعرياً على علاقته مع النص الشعري الثاني الذي يشكل المنجز الفيلمي الرئيسي للقصيدة الضوئية .
- هنا في هذه ( القصيدة الضوئية : أول الشعر ) يُسحَب اللون من الشارة حيث الأبيض والأسود هو المهيمن بدلالاته النفسية الحادة والقاسية التي توحي بعالم النص الشعري للشارة : ( الموت ، الليل ، القتل ، الخوف، الانكسار، التحدي ، الخلق ، الحزن .. إلخ ) بالتشارك مع ( المُؤَثّر ) الُمطبَّق على المادة الفيلمية للشارة أيضا ً، الذي يُغيِّب الحدود ويعجن الخطوط ويوِّحد الإيقاع النفسي المُتطرف بالتكامل مع الموقف الفكري الحاد والعنيف لمحتوى النص الشعري للشارة؛ وهو:

حضنتُ عَصْريَ- أطويه وأنشرهُ
أخطُّه .. وأغنيّهِ ،و أرْتَجِل ُ
أزورُ أرَض صباباتي،أطوف ُ بها
أُقيم ، أنقضُ ما أبني ،وأرتحل ُ
منورا ً بدمي ، مستنفِرا ً وَلهي
كأنني برحيق ٍ ساحر ٍ ثمِلُ
طوفانُ حبّيَ ميثاقي ، فلا قلقي
يَبْلى، ولا جُرحيَ الخلاَّق يَنْدمِلُ .
- يعمد المخرج إلى إظهار( السواد ) في بداية ومنتصف ونهاية المادة الفيلمية في كل القصائد الضوئية المنجزة ؟!!
كتأكيد على الإيقاع البصري المتناوب للحضور والغياب -الوجود والعدم - الخفاء والتجلي - الضوء والظلمة .
بالإضافة إلى أن ذلك يفيد في الانتقالات المكانية والزمانية بين المشهد والآخر الخاص بكل قصيدة على حدة .
ولرَّبما يشير ذلك أيضا ً؛ بشكل غير مباشر- إلى اللاوعي الكوني ، والذي إنما يدل في العمق على الغياب المطلق للوجود البشري؛ (أي : اللافعل ) مقابل شكل الحضور الإنساني الوحيد القابل للخلود ، والذي يكتنهُ في بنيته الحضور السرمدي الإلهي ، ألا وهو " الحضور المُبدع " أو على نحو دقيق ( الفعل المبدع ) عبر الخلق الشعري - والذي يُرمزُ له هنا من خلال حضور( أدونيس ) : الواقعي/ والمجازي .

3- القصيدة الضوئية ...
من فيزياء المفهوم إلى كيمياء الرؤيا :

1-3- مدخل التحوُّل :
- من فيزياء اللون وقوانينه العلمية يتفاعل و يتحول مفهوم القصيدة الشعرية النصَّية إلى كيمياء جديدة ، حيث يَعمَد فداء الغضبان إلى كتابة ( قصيدته الضوئية ) ولكن – هذه المرة - ليس بحبر القلم ، بل بحبر الخيال ؛ بالألوان و الظلال ، و حركة الكاميرا ،وحجم اللقطة ورسم الحركة والإشارة، والإيماءة الدَّالة بصريا ً،وتشكيل الكادر، عبر تطبيق ( قوانين لونية جديدة : تستند إلى عدد من الاختبارات والروائز النفسية العالمية )- وهي مجموعة قوانين لونية تتعلق بالعمل الفني وقيمه الجمالية ،التي تخص الكادر المتحرك ، والتي- بحدود علمنا - تطبق لأول مرة بهذه المنهجية العلمية .
يسعى ( المخرج : الباحث ) إلى تحويل الإيقاعات النفسية المختلفة للقصيدة إلى إيقاعات لونية مرئية – دون أن تفقد القصيدة شيئا ًمن قيمها التعبيرية والإيحائية الدرامية؛ الرمزية والإشارية الشعرية ، وهو ما ينسجم مع عنوان العمل : ( سياسة الضوء ) مع التأكيد على حضور الشاعر ( الواقعي / المجازي ) داخل النص الفيلمي، وخارجه بالآن نفسه . بالتزامن مع اقتراح السيناريو البصري للقصيدة ، دون أن يكون هذا السيناريو مجرد شرح لعوالم القصيدة النصية . واقتراح حركة كاميرا جديدة تسعى لعرض العمل التشكيلي ( اللوحة : الرقيمة ) وتوظيفه داخل مشهدية النص البصري بحيث تنسج الكاميرا مفردات العمل التشكيلي ومرسوماته الخطية ، بطريقة تخدم بنية تشكيل اللقطة التلفزيونية أو السينمائية وبتكاملية تعبيرية مع المشهد الفيلمي .
وشخصيا ً أعتقد : أنه لا تكفي مشاهدة لمرة واحدة للمتلقي؛ لكي يدرك مجمل البنيات الدلالية الجمالية المُكتنهة ضمنا ً في العمل، وعليه يجب إعادة المشاهدة مرة تلو الأخرى ؛ نظرا ً للمدة الزمنية القصيرة لكل ( قصيدة ضوئية ) على حدة ، أولا ً وثانيا ً لكثافة الدلالات والإيحاءات والمجازات المرئية ، والاقتصاد البصري فيها بآن واحد ، وهذه مفارقة .!! ولكنَّ ذلك يعود برأينا ؛ إلى أنَّ قوانين البناء الفيلمي المستخدمة من قبل (الغضبان ) هي قوانين الشعرية نفسها : (الكثافة – الإيحاء – الانزياح – المجاز – الاقتصاد – الشفافية ..إلخ ) وقد ذكرنا ذلك في المقدمة النقدية سالفا ً، ونعيد التأكيد هنا: إن الشعرية في السينما تعتمد صفات وقوانين ؛ نجدها على نحو بارز في لغة القصيدة الشعرية بخاصة وهذا ما يوحِّد أفق التفكير في السينما في علاقتها بالشعر والعكس صحيح .

2-3- كيف تحولت الفيزياء إلى كيمياء ..؟!
-ينظر (الغضبان) إلى النص الشعري لأدونيس بوصفه ( معلومة ) ليقوم بتحويله إلى مجموعة إشارات دلالية ورمزية ثم يعمد إلى اقتراح تجلياتها المرئية بأدوات (سمعية - بصرية) لتتحول المادة الفيلمية بعد ذلك إلى ( نص معرفي ضوئي) يحتاج إلى طريقة تلـَّق ٍ جديدة مع تحوله ذاك. فكما يتحوَّل الماء فيزيائياً من حالة ( الجليد = المادية ) إلى حالته ( الماء = السائلة) إلى حالته (البخار= الغازية ) يتحوَّل النص الشعري لأدونيس – على يدي ( المخرج : الباحث ؛ الغضبان ) من حالته المادية : المكتوبة ؛ كحالة تلـَّق ٍ ( شفاهي : قرائي أول) إلى حالة تلـَّق ٍ ( بصري : مرئي ثان ٍ ) وإلى ( سمعي - بصري : مرئي آخر = ضوئي ) ، ولعل في هذا المثال خير دليل على ما رمينا به إلى عنوان قراءتنا النقدية (من فيزياء المفهوم إلى كيمياء الرؤيا)
أي : من فيزياء اللون وقوانينه العلمية ؛ يتفاعل و يتحول مفهوم القصيدة الشعرية النصيَّة إلى كيمياء مرئية جديدة ، اصطلح لها الباحث الغضبان تعريفا ً إجرائيا ً هو ( القصيدة الضوئية ).
3-3- الوسائط الجديدة والضوابط النقدية :
نعتقد أنه ينبغي على الفنان الذي يتفاعل إبداعيا ًمع تقنية الوسائط الجديدة بوصفها فنا ًجديدا ً، أن يلتزم بالضوابط المنهجية النقدية الخاصة بعمله ، بحيث لا يجعل من هذه الوسائط وسيلة للتعالي على النص الإبداعي المُؤَسَس عليه – بحجة مضاهاته وبزِّه والتفوق عليه ،كما بحجة البحث عن الدهشة والإبهار– وهذا ما انتبه إليه الغضبان ويُسجل له - وذلك لئلا تقود طريقة استخدام هذه الوسائط إلى نتاج جديد؛ يعلو على النص الأصلي ، ويتحول عنه شكلاً ومضمونا ً – جسدا ً وروحا ً، إلى الدرجة التي يُصبحُ فيها المُنتَج الإبداعي الجديد ، لا علاقة له بالنص المُؤَسَس عليه؛ سوى فقط ؛ بعنوانه القديم واسم مبدعه السابق - وعلى المستوى الشخصي - لقد شاهدت عددا ًمن التجارب والعروض في باريس كما في عدد من العواصم والمهرجانات المختلفة ، والتي وقعت بهذا المطب- وللأسف- بدعوى التجريب والثورة على القيم الفنية .
ولعل النسبة الكبيرة من النتاجات التي تنجز حاليا ًبوصفها تنتمي إلى ( الفيديو آرت ) يمكن أن تمثـِّل خير دليل على هذا القول .

4-3- ( الفيديو آرت ) والنقد الغائب :
إن َّ النقد الأبرز الذي يُمكن إجماله حول نتاجات ( الفيديو آرت ) عالميا ً ؛هو :
أولا ً : إسراف ( الفيديو آرت) في منجزه العالمي عامة ً في البحث عن الشكل (Forme ) على حساب المضمون ( Contenu ) ويظهر هذا جلياً في نماذج عروض كبرى المهرجانات ( للفيديو آرت ) – في فرنسا وألمانيا وسويسرا ... أو في غيرها .

ثانيا ً : غياب (المفهوم ) أوالباراديغم ( Paradigme ) أو : ( نسق التصورات الجمالية) الخاصة بنتاج المبدع صاحب التجربة ، والاتكاء المطلق على (الانفعال التقني المباشر - أدائيا ًمع الكاميرا ) ومكملات البناء الفيلمي للعمل ، عبر الاتكاء على قانون ( المحاولة والخطأ ) الذي يكاد يقترب من حدود ( الفوضى) في عدد كبير من نماذج النتاج الفيلمي (للفيديو آرت)

- في التعليق على النقدين الآنفين يمكننا القول :
إن هوس (الشكلانية ) بحجة البحث عن الدَّهشة والإبهار ؛عبر تقديم صور أو لقطات متتابعة بأي طريقة - أحيانا ً- قد يبدو هو الأساس وهو الغاية النهائية للكثير من نماذج (الفيديو آرت )، حتى وإن بدا العمل المنجز خاليا ً من أي معنى أو أي محتوى .

ولكن يجب الانتباه : أنه قد انتهى عصر الفصل بين الشكل والمضمون في المنجز الإبداعي على اختلاف ألوانه – كما أثبتت ذلك النظريات النقدية الحديثة – أدبية أو فنية أو غيرها . وعليه فنحن نعتقد؛ أنه ينبغي على فناني ( الفيديو آرت ) عدم إضاعة الوقت في جعل هذه النقطة مثار إعادة إختبار وتخمين .
علما ً – أن المرء لا يعدم مشاهدة بعض من نماذج (الفيديو آرت) المؤلفة من لقطة واحدة ، مثلا ً- هي غاية في الجمال والجدة – حيث لا ينفصل الشكل فيها عن المضمون بل يغدو الشكل والمضمون واحدا ً في كل ٍّ منسجم .
لكن تجب الملاحظة : أن بعض نماذج (الفديو آرت) الأخرى، قد تتألف من لقطة واحدة مفردة ( لقطة فيلمية لسقوط الثلج .. ) أو قد تتألف من عدة لقطات متتابعة : ( لقطة فيلمية لحركة الغيم .. ثم يتبعها لقطة أخرى لعمال النظافة .. وقد لا يربطها أي رابط مع التي قبلها .. وهكذا ... ) وقد لا يكون لهذه اللقطة أو اللقطات؛ أي معنى سوى ظهورها الفيزيائي أمام العين بحيِّز أو ( كادر ) ثابت للكاميرا – ومع ذلك - فنحن لا نستطيع القول أولا يحق لنا القول - حتى - أن هذا النموذج لا يُصنَّف ضمن ( الفيديو آرت ) .

-أما فيما يتعلق بالنقطة الثانية ، حول غياب (الباراديغم Paradigme)
فإننا نرى : إن غياب التوصيف النقدي الدقيق لهذا الفن،على نحو كبير- يلعب دورا ً في وسمة بصفه ( الفوضى ) وخصوصا ً- إذا علمنا أنه حتى الآن -لا يوجد تعريف متفق عليه عالميا ً– بين النقاد لهذا الفن الجديد
كما أنَّ جدَّة هذا الشكل الفني وعدم تبلور نماذجه عالميا ً، يلعب دوراً مكمِّلا ً بهذا الشأن، إذ ما يزال ( الانفعال التقني المباشر ) هو الذي يقوده ، فيما القانون الذي يحكمه هو قانون ( المحاولة والخطأ ) بدعوى التجريب والحرية ،في المنجز الرديء منه والمقبول على حد سواء.
من هنا يمكن النظر إلى أهمية وخصوصية تجربة (الغضبان) في إيلائها المضمون ( Contenu ) نفس درجة الأهمية التي تعطى للشكل (Forme ) بالتزامن ؛ وبنفس الدرجة إلى الحد الذي لايمكن الفصل بين الشكل والمضمون ، فالشكل هو المضمون والعكس صحيح وبنفس الأهمية ، وهذه خصيصة إيجابية تحسب للعمل .
هذا بالإضافة إلى النقطة الأهم وهي ؛ السعي الجاد لتجاوز المنجز السائد ، في معظم نتاجات ( الفيديو آرت ) على اعتبار تقاطع هذا العمل مع بعضها، إلى اقتراح ( باراديغم Paradigme ) خاص بهذه التجربة الفيلمية الهامة .

5-3- ما هو (الباراديغم : paradigm) في تجربة الغضبان :
كما ذكرنا آنفا ً،إذا كان مصطلح (الباراديغم) بالمعنى العام يعني : نسق التصوّرات المقبولة عموما ً في مجالٍ بعينه.
فإننا بعد تحديد أهم الإجراءات النظرية والممارسات الفيلمية التي أعتمدها الغضبان عمليا ً،والتي كوَّنت بمجملها (نسق التصورات الجمالية ) لهذه التجربة الجديدة ، وبعد القيام بالتحليل التطبيقي من خلال مثال ( القصيدة الضوئية : أول الشعر) نرى أنَّ ( البارديغم ) في تجربة الغضبان هو التصور الجديد الذي أعطاه ( الباحث : المخرج ) (للضوء) في القصيدة أو( للضوء : القصيدة ) وهو : ( السياسة الضوئية للقصيدة ) أو على نحو دقيق هو ( السلوك النفسي اللوني للضوء؛ بتفاعله مع النص الشعري ) والذي استعار منه الغضبان إجرائيا ًمصطلح ( القصيدة الضوئية ) وبالتالي فالمفهوم الجديد للضوء، هو كامنٌ في عنوان العمل نفسه : (أدونيس ... سياسة الضوء ) والذي يختزن بذكاء؛ نسق التصورات الجمالية الخاصة بهذه التجربة الفيلمية – والتي ذكرناها مفصَّلة ً في تحليلنا السالف - حيث صاغ منها ( الباحث : المخرج الغضبان ) فروضه العلمية وقدَّم نتائجه الميدانية ،عبر اعتماده أصول البحث العلمي في أطروحته عن شعر أدونيس.

6-3- في محاولة توصيف التجربة :
تظهر إفادة المخرج الغضبان من المنجز الفيلمي السائد، كما يظهر استيعابه للمفاهيم الجمالية الحديثة بعلاقتها مع الشعر على نحو خاص ، كما يظهر إفادته من الفيلم التسجيلي وإن لم نستطع تصنيف مُنجزه ضمن فئته ، كما تظهر إفادة الغضبان من بعض أشكال (الفيديو آرت ) السائدة، وإن لم نستطع أيضا ً تصنيف منجزه ضمن فئتها- وللمناسبة (فالفيديو آرت) له أشكال مختلفة ومتنوعة كثيرة ، يقترب بعضها من (الريبورتاج التلفزيوني الإخباري ) ويبتعد بعضها عنه ليغدو( لقطة واحدة ) لا يتجاوز زمنها النصف دقيقه ؛حيث تعرض لمشهد" سقوط المطر على التراب مثلاً".على أنني أدرك شخصيا ً ،أن ثمَّة َ فضاءات جديدة في (الفيديو آرت ) لم تكتشف بعد، ولعلَّ في عددٍ من نماذج هذه (القصائد الضوئية) ما يمكن أن ينبئ باكتشاف بعضها على نحو مبدع .
ولكنني أعتقد –على مستوى آخر أن مصطلح : ( القصيدة الضوئية ) ، الذي يُطلقه (الغضبان) قد يقترب في بعض نماذجه من (الفيلم التسجيلي التجريبي) بقدر ما يبتعد عنه ويتجاوزه بآن - لذا سأطلق عليه ( الفيلم الميتا تسجيلي ) : أو ( الما فوق واقعي ) على افتراض صحة التسمية، لكن وللإنصاف فإن َّ هذا الأمر لا يُنقصُ من أهمية المصطلح الإجرائي- والذي يمثِّل برأينا التوصيف الدقيق لهذه التجربة ألا وهو: ( القصيدة الضوئية ) ،حيث يشكل بمجمله ( الديوان الضوئي ) والذي يُطلقه الغضبان على منجزه الفيلمي ،مع الإشارة المتكررة ؛أنه يطلق لأول مرة في فضاء الإعلام الثقافي العربي .
ولو أن الغضبان قد تحرر من ذهنية ( العرض التلفزيوني) بشكل كامل- كما في بعض نماذجه (الضوئية ) المنجزة ، واتجه بشكل مطلق إلى ( فضاءاته الفيلمية التجريبية أو قصائده الضوئية ) كما في القسم الأكبر من ( ديوانه الضوئي )، لكان ذلك - أجدى تجريبا ً – من مراعاة ذهنية الفضائيات العربية وشروطها الرقابية الخانقة .
لكن ذلك؛ لا يمنعني من القول الصريح : إنَّ هذه التجربة الجديدة هي التجلي الأبرز في المشهد الثقافي العربي السائد لعلاقة الشعري بالفيلمي في تفاعله الإبداعي التقاني – هذا على مستوى ، وعلى مستوى آخر: أنني أعلم تماما ً أن الحسابات الإنتاجية الظالمة لحرية الإبداع ،غالبا ً ما تلعب دورها بهذا الشأن . ولعل هذا ما يدفعني إلى القول أيضا ً: بضرورة قيام جهات إنتاجية ثقافية خاصة بتبني مثل هذه المشاريع الثقافية المبدعة ، لما تختزنه من دعم خلاق للحضور الثقافي العربي في عصر الثورة المعلوماتية .
وعموما ً فإن هذه التجربة ( أدونيس : سياسة الضوء ) التي يقدمها المخرج : الباحث فـداء الغضبان ، كمنجز ثقافي مرئي هي تجربة في غاية الأهمية، وخصوصا ً أنها تبني طروحاتها الجمالية بأدوات نقدية مرئية – وهذا ما يحدث لأول مرة في المنجز النقدي الشعري العربي ، مع أشهر شعراء العربية في العصر الحديث . وغني عن البيان أن هذا ما يزيد من أهمية و جرأة التجربة الجديدة .
ختاما ً:
لابدَّ من توجيه الشكر الكبير لمجلة ( دبي الثقافية ) وإدارتها ،لاحتضانها هذه التجربة الإبداعية إعلانياً وثقافيا ً، من خلال تقديم مختارات منها – وإن لم تكن هذه المختارات القليلة تعبر عن كامل الأطروحات الجمالية للتجربة بشموليتها.
على أن هذه التجربة - بحق – جديرة بالمناقشة النقدية الهادفة ، والمحاورة الجمالية الراقية ، والرعاية الإعلامية الجادة من المؤسسات الثقافية والإعلامية العربية ، وهي تُعدُّ محاولة إبداعية رائدة ؛ وغير مسبوقة في ميدانها الفيلمي ، لأنها تمثل المتحرك الإبداعي الشعري المرئي - في تفاعلها الخلاق مع ثورة الوسائط الرقمية الحديثة - بشكل خاص- في بحيرة الثبات المعلوماتي الثقافي السائد .
في ظل ملامح أزمة ثقافية عربية حالية ؛ ترتبط بثقافة التكنولوجيا من جهة كما ترتبط بتكنولوجيا الثقافة من جهة ثانية .
___________
كاظم خليل: ناقد وفنان تشكيلي مقيم في باريس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://festival.7olm.org
 
القصيدة الضوئية من فيزياء المفهوم .. إلى كيمياء الرؤيا قراءة نقدية في (أدونيس ... سياسة الضوء) لفـداء الغضبان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القصيدة الضوئية من فيزياء المفهوم .. إلى كيمياء الرؤيا قراءة نقدية في (أدونيس ... سياسة الضوء) لفـداء الغضبان
» ضوء مغناطيسي مدخل إلى (أدونيس ... سياسة الضوء) لـفداء الغضبان
» أضواء نقدية على كيمياء الجمر – إحداثيات الصهيل)) " الهوامش الترابية على السيرة الرملية لامرئ القيس الشامي "
» أضواء نقدية على كيمياء الجمر – إحداثيات الصهيل)) " الهوامش الترابية على السيرة الرملية لامرئ القيس الشامي "
» عنداك تموت...!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حلم المهرجان :: منتدى الشعر :: منتدى الشعر الحر-
انتقل الى: