بعد رصد أكبر ذوبان لثلوج المحيط المتجمد الشمالي
العالم مقبل على عصر جليدي جديد فيما يشبه سيناريو سينمائي مدمر
المياه العذبة التي تذوب في القطب الشمالي قد تؤثر على ملوحة المحيط
لندن ـ كارين إليان
أعرب علماء بريطانيون عن قلقهم من تأثير ذوبان الجليد في القطب الشمالي على تحويل تيار الخليج الدافئ والذي يبقي الطقس في بريطانيا معتدلاً نسبيًّا في فصل الشتاء ولطيف صيفًا، وهو الأمر الذي يؤثر على نصف الكرة الشمالي بأكمله. وأظهرت دراسات تكوّن طبقة سطحية لوحدة جليدية هائلة الحجم تطفو مثل القبعة فوق المحيط القطبي الشمالي، وقد تتدفق فجأة في شمال المحيط الأطلسي. وأشارت الدراسات إلى أن هذه الطبقة السطحية تزايد حجمها بنسبة 20% خلال العقدين الماضيين. ويعتقد العلماء أن هذه الطبقة الكبيرة ناتجة عن ذوبان الجليد في أنهار المياه العذبة في سيبيريا. ورصد العلماء في منطقة حوض القطب الشمالي من كندا إلى غرب غرينلاند ذوبان كمية ضخمة من الجليد تتجاوز 7500 كيلو متر مكعب. ولتخيل هذا القدر الهائل فإن مساحتها تبلغ ضعف مساحة بحيرة فيكتوريا في أفريقيا.
ولفهم التأثير الذي يتركه هذا الكم الهائل من المياه العذبة، فإن العلماء يقولون إن كثافة المياه العذبة أقل من نظيرتها المالحة، وبالتالي فإنها تطفو على السطح، وعندما تهب الرياح فإنها تلامس المياه العذبة الباردة المقبلة من القطب الشمالي، الأمر الذي يؤدي إلى خفض درجة الحرارة.
وأعرب العلماء عن شعورهم بالقلق من حدوث تغيرات مفاجئة في أنماط الرياح على تيار لابرادور البارد والذي قد يتداخل ويؤثر سلبًا على التيارات الدافئة في المحيط والتي تتأثر بدرجة الملوحة.
في هذا الصدد قال الباحث في معهد الأبحاث البحرية في جامعة بريمن هافن الألمانية، بنيامين رابن "نعلم جيدًا أن التغيرات المفاجئة في تيارات المحيط الأطلسي تتأثر بنسبة المياه العذبة". وأضاف "إذا انساب هذا القدر من المياه العذبة في المحيط فجأة فإنه سيؤثر حتمًا على تيارات المحيط".
وتعاون 17 معهدًا بحثيًّا من 10 بلدان أوروبية مع اتحاد "Clamer، كلامر" في توثيق تراكم المياه العذبة في القطب الشمالي، واستخدموا تقنيات متقدمة لقياس الملوحة تصل إلى أعماق مختلفة من مياه المحيط عبر سفينة الأبحاث الألمانية بولارستيرن. وجمع العلماء نحو 5 آلاف عينة من المياه أظهرت زيادة بنحو 20% في المياه العذبة مقارنة بقدر المياه المتدفقة من القطب الشمالي عام 1990، العام الذي شهد بدء مثل هذا النوع من القياسات، وتقدر هذه الزيادة بحوالي 8 آلاف و400 كيلومتر مكعب من المياه العذبة خلال هذه الفترة.
وقالت عالمة المحيطات في المعهد الملكي الهولندي لبحوث البحار لورا دي ستيور "إن حجم المياه التي يتم تصريفها من المحيط المتجمد الشمالي، تحديدًا من أنهار سيبيريا وكندا المتجمدة، وصل حدًّا مرتفعًّا عن المعتاد بسبب ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي، وإضافة إلى ذلك فإن الجليد البحري العائم على السطح يتميز بسرعة الحركة ما يعني ارتفاع احتمالات خروجه إلى المحيط. تسرب هذه المياه العذبة يعني تغيير كثافة المياه السطحية في المحيط، وما يحدث بعد ذلك لا يمكن التكهن به".
لتوقع ما سيحدث، يقول أحد الباحثين في معهد وودز هول لعلوم المحيطات في ولاية ماساشوستس الأميركية "نحتاج محاكاة حاسوبية لما يحدث في الواقع حتى يمكننا التنبؤ بشكل علمي، لكن الشيء المؤكد حتى الآن هو أن تراكم المياه السائلة في القطب الشمالي أكبر بكثير مما هو مسجل في أبحاث تعود لعقود مضت".
لكن السيناريو المتوقع جاء من هوليوود التي قدمت فيلم "The Day After Tomorrow، بعد الغد" الذي تنبأ بحدوث عصر جليدي في مدينة نيويورك.