الفايسبوكيون: الجيش القاهر
هشام آيت درى
التغيير الكبير الذي شهده العالم العربي خلال الأيام الأخيرة والذي انطلق بثورة شبابية أطاحت بالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ، انتفاضة انطلقت شرارتها الحارقة بحراك الفايسبوكيون الذين يمكن اعتبارهم بدءا من الآن جيشا جديدا قاهرا لكل الطغاة والدكتاتوريين والفاسدين ، هو نفس الجيش الذي قاد انتفاضة أخرى بأرض الفراعنة أرض مصر العظيمة والتي اقتلعت بعد تعنت كبير الديكتاتور حسني مبارك الذي التصق جلده بكرسي الرئاسة لطول المدة التي جلس عليه خلالها .
إن جيش الفايسبوكيون يستمد قوته من إيمانه القوي بعدالة مطالبه ومن رفضه للظلم والقهر الذي يمارس على مجتمعه من طرف قادته، ومن الرغبة القوية في العيش بكرامة وحرية ومن نبذه لكل أشكال التسلط والظلم والفساد ، والجديد هو اكتشافه لهذه القوة التي يمتلكها ومدى نجاعتها وصلابتها ، وهي القوة التي يبدو أن الشباب العربي عازم على استخدامها بكل حزم ضد الفساد والفاسدين .
فانتفاضة الفايسبوكيون بتونس وبمصر أعطت مجموعة من الإشارات لا بد لدول الجوار من التقاطها، من أهمها بأن الشعوب إذا انتفضت لم تعد تجدي حينئذ المساعي والجهود لاستدراك ما قد يكون مورس عليها من قهر وظلم ، وبأن أسلوب القمع والتضييق على الحريات لا يمكن إلا أن يولد سخطا عارما يعتبر الشرارة التي قد تشعل نارا حامية يصعب إخمادها ، وبأن للأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني دور هام جدا لكونهم يخلقون فضاء مؤطرا للمطالبة بالحقوق ومقاومة الفساد بالإضافة إلى دور الرقابة الضامنة لشيء من الاستقرار ، بينما تجربة الحزب الوحيد على حساب الديمقراطية الضامنة للتعددية الحزبية، وأسلوب ضرب المنافسين السياسيين لصالح الحزب الوحيد هي تجربة أثبتت عبر التاريخ فشلها وها هي تؤكد مرة أخرى أنها البنزين الذي يمكن لأي شرارة صغيرة أن تشعله لتحرقه وتحرق كل من حوله ، والعبر والإشارات المستوحاة من أحداث تونس ومصر كثيرة واللبيب بالإشارة يفهم.