ليس بإمكاني
أن أركض خلف هذه الأسوار
الأسوار تلاحقني
تعد كلماتي
تحاصرني
ليس بإمكاني
أن أركض خلف هذا الجسد المتشظي
جسدي يداعبني
يلتقط قصيدتي
و كل شظية تنوء بحكايات
ليس بإمكاني
أن أركض خلف هذه المرآة
المرآة ترمم جرحي
المرآة يا سيدي:
لا تكررني
ليس بإمكاني
أن أكسر مرآة الزمن البعيد
و لا زمني
المرآة تحفني انكساراتي
المرآة تجثم عمدا على سطح العبارات
و من خجل... تقولني
المرآة يا سيدي:
تبدد كلماتي
تغتصب الحلم و الهمسات
فلا أرى غير مبتدل
و من وهن
تلك العيون ترمقني
تطوي المسافات
المرآة يا سيدي:
لا تميز بين اللهو
و ضجيج البنات
ليس بإمكاني
أن أركض خلفي
و لا خلفك يا و طني
كلانا يرفل في ثوب متلاشي
نتهاوى
نعيش كالأشباح خلف الذوات
و المرآة كالأنا في نخوتها
المرآة تخدعنا
تخدعنا
تخدعنا
تخدعنا
فلا نرى منا
إلا ما يروقك
و يروقني
ليس بإمكاني
أن أركض خلف ذاكرتي
ذاكرتي تؤنسني
تعلمني النسيان
تعلمني أن أهوى
تحملني من زمن ألا عنوان
إلي زمن المعنى
ذاكرتي يا سيدي
ما تبقى بعد صدإ الأحلام
ذاكرتي تلملم شتاتي
تذكرني بوطن
ليس كباقي الأوطان
يوطن أرخى ستائر العشق
و انتحب على كومة الأحزان
ذاكرتي يا سيدي:
تشق غرور المرآة
و تعيدني إلى الآن
ليس بإمكاني
أن أركض خلف قصيدتي
قصيدتي يا سيدي:
عنواني الوحيد
عنواني الأبدي
اسمي عندما ترتد الأسماء
شيئي عندما تتبذل الأشياء
عشقي عندما تجور الأهواء
قصيدتي بقائي
عندما يغمرني الفناء
بدايتي
نهايتي
قصيدتي يا سيدي:
مقدسي
معبدي
ظلمتي و السناء
قصيدتي
عني... تبعدني
و إلي.. تعيدني
عندما تلفظني تلك المرآة
ذات صباح يا وطني
تجاوزا للمرآة
و للأسوار و الانكسارات
غادرتني
أزعم وطنا و ذات
أفتش هناك
خلف الجراح و الآهات
أصفف و طنا من الافتراض
وطنا غير الذي يعاكسني على المرآة
وطنا بلا دمع و لا حصرات
خلف الجالسين
و خلف الأنين
وطنا يتسع لهذا الحب الأحمق
وطنا يركل المرآة و العجين
غادرتني
عسى أن تلد قصيدتي وطني
و عسى أن تمحو كلماتي
بهتان الانعكاس
و لكن وطني
ليس بالإمكان
ليس بإمكاني
أن أركض خلف أجساد تآكلت بالنسيان
خلف جثت
تلاحقها صقور و غربان
و لا خلف أطفال ضاعت لعبهم
ضاعت طفولتهم بين الأحذية و المداخن
ليس بإمكاني
أن أركض خلف امرأة عارية
و لا بائعة الأحزان
امرأة تعطرت
و تكومت على كفة الميزان
ليس بإمكاني
أن أركض خلف السراب
لأختفي و قصيدتي
بأبخس الأثمان
ليس بإمكاني
أن أساوم المرآة
و أرقص على أشلائك يا وطني
يا أعز الأوطان
هشامي العيدي "قلعة السراغنة"