بفضل العقوبات الدولية والتململ الشعبي الذي يردد صدى الأحداث العربية
قادة إيران منقسمون بشأن إنتاج القنبلة النووية
صلاح أحمد من لندن
تبعاً لتقييم استخباري أميركي جديد فقد نجح أثر العقوبات الدولية على الشعب الإيراني في زرع الشقاق وسط قادته السياسيين بشأن المضي قدما في إنتاج القنبلة النووية، خاصة بالنظر إلى عدوى الثورة التي تجتاح الشرق الأوسط من الجزائر إلى اليمن.
يخلص تقرير استخباري أميركي جديد الى أن القادة الإيرانيين عاجزون عن حسم جدال ساخن حول ما إن كان عليهم المضي في مشروعهم النووي نحو إنتاج القنبلة أو التوقف في حدود الاستخدامات السلمية.
ويقول التقرير السري إن هذا بحد ذاته يثبت أن القيادة الإيرانية بدأت تشعر بقبضة العقوبات الدولية على عنقها وأنها تخاف ردة الفعل الشعبية وتحولها الى ثورة على غرار التونسية والمصرية.
ووفقا له فقد استأنفت طهران العمل في أبحاث إنتاج القنبلة ووسعت أيضا نطاق برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم. ومع ذلك فلا يوجد ما يشير الى أن الغرض من هذا هو السير على طريق إنتاج القنبلة نفسها.
توتر المنطقة
يأتي التقرير الاستخباراتي، الذي طرح على لجان الكونغرس الرئيسية لدراسته، متزامنا مع موجة التململ الشعبي في إيران والانتفضاضات على العديد من الأنظمة العربية. وقد سارعت طهران لمحاولة احتواء غضب الشارع بعد مقتل طالبين أثناء الاحتجاجات. وقد أضاف الى توتر المنطقة قرار إيران إرسال سفينة حربية الى سوريا عبر قناة السويس وإعلان إسرائيل أن هذا استفزاز لا يمكن السكوت عليه.
ويشير التقرير الى أن القلق يعتري بعض القادة الإيرانيين إزاء أن العقوبات الاقتصادية تهدد بصب الوقود على نار معارضة النظام، بالرغم من ان المسؤولين الأميركيين يقرون بأن من المستحيل على العالم الخارجي الإحاطة علماً بأثر العقوبات على آلية صنع القرار الإيراني بالتحديد. لكن المعروف هو أن حكومة طهران اتخذت إجراءات مشددة لمنع أي احتجاجات منظمة على الإجراءات التقشفية التي اتخذتها مؤخرا بخفض دعم السلع الرئيسية مثل الوقود والكهرباء والأطعمة، بما في ذلك التهديد بإعدام قادة المظاهرات.
مزيد من العقوبات؟
يذكر أن التقرير الأميركي الأخير عبارة عن تلخيص لنتائج مختلف أجهزة الاستخبارات ولهذا فهو يتمتع بوزن أكبر كثيرا من وزن أي من تلك التقارير منفردا. وهو يعتبر أول تحليل استخباري شامل منذ التقييم الذي طُرح العام 2007 وجاء فيه أن إيران أوقفت عمليا سعيها لإنتاج القنبلة النووية بوقفها برنامجها السري لتخصيب اليورانيوم. لكن أجهزة النجسس الأوروبية اختلفت وقتها مع ذلك التقدير.
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي، حجبت هويته، قوله: «التقرير الأخير يخلص الى أن عناصر داخل القيادة الإيرانية تدرك أن العقوبات الدولية تهدد بعواقب وخيمة على النظام خاصة على ضوء التطورات الدرامية في تونس ومصر والمنطقة العربية عموما. وهذا بحد ذاته يشجع إدارة ارئيس اوباما على إحكام قبضة هذه العقوبات». لكن ناطقا باسم الإدارة نفسها رفض التعليق على هذا التقييم.
خليط فعّال
يعكس التقرير الأخير شبه إجماع وسط الولايات المتحدة وحلفائها على أن مساعي إيران الى امتلاك القنبلة النووية أبطأت كثيرا بفضل خليط من العقوبات الاقتصادية ومشاكل تقنية في مفاعلاتها.
وكان مسؤولون إسرائيليون قد قالوا الشهر الماضي إن المسافة الزمنية الآن بين طهران والقنبلة لا تقل عن أربع سنوات بسبب تلك المشاكل. وهذه فترة تزيد كثيرا على تقديراتهم السابقة التي كانت تتراوح بين أنها أنتجتها فعلا وأنها على وشك انتاجها في غضون أشهر قليلة.
ويتفق جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الأميركية القومية، مع هذا التقدير قائلا إن وجهة نظر الولايات المتحدة هي ان إيران بحاجة الآن الى «عدد من السنوات» قبل تمكنها من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصّب لإنتاج القنبلة، «وهذا في حال اتخذ نظامها القرار بالمضي قدما على هذا الطريق».
ويُعتقد أن الفضل في هذا الوضع يعود الى عدد من الأسباب منها تضافر الأسرة الدولية في تضييق منافذ طهران الى المواد الخام اللازمة لإنتاج القنبلة، مثل ألياف الكربون والفولاذ عالي المتانة، وهذه لازمة لصناعة الماكينات المستخدمة لتخصيب اليورانيوم.
ستاكسنت
من الأسباب المهمة أيضا المشاكل التقنية المتصلة بشبكة الكمبيوتر المستخدمة للإشراف على عملية التخصيب وللطاردات المركزية التي تعجل كثيرا بعملية الخصيب هذه. وقد أقرت إيران بما ذهب اليه خبراء التكنولوجيا من أن أجهزتها وقعت ضحية لدودة «ستاكسنت» المدمرة التي يُشاع على نطاق واسع أن مطورتها هي إسرائيل أو الولايات المتحدة أو كلتاهما.
ويقول ديفيد اولبرايت، من «معهد العلوم والأمن الدولى» الأميركي إن هجمات ناجحة لهذه الدودة الإلكترونية في أواخر 2009 ومطالع 2010 دمرت ألفاً على الأقل من 9 آلاف هي مجموع الطاردات المركزية الإيرانية. ويضيف قوله إن هذا الأثر النفسي وحده كان عظيم الأثر لأنه أربك القيادة الإيرانية وأشعرها بتعدد الخيارات المتاحة أمام العالم لوقف طموحاتها المتعلقة بإنتاج القنبلة».