مبارك قد ينضم إلى قائمة الحكام اللاجئين إلى لندن
لماذا تجتذب بريطانيا الساسة والمشاهير.. من نابليون إلى مشرف؟
صلاح أحمد
لا أحد يعلم مكان الرئيس المطاح حسني مبارك. والشائع هو أنه يلعق جراحه في شرم الشيخ، رغم أن الضيافة الإسرائيلية غير مستبعدة. وفي لندن، تكثر تكهنات بأنه على وشك الإنضمام لقائمة من الحكام اللاجئين إليها لإنفاق ثرواتهم في متاجر الصفوة.
أفادت الأنباء خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أن الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف مطلوب لدى العدالة في بلاده، على خلفية إخفاقه في حماية رئيسة الوزراء بنازير بوتو من اغتيالها في العام 2007.
ومشرف، الذي شوهد قبل أيام وهو يتسوق مع زوجته في أحد متاجر الأثاث الفاخر في لندن، واحد من عدد غير قليل من الحكام الذين إختاروا بريطانيا وطنا ثانيا لهم بعدما لفظتهم أوطانهم الأصلية، سعيا لإنفاق ثرواتهم في متاجر الصفوة وتمتعا بهواء الحرية الذي حرّموه على شعوبهم.
والتكهنات على صفحات "تليغراف" البريطانية هي أن الإضافة الجديدة الى هذه القائمة ستتمثل في الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. وتعزز هذه الاعتقاد روابطه العديدة مع هذه الأراضي. فعقيلته، سوزان، نصف بريطانية لأن والدتها ويلزية. ولإبنهما جمال، الملقب "جيمي" منزل مؤلف من ست طوابق في ويلتون بلايس على بعد دقائق قليلة من متجر "هارودز" في نايتسبريدج وتقدر قيمته بما بين 8 و10 ملايين جنيه (12.5 إلى 15.5 مليون دولار).
وكانت صحيفة "تايمز" قد نقلت قبل أسبوعين عن مصدر في القاهرة قوله إن جمال شوهد في مطار القاهرة مع زوجته، خديجة الجمّال (27 عاما) وابنته - وقرابة مئة حقيبة كبيرة - وهم يتوجهون إلى طائرة خاصة عُلم لاحقا إن وجهتها هي لندن. وقال أحد كتاب المدونات الشخصية على الإنترنت "بلوغر" إن زوجته خديجة شوهدت وهي تتسوق في متجر "سيلفريدج" الشهير في أوكسفورد ستريت قبل أيام.
وبثروة تقدر بثلاثين مليار دولار موزعة على عدد من البنوك الغربية، فلا شك في أن سماسرة العقار البريطانيين، واللندنيين خصوصاً، ينتظرون وصول الرئيس المصري المخلوع بفارغ الصبر... لكن هذا إذا تمكن من وضع يده على أمواله بعد الأحاديث هنا وهناك عن تجميد أرصدته.
سحر لندن
في هذه المناسبة، تتساءل "تليغراف" عن أمرين: الأول يتعلق بما إن كان أخلاقيا أن تستضيف بريطانيا دكتاتوراً أطاحه شعبه بعد عقود من القهر والإستبداد. والثاني عن السر في سحر لندن بالنسبة للحكام والساسة وغيرهم من المشاهير.. لماذا ظل عدد كبير منهم يفضلها على ما عداها من المدن؟
هناك نابليون الذي عاش السنوات الثلاث الأخيرة من عمره في قصر كامدين في ضاحية تشيزلهيرست في جنوب شرق لندن أولا ثم جزيرة سنت هيلينا البريطانية. وهناك الفيلسوف الثوري الألماني كارل ماركس الذي اختار العيش في لندن دون غيرها منذ 1849 حتى مماته في 1883 وجابت شهرة قاعة القراءة في المكتبة البريطانية الآفاق بسبب تردده اليومي عليها.
وعندما شهدت بريطانيا سلسلة من التفجيرات في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على أيدي فوضويين أجانب لجأوا الى بريطانيا، كان الروائي البولندي جوزيف كونراد، المهاجر اليها، هو الذي حذر البريطانيين، في روايته "العميل السري"، من مغبة أن يفسر اللاجئون ضيافتهم باعتبارها ضعفا وسذاجة.
وتقول "تليغراف": "بالطبع فإن ساستنا وعملاء إستخباراتنا في يومنا هذا لم يقرأوا رواية "العميل السري"، وإلا فلماذا يسمحون لحثالة المجتمع من القتلة والأصوليين بأن يعيثوا في أرضنا فساداً حتى صار اسم العاصمة البريطانية لندنستان؟".
وكما أثبت الدكتاتور التشيلي اوغستو بينوشيه قبل 13 عاما، فإن الحصانة الرئاسية يمكن ان تصبح حائلا دون إعادة أشرس الطغاة الى يد العدالة في بلادهم. وهذه بلا شك أنباء طيبة بالنسبة لبرويز مشرف في حال أصر المدعي العام الباكستاني على تسليمه، وستكون أيضا أنباء سارة بالنسبة لحسني مبارك في حال اختار بريطانيا وفي حال طلبت مصر لاحقا إعادته لمحاكمته بأي تهم قد تقررها.
عاصمة الملذات والكازينوهات
تقول الصحيفة قائلة إنه عُرف عن رئيس شرق أوسطي (لم تسمّه) إتخاذه - خلال سنين دراسته في بريطانيا - هواية غير مألوفة وهي جمع البطاقات التي تتركها المومسات في أكشاك الهواتف العامة وتحمل أرقام هواتفهن طمعا في اتصال الزبائن بهن. وقالت إن هذا الرئيس يعرض هذه البطاقات الآن في صناديق زجاجية بقصره.
وتمضي الصحيفة لتعدد بعض الحقائق التي تجتذب، على الأرجح، الحكام السابقين الى العاصمة البريطانية. ومن هذه العقارات في الأحياء اللندنية الفاخرة التي يبدو أنها لا تتأثر بهبوط أسعار المساكن عموما وتسير في طريق ذي اتجاه واحد وهو الصعود.. خاصة إذا أضاف الحاكم المشتري دارا للسينما أو حمام سباحة مفتوحا أو ملعبا للتنس الى مسكنه وإن كان هذا رغم احتجاج جيرانه.
ومن محاسن لندن في ما يبدو، أنها تعج بالمتاجر الصفوية التي تبيع أشياء مثل السيارات السريعة واليخوت للأثرياء والحلي والمجوهرات والحقائب والأحذية الفاخرة والعطور الغالية لزوجاتهم. وعلى سبيل المثال فبالنسبة لعقيلة الرئيس التونسي المطاح، لليلى طرابلسي، التي كانت تسمي "البوينغ" الخاصة التي كانت تقلها الى لندن "طائرة التسوّق"، فقد كانت صالات عرض مثل "شانيل" و"سواروفسكي" و"برادا" ضمن متاجرها المفضلة.
لندن أيضا مكان مفضل للساسة المسلمين الذين لا يجدون متنفسا لرغباتهم بسبب مجتمعاتهم المحافظة. فباستطاعتهم هنا استقلال سيارتهم من ماركات "فيراري" و"آستون نارتن" و"لامبورغيني" الى الكازينوهات ومنتديات الليل حيث يمكنهم العثور على فصيلة أخرى مهاجرة ايضا ومحببة الى قلوبهم وهي فتيات شرق أوروبا المتطلعات الى الخدمة على وقع الدنانير.