جون برينكوس.. علم النجاح
مذيع برنامج «سبورت ساينس» على «إي إس بي إن» والبحث الدائم عن صيغ التفضيل
جون برينكوس
واشنطن: بوز مكلين*
بينما كانت الكاميرات تدور بأرجاء المكان ويقف أفراد طاقم العمل بصبر تحت شمس لوس انجليس الساطعة، أعاد جون برينكوس، مذيع برنامج «سبورت ساينس» (علم الرياضة) على قناة «إي إس بي إن»، التفكير وهتف في نفسه قائلا: هذه فكرة سيئة.
كان برينكوس يقف داخل ملعب لكرة القدم خلف فيرنون ديفيز، لاعب الهجوم بنادي سان فرانسيسكو فورتي نانينرز لكرة القدم الأميركية. كان ديفيز، البالغ طوله 6 أقدام و3 بوصات ويصل وزنه إلى 250 رطل، يرتدي عدة على جسده أشبه بتلك التي يرتديها الفرس. وارتبط بهذه العدة حبل ثخين يستخدم في السحب يبلغ طوله تسعة أقدام. وفي نهايته، يوجد مقبض، وكانت يدا برينكوس، الذي ارتدى قفازات عالية التقنية، تمسكان بالمقبض. وقد جرى تصميم التجربة التي كان برينكوس يعيد التفكير بشأنها في تلك اللحظة للتعرف على ما إذا كان ديفيز قويا بالدرجة الكافية التي تسمح له أثناء عدوه بأقصى سرعة بجر «ما يكافئ وزن أضخم مدافعي الاتحاد الوطني لكرة القدم الأميركية عبر خط المرمى لإحراز نقطة». ووقف برينكوس البالغ زنه 160 رطلا على استعداد لخوض التجربة. (وتقرر إعادة التجربة لاحقا بإضافة اثنين خلف ديفيز.) وتأهب فريق العمل المعاون لبرينكوس من علماء وفنيي تصوير استعداد لقياس مدى قوة ديفيز. ووقف ديفيز، الذي يشتهر باسم كايبورغ، في مواجهة خط المرمى الواقع على مسافة 20 ياردة منه، وبدا متأهبا للانطلاق حال صدور الإشارة المتفق عليها. عندما التقى برينكوس ديفيز، شعر بالإعجاب تجاه قوته وضخامة جسمه، وراودته فكرة إجراء هذه التجربة. وحملت القفازات التي ارتداها برينكوس مجسات جعلت ملمس القفزات أملسا، وهو أمر لم يرد بذهنه عندما اقترح إجراء التجربة. وقد أرغمه ذلك على التشبث بقوة بالحبل، لأنه إذا أرخى قبضته لن يتمكن القفاز من تسجيل البيانات، وتنهار التجربة برمتها. أخذ برينكوس نفسا عميقا، وأعطى إشارة الانطلاق. ووصل قياس قوة انطلاقة ديفيز الأولية من خط البداية إلى 1.200 رطلا من القوة. وقطع مسافة الـ20 ياردة من دون تردد أو توقف. ووجد برينكوس نفسه يطير في الهواء وقدميه مرتفعة عن الأرض من خلفه، ثم سقط جسده على الأرض على مسافة 12 قدم من النقطة التي بدأ عندها. وخلال التجربة، جر ديفيز برينكوس لمسافة 15 ياردة، مما تسبب في كشط طبقة من جلد المذيع عند منطقة الذقن والساعد. وقد أسرع برينكوس سرعته من صفر إلى 15 ميلا في الساعة في غضون نصف ثانية، وهو ما يكافئ التعرض للجر من قبل قارب سريع بقوة 500 حصان ينطلق بأقصى سرعته. وأثبت فيرنون ديفيز مقدرته على جر أقوى مدافع يلعب تحت مظلة الاتحاد الوطني لكرة القدم الأميركية. وبالنسبة لبرينكوس، لم يكن ذلك سوى يوم آخر من أيام العمل. يذكر أن جون برينكوس، 39 عاما، ترعرع في فيينا بفيرجينيا، وغالبا ما يفكر ويتحدث بصيغة التفضيل. ويجب على الأشياء أمامه أن تكون الأسرع والأقوى والأعلى كي تجتذب انتباهه. ويميل لتفضيل قياس الظواهر. وتقف وراء ذك ثلاثة أسباب، أولها أن برنامجه على قناة «فوكس سبورتس نت»، المعروضة حاليا عبر «إي إس بي إن»، ويحمل عنوان «سبورت ساينس« يطرح تساؤلات مثيرة للتوتر مثل: هل يتمتع اللاعب في الخطوط الخلفية في إطار الاتحاد الوطني لكرة القدم الأميركية بقوة تكافئ آلة دك الحصون الحربية القديمة؟ هل يتألم الجسد جراء تلقي ضربات شديدة من شخص متمرس بفنون القتال أكثر من تألمه حال التعرض لهجوم من مصارع سومو؟ هل يمكن للمرء تحمل التعرض لضربة بقوة 1.100 رطل في منطقة أصل الفخذ؟ (طبقا لـ«سبورت ساينس»، الإجابة نعم.) وساعد برينكوس في توضيح أيهما يعصر بقوة أكبر، الرجل أم الثعبان، حيث صمم مسابقة بين قوة ثعبان الأصلة البالغ طوله 9 أقدام ونجم الفنون القتالية فيدور إميليانينكو ـ بينما تعرض برينكوس للعصر إميليانينكو من جانب لدرجة أفقدته الوعي. وجاءت النتيجة بأن إميليانينكو كان أكثر قوة بكثير خلال اللحظات القليلة التي مارس العصر خلالها، بينما أثبت ثعبان الأصلة قدرته على ممارسة العصر بكامل قوته لساعات. كما أثبت «سبورت ساينس« أن كوب بريانت، نجم نادي «إل. إيه. ليكرز« لكرة السلة، بمقدوره بالفعل القفز فوق سيارة مسرعة باتجاهه، مثلما ورد بمقطع فيديو مفبرك. ويعتمد البرنامج في عمله على مهندسين متخصصين بمجال الميكانيكا الحيوية وعلماء فيزياء ومنسقين يتولون تصميم وتنفيذ وقياس التجارب. ومن بين المشاركين بانتظام بالبرنامج سنثيا بير، أستاذة الهندسة الطبية الحيوية بجامعة واين في ديترويت، وباسيل إيش، الطبيب المتخصص بالمجال الرياضي من هنتنغتون بيتش في كاليفورنيا. الواضح أن «سبورت ساينس« لا يثير إعجاب الجميع، فمثلا، انتقد ريت ألين، البروفسور المساعد بمجال الفيزياء في جامعة ساوث إيسترن لويزيانا، البرنامج عبر موقع Wired.com، متهما برينكوس وفريق العمل المعاون له باستغلال الأرقام على نحو يختلق مقارنة بين ظاهرتين لا صلة لهما في الواقع ببعضهما البعض، مثل المقارنة بين سرعة إمساك نجم كرة القدم الأميركية تروي بولامالو بالكرة وسرعة البرق. إلا أن ذلك لم يمنع مئات الآلاف من الإقبال على مشاهدة مقاطع من حلقات البرنامج عبر موقع «يوتيوب« (خاصة حلقة الركلات الموجهة للأصل الفخذ). خلال ثلاثة سنوات، فاز «سبورت ساينس« بثلاثة جوائز إيمي للرياضة (من بين تسعة مرات رشح خلالها للجائزة). والملاحظ أن الشبكة التلفزيونية الرياضية العملاقة «إي إس بي إن« تضع مقتطفات مدة كل منها ثلاثة دقائق من البرنامج في مجموعة متنوعة من البرامج الأخرى، بينها «موندي نايت فوتبول« و«كوليدج غيم داي« و«سبورتس سنتر»، ثم تجمع مشاهد وتعيد بثها ببرامج فريدة، مثل برنامج تعرضه هذا الشهر عن الاتحاد الوطني لكرة القدم الأميركية. في ديسمبر (كانون الأول)، وقعت «إي إس بي إن« عقدا جديدا لعدة سنوات مع البرنامج وشرعت في بث لقطات دعائية يظهر خلالها برينكوس وهو يعمل برفقة فريق العمل المعتاد بالبرنامج. عن ذلك، قال رون ويشسلر، نائب رئيس شؤون محتوى البرامج لدى «إي إس بي إن»: «إن ما يقومون به هو محاولة جذب قطاع من المشاهدين الرياضيين على درجة عالية من الثقافة عبر التأكيد على الجوانب العلمية والرقمية. إلا أنهم في الوقت ذاته يحرصون على الإبقاء على المبادئ الرياضية الأساسية، والتي تتعلق بأسئلة بسيطة مثل من هو أفضل لاعب أو أي الظواهر تعد خارقة بحق، وهي أمور تتعلق بلب النقاش الرياضي». ولا يعد برينكوس مجرد مذيع ودمية بشرية لإجراء الاختبارات الفتاكة عليها في إطار برنامج «سبورت ساينس»، وإن كان هذا الوضع ليس بالسيئ بالنسبة لشخص قادم من فيينا من دون خبرة سابقة في الظهور على شاشات التلفزيون. وإنما إلى جانب دوره كمذيع، يشارك برينكوس في ملكية البرنامج وإعداده. ولا يقتصر نشاطه على «سبورت ساينس»، وإنما يملك برينكوس وشريكه وصهره ميكي ستيرن، وهما الرئيسان التنفيذيان لـ«بيس برودكشنز»، أكثر من 10 برامج تجري إذاعتها في ذات الوقت، بينها «فاكت أور فيكد« عبر قناة «سكاي فلاي تشانيل« والتي تبعث أسبوعيا فريقا للتحقيق في ظواهر خارقة للطبيعة، مثل ظهور أشباح أو مسوخ، وبرنامج «نون يونيفرس« الذي يبث على قناة «ناشونال جيوغرافيك« ويعنى باستكشاف أعماق المحيطات وسبر أغوار الفضاء الخارجي.
ومثلما هو متوقع، يزخر موقع ««بيس برودكشنز« بصيغة المبالغة، فمثلا يشير إلى أن «جيسي جيمس في حكم الميت»، قائد الدراجات البخارية المتهور الذي واجه الموت في حادثة وصفها الموقع بأنها «أفضل برنامج واقع في التلفزيون». أما الحلقة التي استضافت زوج ساندرا بولوك السابق الذي تشوهت صورته كثيرا مؤخرا، فاجتذبت 2 مليون مشاهد. وأوضح أندي دينهارت، أستاذ علوم الصحافة والكتابة بجامعة ستيتسون في ديلاند بفلوريدا، والذي يتناول برامج تلفزيون الواقع عبر مدونته بانتظام، أن هذا الرقم يعد كبيرا بالنسبة لقناة كيبل. في المقابل، بمقدور برنامج «جيرسي شور« اجتذاب ما يصل إلى 6 ملايين مشاهد حسب محتوى الحلقة. واستطرد دينهارت أن «معيار التقييم بالنسبة للكيبل أدنى كثيرا. وتتمثل الأهمية الحقيقية فيما إذا كان البرنامج يصل للشريحة الديموغرافية التي تعنى بها الشبكة». وأعرب دينهارت عن اعتقاده بأن بعض برامج «بيس برودكشنز»، مثل «جيسي جيمز« و«هيومان ريكينغ بولز« الخاص بشبكة «جي تو نتورك« اكتسبوا شهرة واضحة. وأضاف أن هذه البرامج «ربما لم تحقق شهرة كبرى، لكنها تبقى برامج جيدة. واستطرد موضحا أن أنجح شركات إنتاج برامج تلفزيون الواقع بلغت القمة «نظرا لجودة برامجها وأسلوب طرحها شيئا جديدا يغري الآخرون بمحاكاته. ولا أعتقد أن هذه الشركة بلغت هذا المستوى بعد». إلا أنه من غير المحتمل أن يدع برينكوس مثل هذا التقييم المتواضع يحد من حماسه. ويروي برينكوس واحدة من أولى تجاربه مع النقد، حيث قال: «كنت في الحضانة، وسلمت لمدرستي مشروع الرسم. وأجابتني: «هذا جيد يا جون». وحينها تملكني غضب شديد، وقلت لها: «هذا ليس جيدا فحسب، إنه عظيم». وما تزال كلمة عظيم المفضلة لدي». أثناء سنواته بمدرسة جيمس ماديسون الثانوية في فيينا، مارس برينكوس رياضات العدو وكرة القدم الأميركية. وعلق على ذلك بقوله: «لكنني لم أكن متميزا في أي منها. وقد صاغت هذه الفترة تصوري للعظمة، حيث أدركت المجال الذي أنتمي إليه حقا». ومع ذلك، رغب برينكوس في أن يترك خلفه إرثا. وبالفعل، ابتكر عام 1989 أثناء وجوده بالمدرسة رقصة جماعية باسم «مستر ماديسون». وعن ذلك قال: «صدق أو لا تصدق، ما يزال الطلاب يمارسون هذه الرقصة حتى اليوم. لقد أدركت أن بداخلي رغبة حقيقية في العمل بمجال الترفيه». وفي الوقت الذي فشل برينكوس في تسجيل أي أرقام قياسية رياضية أثناء دراسته الثانوية، فإنه نجح في انتزاع لقب «معشوق الفتيات»، وهو لقب يحاول استغلاله على نحو إيجابي، حيث قال «أعتقد كلمة العشق تشير هنا لإقامة شبكات من العلاقات، بمعنى القدرة على تنمية أواصر الصداقة مع الكثيرين من حولك». داخل جامعة فيرجينيا، ابتدع برينكوس تخصصا جديدا له ـ الفيلم والاتصالات الخطابية ـ وتخرج بمرتبة الشرف في غضون ثلاثة سنوات. وقبل تخرجه، أخبر والدته، روز، أنه يرغب في القيام بأمرين من أصعب المهام التي يمكنه التفكير بشأنها: كتابة رواية وإخراج فيلم. وفي وصفها له، قالت والدته التي تتولى إدارة إحدى كليات التمريض (بينما يعمل والد برينكوس في بيع العقارات): «ليس هناك ما يمكنه الوقوف بطريقه». وبالفعل، ألف برينكوس رواية بعنوان «أضواء قرمزية»، وتدور أحداثها حول شاب يمر بسلسلة من المواقف المأساوية. ومع أن الرواية لم تنشر حتى الآن، فإنها وفرت إطار عمل لسيناريو الفيلم الذي يبدي برينكوس عزمه على إخراجه. كان برينكوس قد التقى ميكي ستيرن في صيف 1990 عندما كان في الـ19 من عمره بينما لم يتجاوز عمر ستيرن 22 عاما. حينذاك، كان ستيرن، المنتمي إلى كروفتون، على علاقة عاطفية بشقيقة برينكوس الكبرى، ماري. (وهما الآن متزوجين ولديهما طفلني في الـ8 من العمر، يدعيان ليكسي ولوك.) كان ستيرن يدرس القانون وإدارة الأعمال بجامعة ماريلاند، وبالفعل حصل على درجة علمية في القانون وماجستير إدارة الأعمال خلال أربعة سنوات. في تلك الأثناء، كان برينكوس يتولى عدد من الوظائف البسيطة في شركة إنتاج بنيويورك وينام داخل دولاب (كان المساحة الوحيدة الخالية)، وأحيانا داخل شاحنة تفتقر إلى وسيلة للتدفئة (لحراسة معدات التصوير). وقد خاض كل ذلك فقط من أجل تنمية صلاته بصناعة الأفلام.
في البداية، خالج ستيرن اعتقادا بأن شقيق ماري الصغير مخبول، لكنه بدل وجهة نظره عندما قرأ كتابه وأدرك أن برنكوس كان عاقدا العزم على إخراج فيلم. وعمل ستيرن كمنج تنفيذي، حيث تولى مسؤولية جمع المال والتفاوض بشأن العقود مع الممثلين وأفراد طاقم العمل. وعن ذلك، قال برينكوس: «كان العون الذي قدمه لي بمثابة نقطة تحول. لقد عمل بمجال التنمية العقارية أثناء دراسته القانون. ونجح في جمع أموال من أجل هذا الفيلم كما لو كان يعمل بصفقة عقارية. وبالفعل، تمكن من جمع 100.000 دولار بسرعة». وعن هذه الفترة، قال ستيرن: «من الصعب تصديق ذلك الآن. لكن تبقى الحقيقة أننا أنجزنا الأمر». عام 1994، تم بيع فيلم «أضواء قرمزية« الذي تبلغ مدة عرضه 90 دقيقة، وقام ببطولته جيمس مكولي الذي ربما يكون الوجه الوحيد المألوف به، لشركة توزيع صغيرة. إلا أنه لم يعرض في دور السينما، وإنما انتقل مباشرة لمحال بيع شرائط الفيديو. وقد نفذت نسخه الآن، وإن كان يظهر على قواعد البيانات الخاصة بالأفلام على شبكة الإنترنت.
واعترف برينكوس بأن: «لم يحقق الفيلم عائدات، لكننا أبهرنا المستثمرين الذين تعاونوا معنا بجرأتنا». أواخر عام 1992، أسس برينكوس وستيرن شركة «بيس برودكشنز». كان السأم قد تملك من نفس ستيرن حيال عمله بمجال العقارات لدى إحدى شركات المحاماة. وعليه، قرر العمل بدوام كامل في «بيس برودكشنز« والتي كان مقرها في بادئ الأمر في قبو منزل أسرة برينكوس. وشرع برينكوس في تنفيذ نصيحة المخرج ستيفين سودربيرغ له، حيث أرشده لضرورة أن يتولى تنفيذ كل شيء بنفسه. وعن هذا الأمر، قال برينكوس: «أخبرني أن علي تعليم نفسي بنفسي، وألا أرتاد مدرسة متخصصة في فن السينما، وإنما علي أن أعلم نفسي كيفية تنقيح الفيلم وتحريره لأن كل الدروس المهمة تظهر في هذه المرحلة». وجمع ستيرن وبرينكوس 9.000 دولار لشراء واحدة من آلات التحميض الرقمية طراز «أفيد»، التي اتسمت آنذاك بندرتها؟ وبالاعتماد على آلة «أفيد»، تمكن مسؤول تحميض الفيديو من بناء الأسلوب شديد السرعة الذي أصبح مميزا للأعمال التلفزيونية. عام 1996، فازت الشركة بعقود لإنتاج برامج تلفزيونية أسبوعية لصالح «واشنطن بولتس« و«كابيتالز». وما تزال الشركة تتعاون معهما حتى اليوم. بعد ذلك، بدأ نشاط برينكوس وستيرن بمجال الترفيه يلقى نجاحا ورواجا، حيث شرعا في إنتاج برامج لحساب شبكات كيبل تتخذ من واشنطن مقرا لها. بين عامي 1996 و2003، أنتجت «بيس برودكشنز« عددا من البرامج الأخرى، منها «ساينس لايف!»، وهو أول برنامج علمي أسبوعي يتميز بطابع تفاعلي لحساب قناة «ديسكفري ديجيتال»، بجانب فيلم وثائقي بعنوان «رايت إكسبرينس« بمناسبة مئوية أول تجربة طيران للأخوين رايت، لحساب قناة «ديسكفري». وكان من بين هذه الأعمال أيضا «يونغ ساينتستس تشالنج« الذي نقل طلاب من الصف الثامن لواشنطن لخوض مسابقة علمية، وكان لحساب «ديسكفري». عام 2003، تم التعاقد مع «بيس برودكشنز« لرعاية برنامج على قناة «ديسكفري« بعنوان «إكس إم إيه: إكستريم مارشال آرتس». والملاحظ أن هذا البرنامج امتلك عدد من السمات التي أصبحت لاحقا مميزة لبرامج الشركة، وهي الحركة السريعة والصور التي تبدو فوضوية والموسيقى الإلكترونية الصاخبة واللقطات الحية. وتمخض هذا البرنامج عن آخر أنتج عام 2006 بعنوان «فايت ساينس: كالكيوليتنغ ذي ألتيميت وورير»، والذي ركز على الجانب العلمي أكثر من الجانب القتالي، وجرى عرضه على قناة «ناشونال جيوغرافيك». وأوضح ستيرن أنه بعد تحقيق الشركة نجاحا عبر قناة «نات غيو« وشبكة «فوكس»، سارعت لتطبيق ذات الأسلوب القائم على الحركة البصرية السريعة والتوجه العلمي على جميع الرياضيات الشهيرة. ومن هنا، ظهر برنامج «سبورت ساينس». داخل استوديو تبلغ مساحته 26.000 قدم مربع، يجري تصوير اللقطات الداخلية من «سبورت ساينس». ويعد الاستوديو جزء من مقر «بيس برودكشنز« بمنطقة الساحل الغربي في بوربانك، وهي منشأة يرجع تاريخ بنائها لعام 2009. وتضم المنشأة ملعب لممارسة تدريبات رياضية وآخر لكرة السلة ومعمل للميكانيكا الحيوية. ويتميز الاستوديو بسقف مرتفع ومصابيح تتدلى من عوارض خشبية، لكنه في حقيقته ليس بالاتساع الذي يبدو عليه على شاشات التلفزيون. وتضم مقدمة المبنى مجموعة من مكاتب الإنتاج والتحميض حيث يجري إنتاج عدد من البرامج الأخرى «بيس برودكشنز»، بينها سلسلة جديدة حول الأعمال الفنية القديمة لحساب «سكاي فاي»، وسلسلتين جديدتين على «ترو تي في« على «سبيد تشانيل». ويتولى برينكوس الإشراف على إنتاج هذه المنشأة. أما ستيرن فيتولى الإشراف على مقر الشركة بالساحل الشرقي في هايماركت، حيث يتولى إدارة الشؤون القانونية والمحاسبية وينتج برامج جرى تصويرها داخل واشنطن. ويعمل كلا الشريكان في تصميم البرامج وعرضها على الشبكات. ويضم مكتب برينكوس في بوربانك طاولة وبضعة مقاعد وحمالة لتعليق المعطف عليها. في العادة، يصل برينكوس مكتبه العاشرة صباحا في سيارته السوداء طراز «بريوس»، التي تعد متواضعة تبعا لمقاييس هوليوود. وعن سيارته، قال برينكوس: «لا يساورني قلق حيال تعرضها للخدش داخل باحة الانتظار. وأرى أن على المرء أن يختار سيارة تعفيه من هم القلق». ولا يبارح برينكوس مكتبه قبل السابعة مساء، عندما يتجه للمنزل لتناول العشاء مع زوجته، ليزي، وطفليه، برايس، 4 سنوات، وأرابيلا، عامين. وعادة ما يجري محادثات هاتفية عديدة تتعلق بالعمل أثناء قيادته السيارة في طريقه الممتد لمسافة 20 ميلا حتى يصل كالاباساس، وهي منطقة سكنية محاطة بأسوار وبوابات. ويقع منزل برينكوس في ضاحية يبلغ سعر المنزل الواحد بها عدة ملايين من الدولارات. ويضم المنزل حمام للسباحة، بينما تحمل الديكورات الداخلية طابعا آسيويا يعكس الفترة التي قضتها ليزلي في التدريس بالصين قبل زواجها. ولا يضم المنزل عناصر تعكس عمل صاحبه بمجال الترفيه. وفي هذا الصدد، أكد برينكوس على رفضه أسلوب الحياة السائد في هوليوود القائم على إقامة حفلات صاخبة والدخول في محادثات من الممثلين النجوم. وعلل ذلك بأن برامج «بيس برودكشنز« لا تعتمد على نجوم، الأمر الذي يساعدها على تقليص التكاليف. من بين النشاطات التي شتتت اهتمامه بعيدا عن أسرته العام الماضي فكانت تأليفه كتاب «بيرفيكشن بوينت». (دار نشر «هاربر«). ويجسد هذا الكتاب عشقه للحديث بصيغة التفضيل، حيث يثير تساؤلات حول أقصى وزن يمكن للإنسان حمله وأقصى سرعة يمكن أن يعدو بها. ورغم إصرار برينكوس على أنه يبدو متواضعا للغاية مقارنة بالرياضيين العالميين الذين يظهرون ببرنامجه، فإنه بعيدا عن الأضواء يمارس الرياضة في وقت فراغه سعيا وراء أهداف رياضية خاصة به. وعن ذلك قال: «لا أحد يدري أنني أمارس الرياضة، فأنا أتجنب التباهي بهذا الأمر». وعندما لاحظت زوجته ليزلي، التي تخرجت في جامعتي برنستون وهارفارد، التي تتحدث الصينية والأسبانية، تأثير التدريبات الرياضية على زوجها، خاضت هي الأخرى تجربة تدريبات اللياقة البدنية عام 2008. بحلول عام 2009، سجلت ليزلي رقما قياسيا في سباق محلي لمسافة 10 كيلومترا. وتتولى الآن التدريب بمجال العدو في إحدى الأندية المحلية. لكن يبقى التساؤل الأكبر المتعلق ببرينكوس هو: ما سر تعلقه الشديد بصيغة المبالغة؟ عن ذلك، أجاب برينكوس أنه «عندما تفعل شيئا ما، ربما يكون أفضل ما بوسعك فعله. ويرتبط مدى سعادتك بما أنجزته بأسلوب تقديرك له. وعندما تمعن النظر فيما حققته، ترى أن بعض الأشياء بحاجة لمقارنتها بأخرى». خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»