حول موقع "لي-لك" لمعهد غوته:
بابُ التواصل
موقع لي لك: محاولة التواصل بين الشباب
يتوجه موقع "لي-لك" إلى شباب من ألمانيا والعالم العربي، يتبادلون آراءهم، في نصوص بالعربية والألمانية، حول واقعهم اليومي أو الأماكن المفضلة لديهم أو أحلامهم في المستقبل. شتيفاني غزيل تعرفنا بالموقع
"إذا كان السياسيون الألمان يطالبون الجالية المسلمة بتبني القيم الألمانية حتى تتكيف مع المجتمع، فإني أقول لهم إن الاندماج الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلاّ إذا كان هناك عطاء وأخذ في نفس الوقت. وكما تطبع الثقافة الألمانية ثقافة المسلمين، فإن المسلمين سيؤثرون في الثقافة الألمانية، وهذا التأثير لن يقتصر على الوصفات الغذائية فحسب." هذا النداء الذي وَجّهه الشاب المصري شريف عبدالصمد (27 سنة) في مقاله "أنا أنتمي للجانبين" في باب"الحياة هنا وهناك" يندرج ضمن التعابير السياسية التي نجدها في الموقع العربي الألماني للشباب "لي-لك" في الصفحة الالكترونية لمعهد غوته.
ينطلق هذا الموقع بعيدا عن أيّ نقاش حاد حول الأصولية الدينية. بيد أنه يمكن اعتبار هذا الموقع، على ضوء المضامين التي يقدمها، موقعاً لا يرقى إلى التحديات التي ما فتئت تبثها وسائل الاعلام. هل هذا حُكمٌ سَلبي؟ ألا يكونُ الحوار مفيداً عندما يتفادى الموضوعات التي تُسيء إلى الآخر؟
يتجه موقع "لي-لك" إلى شباب من ألمانيا والعالم العربي، يتبادلون آراءهم، في نصوص بالعربية والألمانية، حول واقعهم اليومي أو الأماكن المفضلة لديهم أو أحلامهم في المستقبل. ويُشرف معهد غوته في القاهرة على هذا الموقع فيما يتم دعمه، مادياً، من قِبل وزارة الخارجية الألمانية.
الأماكن المحببة
يتضمن الموقع أبواباً متنوعة، ففي باب "الحياة هنا وهناك" يُعَرّفُ شادي إبراهيم (23 سنة) بالمدينة الألمانية شتوتغارت معلناً حبه لهذه المدينة الواقعة في ولاية "بادن-فورتمبرغ"، فيصف لهجة أهاليها المعروفة بلهجة"شفيبيش" كما يصف منتجعها "شتوجي-تاون"، ويقارن مساحتها بمساحة القاهرة.
نفس الشيء ينطبق على وصف آنا فروم لمدينة إرفورت أو وصف مصطفى أرشيد لميونيخ. يُتيح موقع "لي-لك" للزائر، عبر تقنية الفيديو، رؤية رصيف المارة في ميونيخ أو ميدان طلعت حرب في القاهرة حيث يقود الشاب المصري منذر حسنين زوارَ الموقع إلى زيارة لهذه المدينة بمنآى عن المعالم التي يألف الزوار رؤيتها؛ فيدلنا إلى الزخارف الجميلة في قصر البارون في مصر الجديدة أو إلى مركب "العم دقدق" على ضفة النيل بحي "جاردن سيتي".
يتلقى موقع "لي-لك" أغلب المساهمات من الشباب المصري، ونظّم أثناء هذا معرض الكتاب في القاهرة في يناير الماضي حفلة فوق السفينة. ومن المقرر أن يتم تمثيل الموقع في باقي معاهد غوته بالمدن العربية الكبرى لجلب اهتمام الشباب العربي خارج مصر، وأنْ يتم التعاون مع المدارس الألمانية حتى يتمكن الشباب الألماني من المشاركة في أبواب الموقع.
على الرغم من أن باب "كرة القدم" لا يتضمن إلا موضوعا واحدا يتحدث فيه شادي (17 سنة) عن أساليب ممارسة لُعبة كرة القدم عند العرب والألمان، إلا أن الموقع يَنتظر، بحكم تجربته الفتية، مساهمات أخرى تُغني هذا الباب كما هو الحال بالنسبة إلى باب " الموسيقى" حيث يمكن للزائر أن يستمتع بفيديو كليب "في أيام كهذه" لفرقة "الهيب-هوب" الألمانية "فيتس بروت" كما يمكن للقارئ العربي أن يقرأ نص هذه الأغنية التي استطاعت أن تُعَبِّر، على نحو ساخر ونقدي، عن مجتمع الرخاء في الغرب.
بالإضافة إلى هذه الأبواب، يتيح موقع لي-لك للزائر المشاركة في مجموعة من اللعب كَ "لُعبة الذاكرة" حول الأماكن التي يفضلها الشباب في مصر.
أراء الشباب حول المستقبل
أمّا الباب الذي يحتوي على أكبر عدد من المساهمات، فهو باب "صندوق الدنيا" الذي يقترح، كلَّ شهر، موضوعاً معيناً للنقاش. وعندما استهل هذا الباب مواضعيه بموضوع "المستقبل" من خلال السؤال: كيف ترى إلى مستقبلك؟ أبانت المساهمات عن تفاؤل وواقعية أغلبية المشاركين أمام عدد ضئيل من المساهمات التي تنطوي على نبرة متشائمة؛ فَفيما يكتب رامي (25 سنة) من القاهرة أن الإنسان ينبغي أن يكون قنوعا بما يملك، كانت تعتقد ليزا تسوت (23سنة) من ميونيخ، وهي في الحادية عشرة من عمرها، أن الانسان يصبح ناضجا في سن العشرين، ويكون، عندئذ، قادرا على اتخاذ القرارات الصائبة، غير أنّ ليزا تُدرك، الآن، أنّ مستقبلها لا يزال مَشوباً بالغموض، وأن الإنسان لا يصير ناضجاً إلا مع بلوغه الثلاثين. أما دينا البسنلي (20 سنة) من القاهرة، فكانت تحلم أن تصبح مذيعة لتقدم برامج مهمة ومفيدة للناس. وكتبت "إن شعوري بمحبة الآخرين لي هو أكثر الأشياء التي تسعدني في العالم".
في "المنتدى" يُعبِّر محمد إسنام من القاهرة عن إعجابه بالموقع، لكنه اقترح، على غرار العديد من الزوار، برنامجاً للحوار المباشر (Chat) سيعاً منه إلى تطوير موقع "لي-لك". ويطالب المشاركون من الشباب العرب، في لغة ألمانية ممتازة، وأحياناً بأخطاء لغوية بسيطة، بالرد على آراء الآخرين حرصاً على إغناء الحوار بين زوار الموقع. وفي هذا الصدد، وعد دانيال شتوفساند من المقر المركزي للموقع في القاهرة، بتطوير تقنيات الموقع ولم يستبعد إحداث برنامج للحوار المباشر على أن يَكون هذا البرنامج مُراقَباً تفادياً للإهانات. علاوة على ذلك، أحدث الموقع بوابةً للترجمة تشتغل بنفس نظام البرمجة الذي تشتغل به موسوعة "ويكيبيديا" الإلكترونية، ويسمح بِضَبْطِ النصوص وتصحيحها، عند اللزوم.
مع ذلك، فإن المساهمات التي ينشرها الموقع لا تخرج عن نِطاق التجربة الخاصة لأصحابها، وتسقط، أحياناً، في التناقض، وتنقصها الحِرَفية، بيد أن الموقع يبدي انفتاحاً كبيرا وإحساساً بالجدية في مساهمات المشاركين. وعلى الرغم من أن الأحكام المسبقة والواجهات المتحجرة هي التي تزعج وسطاء الحوار بين العالمين، الغَربي والاسلامي، فإن التقارب الحريص بين الثقافتين، والسعي إلى معرفة الآخر من شأنهما أن يساعدا الشباب على تجاوز الصراعات الراهنة أكثر من غيرهم.
بقلم شتيفاني غزيل
ترجمة محمد أهروبا
حقوق الطبع فكر وفن