لا أحد يعرف عن مصيره شيئاً ومناشدات للأسد بالتدخّل
اختفاء أثر الكاتب الفلسطيني مهيب النواتي على الأراضي السورية
تغريد عطاالله
دخل الصحافي والكاتب الفلسطيني، مهيب النواتي، إلى الأراضي السورية قبل أكثر من شهر لإجراء لقاءات مع قادة حماس من أجل إستكمال كتاب يؤلفه عن الحركة، ولكن أخباره انقطعت منذ ذلك الحين.
النواتي وزوجته واطفاله
غزة: الصحافي والكاتب الفلسطيني مهيب النواتي دخل الأراضي السورية قبل نحو أكثر من شهر، ولم تعرف عائلته عنه شيئاً منذ ذلك الحين، ورغم محاولتها الاتصال بكل الجهات ذات الاختصاص، وتوزيع صوره على وسائل الإعلام وتوجيه مناشدة للرئيس السوري بشار الأسد، ودعوة مؤسسات حقوق الإنسان في فلسطين وسوريا إلى بذل جهدها لمعرفة مصيره، إلا أن كل ذلك لم يجد نفعاً، وباءت كل المحاولات بالفشل، في وقت تشير العديد من التقارير غير المؤكدة بأنه معتقل لدى الأجهزة الأمنية السورية.
"حماس من الداخل"
"إيلاف" بدورها زارت عائلة النواتي في قطاع غزة، لمعرفة خلفيات الاختفاء وتوقيته وماهية عمل مهيب وسبب زيارته سوريا، مع العلم أن الأخير وصل إلى سوريا من النرويج التي يقيم فيها وعائلته المكونة من 7 أفراد، بنتان و4 أولاد، منذ نحو اربع سنوات، وتبين عائلة النواتي في قطاع غزة التي تتواصل بشكل مستمر مع زوجة مهيب في النرويج أنها لم تحصل حتى اللحظة عن معلومات محددة عن مصير مهيب أو مكان وجوده، ويقول شقيقه مضر إن التواريخ المتعلقة بخط رحلة أخيه مهيب تظهر على نحو لا يدعو للشك أن
عدد من اقرباء النواتي وشقيقه مضر بالوسط ينتظرون اي معلومة عن مهيب
اخيه اختفى على الأراضي السورية، حيث أبلغت زوجته المقيمة حالياً في النرويج عن انقطاع أخباره في الخامس من يناير/كانون الثاني الماضي، وهاتفه مغلق منذ ذلك التاريخ.
ويذكر أن مهيب قد لجأ إلى النرويج بعد أحداث حزيران/يونيو 2007، التي سيطرت حركة حماس خلالها على قطاع غزة، ومن هناك واصل عمله الصحافي، وبدأ باستكمال الجزء الثاني من كتابه "حماس من الداخل"، الذي لاقي الجزء الأول منه الصادر عام 2003 أصداء كبيرة، وترجم إلى اللغة الإنجليزية، وحسب عائلته فقد توجه إلى سوريا من أجل إجراء لقاءات مع قيادة حماس هناك لإكمال الفصل الأخير من كتابه.
استنتاجات خاطئة
يشي مضر النواتي إلى أنه ناشد حكومة حماس قبل يومين عبر إذاعة القدس بضرورة التحرك للكشف عن حقيقة اختفاء شقيقه، وقال "قدمنا مطالبات ومناشدات كثيرة للحكومة في غزة والسلطة الوطنية في رام الله، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، ومؤسسات حقوق الإنسان، ولكننا لا نملك سوى الاستنتاجات والتكهنات لنخرج بمعلومات جديدة ربما تكون خاطئة".
في حين أجرت نقابة الصحافيين في غزة اتصالاتها مع اتحاد الصحفيين العرب، ومنظمة صحافيين بلا حدود واتحاد الصحافيين السوريين في محاولة للكشف عن حقيقة اختفاء مهيب النواتي، ولم يتم التوصل إلى أي معلومات عن مصيره.
ووصف تحسين الأسطل عضو نقابة الصحافيين في غزة لـ"إيلاف" هذا الاختفاء بالمحزن لسائر الصحافيين، مشيراً إلى عضوية مهيب في نقابة الصحافيين، وقال إن "فقدان مهيب في سوريا حسب المعلومات الواردة سيؤثر حتماً على أي صحافي يفكر في زيارة سوريا لإجراء مقابلات خاصة بعمله". وتابع "سنواصل الاتصال بالجهات المعنية والضغط إعلاميًا لإصدار بيانات تذكر المجتمع العربي والدولي بحالة المفقودين في السجون السرية في سوريا والدول العربية إجمالاً".
"هناك من يعرف مكان وجوده"
مهيب النواتي
فيما لخص صديق مقرّب من مهيب النواتي، رفض ذكر اسمه، تخوفاً أن تتخذ سورياً إجراءً ضده إذا رغب يوماً في زيارتها، الموقف العام لاختفاء مهيب، قائلاً "في تقديري فإن الأمر له علاقة وثيقة بحركة حماس، وتحديداً بكتابه "حماس في الداخل" الذي أصدره قبل سنوات عدة"، وتابع "وأعتقد أنّ قيادة حماس قامت بتسليمه، وهي وحدها تعرف مكان وجوده أو أي معلومات تتعلق به". كما وجّه صديق مهيب لومه لمنظمات حقوق الإنسان في قطاع غزة لكونها لم تصدر بياناً تطالب فيه بضرورة الكشف عن تفاصيل اختفاء مهيب.
من جهته أكدّ مدير المكتب الإعلامي لحكومة حماس عدم وجود أي معلومات متعلقة بالصحفي النواتي، مشيراً إلى اختفائه من غزة منذ نحو خمسة أعوام، حيث رفض الإدلاء بأي موقف تجاه اختفائه.
أمّا حمدي شقورة نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فقد ردّ على عدم إصدار بيان صحافي يتعلق بمهيب النواتي بأنّ الأراضي الفلسطينية هي رقعة العمل المحددة لعمل المركز، ولا يمكن العمل خارجها.
نافذة خير!
في حين رأى الدكتور أشرف الغليظ المحلل السياسي المتخصص في العلاقات الدولية أنّ هناك علاقة وثيقة بين حكومة غزة والحكومة السورية بدليل وجود قيادات حماس في سوريا. وأفاد الغليظ أنه "ليس جديداً على سوريا أن تخفي شخصية إعلامية أو أي شخصية ترغب في التصريح بالحقيقة، فقد عرفت سوريا باهتمام بمسألة الاعتقال لكل من تشك في أنه ممكن أن يشكّل عداءً لنظامها الداخلي".
كما لفت الانتباه إلى ما أسماه بـ "نافذة خير" قد توفر معلومات جديدة عن مهيب، مشيراً إلى وجود القيادات الفلسطينية في سوريا التي لها شأن هناك، وقال "إذا تدخلت فعلاً تلك الجهات لمعرفة مكان وجود مهيب بالتحديد، هل هو في سجون المخابرات، أم في مكان لا علم للسلطات السورية به، أم خارج سوريا ؟، فحتماً ستجد الإجابة عن كل تلك الأسئلة".
مخاوف
وتخشى عائلة النواتي أن يأخذ وقت الكشف عن مصير ابنها فترة طويلة، وخاصة أن السلطات السورية لم تقدم اي معلومات عن مصيره، ووفقاً لحالات مشابهة تلجأ هذه السلطات إلى إصدار بيان بعد ستة أشهر عن فقدانه وتعمم ذلك.
ويشار إلى ان مهيب النواتي هو الأبن الثاني المفقود لعائلته بعد اختفاء شقيقه معتز قبل ثلاثين عاماً، والذي اتضح التبين من تواجده في السجون السرية الإسرائيلية بعد مضي أربعة أعوام من فقدانه.