القادة العراقيون يبحثون التحديات الداخلية والخارجية والخدمات
تخصيص 6 مليارات دولار للمواطنين وتقليص مرتبات الكبار
أسامة مهدي
في وقت تشهد البصرة ثاني أكبر المدن العراقية اليوم تظاهرات احتجاج تطالب بتوفير الخدمات فقد ناقش القادة العراقيون التحديات الخارجية والداخلية التي تواجه البلاد مؤكدين ضرورة توفير الخدمات الأساسية.. فيما يدرس مجلس النواب تخفيض مرتبات الرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب وتوزيع 6 مليارات دولار على المواطنين واطلاق 288 ألف درجة وظيفية.
المالكي يترأس اجتماعا للقيادات السياسية
في أجتماع موسع شارك فيه رؤساء الكتل النيابية والشخصيات السياسية البارزة دعا رئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إلى المزيد من التعاون والتنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتأمين التشريعات والقوانين لحل المشاكل التي تعترض عمل الحكومة.
كما بحث المجتمعون ليل السبت أهم التحديات التي تواجه العراق والتطورات الجارية في المنطقة وتم التأكيد على وجوب التكاتف والتضامن لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية. كما شددوا على ضرورة عقد مثل هذه الإجتماعات بإستمرار مؤكدين على أهميتها في التوصل إلى رؤى مشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وقدمت في الإجتماع جملة من المقترحات لحل القضايا التي تعترض طريق بناء الدولة وحل مشاكل المواطنين.
واشار المالكي إلى أن حكومته مازالت تعمل بالعديد من قوانين النظام السابق أوالقوانين التي وضعت قبل تشكيل السلطة التشريعية في البلاد والتي تسبب للحكومة مصاعب كثيرة. وشدد على ضرورة تعاون مجلس النواب في مهمة بناء الدولة وإستكمال مؤسساتها على أسس عصرية مشيرا الى ان الحكومة لاتستطيع العمل دون مساندة مجلس النواب.
وشدد على ضرورة تقديم أفضل الخدمات للمواطنين، ووضع موازنة الدولة بما يلبي الحاجات الملحة للعراقيين، وقال "على الرغم من وجود بعض المصاعب المالية في العام الحالي، لكن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو عامل الوقت فهناك مشاريع للطاقة وخدماتية ومشاريع في مجالات أخرى لكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت لكي تكتمل وتعطي ثمارها".
من جانبه دعا النجيفي إلى إستثمار ما أسماها بأجواء الثقة التي نشأت بعد التوافقات السياسية التي تم التوصل إليها، مشيرًا إلى إستعداد البرلمان لدعم الحكومة في جهودها لحل مشاكل المواطنين.
وأشار إلى البدء بمرحلة مناقشة القوانين التي تمس الحاجة إليها في البرلمان، داعيا إلى وضع إستراتيجية واضحة لحل المشاكل التي يعاني منها العراقيون. وأكد أن الحكومة الحالية قادرة على النجاح إذا ما تم مساندتها والتعاون معها من قبل البرلمان داعيا إلى حل المشاكل التي تعترض عملها.
سلسة احتجاجات وتأكيد بعدم مواجهة المتظاهرين
ويأتي الاجتماع اثر سلسلة من التظاهرات التي تشهدها مدن عراقية منذ ثلاثة ايام مطالبة يتوفير الخدمات الاساسية ومكافحة الفساد المالي والاداري ومعالجة سوء اداء بعض المجالس المحلية. وقد تعرضت احدى التظاهرات في محافظة الديوانية (180 كم جنوب بغداد) أمس الاول الى اطلاق نار من قبل الشرطة مما ادى الى اصابة اربعة من المواطنين بجروح. وقد دعا نواب المحافظة في البرلمان الى تحقيق عادل في الحادث ومعاقبة مرتكبيه.
ومن المنتظر ان تشهد البصرة ثاني اكبر المدن العراقية (550 كم جنوب بغداد) تظاهرة احتجاج اليوم للمطالبة بتوفير الخدمات. وكانت البصرة شهدت في حزيران (يونيو) الماضي تظاهرات شعبية شارك فيها المئات من مواطني المحافظة احتجاجاً على سوء الخدمة الكهربائية ذهب ضحيتها مواطنان واصابة اخرين بجروح نتيجة تفريق المتظاهرين بالرصاص الحي من قبل قوات الامن العراقية.
وقد رد على ذلك المتحدث باسم القيادة اللواء قاسم عطا بالقول إن "قيادة عمليات بغداد لن تسمح باستخدام السلاح من قبل أفراد أو جهات معنية أو انحراف التظاهرات عن مسارها الحقيقي". وأوضح ان "تنظيم التظاهرات السلمية يجب أن يخضع للإطار القانوني من خلال استحصال موافقة وزارة الداخلية إلى جانب توفير القوات الأمنية الحماية المطلوبة لها". وقال إن "القوات الأمنية لم تؤشر في التظاهرات التي خرجت في بغداد اي جوانب سلبية".
وتأتي هذه التطورات في وقت اعلن المالكي امس انه لن يسعى الى البقاء في منصبه لولاية ثالثة مؤيدا فكرة ثبيت دورتين فقط بشكل دستوري. وقال ان "الدستور لا يمنع ان تكون هناك دورة ثالثة ورابعة وخامسة لرئيس الوزراء لكن قراري شخصيا ان لا تكون هناك دورة غير هذه بعد حتى لو كان الدستور يسمح لكن اتمنى ان يتغير الدستور بما لا يسمح باكثر من دورتين".
وقد تولى المالكي (60 عاما) رئاسة الوزراء للمرة الاولى في ايار (مايو) عام 2006 ثم مرة ثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي اثر ازمة سياسية عصفت بالبلاد استمرت اكثر من تسعة اشهر منذ الانتخابات التشريعية في اذار (مارس) عام 2010.
رئيس البرلمان يدعم خفض مرتبات كبار المسؤولين
أعلن رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي تأييده لتخفيض مرتبات الرئاسات الثلاث ورواتب الوزراء والنواب ومن هم بدرجتهم تماشيا مع المرحلة الحالية ودعما للاقتصاد الوطني العراقي.
واوضح النجيفي في تصريح صحافي تلقته "ايلاف" ان الامر يحتاج الى تشريع ويتطلب تدخل مجلس الوزراء لتقديم مشروع قانون تخفيض الرواتب لاقراره في مجلس النواب.
ومن جهته قال النائب عن كتلة دولة القانون في التحالف الوطني العراقي عباس البياتي ان خفض رواتب الرئاسات والوزراء واعضاء مجلس النواب الى النصف يحظى بالدعم والقبول. واضاف في تصريح صحافي " سنحرك مبادرة في مجلس النواب من اجل تشريع قانون يضع سلم رواتب عادلة ومتوزانة يقلل من الفوارق بين الموظفين واصحاب الدرجات الخاصة ". واوضح ان الظروف التي يمر بها الشعب "تدعو الى تقليص النفقات والرواتب وتوجيه هذه الفروقات نحو الخدمات والطبقات المسحوقة".
وتأتي دعوت تخفيض مرتبات كبار المسؤولين بعد يوم من قرار اتخذه المالكي بالتنازل عن نصف مرتبه الشهري وأعادته الى خزينة الدولة "مساهمة بتقليل التفاوت بين مرتبات الموظفين وبما يساعد في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع" كما قال.
واشار رئيس الوزراء في توجيه الى "يخفض خمسون بالمائة من راتبي الشهري كرئيس لمجلس الوزراء واعادته لحساب خزينة الدولة اعتبارا من الشهر الحالي مساهمة بتقليل التفاوت الحاصل بين رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة وبما يساعد في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع وبالتزامن مع مناقشة مجلس النواب للموازنة المالية الاتحادية للدولة".
وليست هناك ارقام رسمية عن مرتبات الرؤساء الثلاثة للجمهورية جلال طالباني والحكومة نوري المالكي ومجلس النواب أسامة النجيفي لكن سياسيين يقولون انها تتراوح بين 700 الف دولار و360 الفا سنوياً.
وكان مصدر عراقي كشف في وقت سابق عن أعلى مرتبات سنوية لعشرة مسؤولين في الدولة العراقية في مقدمتهم الرؤساء الثلاثة للجمهورية والحكومة ومجلس النواب حيث تتراوح هذه المرتبات بين 700 الف دولار و360 الفا سنويا.
واشار الى انه طبقا لبيانات قدمتها مكاتب هؤلاء المسؤولين فأنه هذه المرتبات ربما تكون اقل مما ينفق في الحقيقة بسبب عدم وجود طريقة لتدقيق حسابات الكبار في وقت علق رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي على الامر بالقول أن مؤسسته لا تمتلك التفاصيل الدقيقة لمصروفات الطبقة السياسية العليا لأن مرتباتهم ومخصصاتهم لاتخضع لقانون محملا مجلس النواب السابق كامل المسؤولية حيال غموض ملف المصالح المالية لأكبر 10 موظفين في العراق.
وكان مصدر عراقي اشار في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي الى ان مخصصات اعلى 10 موظفين في الدولة وهم رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائباه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ورئيس الوزراء نوري المالكي ونائباه رافع العيساوي ونوري شاويس ورئيس مجلس النواب اياد السامرائي ونائباه خالد العطية وعارف طيفور اضافة لرئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود ظلت متناقضة وغير واضحة.
وقال على سبيل المثال ان مكتب الرئيس جلال طالباني لم يكشف عن حجم المنافع الاجتماعية المتاحة للرئيس لكن المكتب ذكر ان الرئيس يتلقى شهرياً راتباً ومخصصات تبلغ 75 مليون دينار (أي 900 مليون دينار سنوياً) حوالي 700 ألف دولار سنويا. وذكر المكتب ان بين ذلك المبلغ نحو 45 مليون دينار مخصصات بينها 2 مليون و250 ألف دينار للضيافة.
واضاف ان كلا من نائبي رئيس الجمهورية كما قالت مكاتبهم للجهات الرقابية يتلقون مرتبا مع المخصصات قدره 60 مليون دينار شهريا (سنويا 720 مليون دينار اي نحو 600 ألف دولار سنويا). دون كشف تفاصيل ذلك ولا حجم المخصصات او المنافع الاجتماعية. وكان نائب الرئيس عادل عبد المهدي تحدث لوسائل الاعلام مطلع العام الحالي قائلا انه يتلقى نحو مليون دولار شهرياً مرتبا ومخصصات ومنافع.
ويقول المصدر ان مكتب رئيس الوزراء ابلغ الجهات الرقابية بأنه يتلقى 36 مليون دينار شهرياً (432 مليون دينار سنويا ( نحو 360 ألف دولار) سنويا بينها 21 مليون دينار مخصصات خطورة لكنه لم يكشف مخصصات الضيافة ولا المخصصات الاستثنائية.
المصدر استغرب الرقم لأن معلوماته تشير إلى أن المالكي مثل رئيس الجمهورية في الحقوق المالية وليس اقل منه لكنه اكد عدم وجود سبيل لتدقيق ذلك. واوضح ان رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي مدحت المحمود يتلقى مرتبا أقل من مرتب الوزير هو 10 ملايين دينار شهرياً دون علم بمخصصاته. اما نائب رئيس الوزراء فيتلقى 17 مليون دينار دون علم بمخصصاته.
اما تقاعد كل من هؤلاء فهو "عبارة عن 80 في المائة من الراتب والمخصصات مجتمعين لذلك نخرج بأرقام كبيرة". وكانت النائبة شذى الموسوي قالت مؤخرا ان مجمل مخصصات الرئاسات الثلاث يتجاوز 800 مليون دولار اميركي سنويا وأن مرتبات كل منهم غير معروفة للبرلمان.
السعي لتوزيع ستة مليارات دولار بين المواطنين
يسعى نحو نصف اعضاء مجلس النواب (140 من بين 325 نابا هم اعضاء البرلمان) لتضمين الموازنة العامة للعام الحالي بندا ينص على توزيع ستة مليارات دولار بين المواطنين بهدف رفع مستواهم المعيشي. فقد اعلن القيادي في كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري بهاء الاعرجي ان بين 140 و160 نائبا لن يصواتوا على موازنة العام الحالي مالم تخصص 15 بالمئة من عائدات النفط مرتبات للشعب العراقي.
وقال الاعرجي في مؤتمر صحافي في بغداد "لدينا 140 الى 160 توقيعا من اعضاء مجلس النواب تدعم هذا المطلب ونحن نعد الشعب العراقي اننا لن نصوت على الموازنة ما لم يتحقق هذا المطلب" وتبلغ الموازنة الاتحادية للعام الحالي حوالي 90 مليار دولار اي ان 15 بالمئة النسبة المطلوب توزيعها تبلغ ستة مليارات دولار.
ودعا الاعرجي إلى "تشكيل فريق قانوني يتولى مهام احتساب حجم المبالغ المالية التي يتم تخصيصها"، مشددا على "ضرورة أن يتسلم كل فرد عراقي حقه من إيرادات العراق". وأكد أن "النواب هددوا بعدم التصويت على قانون الموازنة في حال عدم تلبية مطالبهم".
ومن جهتها اعلنت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي أن الحكومة العراقية ستطلق 288 ألف درجة وظيفية فور المصادقة على الموازنة الاتحادية للعام الحالي متوقعة إقرارها منتصف خلال الشهر الحالي بعد قراءتها القراءة الثانية الأسبوع المقبل في البرلمان.