أسَّسته ليبرالية هجينة ويمينية تائبة بيع موقع هافينغتون بوست لشركة "إيه أو إل" بمبلغ 315 مليون دولار

أسَّسته ليبرالية هجينة ويمينية تائبة
بيع موقع هافينغتون بوست لشركة "إيه أو إل" بمبلغ 315 مليون دولار


واشنطن ـ عادل سلامة
في صفقة مفاجئة للعاملين في مجال الإعلام في الولايات المتحدة الأميركية، أعلنت مؤسسة موقع "هافينغتون بوست" أريانا هافينغتون عن بيع موقعها إلى مؤسسة "إيه أو إل" الإعلامية، وهي الصفقة التي تكتمت عليها هافينغتون طيلة الأسابيع الماضية قبل أن تكشف عنها الثلاثاء الماضي.
ويُعد موقع هافينغتون بوست واحدًا من أهم منابر الرأي الليبرالية في الولايات المتحدة، على الرغم من الخلفية اليمينية المتقلبة لمؤسسته، واعتاد الموقع أن يقدم وجبة يومية للقراء تتضمن مجموعة أخبار تميل ناحية اليسار، إضافة لترشيحات مختارة من أفضل ما يراه الموقع منشورًا على الشبكة، مع تعليقات على الأخبار وتدوينات من قائمة طويلة من الكتاب.
وبهذه الصفقة، التي بلغت قيمتها 315 مليون دولار، معظمها من الأموال السائلة، ثبتت هافينغتون من خلال موقعها كواحدة من أهم صناع الرأي على الإنترنت، فقد تضمن الاتفاق أيضًا انتقالها للعمل في "إيه أو إل" كرئيسة تحرير للمحتوى الصحافي في المؤسسة.
هافينغتون، المعروفة كمضيفة حفلات كوكتيل راقية تضم نجوم مجتمع هوليوود، كانت قد أسست موقعها عام 2005، ولم يلق وقتها نجاحًا وفيرًا، لكن هافينغتون بشبكة علاقاتها الاجتماعية التي تضم المئات من النجوم والشخصيات المهمة في الولايات المتحدة، نجحت في إقناع هؤلاء بالمشاركة في التدوين الإلكتروني لموقعها، بعضهم يكتب بمقابل مادي ضئيل أو مجانًا، وهو ما ضمن النجاح للموقع الذي وصل عدد قرائه المسجلين إلى 25 مليون قارئ.
شملت قائمة المدونين في الموقع الكثير من كبار الشخصيات في الحزب الديمقراطي، مثل جون كيري وهيلاري كلينتون، إضافة إلى نجوم هوليوود الناشطين في مجالات السياسة والبيئة، مثل جامي لي كيرتس وميا فارو، وإلى
نهاية قائمة الأشخاص المشكوك في كونهم ليبراليين.
وبين صفحات الموقع كان الجمهوريون حاضرون هم أيضًا، بكثافة أقل، مثل عضو الكونغرس السابق مايكل هافينغتون الذي تحول إلى مناصرة حقوق المثليين جنسيًّا، فهو كان الزوج السابق لأريانا واستمرت علاقتهما الودية منذ طلاقهما في 1997.
وفي أول ظهور لها بجوار رئيسها التنفيذي الجديد في "إيه أو إل" تيم أرمسترونغ، قالت هافينغتون إن خطوتها الأخيرة في غاية الإثارة، وشبهتها بالقفز من قطار مسرع إلى طائرة تسير بسرعة الصوت، وأضافت "لقد قمت بأشياء كثيرة مختلفة في حياتي، لكن ليس هناك شيء آخر أريد القيام به، أتمنى أن يصبح هذا هو مشهدي الأخير في العرض".
مسؤوليات هافينغتون الجديدة ستشمل الإشراف التحريري على مواقع متخصصة مثل "تك كرانش" وشبكات الأخبار المحلية التي تمتلكها "إيه أو إل".
ولمن لم يتعرفوا على خلفيات هافينغتون قبل 10 أعوام من الآن، ستفاجئهم معرفة أنها كانت واحدة من أكثر المعلقين اليمينيين نشاطًا في الولايات المتحدة أثناء شبابها، وقد وُلدت أريانا في 1950 كابنة لصحافي يوناني، ثم انتقلت للمملكة المتحدة وهي في عمر 16 عامًا، وانضمت إلى جامعة كامبريدج، لتصبح ثالث طالبة أنثى في تاريخ الجامعة تحصل على كرسي في جماعة المناقشة في اتحاد الطلاب.
وبعد تخرجها عملت في الصحافة والتمثيل والإذاعة والتلفزيون، وعاشت لفترة مع الإذاعي والكاتب الصحافي برنارد ليفين لمدة 20 عامًا، قبل أن تنتقل لبداية جديدة في دوائر الإعلام والسياسة في أميركا.
وتسببت مساندتها لزوجها، خلال محاولته غير الناجحة لتمثيل ولاية كاليفورنيا في الكونغرس، في وضع اسمها في خارطة السياسة للحزب الجمهوري،
وأسست وقتها موقعًا على الإنترنت يحث المواطنين على عزل الرئيس السابق بيل كلينتون.
لكن مدة حكم الرئيس جورج دبليو بوش كانت فترة رعب بالنسبة لها، وتسببت في بدء رحلتها الأخيرة نحو الليبرالية والدعوة للحفاظ على البيئة، ومتسلحة بتعويض طلاقها من زوجها، تقدمت في 2003 بأوراق ترشحها في انتخابات منصب حاكم ولاية كاليفورنيا أمام منافسها الممثل الهوليودي السابق أرنولد شوارزينغر، ليحصل هو على المنصب بعد صراع غير متكافئ، وهو ما وصفته لاحقًا بسباق بين "سيارة هجينة وسيارة هامر ذات دفع رباعي".
وفي جهد لا يعرف الكلل، استمرت هافينغتون في الترويج لنفسها عبر موقع فرعي تحت عنوان "أريانا أون لاين" كأحد المواقع المرتبطة بها فينغتون بوست، واستفادت من لكنتها اليونانية في تأسيس شخصيتها المتميزة التي كانت محور سخرية بعض وسائل الإعلام، وهو ما رحبت به لدرجة أنها ظهرت ببرنامج "فاميلي جاي" لتسخر من نفسها.
السؤال الوحيد الذي ستظل إجابته معلقة إلى حين، هو هل ستنجح "إيه أو إل" في تحقيق الأرباح من هذه الصفقة؟ لقد تم تقدير الموقع في العام الماضي بأنه متواضع الربحية، ومن المتوقع أن تبلغ إيراداته 60 مليون دولار في
2011، لكن السعر الذي دفعته "إي أو إل" يبدو كبيرًا مقارنة بهذه الإيرادات، وكانت هافينغتون وشريكها في الموقع كين ليرر قد استثمرا مليوني دولار في الموقع عند تأسيسه، وحققا 35 مليون دولار كصافي أرباح، لكن من
غير المتوقع أن يصل المالك الجديد لنفس المعادلة، فبمجرد إعلان نبأ الصفقة هبطت أسعار أسهم "إيه أو إل" في البورصة بمقدار 4%، وهذه ليست إجابة سعيدة للسؤال على الإطلاق.