لماذا يلجأ الفنانون إلى تقديم البرامج؟
إعلاميون يحذّرون من الفوضى الإعلامية نتيجة غزو الفنانين للفضائيات العربية عبر البرامج المنوّعة بعد غزوها مسبقا عبر الأعمال الدرامية.
ميدل ايست أونلاين
دبي – من حسن سلمان
هل تكفي 'الكاريزما' لخوض تجربة التقديم؟
لا شك أن المتابع للوسط الفني سيلاحظ الإقبال الكبير من قبل نجوم التمثيل والغناء العرب لتقديم برامج ذات طابع فني أو اجتماعي في بعض الأحيان، حتى أن البعض بات يتساءل عن النمو الكبير لهذه الظاهرة المترافقة مع الازدياد الكبير في عدد البرامج الفنية التي تغزو الفضائيات العربية وتشهد إقبالا كبيرا من قبل الجمهور.
ورغم أن بعض المراقبين يرون أن الظاهرة تتخذ طابعا موسميا (شهر رمضان على سبيل المثال)، لكنهم يختلفون حول مبرر غزو الفنانين للفضائية العربية عبر البرامج بعد غزوها مسبقا عبر الأعمال الغنائية والدرامية بشكل خاص.
وترى صحيفة "الإمارات اليوم" أن ثنائية "الفنان/المذيع" فرضت نفسها في السنوات الأخيرة بسبب رغبة الفنانين في الوجود على الساحة ومع الجمهور في وقت كانت الأعمال الدرامية أقل عدداً من ان تستوعب الجميع.
لكنها تؤكد ان هذا الوجود لم يعد مبررا بعد الزيادة الكبيرة في أعداد المسلسلات التلفزيونية، "ورغم ذلك لا يشير أي من الفنانين أصحاب تجارب التقديم إلى الإغراء المادي ودوره في دخولهم عالم تقديم البرامج".
ويعتبر الفنان السوري عباس النوري الذي انضم مؤخرا إلى عالم تقديم البرامج انه ليس هناك ما يمنع الفنان من خوض التجربة طالما امتلك "الكاريزما" والمؤهلات التي تمكنه من النجاح، مشيرا إلى ان هناك فنانين حققوا نجاحاً كبيراً شكل إضافة مهمة في مشوارهم الفني والجماهيري.
ويقول النوري إن برنامج "لحظة الحقيقة" الذي سيقدمه على قناة "ام بي سي 4" هو النسخة العربية من برنامج أميركي بنفس الاسم، لكنه يؤكد أن البرنامج سيلتزم بخطوط حمراء تتمثل في التابوهات الثلاثة "الدين والجنس والسياسة" كي يخرج على مستوى مقبول، مشيرا إلى "اننا في مجتمعاتنا العربية نحتاج إلى مثل هذه البرامج كي نتجرد من عيوبنا".
غير أن البعض يرى أن الفنان لا يحمل مؤهلات تمكنه من ممارسة مهنة لا تمت له بصلة، معتبرا أن هذا الأمر لا يتعدى مجرد "البحث عن المزيد من الأضواء والتعدّي على مهنة الغير".
ويرى الفنان المصري حسين فهمي أنه ليس باستطاعة أي فنان تقديم البرامج التلفزيونية سواء كانت فنية أم تناقش مشكلات المجتمع "خصوصا أن هذه المهمة تتطلب قدرات خاصة لا توجد في أي ممثل كي يخرج العمل في أحسن صورة".
ويضيف لصحيفة "الأهرام": "سنوات عديدة مضت قبل تقديمي لبرنامج 'الناس' وأنا تلقيت عروضا عديدة من بعض المحطات الفضائية العربية لتقديم برامج فنية تعرض علي شاشتها ولكنها لم تعجبني، إلى أن تلقيت فكرة 'الناس' ووجدتها مختلفة تماما عن البرامج الأخرى من حيث الشكل والمضمون, فوافقت على الفور وكانت مشكلات الناس والاقتراب من الطبقة الفقيرة هي السبب الأول والرئيسي على موافقتي".
ولا تخفي الفنانة المصرية يسرا التي تقدم برنامج "العربي" على قناة ابوظبي الأولى شعورها بالقلق والخوف من التجربة، خصوصاً ان البرنامج يحمل طابعاً ثقافياً خاصاً، وتستضيف خلاله عدداً من الشخصيات العامة في مجالات الثقافة والأدب والسياسة والاجتماع وغيرها.
وتقول يسرا انها تعاملت مع البرنامج بروح المشاهد الذي يسعى للبحث والمعرفة عن كثير من الأمور والقضايا التي ترتبط بحياته، وحرصت على ألا تتقمص شخصية المذيع المثقف الذي يلم بكل هذه الأمور، ولعل هذا الأمر شكل نقطة ايجابية لمصلحة البرنامج.
وتعتبر الفنانة الكويتية سعاد عبد الله من أوائل الفنانات اللواتي عملن في مجال التقديم.
وتقول لصحيفة "الجريدة": "قدمت في بداية الثمانينيات برامج على شاشة تلفزيون الكويت، لأسباب منها النقص في كادر المذيعات"، مشيرة إلى أن الممثلين آنذاك كانوا يتمتعون بثقافة عالية تؤهلهم إجراء حوارات عميقة مع شخصيات ثقافية أو اجتماعية عامة، ولم تكن الشهرة هدفهم كما هي الحال مع الشباب اليوم.
وتشير عبد الله إلى أن التقديم اليوم بات أسهل ويتمتع الشباب بمميزات مادية وفرص كثيرة مع تزايد القنوات الفضائية باستمرار، وهي أمور لم تكن متوافرة سابقاً.
وتضيف "إذا تلقيت فرصة اليوم لتقديم برنامج سأفكر ألف مرة قبل اقتحام هذا المجال".
ويرى بعض الإعلاميين ان ظاهرة تقديم الفنانين للبرامج التلفزيونية حملت كثيراً من الآثار السلبية إلى الساحة الإعلامية "حيث أصبحت برامج المنوعات التي تعتمد على الألعاب والمسابقات الخفيفة، هي الأكثر رواجاً على القنوات العربية، بينما اتجهت البرامج الحوارية التي يقدمها فنانون إلى التسطيح والاعتماد على الأسئلة السهلة، لتتحول إلى ما يشبه جلسات السمر او النميمة أحياناً".
ويشير هؤلاء الى تراجع البرامج الحوارية الجادة التي تتطلب محاوراً جيداً متمكناً من أدواته، ولديه الخبرة والدراية بالعمل الإعلامي وأصوله وقواعده.
وتنقل صحيفة "الإمارات اليوم" عن الدكتور حسين أمين أستاذ قسم الصحافة والإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة قوله "ما يحدث الآن ليس حرية إعلامية، بل فوضى إعلامية، فالحرية مسؤولية وعلى من يتقبل تحملها أن يكون جديراً بها أو يتركها لأصحابها".
ويتوقع أمين "حدوث حروب إعلامية على جميع المستويات سواء الثقافية أو السياسية أو الرياضية"، مرجعاً انتشار الظاهرة وتزايدها إلى "رغبة القنوات الفضائية في شغل ساعات البث لديها، ومنافسة القنوات الاخرى دون النظر إلى الرسالة المقدمة".