العديد من الشعوب استلهمت أفكاره للانتفاض على أنظمتها الاستبدادية الجنرال "شارب" واضع دليل الثورات السلمية وكابوس الدكتاتوريات

العديد من الشعوب استلهمت أفكاره للانتفاض على أنظمتها الاستبدادية
الجنرال "شارب" واضع دليل الثورات السلمية وكابوس الدكتاتوريات

العرب اليوم



الجنرال شارب
واشنطن ـ يوسف مكي
يعتبر جيني شارب، 83 عاماً، أحد أخطر الرجال بالنسبة إلى الأنظمة التي يشكو منها شعبها، والتي هي على شفير غليان، أفكاره قد تكون خريطة طريق ووصفة مدمرة لأعتى الديكتاتوريات، من خلال الثورات السلمية. البعض يطلق عليه اسم اسم الجنرال شارب, أو "مستر شارب". قليل من الأميركيين سمعوا به، ولكن لعقود طويلة، كتاباته العملية حول الثورة السلمية., ولاسيما كتاب "من الديكتاتورية إلى الديمقراطية "، ألهم كثير من المنشقين والمعارضينحول العالم, بما في ذلك بورما والبوسنة وأستونيا وزيمبابوي, والآن تونس ومصر. ويتألف الكتاب، الذي يعد دليل الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية, من 93 صفحة ومتاح الآن بـ24 لغة.
ويقول أحمد ماهر، وهو ناشط مصري "بينما كانت حركة "6 أبريل" المصرية والتي تكونت بعد الإضراب العام الشهير في 2008، تكافح من أجل التعافي من المحاولات الديمقراطية الفاشلة منذ عام 2005، إلتف قيادات الحركة وزعماؤها حول أفكار مجنونة من أجل إسقاط الحكومة، وعثروا على أفكار السيد شارب بينما كانوا يفحصون الحركة الصربية "أوتبور"، التي أثّر فيها بشكل كبير.
عندما جاء "المركز الدولي غير الحزبي من أجل النضال السلمي" إلى مصر منذ عدة سنوات من أجل ورشة عمل، كان من بين الأوراق التي وزعها المركز، الذي يقوم بتدريب الناشطين على الديمقراطية, 198 طريقة حول النضال السلمي ومجموعة من الأساليب والخطط التي تتراوح بين الاحتجاجات ضد الجوع والفقر، وعمل الاضطرابات والكشف عن هوية العملاء السريين.
وتقول المدونة والناشطة المصرية داليا زيادة، التي حضرت ورشة العمل وقامت بعد ذلك بتنظيم جلسات مشابهة خاصة بها، "إن المتدربين كانوا نشطين في كل من الثورتين التونسية والمصرية، وأضافت أن بعض الناشطين ترجموا مقتطفات من عمل السيد شارب إلى اللغة العربية، وأن رسالته " بمهاجمة نقاط ضعف الديكتاتوريين" ظلت عالقة في أذهانهم.
وكان بيتر أكيرمان, الذي كان تلميذ السيد شارب, وأدار ورشة العمل في مصر وأنشأ بعد ذلك مركز النضال السلمي, استشهد بأفكار أستاذه السابقة كدليل على أن الأفكار لها القوة والسلطة ".
والسيد شارب, هو مفكر أكثر من كونه ثوري, فبينما كان شابًّا شارك في الاعتصامات، وقضى تسعة أشهر في أحد السجون الفيدرالية في دانبيري بولاية كونيتيكت خلال الحرب الكورية، وقال إنه لم يكن له أي صلة مع المتظاهرين المصريين, على الرغم من علمه أخيرًا أن الإخوان المسلمون نشروا أجزاء من كتابه "من الديكتاتورية إلى الديمقراطية"، على موقعهم في شبكة الإنترنت.
وعندما رأى الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك كعلامة على التشجيع، قال شارب "الشعب المصري هو من فعل ذلك وليس أنا".
وكان يشاهد الأحداث التي تجري في مصر على شبكة "سي إن إن" من منزله المتواضع الذي اشتراه بمائة وخمسين دولار في شرق مدينة بوسطن الأميركية، وقد تضاعف هذا المبلغ بعد أن أصبح المقر الرئيسي لمؤسسة ألبرت أينشتاين، وهي المنظمة التي أسسها السيد شارب في العام 1983 أثناء تشغيل الحلقات الدراسية في جامعة هارفارد لتعليم العلوم السياسية، ويقول شارب, إنه في تلك الحقبة لم يكن يهتمّ كثيرًا بالإنترنت, فلم يكن يدخل على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ولا علي موقع أينشتاين، وقال شارب معتذرًا " كان يجب أن أفعل"، وكان إذا اضطر إلى إرسال بريد إلكتروني كان يستشير مساعدته فى ذلك.
ويشكك كثيرون في شارب على أنه شخص مسالم ويساري. وفي العام 1950 قام بعمل كتاب تحت اسم " أخبار السلام"، وعمل كسكرتير شخصي لـ "إيه جي موستي", الناشط في مجال النقابات العمالية, وأصر على أن ينمي أفكاره المسالمة والسلمية.
معتمدًا على دراسات الثورات السلمية مثل ثورة غاندي, ونضالات حقوق الإنسان, والمقاطعات الاقتصادية وما شابه ذلك، وقد خلص شارب إلى أن دفع عجلة الحريّة يأخذ استراتيجية متأنية وتخطيط دقيق، ويضيف شارب, أن الاحتجاج السلمي هو الأفضل و ليس لأي سبب أخلاقي, ولكن لأن العنف يحرض الديكتاتوريين على القمع ويثير المستبدين على اتخاذ إجراءات صارمة. وقال " إذا كنت تحارب مع العنف, فإنك تحارب مع أفضل سلاح لعدوك, وقد تكون شجاعاً ولكنك ستموت في النهاية ولو كبطل ".
وقد رفضت كثير من الحكومات افكار شارب، ففي العام 2007 رفضه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز, والمسؤولين في ميانمار اتهموه بالتآمر على حشد المتظاهرين لقلب نظام الحكم. ومنذ عام تقريبًا، أشار مسؤول في السفارة الأميركية في دمشق, أن المنشقين السوريين تدربوا على النضال السلمي من خلال قراءة كتابات شارب.
ويقول ستيفين زونيس، الخبير في هذا المجال في جامعة سان فرانسيسكو " إن شارب يعتبر عمومًا هو الأب لمجال الدراسات الاستراتيجية للنضال السلمي. وأن كل ما يقال عن الحكايات المبالغ فيها حول العالم عنه بأنه هو من يقوم بالحث على عمل المظاهرات وقيادة المؤامرات لا أساس لها من الصحة، فهو يقوم بكثير من الأبحاث والعمل النظري أكثر من كونه يقوم بنشرها.