طفل يروي قصته مع رعب السلاحف ونوم الكنائس
عندما تبحث الكنيسة عن روادها بين أطفال قوارب الموت
تحقيق: خيرة غانو
أحمد..تجربة مريرة
الفشل الدراسي، البؤس و"حڤرة البلاد".. مدخل للدعوة إلى الردّة وعشق الصليب
عاوده الحنين إلى أحضان أمه.. إلى"ريحة البلاد" وأولاد "الحومة" و"باطيمة الطليان"، فشدّ الرحال لمعاودة الأهل والأصحاب وليس للعودة إليهم بمجرد أن سنحت له أول فرصة، فهو الآن مقيم بطريقة شرعية في مدينة آلميريا الإسبانيا التي جاءها حرّاڤا من وهران بحلق جاف متعطش لما يعيده إلى الحياة وليس هو بماء.
"أحمد" يروي تجربته مع الحرڤة، يتذكر رعبه من سلاحف البحر العملاقة ودخوله الكنيسة..
الحراڤة القصّر.. مشروع المسيحيين الجدد الذي تحمله "البوطيات" إلى جمعيات التنصير بإسبانيا
إنه أحد الحراڤة القصر الذي ركب في سبتمبر 2006 ظهر "بوطي" مع من هم أكبر سنا منه بكثير، لكنه حين وصل الضفة الأخرى انتشلته جمعية إسبانية تنشط تحت غطاء "اجتماعي" قدمت له كل ما يحب ويطمح، انبهر الطفل وانشدّ لعطفها "الغريب" فكان سهلا جدا عليها أن تسوقه برفق وطواعية إلى الكنائس وتعرّفه بالقساوسة والرهبان و"سماحة" دين المسيح..
أول ما فتح به "أحمد مصطفاوي" الذي مسّه هوس الحرڤة في سن مبكرة لم يكن يتجاوز فيها الـ 15 سنة آنذاك الحديث معنا أنه فخور جدا بما حققه من أحلام في مغامرته التي جازف فيها بحياته في سبتمبر 2006 وقادته "الأقدار" معها إلى حضن الجمعية الخيرية الأندلسية للمساعدة الاجتماعية بألميريا الإسبانية، كان لا يتوقف للحظة عن مدح كافة أعضائها ونزلائها "لقد احتووني بكرمهم وعطائهم اللامحدود، لم يعد ينقصني الآن شيء، حتى الدراسة التي كنت أرضى بضرب والدتي لي ولا أن أفتح لأجلها كراسة، هممت لها معهم بشغف لأتعلم اللغة الإسبانية قراءة وكتابة"، "أحمد" أكد أنه ومنذ أن وطئت قدماه الأسبوع ما قبل الماضي أرض الوطن تحوّل إلى ناصح لكل القصر من أبناء حيّه وكل من يلتقيهم في طريقه لدعواهم "من باب حب الخير للناس" أن يحذوا حذوه حتى "ينعموا بالجنة التي فتحت أبوابها له بإسبانيا"؟ !
نقاش حول الأديان ينتهي باقتراح لاعتناق المسيحية
"أحمد" أكد من خلال تجربته الخاصة أن كافة من يدخل إلى مركز المساعدة الاجتماعية المذكور من حراڤة قصر يخضع في البداية لفحص نفسي مثلما حدث له، وهو عبارة عن استمارة أسئلة تركز على تحديد الظروف التي دفعت بهؤلاء لركوب قوارب الموت ومستوى الحياة الاجتماعية والمعيشية في بلدانهم الأصلية، وبين سؤال وآخر تكرر استفسارات عن رأيهم في الديانة المسيحية تارة، وعن إمكانية وجود رغبة في الاطلاع على عقيدة النصارى والتعرف على طقوسها "بدافع الفضول لا غير" تارة أخرى، ومن دون إدراك "أحمد" لمدى خطورة الامتحان الذي وضعوه فيه لم يخف تلقيه اقتراحا باعتناق المسيحية، واعتبر الأمر عادٍ جدا، حجته في ذلك بنبرة المدافع عنها أنه لم يعرّض لأي ضغط مثلما لم يخضع لأي مساومة من شأنها أن تحسسه بأنه مهدد بالانسلاخ عن ملته، وتذكر جيدا يوم دعوته لدخول الكنيسة لمشاهدة طريقة التعبد فيها "لعل وعسى يتأثر بطقوس المسيح" وهو الكلام الذي قيل له صراحة حينها من طرف عضو بالجمعية، لكنه يستذكر وكله قناعة أن الطريقة التي تلقى بها "العرض" كانت مجرد اقتراح لا ترهيب.
الحراڤ الصغير آنذاك الذي أصبح شابا الآن يكون قد اعتقد من خلال استفاضة الحديث عن هذا الجانب بالذات.. أن الشبهة تحاصره في الرضوخ لما تسعى الجمعية إلى تحقيقه، هو أكد أن "السيناريو" لم يكن ليناسبه ولا ليقبل تقمص الأدوار فيه لأنه ـ حسب قوله ـ محصّن ضد الردة، وبكل موضوعية وصراحة أجاب أنه لا يرضى على الأقل وليس من باب العقيدة الراسخة بدين آخر غير دين الآباء والأجداد، لكنه أكد فيما معناه أن "السحر قد أتى بمفعوله" بالنسبة لآخرين، عندما كشف عن وجود جزائريين، مغاربة وتونسيين تأثروا بالمسيحية قلبا وقالبا، واتخذوها "الدين الجديد الذي ارتضوه لأنفسهم ليخرجهم من ظلمات أوطانهم إلى أنوار مملكة كارلوس"، كما أكد على مصادفته عائلات مسلمة بكاملها ارتدّت عن دينها وأصبحت مواظبة على الصلاة والتعّبد في الكنائس، وفعل شتى المحرمات بما فيها أكل لحم الخنزير، وحسبما يرويه عن تجربته القصيرة هناك ومن خلال احتكاكه بأقرانه من الحراڤة القصر أن بعض هؤلاء لا يستهويهم نظام العيش داخل المركز الإسباني، وكان صريحا أيضا عندما أكد أن عدم الشعور بالراحة من النبش في خباياهم النفسية والروحية وفتح موضوع الإسلام والمسيحية باستمرار حتى ولو بـ "الحسنى والثغر الباسم" كان ضمن الأسباب التي دفعتهم لمغادرة مأواهم الأول الذي وُضعوا فيه والاتجاه نحو المجهول وغالبا التشرد في شوارع إسبانيا الفسيحة، "أحمد" فسَّر الأمر أو فُسِّر له ـ لسنا ندري ـ على أن غالبية هؤلاء يفضلون الحرية المطلقة، ولا يبحثون عن الاستقرار الذي يصبرون عليه ويحضِّرون له، فتراهم ـ يضيف ـ يهيمون بين الأزقة للبحث عن امرأة إسبانية لا يهم سنها ولا عدد طلقاتها ولا غيرها كثير للزواج منها، أو لامتهان السرقة والهجوم أو الدفاع من أجل البقاء بكافة الطرق والوسائل بدل العيش في "معسكر الرحماء"!؟.
لن أعيد تجربة الحرڤة حتى لو وعدت بالملايير
البداية لم تكن سهلة، وما عاناه "الحراڤ الصغير" في عرض المياه كان يتجاوز طاقة تحمّله المحدودة التي لم تكن تعرف قبل تقليده مغامرة الحياة أو الموت للكبار عن تحدي الرعب وهول الأمور أكثر مما يحدث عند تسلق شاحنة من الخلف وهي تسير دون علم سائقها، "أحمد" ومع سعادته المطلقة بما وصل إليه الآن، أكد أنه لا يتمنى حتى لعدّوه أن يركب "بوطي" أو قارب نصف صلب ليكون وسيلته للوصول إلى الضفة الأخرى، ورددها أكثر من مرة "لو طُلب مني الآن إعادة مغامرة 2006 بنفس الظروف والإمكانيات ومعها الرهان بكسب الملايين، فإني أقسم بأغلظ الإيمان ألا أفعلها ثانية من روع ما رأيت وما أدركت من دنو الموت مني خوفا وجوعا بين سواد عمق البحر الغائر وغطاء السماء المتجهمة بالغيوم وبينهما عتمة الليل وصوت الأمواج المتلاطمة والمتعاركة كالسيوف، مما بدا لي كأني بين غيلان ثائرة ووحوش براري هائجة"، كما لا يزال يتذكر ـ وهو يضحك ـ ردة فعله المجنونة عندما لمح سلاحف بحرية عملاقة كانت تتمايل من تحت القارب والجماعة كانت قريبة من المياه الدولية، حيث اعتقد أنها قروش تحاول أن تفترسهم، ويقول أن "قلبه سقط بين ضلوعه واعتبر ساعة تسليم الروح إلى بارئها قد حلّت بهذه النهاية المأساوية بعيدا جدا عن الأهل وقريبا من الفكاك المفترسة".
ما الذي دفع "مصطفاوي أحمد" ابن "باطيمة الطليان" بشرق وهران وصاحب الـ 15 سنة حتى يلعب مع الكبار لعبة الموت ويتعرض لكل ما تعرض له من مواقف وأحداث كادت توقف قلبه عن النبض وتحوّله إلى طُعم للأسماك والحيتان، وكيف تُصنع القناعة بتخطي الممنوع على وميض أمل معلق على المجهول، ثم أين هو دور المصالح المختصة عندما يمتد نشاط مهربي البشر ليطال أطفالا لا زالوا في حضن أمهاتهم وينتزعونهم منه دون علم منهن، وقبلها كانوا هم قد خططوا ودبروا وعقدوا العزم في سرّهم؟!.. إنها مجموعة أسئلة لا تتوقف عند هذا الحد أكيد، لكنها بهذا القدر تبقى كافية لتوضيح ما حاول "أحمد" توضيحه في قصته مع الحرڤة، يقول أنه عانى الكثير من الهم والغم والكدر منذ صباه، وكان ذلك كافيا حتى يشّب قبل الأوان، فوالده المعيل الوحيد للعائلة قتله السرطان وهو صغير جدا، والمنحة التي خلفها من بعده أعجز من تحمّل قوت 6 أفواه، والدته كانت قليلة الحيلة وكل ما كان يمكنها فعله مع أبنائها أن تنظف وتطبخ ما حضرها من مواد تصلح لسد الرمق وربما لا تكفيه، وأن تكون لهم كبقية الأمهات الحضن الذي يجمعهم كافة ويقيهم شر التشتت، أحمد كان أصغر إخوته أي آخر العنقود ـ كما يقال ـ لكن ذلك "المازوزي" لم يكن من حظه أن يدلَل كغيره من الأطفال، كما كان من جهته فاشلا في دراسته كارها لها حتى تسرب من المتوسطة وهو في السنة السابعة من التعليم الأساسي، وبحكم الفاقة وحالة العوز الشديد للعائلة، يضيف "أحمد" أنه خرج إلى الشارع لطلب الرزق حتى قبل أن يطرد من الدراسة وعمره لم يتجاوز العاشرة، فكان يجمع الخبز اليابس من البيوت، و"يعرف ينافيڤي زمانه في سوق الدراجات يشتري ويبيع فيها" كما يقول، واشتغل أيضا حمالا لصناديق الخضر وتاجرا جوالا في عربة يجرها حمار "كارو"، ثم بائعا في "طابلة" للتبغ، إلخ..، أكد أنه قاسى من حياة مفهومها عنده المادة والشطارة في الظفر بـ "الخبزة" وحدها، وهي المجالات التي أدخلته ليرافق ويصاحب من هم أكبر سنا منه، ومنها تعرّف على جماعة جل دردشاتها وأحاديث السمر عندها عن الحرڤة وروايات الفاشلين والناجحين فيها من هنا وهناك، ومن مجرد مستمع يحسن الإنصات لمثل هذه المواضيع تحوّل "أحمد" إلى راغب في المجازفة طامح إليها.
الحراڤ الصغير لم يأتنا لوحده إلى"الشروق اليومي"، كان معه صاحبه الكبير الذي ساعده كثيرا ليبلغ مراده الذي هو في الأصل مكتسَب من مجالسته له ولغيره، يسمى "ب. س. غانم" يقطن بحي الصديقية، أكد لنا أن كل "الحومة" كانت تعلم بقصة "أحمد" وما جار عليه الزمن بعد رحيل والده وتيّتمه، حيث كانت آخر حادثة أليمة ألمّت بأسرته وأثّرت فيه كثيرا وفاة أخته "سماح" التي كانت مخطوبة وتتأهب لزفافها إلى عريسها في حادث مرور فظيع وقع لها بسبب شاحنة مقطورة مجنونة دهستها وهي تقطع الطريق، حدث ذلك قبل 5 أشهر عن موعد الرحلة، "ب. س" أكد أن صديقه الصغير أصبح أكثر من مهووس بهجر البلاد وعبادها، و"حبا فيه ورأفة بحاله" لم يخيّب أمله في تجريب حظه على قارب الموت، ويضيف أنه سعى لمساعدته من خلال التوّسط لتأمين كل ما تطلبته رحلة الحراڤة الذين قرروا مصيرهم خفية عن الأهل وقبلوا أن يصطحبوا معهم "أحمد" من دون مطالبته بفلس واحد.
الاتفاق تحدّد ذات يوم صافٍ من شهر سبتمبر 2006 بعد شهر رمضان في حدود الساعة الثالثة بعد منتصف الليل انطلاقا من شاطئ بوزجار، الوسيلة كانت قارب نصف صلب (أو ما يعرف بزودياك) بطول 2 متر ومحرك صغير، "أحمد" لم يصارح والدته ولا حتى إخوته الكبار بقراره، يقول أنه ودّعها وداع المسافر الذي لا يعلم مصيره لكن من دون أن يثير شكوكها، قال لها أنه مدعو لحضور حفل زفاف صديقه لمدة ثلاثة أيام بالعامرية بولاية تموشنت، هي صدّقت كلامه بحكم أن ابنها متعود على مجالسة الكبار وكان يفعلها من قبل، انطلق القارب يمخر عباب البحر بسلام، لكن وبعد مضي7 ساعات كاملة على الرحلة توقف المحرك عن الدوران وأعلن عن تعطله وفشل المغامرة في مستهلها، أكد أن الجماعة المكوّنة من 8 أشخاص كلهم بطالين ومنهم متزوجين وآباء قررت العودة إلى السواحل الجزائرية عبر التجديف، لكن العزيمة لم تفشل، لتعاود الإقلاع في الليلة الموالية في حدود الساعة الواحدة والنصف صباحا بعد اقتناء محرك كبير وجديد كان قد قطع بهؤلاء المجازفين مسافة 80 كلم داخل المياه الدولية، أين ترصدتهم أجهزة خفر السواحل الإسبانية الذين ضبطوهم عندما أدرك القارب أن يبلغ بهم الشط بحوالي 3 كيلومترات بتهمة الهجرة السرية.
"غانم" اليد المساعدة لـ "أحمد" كما يقول كان هو الآخر ضمن المجموعة في القارب ليس بصفته حراڤا، لكنه اعترف أنه كان في مهمة لتمرير الشلة إلى إسبانيا ونقلها إلى بر الأمان قبل العودة بالزودياك من حيث انطلق بحكم أنه"ولد البحر" كما قال.
"أحمد" يواصل الحديث عن قصته بعد "انتزاعه" من رفقائه في رحلة الموت، هو اعتبر الأمر مدخلا لحياة "أجمل"، ويؤكد أنه أحس منذ الوهلة الأولى بالارتياح عند نقله إلى المركز الإسباني للمساعدة الاجتماعية بألميريا الذي تشرف عليه الجمعية الخيرية الأندلسية من خلال ما لاقاه فيه من ترحيب واستعداد لاحتضانه وتأمين مستقبله، ويضيف أن البداية كانت بالاتصال بأهله في وهران "حتى تخلي الجمعية مسؤوليتها القانونية في الاحتفاظ به لاسيما أمام القوانين الدولية لحماية الطفولة"، وأكد أنه وبعد أن طمأن والدته بحاله وأخبرها بما في اعتقاده أنه بين أيد أمينة تتعهد بتسوية وضعيته القانونية بإسبانيا وتحوّله إلى مواطن شرعي فيها، رخصت الأم للجمعية حق التكفل وراسلتها بكل الوثائق الإدارية لتثبت حسن نيتها فيها، وبذلك تسنى لـ "أحمد" في المركز أولا تعلم اللغة الإسبانية كتابة وقراءة لمدة 6 أشهر، ويؤكد هنا أن حب الدراسة راوده بصدق لأول مرة في حياته ولم يفعلها مطلقا عندما كان يدرس في وهران، وبعدها تم توجيهه إلى مركز للتكوين المهني هناك وتخرج منه في البداية بشهادة مختص في كهرباء العمارات، ثم بشهادة تخرج في فن الطبخ برتبة "طباّخ"، وبعد عام ونصف من الإقامة في المركز يؤكد "أحمد" أنه لم يتأثر بمحاولات سلخه من جلدته وعقيدته وأن الجمعية أيضا لم تفعل شيئا أمام إصراره، ليتحوّل للعيش بمفرده بمجرد بلوغه سن الـ 18 سنة، وأصبح يعمل بشهادته الأولى التي استهوته أكثر براتب 900 أورو شهريا إضافة إلى استفادته من بطاقة التأمين والعلاج والنقل المجاني، وهو حاليا حاصل على شهادة إقامة شرعية في مسكن مؤجر، ويساعد نفسه في العمل الحر خارج ساعات الخدمة الرسمية بما يكفل له عيشا هنيئا يمكّنه أيضا من مساعدة عائلته بوهران التي تتلقى منه بانتظام أموالا تغطي العديد من احتياجاتها ـ كما يقول-.
"امنحونا مقرا لجمعية الحراڤة بوهران، أو إلى البوطي عائدون"
"غانم" لم يقصد "الشروق" لهذا الغرض بالذات، أكد أنه طلّق مهمته في "مساعدة الشباب على الحرڤة وقد كانوا كثُر يترددون عليه لأجل إسنادهم والتوسط لهم، منهم جامعيين وفتيات وحتى نساء متزوجات ومطلقات"، قراره هذا أكد أنه حسم فيه بعد أن استشعر بنوع من الأمل في خطاب وزير التضامن والجالية الجزائرية المقيمة في الخارج عندما تعهد في زيارته إلى وهران بتاريخ 15/05/2008 بدعم الشباب الراغب في هجر البلاد عبر "البوطيات" للعدول عن الفكرة تماما، وأكد لهم حينها أن الدولة مستعدة لفتح أحضانها لجميع هؤلاء لو انتظموا في شكل جمعية معتمدة.. وهناك كان مربط الفرس ـ يضيف محدثنا ـ، حيث أكد أنه تقدم برفقة 30 شخصا تقريبا لهم نفس الوضع بغرض إيداع ملفاتهم على مستوى دار الشباب بحي ابن سينا، والعملية أكدوا أنها تمت حتى من دون تقديمهم وصولات الاستلام، مما يعمق سياسة التهميش وعدم الاكتراث، لكن لا حياة تنادي للسلطات المحلية، وكانت "الحركة" الوحيدة التي لا تعني أكثر من نية لشل عزائم هؤلاء في إراحة البوطيات والبقاء في حضن الوطن ـ كما يقول ـ أنه تم في ما يشبه "التخذير" عرض مناصب شغل "موسمية" عليهم لا تزيد مدتها عن 3 أشهر براتب 3 آلاف دج شهريا، في المقابل يجدون في صاحبهم الحراڤ الصغير الذي يتقاضى من راتبه ونشاطه الحر ما يعادل 19 مليون سنتيم تقريبا الحلم الوردي الذي يدغدغ فيهم مجددا ولع اللحاق بجنة ما وراء البحر، وقالها "غانم" الراغب في تأسيس الجمعية لمسؤولي وهران "إمنحونا مقرا لنحيا هنا، أو نعود للبوطي حتى لو نموت وعليكم كل المسؤولية أمام الله وعباده..".