انتباه: الشروق تدخل بيت الأموات
lotfi Flissi
تُنعت الصحافة بمهنة المتاعب، وتنعت أيضا بالسلطة الرابعة، وفي حالات استثنائية تنعت بصحافة التحدي، وفي الحالات التي يكون فيها الصحفي عرضة للخطر وأقرب إلى الموت، أو الحالات التي يؤدي فيها مهمته والخوف يتملكه، يتحدى كل شيء ليحقق هدفه، خدمة للقارئ بالدرجة الأولى. هكذا كان حالنا ونحن نستعد لحضور عملية تشريح جثة بمستشفى بشير بن ناصر ببسكرة، فقد حان الموعد الذي اتفقنا عليه سلفا مع مُعاشر الأموات.
محمد قحمام، العون المهني الذي قضى إلى حد الآن حوالي 10 سنوات داخل بيت الأموات. ولأنه من الصعب على أي شخص متابعة المشهد المنتظر، وقع اختيارنا على الممرض (ع. جهارة) لالتقاط صور عن العملية، وفي الواحدة زوالا كنا أمام مدخل المصلحة، الباب مغلق وزجاجه موشح بستار إنها العلامة الدالة على أن العملية قد بدأت وأزيز المنشار الكهربائي المنبعث من الداخل يؤكد ذلك، طرقنا الباب، وما أن أزاح العون المهني الستار حتى راح يفتحه، في البداية قررت البقاء في مكتب مجاور لطاولة التشريح غير أن الطبيب الشرعي، فريد بوخنوش، أقنعني بالدخول، قلت له: »يا حكيم أشعر بالخوف وقد أصاب بالإغماء«، فرد علي قائلا: »يا حكيم الخوف من الأحياء وليس من الأموات«.
وفعلا كان جوابه بردا وسلاما أزال كل مخاوفي، دخلت معه ورحت استرق النظرات إلى تلك الجثة بدءا بالقفص الصدري حيث جميع الأعضاء الداخلية بادية للعيان ثم المخ، إثرها طلبت من محمد تحمام أن يغطي وجه الشيخ لسببين، أحدهما المحافظة على ما تولد في من إرادة أخالها فولاذية، والآخر حتى نتمكن من التصوير بكل حرية.
ينقل رائحة الجثث إلى منزله
في قاعة التشريح داخل مصلحة حفظ الجثث، يقضي العون المهني، محمد قحمام، ساعات العمل قد تمتد أحيانا إلى الليل، يعاشر فيها الأموات وسط ظروف عمل صعبة للغاية، حيث الروائح المزعجة والكريهة أحيانا لما تستقبل المصلحة من جثث في حالة تعفن جد متقدمة، وأحيانا أخرى جثث ضحايا حوادث المرور التي يصل بعضها إلى المصلحة وهي مهشمة أو مبتورة الأعضاء، في كل هذه الظروف يؤدي قحمام عمله ساهرا على إعادة الأعضاء المبتورة إلى أماكنها مستعينا بإبرة وخيط عادي. والهدف من ذلك هو إظهار صورة المتوفي بشكلها الطبيعي حتى لا يصدم أهله إذا ما تقدموا لإلقاء نظرة عليه. لقد قضى محمد قحمام إلى حد الآن حوالي 10 سنوات داخل غرفة الأموات ولا يزال يحتفظ في ذاكرته بأبشع صور الإجرام والقتل وإحراق الجثة أو التنكيل بها وصور ضحايا الإرهاب الذين يصلون المصلحة جثثا بلا رؤوس، ويتذكر أيضا صورة تلك العروس التي ذبحت في مرحاض مسكنها العائلي وهي بلباس
الزفاف، وأيضا صور الرضع الذين يعثر على جثثهم في مواقع رمي القمامة أو في زوايا وأطراف التجمعات العمرانية.
سألناه عن بداية مشواره في مصلحة حفظ الجثث فراح يسرد ما تحفظه ذاكرته، »التحقت بالمصلحة سنة 1997 وقتها قبلت الوظيفة على مضض لأن غايتي كانت اتقاء التصادم مع رئيس مصلحة طب العظام، وأتذكر أول عملية تشريح صادفتني في اليوم الأول لرضيع عمره شهرين، كان المشهد مؤثرا للغاية لدرجة أنني لم أقدر على لمسه، حيث شعرت بعاطفة أبوية إزاءه لكن الطبيب بوخنوش أقنعني بأهمية العملية في تحديد سبب الوفاة، وقد قمت بما لم أكن مقتنعا به، وتحت طائلة التأثر عدت إلى المنزل وما إن ولجت الباب حتى رحت أحتضن ابنتي الصغيرة على غير العادة، الأمر الذي فاجأها وفاجأ زوجتي التي لاحظت تغيّر معاملتي مع أبنائي وسألتني عن السر بعد أن شبهتني كمن عاد من الغربة شوقا لرؤية أهله وذويه، ولما بحت لها بالسر أظهرت تعاطفها معي مع شيء من الخوف علي من أن أصاب بصدمة أو شيء من هذا القبيل«. ويضيف محدثنا »بعد مرور أسبوع، استقبلت المصلحة جثة في حالة تعفن متقدمة جدا وكان علي تهيئتها للتشريح رفقة زميلي معمر بيطة، أتذكر وقتها فتحت باب الثلاجة فإذا برائحة كريهة جدا تعم أرجاء القاعة انبعثت من الجثة التي تآكل لحمها من الجهة اليسرى للجسم والديدان منتشرة داخلها وخارجها، فآثرت وزملائي تأخير العملية إلى الليل حفاظا على حاسة الشم لدى زوار المرضى في النهار، لكنني لم أحافظ على حاسة الشم عند زوجتي التي استقبلتني هذه المرة بوجه عبوس لما استنشقت تلك الرائحة الكريهة الملتصقة بجسدي مباشرة وجهتني إلى الحمام قبل دخول غرف المنزل ومنعت علي لمس أي شيء«، هذه الحادثة، يقول قحمام، عزلتني عن زوجتي وأولادي مدة نصف شهر قضيتها بين الحمام وغرفة النوم وحيدا لدرجة أنني شعرت بعدم الانتماء إلى بني البشر، وقد فكرت وقتها بجد في تغيير المصلحة أو حتى الاستقالة إن اقتضت الضرورة. ويستدرك محدثنا موضحا أن حسن المعاملة بينه وبين الدكتور بوخنوش جعلته يتأقلم تدريجيا مع الوضع وتمكن من إقناع زوجته بالقيمة المعنوية للمهام التي يقوم بها الطبيب الشرعي ومساعدوه، فهم كما قال يقومون بعمل إنساني يقابله الأجر والثواب، فضلا عن إسهامهم في مساعدة العدالة للوصول إلى الحقيقة التي قد تكون لصالح المتهم أو لصالح الضحية.
حالات خوف استثنائية
في كثير من الأوقات يكون العون المهني وحيدا داخل غرفة الأموات خصوصا عند تحضير الجثة للتشريع أو عند إرجاع الأموات إلى الأمور إلى نصابها بعد الإنتهاء من العملية، ويحدث أن يتوهم أن الميت حرك أحد أطرافه فيشعر ببعض الخوف للحظات. في هذا السياق، يتذكر فحمام تلك الأمسية وكيف حس بحبات شعر رأسه تنتصب، حيث يقول: »ذات مساء وأنا أقوم بتهيئة الجثة للتشريح وأتذكر أن الطرفين العلويين كانتا تحت الرأس وهي جامدة، وبفعل الحرارة بدأ الجليد ينصهر وأنا منهمك في أخذ قياسات الجثة فجأة لمستني يده اليمنى على ظهري فشعرت بخوف شديد ولّد فيّ قناعة مفادها أن صاحب الجثة حي، ولما ابتعدت عنها مذعورا أدركت أن موضع اليد قد تغير بفعل الحرارة". ويذكر أيضا تلك الليلة الرمضانية التي برمجت فيها 3 عمليات تشريح، حيث اكتفى بقليل من الإفطار وقصد المصلحة رغبة في ربح الوقت، وبعد أن قام بوضع الجثة على الطاولة وإحضار وسائل العمل، انقطع التيار الكهربائي، مما أدى إلى إحداث رجة في جدران الثلاجتين، ففر بجلده لكنه بدل أن يدفع الباب راح يدفع الجدار ولما عاد التيار اكتشف أنه في مواجهة حائط مع شيء من الرعشة.
حادثة استخراج 16 جثة دفعة واحدة
لا يقتصر عمل الطبيب الشرعي ومساعديه على ما يقومون به داخل مصلحة حفظ الجثث بل يمتد أحيانا إلى المقابر، في حالة الأمر باستخراج الجثة عند تشكيك أهل الضحية في الوفاة أو في حالة نزاع قضائي يكون المتوفي عنصرا أساسيا فيه. في هذا السياق، أمر وكيل الجمهورية في إحدى المرات باستخراج جثة طفل حديث العهد بالولادة لكن عارضا مفاجئا ألزم القائمين على العملية استخراج 16 جثة متوفين دفنوا جماعيا، وأصل الحادثة هو أن أحدهم متهم بممارسة الجنس مع قاصر فحملت منه، فتم توقيفه وإيداعه الحبس المؤقت فيما وضعت القاصر ما في رحمها فتوفي المولود الذي كان ذكرا وقامت المصلحة المعنية بإجراءات الدفن بعد مكوث المتوفي عدة أسابيع في الثلاجة، وقد تولى المستشفى عملية الدفن بموافقة من أم المتوفى وجدّه من الأم. وأمام إنكار المشتبه به لما نسب إليه، أمر وكيل الجمهورية باستخراج الجثة وأخذ عينة من عظمه
وشعره وأظافره لإجراء تحاليل
الحمض النووي للتأكد فيما
إذا ينسب للمتهم من عدمه. وقد جرت العادة أن تلصق قصاصات على جسم كل متوفي يتولى المستشفى دفنه، تحمل اسمه واسمي الأبوين، والذي حصل عند محاولة استخراج الابن المفترض هو عدم التمكن من التعرف عليه لكون القصاصات اختلطت ببعضها البعض، مما اضطر إلى استخراج الجثث الـ 16 المدفونة جماعيا وأخذ عينات مما ذكر آنفا من كل جثة. مثل هذه الحادثة تكررت أكثر من مرة، الأمر الذي حتّم على العون المهني المكلف بمصلحة حفظ الجثث التفكير في إيجاد حل آخر فاهتدى إلى إلزام مصلحة الولادة بوضع سوار بلاستيكي على معصم كل متوفي داخل المصلحة يتضمن هويته وهوية والديه مع تحديد تاريخ وزمن الوفاة، وفي حالة تنازل ذويه عن دفنه، تشترط المصلحة على ولي أمر المتوفي التوقيع على محضر في مكتب الدخول وختم رخصة الدفن المستخرجة من البلدية بختم المستشفى وهذا لتفادي الاصطدامات مع المواطنين خصوصا إذا كان الأبوان منفصلين.
الأموات وممتكاتهم أمانة
زملاء العون المهني المسير لمصلحة حفظ الجثث يشهدون أنه صارم في مهمته ويقظ للغاية وأمين، فهو كما قال لـ "الشروق" يعتبر ما يودع في المصلحة من جثث أمانة ينبغي عليه صيانتها، بدءا بتجريد لباس المتوفي وتنظيف الجثة من الدماء العالقة بها وأخذ جميع المعلومات المتعلقة بهويته. ويضيف محدثنا "أما ممتلكات المتوفين بسبب حوادث المرور فيتم حجزها من طرف الجهة الأمنية التي عاينت الحادث أو مصلحة الاستعجالات ونادرا ما يحدث أن تبقى في جيب الضحية وإن حدث تقوم المصلحة بتحري الحقيقة". في هذا الإطار، تقدم مرة أهل شخص متوفي إلى المسؤول على المصلحة، مدعين أن مبلغا ماليا بالعملة الصعبة كان في جيبه الداخلي، ولحسن الحظ احتفظت المصلحة بلباس المتوفي في حجرة خاصة بحفظ الأشياء ولدى تفتيشها بحضور أهله تبيّن فعلا أن المبلغ كان في جيبه الداخلي وتم تسليمه إلى زوجة المعني. أما الادعاء الذي أثار استياء قحمام، فهو ما جاء على لسان أقارب امرأة توفيت في منزلها ونقلت جثتها إلى المستشفى للوضع في الثلاجة ريثما تتم الإجراءات التي تسبق عملية الدفن، وبعد مرور 4 أيام تقدم أحد أقارب المتوفية مدعيا أن قرينته نقلت إلى المستشفى بما كانت تتقلده من مصوغات ذهبية، الشيء الذي لم يهضمه قحمام واصفا الادعاء بالكاذب، ومثل هذا الادعاء يتكرر
من حين إلى آخر، كما قال.
هكذا يتم التشريح
يتم تشريح الجثة على طاولة خاصة تسمى طاولة التشريح باستعمال وسائل خاصة يدوية وكهربائية، وتبدأ العملية بوضع قطعة خشبية رباعية الشكل تحت عظم لوح الكتف وباستعمال سكين البتر، يشق الطبيب الشرعي الجلد من أسفل الرقبة إلى أسف السرة مرورا بالصدر والبطن، كما يشق جلد الرقبة للوصول إلى غضروف الغدة الدرقية، ويشمل الشق مرورا بالصدر عظم القفص وأوتار العضلات المستقيمة البطنية بالنسبة للبطن. بعد شق الجلد، ينزع الطبيب القفص الصدري بصفة كلية للوصول إلى الأعضاء الداخلية غشاء القلب، القلب، الرئتين، وكل الأوردة الدموية في الصدر، حيث يستخرج كل عضو على حدى لمعاينته ثم وزنه. أما تشريح البطن فيستدعي التشخيص الخارجي للأحشاء ثم فتح كل عضو بسكين بعد إتمام الوزن. بدءا بالكبد والطحال والكليتين والمعدة والأمعاء الغليظة والدقيقة والجهاز البولي. وعلى مستوى الرأس والعنق، يتم أولا استخراج البلعوم واللسان لفصحهما للتأكد فيما إذا تعرض الضحية إلى الخنق من عدمه أو اختنق بشيء ابتلعه. وقبل شق الرأس من الخلف ينزع الجلد ثم يشرع في
الشق بآلة كهربائية محدثا
حلقة دائرية لاستخراج المخ
والقيام بوزنه وفحصه. في الموضوع يوضح بوخنوش أن عملية التشريح تتم وفقا لتسخيرة من وكيل الجمهورية تتضمن طلب التشريح أو الاكتفاء بالفحص الخارجي للجثة مع إمكانية التشريح إن رأى الطبيب ضرورة لذلك. وفي كثير من الحالات يضطر المشرح إلى إجراء العملية كاملة بهدف الاطمئنان على سلامة النتائج المتوصل إليها لأن تحديد سبب الوفاة يقتضي التشريح الكامل للوصول إلى عدالة حقيقية. مثال على ذلك، حادثة مقتل شاب وقلب سيارته لإبهام المصالح المعنية بأن سبب الوفاة حادث مرور، وقد ثبت التشريح أن الوفاة كانت بطعنات خنجر، وحادثة أخرى مفادها أن أحد الضحايا توفي في حادث مرور، لكن عند تشريح الجثة ثبت أن سبب الحادث سكتة قلبية، بمعنى أن السائق توفي لحظات قبل وقوع الحادث. هذا وتحصي مصلحة حفظ الجثث إجراء 60 عملية تشريح منذ مطلع
السنة الجارية بمعدل 12 عملية شهريا، وهو المعدل ذاته المسجل خلال السنة الفارطة بمجموع 144 عملية 40
منها شملت العنصر النسوي.
لماذا العزوف عن الاختصاص
تفيد الإحصائيات المتوافرة لدينا أن عدد الأطباء الشرعيين في الجزائر لا يزيد عن 110 طبيب، وهو عدد قليل جدا في تقدير الدكتور بوخنوش مرده كما قال، ضعف مردود هذا الاختصاص، فالطبيب الذي يقوم بعملية تشريح في ظروف صعبة للغاية لأزيد من ساعة يكون مقابله المادي 500 دينار جزائري فقط، أما مساعده العون المهني فلا يتقاضى أي شيء رغم ما يعانيه من اضطرابات نفسية وآلام، فالمساعد الذي يقضي يومياته وسط الأ موات لا يعرف الابتسامة بل صارت مشاهد البكاء والنواح لذوي المتوفين الصورة الملازمة له ولا ملاذ له سوى استراق بعض الدقائق للخروج إلى الساحة أو التجول عبر الأروقة. ويقاسم الطبيب الشرعي مع مساعديه المعاناه في مصلحة حفظ الجثث ببسكرة فهي غير مؤهلة للتشريح، إذ تفتقر إلى مواصفات المشرحة كالإنارة الطبيعية ونقص الإنارة الكهربائية وما إلى ذلك من المواصفات المطلوبة في مشرحة تستأهل أن تسمى كذلك، رغم ذلك تستقبل مصلحة بسكرة جثثا من ولايات جنوبية وحتى من أقصى الجنوب، خصوصا أثناء العطلة الصيفية حيث يقل عدد الأ طباء الشرعيين.
تعريف الطب الشرعي
إن التعريف المختصر للطب الشرعي هو العلاقة بين الطب والقانون، فهو ما يحتاجه الطب من القانون والقانون من الطب. أما بالنسبة للشق الأول وما يحتاجه الطب من القانون فيتمثل في حاجة الطب والمهن الطبية بشكل عام إلى القوانين والأنظمة التي تنظم عمل هذه المهنة وأخلاقياتها مثل الدستور الطبي وقانون نقابة الأطباء وقانون المجلس الطبي، وقانون الصحة العامة وقانون الانتفاع بأعضاء جسم الإنسان، فهذه قوانين لها علاقة بمهنة الطب والعاملين فيها. أما بالنسبة للشق الثاني من التعريف وهو ما يحتاجه القانون من الطب، فهذا يقوم على أساس البنية الطبية
وأهميتها بالنسبة للقضاء.
البنية الطبية:
هي المشورة والخبرة الفنية الطبية التي يحتاجها القضاء لإثبات واقعة أو حادثة ما تتعلق بالإنسان أو صحته.
أهمية البنية الطبية: إثبات وقوع جريمة أو عدمها:
هناك كثير من القضايا لا يمكن السير فيها إلا بعد الاستعانة بالخبرة الفنية الطبية لإثبات صحتها من عدمها، فمثلا إذا قام شخص ما بالتقدم بشكوى ضد شخص آخر بأنه قام بإيذائه جسديا، فإن أول ما يطلبه رجل القانون من هذا الشخص هو مراجعة الطبيب وإحضار تقرير طبي يثبت واقعة الإيذاء.
بيان نوعية الملاحقة في الجرائم المثبتة:
هناك نوعان من الملاحقة الأول الحق الشخصي والثاني هو الملاحقة بالحق العام.
1/ الحق الشخصي: هو حق الشخص على الدولة في معاقبة من أساء إليه
2/ الحق العام: هو حق المجتمع على الدولة في معاقبة الشخص المسيء لأن إساءته طالت المجتمع.
3/ تحديد العلاقة السببية: ونقصد بذلك العلاقة بين الجاني والأداة المستخدمة في الجريمة من جهة وبينها وبين المجني عليه و
الإصابة من جهة أخرى. فالطبيب الشرعي ومن خلال معاينته للمصاب يقوم بتحديد نوع وطبيعة الإصابة والأداة.
الجرائم الجنسية:
وكلمة جرائم هي أعم وأشمل من كلمة اعتداءات جنسية والتي ترد في معظم كتب الطب الشرعي، ذلك أن ليس كل جريمة جنسية هي اعتداء بل هناك جرائم جنسية تتم برضا الطرفين وبدون اعتداء، وفي نفس الوقت تعتبر جريمة وتلاحق بالقانون. وأهم الجرائم الجنسية التي للطب دور في معاينتها وإبداء الخبرة الفنية فيها وهي:
الزنا: وهو مواقعة ذكر لأنثى برضاها.
الاغتصاب: وهو مواقعة ذكر لأنثى غير متزوجة حيّة بدون رضاها.
السفاح: وهو مواقعة ذكر لأنثى من إحدى أصوله أو مرفوعة ممن هم محرومون عليه شرعا.
هتاك العرض: (اللواط): وهو مواقعة ذكر ذكر أو ذكر لأنثى من فتحه الشرج.
5/ الحمل والإجهاض غير المشروع:
إن من نتائج ومضاعفات الجرائم الجنسية حدوث الحمل غير المشروع وغالبا ما يكتشف هذا النوع من الحمل في مراحل متقدمة وخاصة في مرحلة الولادة، وعندما تراجع الحامل الطبيب لحدوث آلام الولادة عندها يكتشف الطبيب بأنها حامل بعد إجراء الفحوصات الطبية السريرية والمخبرية والشعاعية، وفي مثل هذه الحالة يطلب من الطبيب الشرعي إجراء الكشف الطبي وبيان حالة غشاء البكارة
فيما إذا كان سليما أو ممزقا.
6/ إثبات الأبوة والبنوة:
لقد كان بالماضي بحث هذا الموضوع تحت باب نفي الأبوة وليس إثباتها على اعتبار الفحوصات الطبية التي كانت تجري بالماضي لهذه الغاية كانت تنفي ولا تثبت الأبوة ولكن مع تطور العلم والطب الشرعي بشكل خاص فقد توصل العلماء إلى فحص الأبوة والبنوة من خلال إجراء فحص المقارنة لمادة DNA التي تصل نسبة النجاح والجزم فيها إلى ؟؟؟ حسب الطريقة التي تجري فيها.
7/ تحديد المسؤولية والمسؤولية الناقصة:
كثيرا ما يثابر موضوع المسؤولية في حالات ارتكاب الجرائم وخاصة القتل والتي يدّعي فيها الجاني
بالجنون لمحاولة الإفلات وإبعاد المسؤولية عن نفسه.
8 إبداء الخبرة الفنية والطبية:
في الحالات التي تتطلب ذلك للقضاء مثل تقرير نسبة العجز في حالات الإعاقة والعاهة الدائمة،
وفي تقرير الضرر المادي والعنوي في حالات الإيذاء وتخلف العاهة الدائمة وغير ذلك.
9 الكشف على حالات الوفيات في جرائم القتل وشبهة القتل.
يتم عادة الاستعانة بالطبيب الشرعي للكشف على حالات القتل ومسرح الجريمة ويتبعها الكشف على الجثة وتشريحها لبيان حال الجثة والوقوف على السبب الحقيقي للوفاة، والطبيب الشرعي في هذه المجال يلعب الدور الرئيسي في مساعدة التحقيق للوصول إلى الحقيقة ومعرفة كيفية ارتكاب الجريمة. وكذلك يلعب الطب الشرعي دورا أساسيا في كشف الجرائم المخفية وذلك بالكشف على حالات شبهة القتل والتي غالبا
ما تعرض على الطبيب على أنها حالة وفاة طبيعية. وقد شملت حالات وفيات الفجأة وخاصة غير المتوقعة منها كونها غير معروفة السبب وتثير شبهة القتل.
ربورتاج: حكيم عماري