علم مصر.. أكثر مبيعا من أي وقت مضى
حدت حالة الثورة التي يعيشها المصريون من الطلب على الساعات وسلاسل المفاتيح واللعب وغيرها من الهدايا في متجر أحمد مجدي بالقاهرة لكن شيئا واحدا ظل يباع أكثر من أي وقت مضى... علم مصر.
رفع العلم ذو الألوان الأحمر والأبيض والأسود في كل مكان منذ أجبر الرئيس حسني مبارك على التنحي الجمعة فرسم على الوجوه والحقائب ولصق على الجدران ودبابات الجيش ورفع على الجرارات الزراعية وأطل من نوافذ السيارات الفارهة.
وأشار مجدي الجالس في متجره في سوق العتبة إلى صندوق بال من الورق المقوى يخرج منه أحد الزبائن عشرات الأعلام الصغيرة.
وقال صاحب المتجر البالغ من العمر 28 عاما "لم يعد باقيا لدي سوى هذا الحجم وسيباع كله بحلول الغد."
وقال ماجد انه باع نحو 300 ألف علم منذ اندلاع الاحتجاجات قبل نحو ثلاثة أسابيع رغم أنه وأصحاب المتاجر المجاورة اضطروا في لحظة ما إلى إغلاق متاجرهم وحراسة ممتلكاتهم من النهب والسلب بعد انسحاب الشرطة من شوارع القاهرة يوم 28 يناير كانون الثاني.
وتحول العديد من الباعة في المدينة إلى بيع الأعلام بعد ان عطلت الاحتجاجات المناهضة لمبارك أغلب اقتصاد البلاد.
وفي بداية الاحتجاجات حمل المتظاهرون المطالبون بالديمقراطية العلم المزين في منتصفه بنسر العقاب شعار صلاح الدين الأيوبي الذي حكم البلاد في القرن الثاني عشر ولوحوا به وارتدوه شريطا على الرأس حتى أنهم استخدموه سجادة للصلاة عند الحاجة.
وبعد ذلك حمل موالون لمبارك العلم ذاته في مسيرات خرج فيها بضع آلاف في بعض مناطق العاصمة.
ويوم السبت حمل مئات الألوف من المحتفلين بتخلي مبارك عن الرئاسة العلم وهم يجوبون شوارع القاهرة يرقصون ويهتفون ويغنون النشيد الوطني.
وقال محمد بلال "27 عاما" وهو يعرض عشرات الأعلام على لوح خشبي في شارع قريب من ميدان التحرير قلب الثورة المصرية "كان هناك طلب كبير مستمر ليلا ونهارا."
ومثل غيره من باعة الأعلام الذين سارعوا باقتناص فرصة في السوق قال بلال إن هذا ليس عمله الأصلي فهو يبيع الملابس في الشارع لكنه الآن يحقق مكسبا سريعا.
وقال "منذ رحيل مبارك نحقق ارباحا كبيرة أكثر بكثير مما كنا نحققه من قبل."
وعلى الجانب الآخر من الطريق كان المئات يرقصون على أنغام موسيقى تنبعث من مكبرات صوت.
وقال شريف ابراهيم الذي كان يسير مع والدته ومعهما ثلاثة أعلام "إنها لنا. العلم المصري يعني الشرف." وأضاف "أشعر بفخر شديد عندما أمسك به. إنه ليس مجرد قطعة من القماش."
وقال العديد من باعة الأعلام ان المرة السابقة التي زادت فيها مبيعات الأعلام بدرجة كبيرة كانت عندما فاز المنتخب المصري لكرة القدم ببطولة كأس الأمم الافريقية العام الماضي للمرة الثالثة على التوالي وهو ما أخرج مئات الألوف إلى الشارع أيضا.
ومن المؤكد أن الفخر بالاطاحة بأحد أطول زعماء العالم بقاء في الحكم في 18 يوما فقط أعمق بكثير.
وقالت سلمى إمام وهي طالبة تبلغ من العمر 18 عاما وهي تجلس ممسكة بالعلم فوق ظهر سيارة في وسط القاهرة إن كأس الأمم الافريقية "كان مجرد مباراة لكن هذه ثورة. نحن نشعر بالحرية الآن."
والعديد من الباعة يشترون الأعلام من سوق العتبة الذي يباع في أزقته الضيقة كل شيء من اللوف والبخور إلى القداحات وثمار جوز الهند.
وباعة التجزئة مثل مجدي الذين انضموا للاحتجاجات في وقت مبكر يحصلون على الأعلام من مستوردين على صلة بشبكات الامداد من شرق اسيا. وعندما تقل حصيلة هؤلاء تظهر الأعلام المصنوعة يدويا في ضاحية شمال القاهرة.
ويقول مجدي انه في حين كان بعض باعة الأعلام يحاولون الاستفادة من جيشان المشاعر الثورية بين المصريين لتحقيق ربح كان البعض الآخر يحاول تعويض أسبوعين من توقف أعمالهم الأخرى.
وتابع "كان أشخاص يبيعون المناديل الورقية وأصبحوا الآن يبيعون الأعلام وعندما تتوقف مكاسبهم منها سيتحولون إلى شيء آخر.