قلق مشوب بالحذر من مصر ما بعد مبارك
إسرائيل: مصر الجديدة ستكون بمثابة تركيا ثانية في المنطقة
حسن مواسي
أثارت الأحداث في مصر والتي توجت بتنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه، حالة من القلق والهلع في أوساط الساسة والعسكريين الإسرائيليين، الذين فقدوا برحيل الرئيس المصري السابق حليفا استراتيجيا لدولة اسرائيل.
منذ اليوم الأول للثورة الشباب المصري عكف المحللون وكتبه الأعمدة في الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية على قراءة الوضع السياسي المصري ما بعد الرئيس حسني مبارك، واهتموا بتطورات المشهد السياسي المصري وطرحوا شتى السيناريوهات التي قد تنتج في اليوم ما بعد مبارك في مصر.
وتسابق المحللون الاستراتيجيون والنخب السياسية والعسكرية في اسرائيل بعرض طروحات للمشهد المصري، مؤكدين إن "اتفاقية السلام" هي ذخر استراتيجي لإسرائيل، مستجدين وأملين من النظام المصري الجديد بان يحافظوا عليها واحترام الاتفاقيات الموقعة، لما تشكله هذه الاتفاقيات من أهمية وضمانه للدولة الإسرائيلية.
وفي قراءة سريعة وجرد للتصريحات الإسرائيلية بعد إعلان نائب الرئيس عمر سليمان تنحي الرئيس عن منصبه وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بإدارة شؤون البلاد، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان صادر عن ديوانه، في إن تقوم القيادة المصرية القادمة بالحفاظ على معاهدة السلام القائمة بين البلدين، ودعت الأسرة الدولية إلى العمل نحو تحقيق هذه الغاية.
نتانياهو يحذر على وزراء الحديث عن مصر
وفي هذا الصدد أصدر نتانياهو تعليماته إلى أعضاء الحكومة وجميع أعضاء الكنيست والقيادات الإسرائيلية بالامتناع عن الإدلاء بأي تصريح يخص التطورات الحاصلة في مصر وبالتزام الصمت إزاء سقوط نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. فيما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن إسرائيل تتابع وتراقب بدقة كل التطورات الجارية بمصر، وذكرت
أن المناقشات تتواصل لتقييم الأوضاع في ديوان رئيس الوزراء ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي بإسرائيل.
القناة العاشرة الإسرائيلية، قالت إن القيادة السياسية الإسرائيلية ما زالت تلتزم الصمت حيال سقوط مبارك، معربة عن خشيتها على معاهدة السلام التي تعد كنزًا استراتيجيًا بالنسبة "لإسرائيل"، مشيرة أن ثمة انتقادات شديدة وجهتها لجهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد" لفشله في التنبؤ بالثورة المصرية، وان ثمة مخاوف حقيقية لتأثيرات سقوط الرئيس المصري على معاهدة السلام بين مع اسرائيل.
وقد استحوذ إعلان تنحي الرئيس مبارك عن منصبه اهتمام المواقع الإخبارية الإسرائيلية، وتناولت تداعيات هذه الأزمة على إسرائيل، إلى جانب مصير معاهدة السلام، ووصفت القناة الثانية إن معاهدة السلام الإسرائيلية- المصرية وإمداد اسرائيل بالغاز المصري أهم أمر يشغل بال الإسرائيليين.
عدم سحب السفير
وزارة الخارجية الإسرائيلية وعلى لسان مسؤول كبير فيها قالت لقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن اسرائيل لا تنوي إعادة سفيرها من القاهرة حاليا، موضحة أن الحكومة الإسرائيلية تأمل أن لا يغير رحيل الرئيس مبارك عن السلطة الأوضاع وإنها ستبقى على ما هي عليه منذ عشرات السنوات.
وأكدت القناة أن تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل لن يتأذى جراء غياب الرئيس مبارك وسقوط نظامه إلا أن اسرائيل مستعدة إلى مواجهة مثل هذه المواقف وتبدي تخوفها من توقف تصدير الغاز إليها.
السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة تسفي مازل كان لدية نظرة تشاؤمية ونظرة سوداوية للوضع، مبينا أن اسرائيل بقيت وبعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك، في أزمة إستراتيجية وبقيت وحيدة تواجه دولة معادية".
وقال مازل في تصريحات لموقع "واي نت" التابع لصحيفة "يديعوت احرنوت" لقد انتهى الموضوع اليوم لن نجد في مصر ما بعد مبارك يمكنه أن يتولى قيادة السلطة هناك بصورة براغماتية وهادئة مثل مبارك؟
ورجح أن المرحلة الانتقالية في مصر ستكون طويلة الأمد، وحتى يتم إعادة وهيكلة النظام الجديد، وسوف نقطع وقت طويل قبل أن يتم انتخاب حكومة ديمقراطية في مصر، فالحكم المعروف منذ 30 عامًا ولى بدون رجعة، فمجلس الشعب سيتم حله كون الشعب المصري لن يقبل ببرلمان تم انتخاب أعضاءه بالخش والخداع والتزوير.
وتوقع السفير السابق أن ثمة دول عربية أخرى مرشحة لحصول ثورات على غرار الثورة التونسية والثورة المصرية، وقد تكون الآن اليمن والجزائر المرشحتين لثورات، والله اعلم ماذا سيكون مصير النظامين الأردني والسعودي.
ونوه السفير إلى أن وضع اسرائيل الاستراتيجي بات كارثيا، وآن اسرائيل ستمر الآن مرحلة وستعيش مأزق كبير ما بعد مبارك".
حكم على الطراز التركي
المحلل العسكري رون بن يشاي في "يديعوت احرنوت" كتب يقول عن المشهد المصري الجديد ما بعد الرئيس مبارك إن مصر في طريقها إلى التحول إلى دولة إقليمية قوية على الطراز التركي، إذ أن عهد مبارك انتهى وسقط نظامه، وأن الجيش المصري منتشر بشكل في شوارع المدن المصرية، واستخدم بن يشاي عبارات لوصف الحالة، وقال في وصف الرئيس السابق مبارك: إنه "الجندي المصري العجوز العنيد والذي يدافع عن كرامته حتى آخر طلقة".
ورأى بن يشاي أن موقف الجيش المصري، وموقف وزير الدفاع المشير حسين الطنطاوي بأنه "تركا نصف الباب مفتوحاً"، وكما وان رئيس الأركان سامي عنان لم يحسم الأمر بين الشارع المصري والرئيس مبارك، ما ترك الباب مفتوحاً لتفاعلات الشارع وتعقيداته، ولا يزال!!
واعتبر بن يشاي أن الجيش بقي بدون موقف واضح ولم يحسم القرارات ولا يوضح المواقف، فقد حافظ على النظام ونشر الدبابات في الشارع ومن جهة سرّب للإعلام وعن طريق ضباطه في ميدان التحرير أنه مع المتظاهرين ويقوم بمهام مدنية مثل توزيع المياه على المتظاهرين ما يزيد من تعقيدات القصة.
وبن يشاي نوه في تحليله إلى أن قوة النظام المصري الآن والمتمثلة في أكثر من مليون عنصر من أمن الدولة والشرطة والأمن هم جميعهم اختفوا وتحوّلوا إلى (خلايا نائمة) لكنهم في حال انقسمت البلاد وساءت الأوضاع ستجدهم في كل مكان حينها، لكن الجيش حتى الآن هو القادر على ترجيح كفة الاتجاه.
ورجح بن يشاي أن يتحول النظام المصري الجديد إلى النموذج التركي، وان تعمل القوات المسلحة المصرية الآن على ضمان نقل الصلاحيات وتحديد موعد الانتخابات، والذي يشكل المخرج وحيد أمام المصريين الآن، وفي حال نجحت مصر في النجاة من الفوضى أو الانقلاب ونجحت ضمانات الجيش، فإنها ستصبح مثل تركيا، وعلى اسرائيل الاستعداد لوجود تركيا جديدة على الحدود الجنوبية، محذرا من أن معظم نقاط الجيش المصري قد أخليت خلال فترة التظاهرات وأن الحدود مفتوحة تقريباً.
ونصح بن يشاي الساسة والعسكريين الإسرائيليين أن لا ينسوا أن يعود الوضع في مصر إلى ما كان عليه قبل 25 يناير وان مصر القديمة في عهد مبارك ستعود ثانية، وإنما أن يستعدوا لمصر جديدة على الطراز التركي، وغير محبة لإسرائيل في طريق التكون بالمنطقة.