نقاط التشابه والاختلاف بين واقع كل من المغرب ومصر وتونس

نقاط التشابه والاختلاف بين واقع كل من المغرب ومصر وتونس

بريان تي.إدواردز





هل المغرب هو الدور القادم ؟ حكى لي صديق الأسبوع الماضي، نكتة ساخرة ذاعت بشكل كبير في أوساط الشباب في المغرب بأن معمر القذافي قال لشعبه إن مايجري في مصر وتونس مجرد إشاعة لا غير.

في موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) انتقد شاب مغربي مواطنا من نفس بلده لإرساله صورة الملك مع عبارة "ملكنا الحبيب" ، فما فتئ شخص آخر أن خالفه الرأي قائلا:" لا يجب أن يفرض رأي الأغلبية على ما تسمى الأقلية وإلا ستكون ديكتاتورية."

المقارنة سهلة للغاية. فلقد تربع الملك الحسن الثاني على العرش لمدة 38 سنة، ذلك انه وصل إلى العرش سنة 1961 خلال رئاسة جون فيتزجيرالد كينيدي. وحكم حتى وافته المنية سنة 1999، أي نهاية الولاية الرئاسية الثانية لبيل كلنتون.

كان الحسن الثاني هو الآخر قويا ومدعوما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية مقابل أكثر مما وعد به الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، حيث كانوا حلفاء في عملية السلام في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وذروعا قوية ضد صعود التطرف الديني الإسلامي.

وبالرغم من ذلك، وكما توضحه بشكل جلي الدردشة على (الفايسبوك)، مجموعة من المغاربة يحبون ملكهم محمد السادس ذا 47 سنة، الإبن الأكبر للحسن الثاني. أصبح ملكا منذ سنة 1999 وهو في ربيعه الخامس والثلاثون. خلال الأسبوع الماضي، وضع المغاربة بمختلف مشاربهم صورة الملك مع عبارات الحب والتعلق حيث تفاعل معهم آخرون بالضغط على علامة إبهام إلى الأعلى "أحب". في حين غير البعض الآخر صور صفحاتهم الشخصية بوضعهم صور الملك.

واستنادا لحوارات أجريتها حديثا ، يتابع المغاربة بإثارة تامة محاولة إخوانهم وأخواتهم في الشرق لطرد قيادتهم الفاسدة. فأجهزة التلفاز في المقاهي والمنازل مضبوطة على قناة الجزيرة، وموقع "الفايسبوك" هو الملتقى الوحيد الذي يناقش فيه الشباب المغربي الأحداث في المناطق الأخرى، تارة باعثين بدعوات لبعضهم البعض لمتابعة مجريات الأحداث في مصر و تونس، وتارة أخرى مناقشة وضعيتهم السياسية في المغرب. فحين اختار البعض وضع الأعلام التونسية في صفحته الشخصية، ارتأى البعض الآخر وضع صور الملك محمد السادس على صفحته في موقع "الفايسبوك".

رغم التخوف الذي ساد بخصوص قلة تجربته لتسيير شؤون الدولة (وهو التخوف نفسه الذي التصق بوالده أيضا)، استطاع محمد السادس أن يوازن بين اقتصاد متعثر والضغط الدولي، خصوصا من قبل الولايات المتحدة الأمر يكية ليجعل من المغرب متراسا ضد الإسلام الأصولي.

فلقد وازن نمط حكم محمد السادس بين الانفتاح بخصوص الأحداث الأليمة التي عرفها المغرب خلال حكم الحسن الثاني( المعروفة "بسنوات الرصاص" حيث زُجَّ برموز المعارضة في السجون السرية في ظروف بشعة) و إصلاحات داخلية في المشهد السياسي والاجتماعي. إذ، أنشأ هيأة الإنصاف والمصالحة لتقصي انتهاكات حقوق الإنسان خلال حكم الحسن الثاني. وفي سنة 2004 تم منح حقوق إضافية للمرأة المغربية.

لكن مازال المغاربة يعانون من تفاوت اقتصادي صارخ وفساد ينخر جسد الحكومة. وكما أوضحت ذلك تسريبات "ويكيليكس"، فسفارة الولايات المتحدة بالمغرب على دراية تامة بكل هذا الظلم. لقد سرّب مصدر رسمي تصريح لرجل أعمال حيث قال:"بما أن ممارسات الفساد بشتى أنواعها وجدت خلال حكم الحسن الثاني... فلقد أصبحت متجذرة ومِؤسَّسة في عهد محمد السادس".

فنسبة البطالة ارتفعت إلى أكثر من 25 في المائة في أوساط حملة الشواهد المتخرجين حديثا من الجامعات إلى جانب ارتفاع الأسعار. ومن جانبه يبدو محمد السادس متخوفا إلى حد كبير.حيث انتشرت في كل أرجاء المغرب إشاعة سفره السري إلى فرنسا في وقت متأخر الشهر المنصرم للاستشارة مع الرئيس نيكولا ساركوزي.

ويبدو أن الملك ليس ... مركز كراهية بكل المقاييس. فوضعيته المزدوجة بصفته ملك البلاد وأمير المؤمنين(أعلى سلطة دينية في المغرب مع انتسابه لسلالة الرسول محمد) تخدم لصالحه كما خدمت الحسن الثاني من قبله. ورغم حرية الصحافة النسبية فلا يسمح للصحافيين المغاربة بانتقاد الملك وأسرته وكذلك الشأن بالنسبة للإسلام أو تدبير المغرب لنزاع الصحراء الغربية (منذ سنة 1975). و أحيانا تبدو الحدود بين هذه المسماة "المؤسسات المقدسة" مستعصية على الفهم.

و رغم هذه الخطوط الحمراء، فالصحافة في المغرب تنعم بمناخ أكثر حرية مقارنة مع تونس وجو التظاهر يتسم بانفتاح أكثر مقارنة مع مصر قبل الأحداث الأخيرة. هذه المؤشرات يمكن أن تكون صمام الأمان الذي يحدد الاختلاف.

لقد أخبرني عبر اتصال هاتفي أحد المحللين المغاربة الأسبوع الماضي من مدينة فاس بأن المغرب ليس مثل تونس "ذلك أن الاحتجاجات الاجتماعية في المغرب أصبحت مشهدا عاديا". ففي تونس هناك قمع مطلق. ولا تلقى الشكاوى آذانا صاغية. إذ في الوقت الذي (أضرم البائع المتجول محمد البوعزيزي النار في نفسه) كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس.

هل سيحدث ذلك الانفجار في المغرب؟ لقد تطرقت الصحافة إلى حالات حرق الذات ولم تتقد شرارة الثورة بعد.

ربما سيسنح الانفتاح النسبي والإصلاحات المتدرجة وكذلك طريقة الملك في المزج بين الولاء السياسي والديني للمغرب بالمضي قدما (سيقول البعض بالركود) دون حدوث ثورة.

أوضح لي مصدر شخصي من العاصمة الرباط أن "النظام فاسد بكليته وتوجد شبكات احتيال، واسترسل قائلا : "ليست المسألة متعلقة "بالملك". ففي حالة حدوث احتجاجات فلن تكون موجهة للملك بصفة شخصية بل ستكون ضد النظام برمته".

فمن الصعب التنبؤ بخصوص سرعة انتشار هذا الموقف. لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار نقاط التشابه والاختلاف بين واقع كل من المغرب من جهة ومصر وتونس من جهة أخرى. إذ لا زال هذا السؤال يراود المغاربة أنفسهم.

المصدر: شيكاكو تريبيون ـ 10 فبراير 2011 .

ترجمة : مراد دموكي