أزمة أراضي الملكة تتصاعد فصولاً بين الفرنسية والقصر
غضبة عشائر مملكة "بني هاشم"... عصونا؟... غفرانك؟
علي الحسن من لندن
لا يحول ضجيج الأصوات في الأردن دون سماع تفاصيل المعركة المستعرة بين الديوان الملكي ووكالة الأنباء الفرنسية على خلفية نشر الأخيرة تقريراً عن تذمّر عدد من أفراد العشائر الكبيرة من طريقة حياة السيدة الأولى في البلاد الملكة رانيا، والإشارة إلى أنها سهّلت منح الجنسية لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، وهو ما نفاه القصر بشدة في بيان رسمي.
طالبت 36 شخصية تنتمي إلى كبرى العشائر، التي تمثل العمود الفقري للدولة الأردنية، أخيرًا، في بيان، من الملك عبد الله "بالأمر إلى إعادة أراضي الخزينة والمراعي والميري إلى ما كانت عليه قبل تطويبها، وإعادة كل ما صار باسم أسرة آل ياسين (أسرة الملكة رانيا) إلى خزينة الشعب الأردني لأن هذا ملك للشعب".
التفاصيل حتى الآن مشوشة بين نفي وتراجع، وتهديد باللجوء إلى المحكمة، إلا أن المؤكد أن القصر الأردني عازم على المضي إلى آخر المطاف في تكذيب الخبر من خلال القضاء، والاحتجاج الرسمي لدى فرنسا، من أن مديرة مكتبة وكالة الصحافة الفرنسية رندا حبيب قد تجاوزت الأعراف المهنية، ولم تتثبت قبل نشرها التقرير - الأزمة.
وعروف أن السيدة حبيب لصيقة القصر أكثر من موظفي ديوانه الملكي منذ أكثر من ثلاثة عقود، وثقت خلالها الصلة، والاتصال، والتواصل، مع الأردن ملكاً وحكومة، ومع الحسين أباً وابنًا، ولم يكن يمضي أسبوع دون لقاء أو تلقي بين مكتبها ومكتب كبار بني هاشم ابن عبد مناف، أحفاد النبي وحكام العرش الأخير للأسرة، التي شهدت المآسي المتتابعة، وتقلصت الجغرافيا تحت تيجانها.
وتدور الأحاديث سرًا وهمسًا، وفي أماكن قليلة علناً، في الأردن عن أن كثيرين ممن وردت أسماؤهم في بيان الغضبة القبلية ضد الملكة رانيا الياسين قد تراجعوا، فيما قال آخرون إنهم فهموا خطأ، ولم يعرف إن كان ذلك بضغط شخصي من الديوان الملكي، أم أنها صحوة متأخرة.
تأتي هذه الأزمة الطارئة بعدما سحب ملك الأردن فتيل أزمة أخرى أكثر خطورة، إثر دعوة فعاليات أردنية إلى التظاهر لإسقاط الحكومة بسبب غلاء المعيشة والإحباط، فاختار إسقاطها بنفسه للنجاة من الأزمة، وهي واحدة من دورس الأب الراحل، الذي طالما إحترف الرقص مع العواصف والنجاة منها، بينما يكثر العرب الذين لم يتعلموا من دروس آبائهم.
في هذا الإطار، يحلو للدبلوماسيين الغربيين في الأردن وغيرها المقارنة بين حاكم عمّان، الحداثي التحديثي، وحاكم دمشق، الذي يوصف بأنه قليل المعرفة، وكيف أن الابن ليس سر أبيه دومًا، وتلك قصة أخرى.
بالعودة إلى الحدث الأردني، أكد أحد أبناء كبرى العشائر الأردنية، فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس، أن "بعض العشائر تعرضت للضغط منذ أيام عدة من قبل السلطات التي حذّرتها للتنبه مما تقول إلى وسائل الإعلام العالمية". وأضاف "مازلنا ندين بالولاء إلى العرش الهاشمي، لكننا نأمل من الملك عبد الله أن يوقف تجاوزات زوجته وعائلتها، وإلا سيصبح العرش في خطر".
وكانت الشخصيات العشائرية الأردنية حذّرت في بيانها من خطورة هذه الأوضاع، وقالت "إننا مقبلون على وصول الطوفان التونسي والمصري إلى الأردن عاجلاً أم آجلاً، شئنا أو أبينا، وإنه من خلال أية نظرة لما حدث في تونس ومصر نجد أن قمع الحرية ونهب المال والتدخل في السلطة لمن ليس له سلطات دستورية (...) والفساد ورعايته وإهانة الكرامة، هي المحرك الرئيس مع سائر المحركات لهذه الشعوب".
واتهمت هذه الشخصيات الملكة "ببناء مراكز قوى لمصلحتها بما يخالف ما اتفق عليه الأردنيون الهاشميون من أصول الحكم، وبما يشكل خطرًا على الوطن وبنية الدولة والنظام السياسي ومؤسسة العرش". وتحدث هؤلاء عن معلومات، غير مؤكدة، حول تسهيل مكتب الملكة رانيا منح الجنسية الأردنية إلى حوالي 78 ألف فلسطيني بين عامي 2005 و2010.
في رده على ذلك، قال الديون الملكي الأردني "لو قامت السيدة حبيب بتقصي الحقيقة، لوجدت أن الأشخاص الذين أصدروا البيان ليسوا قادة وشيوخ العشائر التي ينتمون إليها، ولا يمثلون عشرات الآلاف من أبناء هذه العشائر العريقة؛ التي لطالما كرست نفسها لما فيه خير المملكة الأردنية الهاشمية".
إذ إن "التقرير الإخباري"، الذي كتبته حبيب وبثته وكالة الأنباء الفرنسية في التاسع من شهر شباط/فبراير الجاري، اتهامات خطرة عارية تمامًا عن الصحة ضد جلالة الملكة رانيا العبدالله وعائلة الياسين. وإضافة إلى مزاعم أخرى باطلة لا أساس لها من الصحة، زعم "التقرير" أن أراضيَ ومزارع تعود ملكيتها إلى الشعب الأردني، أعطيت لعائلة الملكة.. عائلة الياسين".
وأكد بيان الديوان الملكي الأردني أنه "ورغم أن السجل العقاري هو سجل عام في الأردن، لم تقم حبيب بالتحقق من هذه المزاعم. كما اقتبست شائعات عن أن مكتب الملكة ساعد أكثر من 78 ألف فلسطيني في الحصول على الجنسية الأردنية. وهذا أيضاً اتهام باطل. وكان حريًا بحبيب التأكد من دقة هذه الشائعات من وزارة الداخلية، التي كانت ستؤكد حقائقها وسجلاتها عدم صحة هذه الإدعاءات وبطلانها بالمطلق".