ثورة الغضب زلزال يهز العالم والعرب
علي ال غراش
ما يحدث في مصر من ثورة غضب ضد النظام السياسي هو بمثابة زلزال يهز العالم، وبالخصوص العرب، فالبعض يعيش حالة الصدمة والذهول وعدم تصديق ما يحدث، كما يفعل النظام المصري المستبد المغرور، والذي لا يزال يعيش في عالم الأحلام الوهمية، وهو لا يعلم بأن الثورة الغاضبة غيرت وستغير الكثير في المنطقة والعالم، وأنه بدأ معها تاريخ جديد.
لقد قدم الشعب المصري البطل من خلال ثورته الشعبية أروع الدروس في مقاومة الحاكم المستبد الجائر والتضحية والإباء، ليرد على كل من شكك في قدرة هذا الشعب وهذا الجيل الجديد من الشباب المصري في إحداث ثورة تزلزل أركان حكومات المنطقة وتهز العالم، وليرد على كل من كان يتساءل عن مصير مصر التي ضاعت هويتها ومكانتها في ظل نظام مبارك الذي جعل شعبها البطل والمثقف والعزيز والكريم سجينا للخوف والرعب والجوع والبطالة بسبب سياسته القمعية والدكتاتورية التي استمرت أكثر من ثلاثين عاما.
ذكرت في مقال سابق نشر في منتصف عام 2009م. بعنوان "مصر المقاومة وأزمة النظام الرسمي" التساؤل التالي: "إلى أين يتجه النظام المصري؟ وإلى أين سيأخذ مصر العروبة والتاريخ والثورة والثقافة؟ وفي نهاية المقال كتبت: الإجابة لدى الشعب المصري الداعم للمقاومة والحق العربي".
وها هو الشعب المصري الغاضب والمقاوم يجيب ويرد على التساؤل بإرادة شعبية ثائرة وغاضبة، بأن النظام المصري الرسمي بقيادة مبارك أصبح من الماضي المؤلم في مزبلة التاريخ الأسود ضمن قائمة المخلوعين، وأن مصر العروبة صاحبة التاريخ الحضاري والعلمي والثقافي والثوري والحركي والقومي في الدفاع عن الحق العربي، وبالذات الفلسطيني، ستعود من جديد إلى موقعها الطبيعي والتاريخي والثقافي منارة للعلم والمعرفة وللعزة والشرف والمقاومة، ورائدة ومؤثرة، بما يخدم مصالح شعبها وشعوب دول المنطقة، وبناء دولة قوية في جميع المجالات العلمية والسياسية والاقتصادية، في ظل العدالة والحرية والمساواة والتعددية وممارسة العملية الديمقراطية بشكل صحيح، من خلال دستور جديد يحدد الصلاحيات ويوزعها على السلطات كي لا تكون بيد شخص واحد، لتكون أنموذجا يحتذى به في المنطقة، وذلك بعدما حرق نظام مبارك كل المكاسب ودمر البلاد والعباد، وساهم في صناعة الكراهية والتشتت بين فئات الشعب المصري على مستوى الداخلي، بالإضافة إلى ما قام به من أعمال ضد الأمة العربية وشعوبها كلاعب مؤجج للخلافات والصراعات والفتن.
الشعب المصري الغاضب والثائر يستحق المساندة والتضامن من قبل كل الشرفاء الأحرار في الوطن العربي والعالم، وبالخصوص في هذه الفترة الزمنية المهمة والحاسمة لصناعة تاريخ جديد عبر إسقاط النظام المترنح الذي يصارع سكرات الموت بشكل كامل، وذلك من باب العروبة والدين والإنسانية ونصرة المظلوم والوقوف مع الشعوب المهضومة.
تحية إكبار وتقدير من الشرفاء، عشاق الحرية والتعددية والديمقراطية والكرامة والعزة والسلام والأمان وحقوق الإنسان في السعودية والخليج، للشعب المصري الثائر الحر البطل ضد الظلم والفساد. ولنردد معا:
إذا الشعب يوما أراد الحياة/ فلا بد أن يستجيب القدر.