آش داك تمشي للزين وانت راجل مسكين
الرحمانية. لاله فاطمة
معدمون غدر بهم الزمان، يبحثون عن ممشوقات القوام يملكن من الجمال نصيبا وافرا، وفقراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، يبحثون عن ميسورات يرتدين آخر صيحات الموضة، وآخرون لا يحبون غير من تكدر صفو عيشهم،
وتغرقهم في بحر الظلمات، وتعلمهم أن الحب مجرد إشاعة... فهل إذا تزوج الفقير الفقيرة ستنتهي المشاكل، وتتهنى المدينة، كما نقول في التعبير الدارج؟ وهل إدا تزوج القبيح القبيحة ستنام المدينة بسلامـ وتنتهي كل المعارك والحروب؟ أو العكس؟
من الطبيعي أن يبحث الرجل عن الجمال، وخاصة إذا كانت سترافقه طوال حياته، لأنه لو كانت الزوجة ينقصها بعض العلم ربما سيعلمها، ولو كان ينقصها بعض التربية سيربيها على طريقته، أما إن كانت غير جميلة فكيف سيغير هذا؟
ومن حقه أيضا أن يتزوج من فتاة من عائلة ميسورة، لم لا، إذا كان القدر جمعهما.
وإذا كان الحب مجرد كيمياء تمزج بين كيانين منفصلين وتوحد بينهما بدون حواجز أو جمارك، فما دخل التكافؤ الاجتماعي أو الجمالي هنا؟
سير آ ولدي حتى تجمع راسك
الزواج ب"الزين"، حسب جلال، الذي لم يتجاوز عقده الثالث يحتاج إلى إثبات رجولة حقيقية، وقدرة على تحمل المسؤولية، ومواجهة أنواء الحياة مبكرا، وهنا يتذكر جلال قصة صديقه المعدم، الذي سولت له نفسه التفكير في الاقتران بفتاة تملك من الجمال نصيبا وافرا، وتقطن بحي كاليفورنيا الراقي بالدار البيضاء.
القصة بينهما بدأت كفكرة مجنونة، وهما على باب كلية الحقوق بطريق الجديدة، فالاثنان عاشا قصة حب دامت أربع سنوات، رغم الفوارق الاجتماعية بينهما، فقررا دخول القفص الذهبي تتويجا لعلاقة عاطفية شبيهة بالأفلام الرومانسية، إلى أن جاءت ساعة الحقيقة، ليتوجه الشاب رفقة أمه ووالده إلى فيلا فتاة أحلامه، غير أن صدمته كانت كبيرة حين ووجه بأسئلة ضخمة من قبل والد الفتاة، الذي سأله عن مدخوله الشهري، ووظيفته، وأملاكه، ونوع سيارته، ما جعل نبيل الذي تجاوز بالكاد عقده الثالث في موقف لا يحسد عليه، قبل أن ينتهي اللقاء بجملة ما زالت تتردد في مسامع نبيل، إذ قال له والد الفتاة "سير آ ولدي تاتجمع راسك هاهي الدريا باقا راها ماغتكرمش".
جلال الصحافي بإحدى اليوميات يرى أن زواج معدمين وفقراء بميسورات في القرن الحادي والعشرين وسيلة تعذيب ومعاناة نفسية، فكل الشباب الفقراء يحلمون ويجربون ثم يحقدون... والأغنياء يحققون الحلم في لحظات، ويفيقون منه بعد لحظات وكما نقول: "تيمشي الزين وتيبقاو حروفو".
خوذ الزين ولا تعذبو
جمال المرأة ليس في شكلها فقط، ولكن الجمال جمال الروح والسلوك والمعاملة. والله جميل يحب الجمال، وكل شيء جميل يبعث في نفسنا حب الحياة والسعادة، "أنا بطبعي كيعجبني الزين، والزين حبو مولانا، ونهار نتزوج إيلا كانت المرا زوينة كيطلعو الدراري فحال الخوخ، وايلا كانت خايبة غير قولو لي كيفاش غادين يكونو، المرأة الزوينة تحطها في عينيك وتجيب ليها الي بغات، تستاهل، وكيف تيقولو خوذ الزين ولا تعذبوشي"، يحكي كريم بنبرة تدل على الثقة في النفس وفي حبه للجمال، رغم أنه هو لا يملك من الجمال سوى الاسم.
بعض الرجال الذين يبحثون عن المال، إذا تزوجوا بغنيات، صار كل همهم الحصول على مالها فقط، وهناك بعض النساء اللواتي يستغلن هذا في السيطرة عليهم، ومعاملتهم كأنهم خدم عندهن
لبس قدك يواتيك
من الأحسن أن يتزوج الغني غنية، والفقير يتزوج فقيرة، والحياة تمشي بالتفاهم والمراعاة بين الزوجين، يقول خالد 40 سنة متزوج من ابنة عمته، التي قال إنه لم يكن لديه نصيب في اختيارها، بل كان من اختيار والدته، "في بعض الأحيان البنت تكون من عائلة غنية وتتزوج واحد على قد حاله ومرتاحة معاه ومراعية لحالته المادية،وكاينة اللي تتبغيتعيش نفس العيشة اللي عاشتها في دارهم مع راجلها، هاذي مامنها رجا".
ليست أي فتاة تستطيع العيش في أقل من مستواها المادي وحقيقة إنه بالفعل أمر صعب وإذا قبلت منذ البداية مدعية المثالية... وجب عليها الصبر.
اللي بغا الزين يصبر لقريص النحل
ويشاطره الرأي رشيد 30 سنة، إذ يقول: "من الخطأ أن يقبل شاب بالزواج من فتاة من أسرة غنية، وإن وافقت... فهو يعلم في قرارة نفسه أنه سيحرمها من بعض ما كانت تنعم به مع أسرتها، وستكون المعاناة من الطرفين، وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة الجميلة، فإنه سيعاني معها كثيرا، وكما يقول المثل "الي بغا الزين يصبر لقريص النحل"، وبذلك يمكن أن يفشل ذلك الزواج، لأنه من الأصل خاطئ، وكيف تيقولو مسكين تزوج مسكينة وتهنات المدينة".
الحب هو معيار السعادة في الزواج
"من حق الفقير أن يتزوج غنية، ومن حق الغني أن يتزوج فقيرة، في عصرنا هذا، لم نعد نتكلم عن الفوارق الاجتماعية، وأصبح الحب ه معيار الزواج الناجح، كم من فتاة غنية تزوجت من شاب لا يملك سوى راتبه الشهري، وهي اليوم سعيدة معه"، هذا ما أكدته نجاة فتاة مقبلة على الزواج، فالسعادة لا تقاس بالمال أو الجمال، وإنما بالتفاهم والصبر والتضحية من كلا الطرفين، كي ينجح ذلك الزواج، بغض النظر عما إذا كانت الزوجة جميلة وهو متوسط الجمال، أو كانت غنية وهو "على قد الحال".
لا ينبغي دائما شيطنة الجمال أو الثراء
سعيد، كاتب روائي وإعلامي، أب لابنتين، يتفق أولا على أن الجمال مسعى لجميع الرجال. والأنثى في كل الأحوال تسعى لأن تكون جميلة لتحظى ب"فرصة" التفاتة من رجل، إما ليحبها أو ليتزوجها. والعكس صحيح أيضا. فالرجل يتأنق ويتجمل ليحظى بقلب امرأة تتوله به. وإذا كان الحب مجرد كيمياء تمزج بين كيانين منفصلين وتوحد بينهما بدون حواجز أو جمارك، فما دخل التكافؤ الاجتماعي أو الجمالي هنا؟
قد يبدو مثاليا، حسب سعيد، الذي يشتغل في مؤسسة صحفية، أن يتزوج الفقير بالمرأة الغنية، لأن ضرورات الحياة من الممكن أن تؤدي بهذه العلاقة إلى الجدار. وقد يبدو من غير المنطقي أن يتزوج القبيح الحسناء الجميلة، لأن المشاكل تلوح في الأفق. ولكن السؤال هو: ما هو المنطقي في الحب؟ الإنسان حالة معقدة، وعاطفته متشابكة، ولا ينبغي دائما شيطنة الجمال أو الثراء. فهل إذا تزوج الفقير الفقيرة ستنتهي المشاكل؟ وهل إذا تزوج القبيح القبيحة ستنام المدينة بسلام، وتنتهي كل لمعارك والحروب؟
حميد الزاهر فنان
في حديث "لالة فاطمة" مع الفنان حميد الزاهر، حول أغنيته المشهورة "آش داك تمشي للزن وأنت راجل مسكين"، صرح بأن كلماتها كانت لمحمد بن عبد السلام، الذي أعطاه حق التصرف فيها عندما كان مع أحمد جبران في التلفزيون، فصرح أمام الملأ بأن يأخذها حميد الزاهر، لأنها تشبه لونه الغنائي، إذ كان حينذاك الزياني هو المخرج.
عن أغنيته يقول: "فيها سر غريب، ومعاني، الزين، خاصو المسائل والقوام ديالو، المرأة الجميلة لابد أن تقومها وتوجد ليها اللي حلات عليه فمها، والمعاني اللي ف الأغنية ولات قليلة في هاذ الزمان، فحال مثلا "الي دارها بيديه يفكها بسنيه"، والإنسان خاصو يمشي على قياسو ولا غادي يجيبها في راسو. ما خاصوش يتعلق فين يتفلق".
وقالت لي أم كلثوم عندما سمعت الأغنية: "ليش يا حميد" قلت لها: "اللي قال العصيدة يدير فيها إيدو".
آش داك تمشي للزين ونتيا راجل مسكين
والزمان يغلبك في الحين ما
عرفتيشي آش داني
كان فالول حي زوين يجمع مابين قلبين
في الأخير رجع نصراني
درتها بديا وعلش منخمم
كون ما جابوني رجلي مانجي ليك
لي دارها بيديه إفوكها بسنيه
عملتها بيدي وعلاش تنخمم
شحال مجيتو ورجيتو
يحن عليا شويا شويا
قالي صافي صافي صافي
قالي صافي صافي صافي
درتها بديى وعلاش منخمم
اش داك تمشي للزين جريدة الرحمانية
د.علي شعباني: أستاذ باحث في علم الاجتماع
الزواج الناجح غير مرهون لا بجمال المرأة ولا بغناها
لماذا في رأيك يلجأ بعض الرجال إلى الارتباط بفتاة غنية أو جميلة جدا؟
جاء في الحديث الشريف: "تنكح المرأة لدينها أو لجمالها أو لحسبها، فاضفر بذات الدين، تربت يداك".
يتبين مما سبق أن المرأة في الواقع تطلب للزواج، وتكون مرغوبة للارتباط بها لأسباب معلومة، ومن أهمها: الدين أو الجمال أو الحسب والنسب والجاه. وفي الوقت الذي يكون التدين، من العوامل الأساسية في استقرار الحياة الزوجية، تكون صفة الجمال التي تتولد عنها الكثير من المشاكل، في الغالب من الحالات.
ومما يمكن ملاحظته في المجتمع المغربي الراهن، هو أن العديد من الشباب يفضل أو يميل إلى الارتباط بالفتاة الجميلة أو التي تنتسب إلى أسرة غنية. ولهذا الميل أو التفضيل أسباب، قد لا تكون كلها موفقة في اختيار المرأة للزواج.
إن أسباب الارتقاء الجماعي أصبحت متوفرة لدى العديد من الشباب، بفعل استكمال الدراسة واختيار تخصصات مطلوبة في سوق العمل وإمكانية الحصول على مناصب الشغل المريحة والمجزية في الداخل والخارج، مما أعطى حرية أكثر لهؤلاء الشباب بأن يقرروا ويختاروا مع من يحب الارتباط به للزواج. وأهم الصفات المبحوث عنها في هذا المجال، صفتي الجمال وغنى وثراء أسرة الفتاة المطلوبة للزواج. ومما يؤسف له، هو أن الزواج، في الكثير من الحالات، بدأ يبتعد عن بعده الديني والأخلاقي، وأصبح يقترب، أكثر فأكثر من "عالم المال والأعمال"، بكونه عاد "صفقة" من الصفقات. وبما أن الصفقات لها دفتر التحملات، فإن الزواج في مثل هذه الحالات، أصبح له "دفتر تحملات" خاص، من أهم بنوده: الجمال والغنى والنفوذ الاجتماعي.
هل يكون هذا الزواج ناجحا؟
النجاح والفشل ف ي الزواج، مرتبطان بشكل أساسي بالتوافق والانسجام في الحياة الزوجية. فكلما حصل التوافق وساد الانسجام في الحياة بين الزوجين، كلما كانت ظروف النجاح متوفرة، والعكس صحيح، فكلما غاب التوافق والانسجام بين الزوجين، كلما طغت عوامل الفشل في هذا المشروع.
كم مرة كان فيها جمال المرأة وبالا عليها وعلى زوجها، وكم من مرة يكون جمال المرأة سببا في ظهور الكثير من المشاكل، قد تنطلق من الغيرة، وتنتهي بتطبيق الخناق على هذه الزوجة الجميلة، ومراقبتها، والطمع فيها ومضايقتها من طرف ذوي النفوس المريضة. أما غنى المرأة وانتسابها لعائلة ثرية وذات جاه ونفوذ. ففي الكثير من الحالات، يكون سببا في الاعتداد بالنفس والغرور، والاحتماء بغنى أو نفوذ العائلة، وتسخيرهما كسلاح ضد الزوج الذي قد يكون، أحيانا، مغلوبا على أمره.
الارتباط بفتاة غنية ومن أسرة ثرية يكون غالبا، وراء إهمال الشاب المتزوج من بنات هذه العائلات لآبائه ولعائلته، الذين قد يكونوا في حاجة إليه وفي مساعدته، أو قد يتنكر لمحيطه الاجتماعي، ويركبه الغرور والكبرياء والجحود.[center]