أقنعة الحملان.. مبارك يورث مصر لأوباما
أحمد السنوسي
يدرس الممثلون في المسرح، وحتى المبتدئون منهم، ان عليهم الا يخطئوا في طريقة خروجهم من الخشبة بعد اداء الدور الموكول اليهم.
ويعرف المقامرون المدمنون ان عليهم مغادرة طاولة القمار في الوقت المناسب للحد من حجم الخسائر،لكن المستبدين والديكتاتـــــوريين ممثلون فاشــــلون بالضرورة، ومقامرون يصرون على البقاء لكونهم لا يقامرون بأموالهم الخاصة بل بأموال الأمة.
المستبدون العرب مقامرون مارسوا الغش، بدءاً من تزوير ارادة الشعب ومصادرة اصواته وخلط الاوراق في الداخل، ومبايعة المهيمنين المتنفذين في الخارج وخدموا أجندات مشبوهة، واشتغلوا سماسرة حرب باسم السلام، كما في الحالتين التونسية والمصرية، حيث روج الديكتاتور المخلوع زين العابدين بن علي لاسطورة مفادها انه الحصن الحصين ضد الخطر الاسلامي، والجدار الواقي لأوروبا وامريكا ضد ما سمته مخابرات الغرب بـ’الصحوة’، وعملت على تحويلها الى ‘غفوة’ مستديمة لشعوب رسم لها ان تظل خارج اليقظة الديمقراطية التي نعمت به شعوب امريكا اللاتينية واوروبا الشرقية.
وفي الحالة المصرية بلغت المضاربة في اسهم بورصة السلام اوجها وذروتها، حين تفرغ الرئيس الطيار لمصر العروبة، للعمل بالوكالة والنيابة لمحاربة بوادر الانتفاضات العربية في فلسطين ولبنان والعراق، ضمانا لأمن اسرائيل، وحصل بالمقابل على تفويض بإطلاق يده في اعناق شعبه، والتنكيل بالمعارضة وتزوير الانتخابات وتحويل جمهورية مصر الى ملكية تنتمي الى القرون الوسطى، لها وريث للعرش بايعته الطبقات الانتهازية المافيوزية المستفيدة من الفساد الاقتصادي والسياسي، وتصاهرت معه لضمان استمرارية نظام الاستبداد والقهر ولاحتقار.
الديكتاتوريون مقامرون مدمنون طالبهم الشعب بالرحيل الفوري، فالتمسوا اياما وشهورا اخرى لمزيد من التربع على صدور المظلومين، واستمر صمود الشعب، وانفجرت براكين ثورته في وجه الديكتاتور وجماعته الفاسدة.
وهو ما اصاب الحلفاء قبل الاعداء الذين دخلوا على الخط لضم صوتهم الى صوت ميدان التحرير، حتى لا تنفلت الثورة المصرية من عقالها وتصيبهم برذاذها وشظاياها، الى درجة كدنا فيها ان نتصور ان حسين باراك اوباما نزل بدوره الى الشارع المصري الهادر ودمه ينزف من فرط ضربات بلطجية صديقه حسني مبارك، وضربات مرتزقة آخر ساعة الذين تم استئجار خدماتهم في السابق خلال حملات الانتخابات الرئاسية، حتى لا يعلو صوت على صوت “الرايس” واذنابه وزبانيته و امبراطوريته البوليسية والمخابراتية التي تفتت في اساليب تهييج الشارع المصري بمناسبة او بدونها، وافتعال أزمات كروية أو اعلامية من اجل تحويل الشعب الى مجرد غوغاء يتم استغلال مشاعرهم الوطنية الصادقة، الى ملهاة تنسيهم تراجيديا معيشهم اليومي المفرط في التعاسة، ومشاغل محيطهم السياسي المفرط في الفساد، والقذارة والأوساخ الى درجة عينوا “نظيفاً” وزيراً اول لعله ينظف مصر مما اعتراها من توجهات شعبية نحو الانعتاق الديمقراطي، والرغبة الاكيدة في التحرر، وهي رغبة لا ينبغي لأحرار مصر ممن عارضوا الاستبداد ماضياً وحاضراً، ان يتركوها صيداً سهلاً لسمك القرش الامريكي الصهيوني، وهدية على طبق من دم شعب طاهر ثائر، لحسين باراك اوباما الذي يحاول السطو على تضحيات الشعب المصري واحتواء ثورته العظيمة لضمان استمرار هيمنة امريكا وحفظ مصالحها ومصالح اسرائيل وامنها.
(لماذا لم يضم اوباما صوته للشعبين الفلسطيني واللبناني ضد جرائم اسرائيل)؟ فالذئاب عادة ما ترتدي أقنعة الحملان لكي تنقض على فريستها، وتركب على الثورات حين ينفجر بركان الغضب العربي بعد طول سكون.
فحذار من ان تتحول ثورة شباب مصر العظيمة الى ارادة امريكية سيضع من خلالها الرئيس الامريكي كل الحيّل والألاعيب السياسوية رهن اشارة صديقه المبارك، من اجل تمكين طاغية مصر من لعب أشواط اضافية، رغم علمه الاكيد بان نظام مبارك انتهى الى غير رجعة، ولا فائدة من محاولة انقاذه واطالة عمره الاستبدادي.
لكن هل ما فشلت فيه الولايات المتحدة في العراق وفي الملف النووي الايراني، وفي افغانستان كرزاي، يمكن ان تنــجح فيه بمصر الصامدة حتى النصر، التي يســعى رئيسها المخلوع شعبياً واخلاقـــــياً الى توريث البلاد لصديقه حسين باراك اوباما بعد ان اخفـــــق في توريثها لابنه جمال؟