حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ثقافي فني إعلامي شامل((((((((( مدير و مهندس المنتدى : حسن الخباز ))))))))))
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com

 

 أسرار المد الإسلامي في تركيا: هكذا تحققت العدالة والتنمية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منتدى حلم المهرجان
Admin



عدد المساهمات : 3461
تاريخ التسجيل : 20/07/2010

أسرار المد الإسلامي في تركيا: هكذا تحققت العدالة والتنمية  Empty
مُساهمةموضوع: أسرار المد الإسلامي في تركيا: هكذا تحققت العدالة والتنمية    أسرار المد الإسلامي في تركيا: هكذا تحققت العدالة والتنمية  I_icon_minitimeالأربعاء 16 فبراير - 6:07:25


الشروق تنقل أسرار المد الإسلامي في تركيا: هكذا تحققت العدالة والتنمية

lotfi Flissi

قد لا تكفي زيارة واحدة لها، للإحاطة بكل تراثها وحاضرها.. لكن الأكيد المؤكد، أن أياما معدودات فيها، تسعك لتقف على فهم واقعها السياسي والاقتصادي والثقافي الحالي، خاصة إذا قلّبت بعض صفحاتها التاريخية، وبالتالي يمكنك أن تستشرف مستقبلها دونما عناء.. الشروق اليومي توغلت مئات الكيلومترات في تراب الدولة التركية، وغاصت عشرات السنين في تاريخها، لتطرق أبواب الأسيتانا، ولتشهد على عصر أردوغان وغول والاتحاد الاوروبي .. والحجاب.
في الوقت الذي تسعى فيه أغلب دول المعمورة إلى الرقي والتقدم، استطاعت تركيا، وفي ظرف وجيز، أن تقطع أشواطا كبيرة في السير على خطى الكبار إقتصاديا، حيث شهدت وخلال الأربع سنوات الماضية فقط من أن تضاعف نسبة الاستثمارات فيها إلى أكثر من 140 بالمائة، وتصير القوة الـ15 عالميا، وهو إنجاز قلّ من يحققه الآن، خاصة في ظل الموجة الاقتصادية العالمية الحالية، المتسمة بكثرة الأزمات والتحديات والمنزلقات الكبيرة..
أما سياسيا، فقد أثبتت الحكومات المتداولة على رأس تركيا، من عهد طورغت أوزال إلى رجب طيب أردوغان، أنها حكومات تعي جيدا الواقع السياسي المحلي منه و الدولي، والتغيراتِ الواقعة َ في العالم، ولا يمنع إن كان لهذا التوجه استثناء، يراه الأتراك قد أكل عليه الدهر وشرب، وهو رأي، تثبته نتائج الانتخابات الأخيرة التي أفضت إلى استقرار أمر الحكومة بيد حزب العدالة والتنمية التركي، بل والرئاسة أيضا، بعد ماراطون برلماني عسير ..

أخلاف الخلافة ..

أقدم نصف الأتراك تقريبا خلال انتخابات الصيف الماضي، على منح ثقتهم مرة أخرى لحزبٍ، تصفه بعض وكالات الانباء بـ " ذي الخلفية الإسلامية "، وهو حزب العدالة والتنمية التركي الذي يشتهر عند العالم بحزب طيب أردوغان وصديقه عبد الله غول، كما يُقدّم هؤلاء بأنهم تلامذة رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، وهو تقديم خلق عدة مشاكل وعراقيل لهؤلاء، إذ اشتهر أربكان خلال ممارسته السلطة، وحتى قبل ذلك، بعدائه الشديد للغرب وللدولة العبرية على وجه الخصوص، إذ ما انفك يطلق سهامه العدائية من خلال تصريحاته الاعلامية على من يعتبرهم "أعداء الاسلام والمسلمين"، وكذا سياسته الاقتصادية التي فتحها على أكثر الدول المغضوب عليها غربيا، وسعى إلى إرساء علاقات استراتيجية متينة معها، على غرار إيران التي كانت أول قبلة له بعدما صار رئيسا للوزراء في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وكذا ليبيا التي كانت تعتبر آنذاك من أعداء الديمقراطية والمنتهكة لحقوق الانسان وغيرها من الشعارات، التي سرعان ما بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى مؤخرا ..
وقد واجه أربكان بسياسة حزبه، الذي لم يستقر على اسم، عدة مشاكل و"تكبيلات" من طرف الدول الغربية والجيش، الذي يعتبر الحاكم الفعلي للدولة، حتى اضطر إلى توقيع قوانين مخالفة لأصول توجهه ودعوته، ولعل أهمها توقيعه لقانونٍ يمنع التدريس الديني قبل السن الخامسة عشر، الذي يؤكد بعض أتباعه من حزب السعادة الذي كان في أول أمره " حزب الرفاه " الموالي له، أن عدة توقيعاته كانت اجتهادا منه، وبعضها الآخر كان اضطرارا من أجل أن يصدّ قوانين أخرى " أكثر جورا وضررا على الاسلام والمسلمين"..
إلا أن التلاميذ خلصوا برؤى أخرى، مفادها أن عدة بيضات ما كانت لتُستباح لولا السياسية غير الرشيدة التي انتهجها أستاذهم نجم الدين أربكان، فأسسوا "حزب العدالة والتنمية"، معتمدين على سياسات مختلفة تماما لسلفهم، إذ يلاحظ عليها المرونة المرصعة بالحنكة، والتدرج في تحقيق الأهداف الممزوج بطول النفس، والفهم للواقع العالمي المراعي للتراث التركي، في حين يرى البعض أنها سياسة لا تمت للدين بصلة، إذ غالبا ما توصف بالمتفسخة، والمائعة، وغير المحافظة، والحداثية، وغيرها من النعوت التي تعطي الانطباع أن أصحابها أقرب للكفر منهم للإيمان، في نفس الوقت الذي تتهمهم الجهات الاخرى، وهي الجيش والفعاليات الموالية له، بأن هؤلاء يعتبرون تهديدا فعليا لقيم العلمانية التي تحكم البلاد، وللأسس التي أقامها مصطفى كمال أتاتورك، واصفين إياهم بالاسلاميين، وهو ما يسعى الحزب في غيرما مناسبة من تسفيه هذه الاتهامات، وما فتئ يؤكد تمسكه بالمبادئ الأتاتوركية أو "الروح التي تحكم الدولة"، وهو موقف له من الحرج ما يصفه أحد المتأثرين بهم، قائلا:"نحن بين سندان المتطرفين ومطرقة أعداء الدين"..
وقد كان البروز الحقيقي لهذا الحزب بعد انتخابات نوفمبر من عام 2002 ، حيث اكتسح الساحة السياسية بنسبة قاربت الـ35 بالمئة، أفضت إلى حصوله على 363 مقعدا في مجلس الأمة التركي من أصل 550 نائبا ، واكتفى حزب الشعب والجمهوري أو الحزب اليساري الجمهوري على 178 مقعدا فقط، بمعنى أن المجلس النيابي يضم حزبان فقط لا ثالث لهما، في حين شهدت خسارة ثلاثة أحزاب رئيسية في البلاد، كانت تشكل الحكومة التي كان يترأسها بولاند أجاوييد، حيث حكمت طيلة ثلاث سنوات ونصف، ويقول مراقبون أنها جلبت لتركيا أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية حادة وادخلتها في صعوبات عديدة، وبالتالي أمكن للعدالة والتنمية أن يشكل الحكومة برأس واحد، وكان مراقبون قد تنبّأوا آنذاك، بأنّ تشكيل حكومة جديدة بهكذا تركيبة، سيجلب الاستقرار السياسي والاقتصادي لتركيا، في حين عرفت تركيا لأول مرة في تاريخها موجة استقالات جماعية لرؤساء الأحزاب المنهزمة، والمندثرة من الخارطة السياسية، وهو ما اعتبره البعض بالتطور الغريب والجديد في الساحة السياسية، مما لم يتعود الشعب التركي على سماعه ومشاهدته..
فاعتمد " العدالة والتنمية " في سياسته على تحقيق الرفاهية للشعب التركي حتى تتوسد تركيا الراحة، وذلك بتركيزه على الجانب الإقتصادي للدولة، متفاديا الخوض في الملفات السياسية التي تعطي الانطباع بأنه يرجح كفة توجّهٍ معين على الآخر، وهو ما يلاحظ عليه تغافله عن قضية الحجاب في تركيا مثلا، وبذلك، يحاول الحزب أن يستنهج سبيل رئيس الوزراء الأسبق طورغت أوزال، زعيم حزب "الوطن الأم"، وأن يأخذ مأخذه، من الظهور بلباس الوطنية الذي يسع كل توجهات الوطن من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، مستعملين المقولات الانسانية العامة، ونبذهم كل ما من شأنه أن يخوّن الحزب ضمن خانة معينة.
وطورغت أوزال أو من يشبّهه الأتراك بالسلطان عبد الحميد الثاني، الخليفة العثماني والسياسي العجيب الذي استطاع أن يدير دواليب الباب العالي لمدة 32 سنة، بالرغم من المرض الذي دب في كل أجهزة الخلافة آنذاك، هو أحد السياسيين الذين استطاعوا أن يحققوا الاجماع في شخصه، حتى من قِبل الجيش التركي، حامي العلمانية بتركيا، وقد تسلم رئاسة الوزراء في عام 1983 بعد أن اكتسح الأصوات، في خضم الانقلاب الذي قام به الجيش على اليساريين القوميين في عام 1980، وقد بقي في الحكم مدة 10 سنوات، بعد أن تولى رئاسة الجمهورية في عام 1990 .. وهو سياسي عُرف عنه التوجه المحافظ، ويوصف عهده بأنه شهد النهضة الحقيقية لتركيا، وأنه هو من فتح باب تركيا عالميا، في حين لا يتورع بعض الإعلامين الأتراك هنا بوصفه أب الأتراك الحقيقي، وليس مصطفى كمال، الذي أنهى الخلافة العثمانية وأعلن قيام الدولة التركية الحديثة..
وواصل العدالة والتنمية في تقديم النجاحات تلو الأخرى، وبأشكال وأزياء مختلفة، منها الاقتصادية المتمثلة بالاستقرار الاقتصادي، وارتفاع النمو بشكل ملفت، والسياسية التي أفضت إلى اعتلاء وزير الخارجية السابق عبد الله غول رئاسة الجمهورية، بعد الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت صيف هذا العام، في ظل الحملة الشعواء التي قادها الجيش قبل الانتخابات، إذ أصدر رئيس الأركان التركي بيانًا في أفريل الماضي يدعو فيه "الأمة التركية السامية إلى إظهار ردة فعلها في مواجهة الإرهاب"..

الحجاب ... الملف الملغوم

هذا التوجه يبدو أنه قد أثبت نجاعته لدى المجتمع التركي، هو الذي يسعى إلى تحقيقه حزب العدالة والتنمية على الأرض، وهو ما يفسر تجاهله لمثل قضية الحجاب التي من المفروض، بحكم انتمائهم الأول، أن يكونوا في طليعة المدافعين عنها، خاصة وأن النسبة التي تحصل عليها حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2002 تُخوّل له إجراء تغييرات في الدستور التركي، على اعتبار أنه تحصل على أكثر من ثلثي المقاعد، إذا ما أضفنا إليهم أصوات المستقلين التسعة القريبة من الحزب، إلا أن الحزب يفضل التركيز على القضايا التي تحقق الإجماع الوطني الداخلي، كمسألة الالتحاق بركب الاتحاد الأوروبي، أو حسم القضية الكردية التي أثبتت الوقائع، وتعاطي الحكومة معها أن الحزب ذو عقدة مبرمة، وبصيرة نافذة فيما يخص الاستثمار في القضايا التي تعود بالفائدة على مشروعهم، إلا أن مراقبين أتراك يعترفون بصعوبة تحقيق "العدالة والتنمية " لهكذا هدف، للجبّة الاسلامية التي سبق وأن لبسها المنتمين لهذا الحزب..
فقضية الحجاب بتركيا، هي قضية ما برحت تُشعل فتيل أزمات بين من يوصفون بالاسلاميين المدافعين عن قيم الدين، وبين العلمانيين الرافضين لما يسمونه بالمظاهر الدينية في المؤسسات التعليمية أو الرسمية، حيث تمنع الدولة بترسانة من القوانين، ارتداء الأنثى التركية للحجاب، بحجة أن الدولة التركية هي دولة علمانية، ولا مكان للدين في الدنيا...
وبالرغم من كل ذلك، فإن نسبة ارتداء الحجاب عند الفتيات ما بين 12 سنة و 21 سنة قد ارتفع إلى أربعة أضعاف، خلال أربعة سنوات فقط، فقد أظهر استطلاع نشرته قناة "دي تي في " التركية نهاية نوفمبر المنصرم، أن نسبة المحجبات المتمدرسات قد بلغت 11.3 بالمائة في سنة 2007، في حين لم تتجاوز نسبة ذلك في نهاية سنة 2003 الـ 2.7 بالمائة من مجموع المتمدرسات، وهو ارتفاع له من الأهمية والتحدي للقوانين التركية الشيء الكبير، حيث تُواجه البنت التركية التي اختارت هذا الطريق عقبات كبيرة، ومشاكل وفيرة خلال مسيرتها التعليمية، قد تصل حد الطرد من المؤسسة، وبالتالي فإن هذا التحدي المُلفت لهذا المصير، يدل دلالة واضحة أن نسبة الوعي لدى المجتمع التركي قد بلغت مرحلة متقدمة من الشعور بالاولويات، وترجيح كفة ملفات على أخرى، بالرغم من لعبة شد الحبل التي تنتهجها مؤسسات إعلامية تركية كبيرة، ذات التوجه الاسلامي، حيث لا تتورع في خلق أزمات حادة مع القوة المعارضة للتوجه الديني للدولة، وهي الجيش ومن يحلب من ضرعه، بما تسميه " الاستثمار" في الوقائع لأجل أن تدفع بالملف شيئا فشيئا للأمام..
وقد اتفق للشروق أن عايشت إحدى هذه الحوادث التي جعلت منها هذه المؤسسات قضية وطنية لم تزل "تستثمر" فيها، حيث تحصلت بنت تركية متحجبة تبلغ من العمر 13 سنة في بلدة خوزان بمحافظة " أضنة "، التي تبعد بحوالي 650 كلم حنوب غرب العاصمة الاقتصادية اسطنبول، على المرتبة الاولى في مسابقةٍ، أجرتها إحدى المديريات التعليمية هناك، وعند حفل استلام الجوائز، طلب منها منشط الحفلة أن تلقي كلمة فخرية بالمناسبة، ولما اعتلت المنصة أمر ضباط من الجيش التركي كانوا حاضرين بالزي العسكري بإنزال هذه الطفلة من فوق المنصة، وقال أحدهم:" كيف تتجرأ هذه الطفلة على مخاطبتنا بحجابها " فما كان للبنت إلا أن نزلت خائفة من العسكر تذرف الدموع دون أن تتوقف، وهي حادثة عرفت تضامنا كبيرا في أوساط المدافعين عن هذه القيم، إذ خصصت القنوات الاعلامية هناك حصصا عديدة لمناقشة الواقعة، وبثت االفيديو الذي صور الحفل مع موقف ضباط الجيش، ولم تتوقف الواقعة عندذاك، بل شهدت أبعادا أكبر مما كانت متوقعة، إذ رفعت عدة جمعيات مدنية دعاوى قضائية ضد مدير التعليم هناك، وكذا الضباط الذين صدر منهم هذا السلوك..
من جانب آخر، تبدو المدن التركية الكبرى خليطا بين من ترتدي الحجاب والخالعة إياه، وتتفاوت النسب بين هذا وذاك، فقد تبدو المحجبات أكثر من غيرهن في مدن تقل السياحة فيها، كمدينة إسبارطا (400 كلم جنوب اسطنبول)، حيث تعتبر هذه المدينة التي تشتهر بورودها، وبوجود قبور بعض حواريي سيدنا عيسى عليه السلام، من أكثر البلدات محافظة على التعاليم والتقاليد الاسلامية، مع قلة مشاهدة الافعال المخلة بالاداب العامة، إلى درجة أن شرطيا أمر أحد الشباب أن يطفئ راديو سيارته لما مر عليه وصوت المذياع صاعد قليلا عن اللزوم، في حين نرى مثلا مدينة اسطنبول التي يتواجد بها حوالي 20 مليون نسمة، تختلف عن سابقتها من حيث ذلك، إذ يإمكان المتسوق في حاراتها الشهيرة منها أن يصادف محلات بيع المواد الجنسية المثيرة، بل وبملصقات إشهارية ضخمة، تحت عنوان :" إيروتيك شوب "، وهذا راجع إلى استعابها مختلف الشرائح والتوجهات، بالإضافة إلى السياح الذين يتوافدون عليها من كل أنحاء العالم بعشرات الآلاف سنويا، في الوقت الذي تشتهر مدن أخرى بأنها مواطن للفساد والإفساد كمدينة " إزمير" الجميلة، حيث الأغلبية المسيحية، والسياح اليونانيين والأرمن والروسيين، أين شهدت الصيف الماضي مظاهرات حاشدة لحزب " الجمهورية والشعب" العلماني، والمعارض لحزب العدالة والتنمية، وقد أبرزت عدة وسائل إعلام الحدث آنذاك، ناقلة مطالب الجماهير حينها بضرورة تدخل الجيش لـ " حماية الدولة من الاسلاميين" ، وهي محافظة مشهورة جدا لدى الأوروبيين، من فرط الانفتاح الكبير الذي تعرفه، خاصة وأن أغلبية سكانها هم من المسيحيين، ومن المدافعين عن قيم مصطفى كمال أتاتورك، ولذلك ينصح الأتراك " الإسلاميون" ضيوفهم بعدم التجول في هذه المدينة، خاصة ليلا، لما فيها مما يسمونه " السفاهة".. أما الأرياف فقد أظهر استطلاع أجرته جامعة " بوغازيتشي يونيفورسيتي " التركية، قالت فيه إن حوالي 76 بالمئة من سكان الأرياف متدينون، وأن 90 بالمئة من نسائه متحجبات..

النورِيّون.. القوة الصامتة

تجدر الإشارة إلى العامل الذي ساعد على سطوع نجم هذا الحزب، حزب العدالة والتنمية، حتى صار يُرمى بالأبصار في كل العالم العربي والاسلامي، بل وحتى العالمي، حيث يغفل الكثير ممن تناول واقع الحال التركي إلى القوة الصامتة التي لها من التأثير داخل المجتمع ما لا يمكن أن يمتري فيه ممتر، أو يرتاب فيه مرتاب، ذلك أنه من غير المعقول أن يمتمكن حزب سياسي فتيّ أن يتحصل على كل تلك الانتصارات وذاك التوسع، دون أن تكون له قاعدة خلفية يستند إليها، أو على الأقل عصا موسى يتوكأ عليها، بغض النظر عن الحقبة التي بزغ فيه هذا النجم، والأوضاع المرافقة لذلك، خاصة وأن الأزمات التي نشبت بين أقطاب التحالف الرئاسي قد أوصلته إلى طريق مسدود، في ظل التذمر التركي الواسع على الأداء الهزيل لهم..
إذ يمكن الاعتبار أن حزب العدالة والتنمية ما هو في حقيقة الأمر إلا نتاج إفرازات جهود مفكرين عبر عقود من الزمن، استطاع فكرهم أن يتغلغل في أذهان شريحة واسعة من المجتمع التركي، فصارت لهم مؤسسات وهيئات مدنية، لها من القوة والمكانة ما يمكنها أن تؤثر على السياسة العامة للبلد..
وهؤلاء هم جماعة النور، أو أتباع المفكر التركي العالمي بديع الزمان سعيد النُّورْسي المتوفى سنة 1960، وهو مفكر قضى شطرا كبيرا من حياته بين سجن ومنفى، بعد أن حاول جاهدا الحيلولة دون سقوط الخلافة العثمانية، فبذل جهدا كبيرا في مقاتلة جحافل الغزاة الأوروبيين الذين بدأوا يقتسمون أطراف " الرجل المريض"، معتمدا على الجهاد الميداني من جهة، والكلمة والتأليف من جهة أخرى، والسياسة وأدوارها من جهة ثالثة، حتى تم الاعلان عن سقوط الخلافة العثمانية، فقال مقولته الشهيرة:" أعوذ بالله من الشيطان والسياسة"، ورأى أن الاسلام في هذه الديار، تركيا، لن يقوم له قائمة إلا إذا رجع للتكوين، فألف تفسيره للقرآن الكريم المسمى " رسائل النور"، في مدة فاقت الأربعين سنة..
وقد قضت الشروق خلال زيارتها لتركيا أياما وليالي مع هذه الجماعة، ووقفت على مدى الانضباط التنظيمي الرهيب لدى " طلبة النور" الذين يحضرون كل يوم دروس قراءة هذه الرسائل في كل تركيا، ولاقت صعوبة كبيرة في معرفة طريقة تفكيرهم، أو البوح ببعض أسرارهم، بالرغم من أن شرائح مختلفة ومتناقضة في بعض الأحيان تحضر هذه الدروس، بدءا من بروفسور في الجامعة، وانتهاء بفلاح في حقله لا يقرأ ولا يكتب، مرورا برجل الأعمال والتاجر والجامعي وغيرهم..
وقد شُيدت آلاف البنايات بعدة طوابق في كل التراب التركي، تسمى مدرسة، ويقف عليها شخص يسمى " الوقف "، وهذا الوقف يقضي عقودا من حياته فيما يسمى " الخدمة" ، حيث يتفرغ لخدمة المدرسة وطلابها، وممنوع عليه أن يشتغل بأية أمور أخرى كالزواج ونحوه، بحجة أنه لا يمكنه أن يوفّق بين حقوق الزوجة وخدمة الدين الاسلامي على أكمل وجه.. فهذه الجماعة تمكنت بعد عقود من العمل أن تبني صرحا شامخا من الوعي لدى الأتراك، مقرونا بوطنية يقل نظيرها في عالمنا العربي، وبعصبية حميدة بالمفهوم الخلدوني لها، بحيث يترفع أي قائد أومسؤول في الجماعة أن يزكي أي مرشح في أي استحقاق انتخابي، ذلك أن الفرد التركي بحسب ما أُخبرت به الشروق، يفهم جيدا من يصلح في هذه المرحلة أو تلك، وبالتالي هو يعطي صوته لمن يخدم مشروعه، الذي يبدو أنهم متفقون عليه.
وقد أكد إعلاميون أتراك محسوبون على هذا التيار للشروق، أن رئيس الحكومة التركي الحالي طيب رجب أردوغان، قد طلب استشارة من الأستاذ فتح الله غولن، أحد منظري هذه الجماعة غير الكلاسيكيين، في قضية الأكراد، والسبيل الأمثل في التعامل مع الأزمة، على اعتبار أن أتباع الجماعة لهم من الخير على أهل المنطقة ما يمكنهم أن يؤثروا عليهم بطريقة أو بأخرى، إذ ما لا يقل عن 80 بالمئة من أكبر رجال أعمال تركيا، ينتمون لهذه الجماعة، وقد شيدوا المصانع وخلقوا فرصا كثيرة للعمل لدى الأكراد، بل ويتكفل غيرما واحد من هؤلاء بمئات الاسر منهم، حسب ذات المصادر دائما..
وإذا ما علمنا أن عددا من "طلبة النور" هم نواب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، فإنه يمكن التأكد من أن الجماعة تعتبر بحق هي الركن الشديد التي يأوي إليها الحزب، أو هي الأم التي يرجع إليها الإبن..

درس ... في الوطنية

المتجول في "بلاد التناقضات" إن صحت العبارة، لا يكاد يصدق التواجد الكبير للعلم التركي حيثما ولى وجهه: فلا شرفات العمارات، ولا السيارات السياحية أو النقل، فضلا عن المؤسسات أو المساحات العمومية والخاصة، تخلو منه.. وقد ساعدت أزمة الأكراد الأخيرة في تفجير ينبوع الوطنية لدى الأتراك من جديد، حتى انتشرت عنهم مقولة عند أهل البلد، مفادها: " من لم يُبرز العلم التركي، فحريّ به أن يغادر الوطن".
لكن المتتبع لواقع المجتمع التركي، ولما تقوم به مؤسسات الدولة التركية، يعي أن هذا الشعور لم يأت وليد صدفة، أو رديف مباغتة، وإنما هو، بحق، مشروع استراتيجي تتبناه هذه الدولة، بغض النظر عمّن يحكم أومن يعارض. فتركيا، أو الدولة الوليدة من رحم الخلافة العثمانية تسعى منذ عهد مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك إلى اليوم، من أجل أن تثبت القومية التركية بمختلف الوسائل والطرق، بدءا بالأسرة التي تعتبر أرضية صلبة لتبني أي فكر، وانتهاء بمختلف المؤسسات، ويمكننا أن نتخيل كيف تكون وطنية طفل يرى العلم التركي في كل ما أتت عليه عيناه، حتى في المطبخ، ممزوجا بتوابل " بطولات الأوّلين"، الأمر الذي يعزز هذا المفهوم لدى الشعب التركي، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار دور الوؤسسات التركية، وما تقوم عليها من برامج و مقررات، خاصة ماتي التاريخ و الأداب منها، اطلعت الشروق على بعض منها، فإن الغطاء سينكشف لتخيل درجة وطنية الأتراك في ترمومتر الشعوب.
و تكفي الإشارة، أن أغلب المدارس العمومية منها والخاصة- تنظم للتلاميذ المنتسبين إليها رحلة أسبوعية بمعية أستاذ التاريخ، لا بل أكثر من ذلك، فحتى الموسيقا تفرِض الدولة أن تُسمع إلا التركية منها في المساحات العمومية منها والمؤسسات، وترفُض كل ما هو غير ذلك، معتبرة إياها خطرا على الوطنية، ولسنا ندري إن قُدّّرللأديب الجزائري محمد ديب العيش في تركيا اليوم، أن يطرح سؤاله الكبير الذي خطه ذات يوم في رائعته " الدار الكبيرة " على لسان الأستاذ:" أين هي الوطنية؟" أو " هل الوطنية موجودة في الفضاء أم في جدران قسم التلاميذ ؟" ، ذلك أن الاتراك هم أكثر الأقوام وعيا لهذا المفهوم العميق، ولأن الوطنية عند الأتراك قد تحققت في كل ما طرحه الأستاذ على تلاميذ في فترة الاستعمار من أمثلةٍ، قد بدت مستحيلة الوصول إلى معناها إذّاك ..
الأتراك يجدون نشوة عجيبة لمّا يتحدثون عن بطولات أسلافهم، وبأنهم خلافة، وإلى غاية اليوم، لا تستعمل كلُّ المؤسسات التعليمية في كافة اطوارها إلا اللغة التركية، وقد يتعجب الغريب عن تلك البلاد إذا ما صادف طبيبا فيجد صعوبة في التواصل معه إن استعان بلغة غير التركية، حتى الإنجليزية منها، لكن ذلك عند الأتراك، يعتبر مبعث عزٍّ لهم، لأنهم على حد تعبيرهم " خلافة " ولم يطرق أبوابَهم الاستعمارُ، ومن شأن الخلافة أن تصدّر لغتها، لا أن تستورد لغة قوم آخرين، لذلك، قلة من الأتراك من يتقن اللغات الأجنبية على غرار كبار التجار، أو بعض أساتذة الجامعات، وهي ظاهرة يراها ملاحظون بأنها نقيصة فيهم، لكن آخرين يؤكدون أنها ميزة إيجابية، تقي الأتراك الذوبان في قوميات من يجاورونهم، خاصة وأن الموقع الجغرافي لتركيا يُعتبر من أخطر المناطق، على اعتبار أنها تتوسط قارات متناقضة والتقاء حضارات متضادة..

الاتحاد الأوربي ، الأكراد.. والإجماع الوطني

تسود منذ سنين خلت موجةٌ من الرغبة في الانضمام للاتحاد الاوروبي، يركبها، حسب تقديرات إعلامية، أكثر من 95 بالمئة من المجتمع التركي، بما فيه السلطات الرسمية، إذ بات واضحا جدا من الحكومات المتوالية على تركيا أن الانضمام للأوربيين صار أكثر من ضرورة ومطلب، بل ويسعى الكل جاهدين من اجل تحقيق هذا الهدف، بالرغم من العراقيل التي لا تزال الدول الأوربية، وخاصة فرنسا منها، تسعى للحيلولة دون تحقيقه، تحت ذرائع وأسباب، وتختلف تحليلاتها ومدى مصداقيتها من طرف لآخر..
وإن كان طلب حكومةٍ علمانيةٍ ذلك يندرج ضمن مساع قد توصف بالايديولوجية، إلا أن الذي يستغربه البعض من المسألة، هو هذا " اللهث " الذي يُعطى الطابع الاسلامي، من قِبل حزب العدالة والتنمية، وراء هذا المشروع، بل ويحقق في عهده ما لم تحققه أية حكومة على الاطلاق، وهو خطف التصريح الأوربي لبداية المفاوضات للانضمام إلى هذا الاتحاد .. لكن شيئا من تلك الملاحظة قد يخبو نارها إن علمنا أن من مطالب الاتحاد الأوربي للانضمام إليه، هو تقليص دور الجيش في السلطة، وهو وتر لا تزال جهات عدة تلعب على نغماته، بغية تحقيق ولو البعض منه، على الاقل إلى حين..
ومن الملفات التي تَلقى نفس درجة الاجماع الوطني، قضية حسم المسألة الكردية، ضد حزب العمال الكردستاني، خاصة بعد سلسلة التفجيرات التي طالت مقرات رئيسية بالعاصمة أنقرة، وخلفت ضحايا كُثُرا في أوساط المدنيين والعسكريين، وهي المسألة التي أثبتت حنكة حزب أردوغان في التعاطي مع هكذا قضايا والاستثمار فيها، بالكيفية التي تجعل الدولة تكسب الكثير مع إعطاء القليل.. وقد فوّض الحزبُ الجيشَ أخيرا بالقيام بعمليات في شمال العراق، معقل حزب البي كا كا، بعد أخذ وعطاء، وشد و إرخاء، وهي منطقة وعرة المسالك، شاهقة الجبال، يصعب الوصول إلى المراد منها..
وقضية حزب العمال، أو المشهور بحزب الزعيم عبد الله أوجْلان، تعود إلى عقود من الزمن، حيث يطالب هذا الحزب بإقامة دولة كردية، تضم أراضيَ من تركيا وسوريا والعراق، ويتهم الاتراكُ عدة أطراف أجنبية بتحريك هذه المسألة ضد بلادهم، كلما برزت لهم مصالح تعود بالمنفعة عليهم، مستخدمين إياها كورقة ضغط على الحكومة التركية، حيث يستغرب السكان هنا من التسليح المتطور الذي يحظى به حزب أوجْلان، والحال أنه حزب ينشط ضمن نطاق ضيق جغرافيا، في حين تقول أصداء حسنة الاطلاع، إن الحزب يتحكم في تجارة المخدرات، وتعتبر تلك الطريق من أاْمَن المسالك للمخدرات القادمة من الهند وأفغانستان، والمسوّقة لأوربا..
وقد كشف للشروق اليومي بعضُ المنشغلين بالقضية الكردية، والعهدة عليهم فيما قالوا، عن مجازر يقوم بها حزب العمال الكردستاني في القرى النائية، حيث نقلوا عن أكراد نجوْا من التقتيل، عن إبادات جماعية قام بها الحزب في حق أهاليهم، لرفضهم منحهم أموالا أو سلاحا أو مؤنا، في الوقت الذي قضى فيه آخرون نحبهم لمّا رفضوا الالتحاق بصفوف هذا الحزب..
وإذا كان العرب قديما يشيرون على من قصد العراق بفعل " أعرق " ، والشام بـ" أشأم "، أو المشرق والمغرب بـ" شرّق وغرّب "، فإنه حريّ بفطاحِلة اللغة اليوم أن يُولّدوا فعلا جديدا هو " أترك "، في إشارةٍ إلى من قصد دولة تركيا اليوم، ومعه، إذا كان يقال للرجل أنه "نزل " إذا قصد مكة، لأنها وادٍ، و" جلس " إذا دخل " نجدا " لارتفاعها، فإنه من الأجدر بنا أن نقول " قام " الرجل إذا دخل تركيا، لِما صارت فيه من صعود في فروع العز، ورقي في ذرى المجد.. وإذا كان البعض قد رمى هذه البلاد بالأبصار، فإن آخرين قد امتدت نحوها أعناقهم، وطمحت إليها عيونهم، وخفقت لها قلوبهم...

ــــــــــــــــــــــــــ
روبورتاج مبعوث الشروق إلى تركيا: هشام موف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://festival.7olm.org
 
أسرار المد الإسلامي في تركيا: هكذا تحققت العدالة والتنمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحجز على ممتلكات قيادي العدالة والتنمية جامع المعتصم
» بنكيران: يكشف أسباب العلاقة المتوترة مع حزب الأصالة والمعاصرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي يقاطع مسيرة 20 فبراير
» قيادي في "العدالة والتنمية" يُهدِّد بمواجهة شعبية لـ"جيوب المقاومة"
» 'الديستي' ترد على انتقادات برلمانيي 'العدالة والتنمية'
» بنكيران: يجب فصل الإمارة عن التجارة الأمين العام ل"العدالة والتنمية" لن تشارك في مسيرة 20 فبراير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حلم المهرجان :: إسلاميون-
انتقل الى: