الأسماء المستعارة تخلط أوراق شرطة الإنترنت
المواقع الاجتماعية تربك أجهزة الأمن في الدول العربية
أيمن بن التهامي من الرباط
حركت مجموعات الاحتجاج عبر المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت الأجهزة الأمنية، ودفعتها إلى تكثيف وجودها في هذا العالم الافتراضي، الذي بات يؤرق بالها يومًا بعد آخر، خصوصًا مع استغلالها من قبل الشباب لتنظيم المظاهرات.
صفحة مصرية على شبكة فايسبوك دعت إلى احتجاجات 25 يناير التي انتهت بالاطاحة بحسني مبارك
الرباط: عبر المواقع الاجتماعية، يدور صراع محتدم بين مستخدميها والخبراء الأمنيين في مجال الإنترنت، الذي رفعوا وتيرة اختراقهم الحسابات الشخصية لبعض النشطاء، خاصة في الفترة الأخيرة، بعد انتشار عدوى الدعوات إلى تنفيذ مسيرات احتجاجية.
وظهر في الثورتين المصرية والتونسية كيف انفجرت فقاعة شبكات التواصل الاجتماعية في وجه الأمن، رغم أنها كانت تخضعها لمراقبة مكثفة، ما اضطر حكومتي البلدين إلى قطع الاتصال، بعدما تصاعدت وتيرة الاحتجاجات.
وأكبر تحدي تواجهه الأجهزة الأمنية تجاه المواقع الاجتماعية هي الأسماء المستعارة، إذ رغم رصدها المكثف للحركة الإلكترونية في هذه الشبكات، غير أنها تعجز عن اكتشاف المحركين الحقيقيين لدعوات الاحتجاج، وهو ما يجعلها تضطر إلى الانتظار حتى خروجهم إلى الشارع لبدء عملية الاعتقالات، كما حدث مع مجموعة من الناشطين في مصر، لكون العالم الافتراضي "صعّب على المخبرين عملهم".
يقول عبد الحق بنطالب، المختص في شؤون التكنولوجيا الحديثة إن "اختراق الحسابات الشخصية لمستخدمي شبكات التواصل سهل، وليس سهلاً في الآن نفسه، لأن هناك إمكانيتين، إما اختراقها عن طريق جهاز الكومبيوتر المحمول، أو عن طريق ثغرة توجد في الموقع الاجتماعي".
وذكر عبد الحق بنطالب، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "هناك من ينشأ مرآة، أو ما يطلق عليها صفحة ثانية خاصة به أو بالمجموعة، حتى تبقى الصفحات محمية"، مبرزًا أن "المواقع الاجتماعية في الدول العربية فضاء للشباب للتعبير عن رأيهم والكتابة".
وأكد المتخصص في شؤون التكنولوجيا الحديثة أن "مجموعة من الأشخاص في مصر كانوا يدخلون إلى هذه المواقع بأسماء مستعارة، لأنه لم تكن هناك حرية"، مشيرًا إلى أن "الناشط السياسي وائل غنيم، الذي أنشأ مجموعة (كلنا خالد سعيد)، التي انطلقت على إثرها الشرارة، لم يعتقل حتى آخر لحظة خلال المظاهرات، لأن الأمن لم تكن لديه معلومات كثيرة بخصوصه، لكون غالبية الناشطين ضمن المجموعة كانوا مسجلين بأسماء مستعارة".
ولفت عبد الحق بنطالب إلى أن "المخبرين المصريين عجزوا عن الاشتغال في فايسبوك، فحاولوا العمل في ميدان التحرير عندما انطلقت الاحتجاجات. فالأمن اعتاد على مراقبة الاجتماعات، واللقاءات، وغيرها، لكن المواقع الاجتماعية صعبت الأمر على المخبرين، إذ لا يمكن تنصيب شرطي على كل مستخدم".
وأضاف المتخصص المغربي "الجزائر واليمن استفادتا مما حدث في مصر وتونس، وعملتا على تطويق المظاهرات بالأمن، وقطع الطرقات أمام المحتجين الذين كانوا آتين من مناطق أحرى، ويحاولون الالتحاق بالمظاهرات".
وذكر عبد الحق بنطالب "لهذا أنا أقول إن الإنترنت ليس وسيلة للمراقبة أو يمكن من خلالها دراسة ومتابعة الأحداث أو الأفكار"، مشيرًا إلى أنه "يمكن لرجل الأمن أن يرصد التحركات في المواقع الاجتماعية، وينجز تقريرًا بما يحدث، لكن الانترنت، حتى من الناحية النفسية أو الاجتماعية، يجعلك لا تثق مائة في المائة بما يدور أمامك".
ويرى مراقبون أن مواقع التواصل الاجتماعي تصبّ في مصلحة الإنسانية، بعدما أصبح العالم قرية صغيرة تنتقل فيها الأخبار خلال ثوان.