مسيرة الأحد من أجل الكرامة
المغرب على باب ثورة تطالب بدستور ديمقراطي
أحمد نجيم من الدار البيضاء
سيكون المغرب يوم الأحد المقبل على موعد مع التاريخ، حيث ستنطلق التظاهرة الأولى والتي تطالب بدستور ديمقراطي وملكية تسود ولا تحكم. وأعلنت جمعيات كثيرة مساندتها هذه المطالب في حين كانت الدولة تراقب بصمت.
الدار البيضاء: يبدو أن المسيرة التي دعا إليها شباب على موقع الفايسبوك وأطلقوا عليها اسم "حركة 20 شباط فبراير من أجل الكرامة" ستعرف مشاركة كبيرة من جميع الأطياف السياسية، فقد قررت عشرون جمعية من جمعيات المجتمع المدني وبعض التيارات السياسية المغربية دعمها ومساندتها وأعلنت مشاركتها في مسيرة الأحد المقبل.
مسيرة الكرامة للتغيير
تطالب هذه المسيرة بتغيير في النظام الملكي المغربية، حيث ان من أهم مطالبها "تغيير الدستور" ووضع دستور "ديمقراطي" يعتبر "المدخل الأساس لبناء دولة الحق والقانون" في المغرب. ودعت الجمعيات المشاركة السلطات المغربية إلى "التعامل بشكل حضاري مع مبادرة 20 فبراير" وإلى "ضرورة إحترام إرادة المواطنين في الإحتجاج السلمي وضمان حقهم في التعبير بشكل حضاري عن تطلعاتهم في وطن ينعمون فيه بالحرية والكرامة والمواطنة بكافة الحقوق".
هذه المبادرة دعت إليها جمعية "المنتدى من أجل الحقيقة والإنصاف" وهي جمعية تدافع عن ضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب خلال سنوات الرصاص، كما شاركت فيها "العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان" والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، منظمة العفو الدولية-فرع المغرب، المرصد المغربي للسجون، الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، جسور ملتقى النساء المغربيات، المرصد المغربي للحريات العامة، الجمعية المغربية للنساء التقدميات، الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، جمعية عدالة، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، المركز المغربي لحقوق الإنسان، منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، منظمة حرية الإعلام والتعبير، الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، منتدى بدائل المغرب، منتدى المواطنين.
وكانت "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" قد أصدرت أمس الثلاثاء بياناً دعت فيه "القوى الديمقراطية للنضال الوحدوي" من أجل "إقرار دستور ديمقراطي" و"دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة"، ودعت إلى "المشاركة في التحركات النضالية ليوم 20 فبراير 2011"، وأوضح بيان للمكتب المركزي أن "جزءًا كبيراً من الديمقراطيين، وخصوصًا الشباب منهم، يطمح إلى التغيير في المغرب". كما أكدت دعمها ومساندتها لمسيرة "الكرامة". الحكومة المغربية التي يقودها حزب "الاستقلال" تعمل جاهدة من أجل امتصاص الغضب، لكن محاولاتها تقتصر على دعم الأسعار.
الحكومة تثقل الميزانية لتفادي الاحتجاج
في المقابل، قررت الحكومة المغربية بشكل مفاجئ أمس الثلاثاء ضخ 15 مليار درهم إضافية في صندوق المقاصة في إطار قانون المالية لسنة 2011. هذا المبلغ سيضاف إلى 17 مليار درهم كانت مودعة في الصندوق نفسه، وقال الوزير الأول عباس الفاسي إن هذا القرار يهدف إلى التصدي لإرتفاع أسعار بعض المواد الأولية في السوق العالمية. وكان عباس الفاسي قد اجتمع مع قادة الأحزاب لمواجهة الإحتجاجات الإجتماعية.
ويهدف قرار الحكومة الجديد "حماية الأسعار" (أسعار المواد الأولية من الارتفاع) و"تعبئة من أجل التشغيل"، وفي هذا السياق أعلن عن توظيف جميع الطلبة الحاملين للشهادات العليا بداية الشهر المقبل و"مواصلة الحوار الإجتماعي" مع النقابات و"تعميم التغطية الصحية" و"ضمانة ملكية لنزاهة الانتخابات".
هذه التدابير التي تحاول نزع فتيل مسيرة الأحد المقبل لا يبدو أنها وجدت آذانًا صاغية. وفي هذا السياق اختارت بعض الوجوه السياسية استغلال هذه الحركة فوجهت رسائل إلى الملك محمد السادس.
رسائل إلى الملك
قال عبد الكريم مطيع الزعيم التاريخي لحزب "الشبيبة الإسلامية" (أول حزب سياسي أصولي في المغرب) إن الملك محمد السادس مخير بين أمرين: "ملكية لا تحكم وتترك للشعب حق تسيير أمره" أو "اعتراف للشعب بحقه في تقرير مصيره".
وشن مطيع هجومًا على ما سماه "حاشية الملك"، ووصف في رسالة إلى الملك محمد السادس حاشيته بـ"الفاسدة" التي "لا هم لها إلا مصالحها الشخصية".
وخاطب مطيع في رسالة جعلت الراية المغربية خلفيتها، قائلا "أحطت نفسك بمن لا حكمة لهم ولا وفاء ولا خلق ولا دين، فهم يستدرجونك لما فيه خراب البلاد" واعتبرهم يساهمون في "كره الملك و"محاولة التخلص" من النظام الملكي، وأضاف أن هؤلاء هو أصحاب القرار.
على الرغم من الأسلوب الحاد، فقد اعتبر مطيع رسالته "محاولة نصح" و"إرشاد" إلى ما سماه "سبيل النجاة من تبعات مظالم ألحقها عهدك بأكثر من ثلاثين مليون من المسلمين".
وقد ربط الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية محمد ظريف هذه الرسالة بما حدث في تونس وفي مصر، وقال إن "هذه الرسالة لا علاقة لها بحركة 20 فبراير من أجل الكرامة، بل مرتبطة بما حدث في مصر وفي تونس". وذهب ظريف إلى أن هذه الرسالة أمر عادي لدى الإسلاميين لأنهم يدخلونها فيما يسمى "باب النصيحة" قائلاً: "الإسلاميون يعتبرون أنفسهم دعاة يمارسون النصحية، وهذه الرسالة لا تختلف شكلاً عن رسائل عبد السلام ياسين (الإسلام أو الطوفان أو لمن يهمه الأمر)".
وعلمت "إيلاف" أن اليسار المغربي وعدد من المثقفين يعدون رسالة سيوجهونها إلى الملك يطالبونه فيها بضرورة الإصلاح الدستوري العميق. وكان مسؤول حكومي قد أعلن بداية الأسبوع أن الدولة لن ترخص لمسيرة الأحد المقبل، لكن هذه المساندة الواسعة لشباب فايسبوك أربكت حسابات الدولة، خصوصًا أن قياديين في أحزاب سياسية معترف بها أعلنوا مشاركتهم كأفراد.