استطلاع لمركز غالوب حول العلاقات بين المسلمين والغرب:
دعوة للعمل والتفاعل بين المسلمين والغرب
خلص استطلاع أجراه مركز غالوب بأبو ظبي على مدى أربع سنوات شمل أكثر من 55 دولة إلى أن الخلافات السياسية تشكّل السبب الأول وراء التوترات بين المسلمين والغرب، كما أشارت النتائج إلى أن غالبية الناس في الدول المستطلَعة يرون التفاعل بين المسلمين والغرب على أنه إيجابي وليس تهديداً. سارة ريف، مديرة المبادرات عبر الثقافات، تقدم قراءة لنتائج لهذا التقرير.
توصي مؤسسة غالوب أن يعمل زعماء المجتمعين المسلم والغربي على التأكيد على حل القضايا السياسية بدلاً من النزاعات الدينية.
تعتقد غالبية هذا العدد الهائل من المستَطلعين في دول ذات غالبية مسلمة وكذلك دول غربية، في استطلاع عقد مؤخراً، بأن التفاعل الأعظم بينهم سوف يشكّل فائدة وليس تهديداً. والواقع أن ما معدله 59% من الناس عبر 48 دولة يقولون أنه مفيد. وتشكّل هذه النتائج جزءاً من تقرير جديد عنوانه "قياس حالة العلاقات بين المسلمين والغرب: تقييم البداية الجديدة"، نشره في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مركز غالوب بأبو ظبي، الذي استطلع ما يزيد على 100,000 شخص بين الأعوام 2006 – 2010 وعبر 55 دولة. يتحدّى هذا التقرير نظرية العالم السياسي صموئيل هنتنغتون "صدام الحضارات" من خلال إظهار أن غالبية الناس في الدول المستطلَعة يرون التفاعل بين المسلمين والغرب على أنه فائدة وليس تهديداً.
ويكشف التقرير أن نصف المسلمين يؤمنون أن الغرب لا يحترم المجتمعات المسلمة، وأنه حتى يتسنى لذلك أن يحصل، يتوجب عليه أن يتوقف عن تدنيس الرموز الدينية. وهم يريدون كذلك أن يروا المزيد من الشخصيات المسلمة تعرض بدقة في الأفلام السينمائية، وهو أمر مثير للدهشة لأنه يظهر قوة السينما في المساهمة في زيادة الاحترام بين المجتمعات المسلمة والأمريكيين. ربما يكون الأهم، يقول الباحثون، هو أن الدين والسياسة يلعبان دوراً رئيسياً في تقرير رغبة الأفراد في المشاركة.
الخلافات السياسية
حسب نتائج الاستطلاع فإن الخلافات السياسية تشكّل السبب الأول وراء التوترات بين المسلمين والغرب
يعتقد 40% من المسلمين المستَطلعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن الخلافات السياسية تشكّل السبب الأول وراء التوترات بين المسلمين والغرب، وهم أكثر عرضة لأن يعتقدوا أن النزاعات العنفية يمكن تجنبها. أما بالنسبة للناس في الولايات المتحدة وكندا فيؤمن 35% منهم أن الخلافات السياسية هي سبب هذه التوترات، بينما يعتقد 36% أن السبب ديني. ويعتقد 40% من المسلمين المستَطلعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن الدين هو السبب الأولي وراء هذه التوترات.
ويميل هؤلاء غير المستعدين لتفاعل متزايد بين العالم المسلم والغرب لأن يروا هذه التوترات متأصّلة في الخلافات الدينية. أما الأفراد الذين يلقون باللائمة على الدين للصدع بين المسلمين والغرب فهم أقل تفاؤلاً بكثير فيما يتعلق بتجنب النزاع. فحسب استطلاع غالوب ليس هؤلاء الأفراد الذين يلومون الدين كمصدر للتوتر على استعداد لزيادة التفاعل، وهم على استعداد أكثر على الأرجح لأن يبقوا كذلك إلى فترة غير محددة. ويظهر استطلاع غالوب كذلك علاقة تبادلية قوية بين التعليم واستعداد المرء لرؤية تفاعل متزايد بين المسلمين والغرب على أنه فائدة. ينزع غالبية الأفراد من خريجي الدراسة الثانوية أو الشهادات العلمية الأعلى لأن يروا التفاعل المتزايد كفائدة، بغضّ النظر عما إذا كانوا في دولة مسلمة أو غربية.
توصيات
أشارت نتائج الاستطلاع إلى ازدياد التبادلات بين المسلمين والغرب في أعقاب خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حزيران/يونيو 2009 في القاهرة.
وتوصي مؤسسة غالوب، وهي تسير قدماً، أن يعمل زعماء المجتمعين المسلم والغربي على التأكيد على حل القضايا السياسية بدلاً من النزاعات الدينية. ويجب عمل ذلك من خلال إيجاد سياسات عادلة لكل من الدول ذات الغالبيات المسلمة والدول الغربية، آخذين الخلافات المناسبة دينياً في الاعتبار. وربما يكون من الأمثلة على ذلك تيسير القيود على التأشيرات للطلبة أو السواح من العالم المسلم، المهتمين بزيارة الولايات المتحدة. سوف تزيد هذه اللفتة عدد السواح المسلمين في الولايات المتحدة، مما يعمل بالتالي على تعزيز التبادلات الثقافية ويشجع على تفاهم أفضل. يركّز الجزء الأخير من التقرير على وجهات نظر الناس في ثلاثة مناطق من النزاع المحتدم: أفغانستان والعراق وإسرائيل والمناطق الفلسطينية. سؤل الناس عن رأيهم حول الواقع اليومي وكذلك التفاعل المتزايد بين المسلمين والغرب. وقد أضافت غالوب في تقريرها توصيات سياسية للتعامل مع الاحتياجات المحلية في العراق وأفغانستان، إلا أن التقرير لم يحتوي على توصيات مماثلة في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبما أن النزاع مستمر في كونه واحداً من أكبر مصادر التوتر بين المجتمعات المسلمة والولايات المتحدة، فإن قارئ التقرير كان سيستفيد أكثر بكثير من توصيات حول هذه القضية. ولكن كون هذه القضية خلافية ومشاكسة إلى حد بعيد، ربما تكون غالوب قد اختارت تجنب تقديم أية توصيات.
ازدادت التبادلات بين المسلمين والغرب في أعقاب خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حزيران/يونيو 2009 في القاهرة. ومن هذه التبادلات "برامج تشجيع الأعمال الريادية وتبادلات بين الطلبة والعلماء المبعوثين وشراكات لاستئصال الأمراض وبرامج لرفع سوية تعليم المرأة في مجتمعات ذات غالبية مسلمة". إلا أن المتشائمين يعتقدون أن التغيير الحقيقي لم يحصل بعد. ففي العام 2010 انخفضت شعبية القيادة الأمريكية في عدد من الدول العربية، وقد يكون السبب أن أوباما لم يحقق توقعات التغيير في العالم العربي. ويوضح ذلك أمراً واحداً: رغم أننا حققنا بعض التقدم في تحسين العلاقات بين المسلمين والغرب، إلا أن هناك الكثير الذي يجب إنجازه.
سارة ريف
حقوق النشر: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية 2011