في ظل مخاوف من إثارة غضب 4 ملايين مسلم
ولاية "هيسا" الألمانية تحظر ارتداء النقاب على العاملات في القطاع العام
ولاية "هيسا" أول منطقة في ألمانيا تحظر ارتداء النقاب
برلين ـ جورج كرم
قررت ولاية هيسا الألمانية، التي يحكمها الحزب الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، الأربعاء، حظر ارتداء النقاب على الموظفات بالقطاع العام، لتصبح أول ولاية في ألمانيا تستطيع تمرير القرار، على الرغم من أنه لم يأت بعد نقاش سياسي مثل الذي رافق اقتراحات سابقة بمنع ارتداء الحجاب. جاء اتخاذ القرار بعد إصرار معلمة مسلمة، تعمل في أحدى المدارس المحلية، على ارتداء النقاب أثناء العمل، إذ أرادت ارتداء النقاب داخل الفصل المدرسي، وذلك بعد عودتها من إجازة الوضع، خاصة أنها لم تكن ترتدي النقاب قبل ذلك.
وقال وزير الداخلية بالولاية، بوريس رين، معلقًا على القرار، إنه من غير المقبول بالنسبة إلى معلمة في فرانكفورت ارتداء النقاب لأن "العاملين في القطاع العام عليهم الالتزام بوجهات نظر دينية وسياسية حيادية". و كانت السيدة المسلمة، البالغة من العمر 39 عامًا، تغيبت عن العمل اليومين الماضيين، وذلك بطلب من صاحب العمل لكي تستطيع التفكير بإمعان في قراراها.
و في الوقت الذي رحبت مصادر حكوميًة في الولاية، الواقعة في وسط ألمانيا بالقرار، قائلين إن حكومة الولاية لن تسمح بأي حال من الأحوال لموظف حكومي بتغطية وجهه بالكامل، وأن الموظفين الحكوميين مطالبون بالحيادية في الأمور الدينية، ونصح ممثلون عن الجالية المسلمة في ولاية "هيسا" السيدة بالتراجع عن قرارها قائلين "إن النقاب ليس فرضًا على السيدات المسلمات وإن ارتداء الحجاب يكفي لستر المرأة"، على حد قولهم.
فيما أعرب مجلس المسلمين الأعلى في ألمانيا، أيضًا عن عدم قبوله إصرار السيدة على ارتداء النقاب، معتبرًا "أن ارتداء الحجاب يكفي للالتزام بإحكام الدين والشريعة الإسلامية"، على حد تعبيره. كان النقاش اتسع في وقت لاحق بشأن فرض حظر قانوني على ارتداء النقاب في إنحاء أوروبا بعد إن حظرت فرنسا ارتداءه. وتغطي أقلية محدودة من النساء المسلمات في أوروبا وجوههن لكن نقابهن أصبح رمزًا للأوروبيات الاتي يعانين مشكلات، مثل الأزمة الاقتصادية والهجرة واندماج المسلمين. وأظهر استطلاع للرأي العام الماضي، أن 61 % من الألمان يؤيدون حظر النقاب، ومن بين المؤيدين لحظر النقاب أسقف كاثوليكي في بافاريا، وأبرز الوجوه النسائية في البلاد أليس شوارزر، وإن كان وزيرا الداخلية والعدل في ألمانيا يعارضان فرض الحظر.
يذكر أن ألمانيا تسمح، على عكس دول أوروبية مثل فرنسا، ارتداء الحجاب في مدارسها، ورفض غيرهارد شرودر، في فترة مستشاريته، دعوات لمنع ذلك، فيما يشدد منتقدو قرار الحظر حاليًا على أن القيم الغربية الديمقراطية ينبغي أن تسمح للمسلمين في ألمانيا ارتداء الحجاب والنقاب. ويخشى أن يثير قرار الحظر غضب المسلمين في ألمانيا، والذين يقدر عددهم بنحو 4.1 مليون نسمة، إذ أن ألمانيا بها أكبر جالية إسلامية في أوروبا، وتأتي بعدها فرنسا بحوالي 3.5 مليون مسلم، ثم بريطانيا بنحو 2.8 مليون وفقًا لمنتدي" بيو" لشؤون الدين والحياة العامة.
ويأتي قرار حظر النقاب في ولاية "هيسا" على الرغم مما أعلنه رئيس ألمانيا الاتحادية، هورست كولر، في مايو الماضي، حيث أكد أن "الإسلام دين سلام"، معلنًا معارضته لفرض حظر على "النقاب" في البلاد. وقال كولر "إذا كانت بعض النسوة في ألمانيا لازلن يرغبن في ارتداء النقاب، فأنا لا أرى في ذلك سببًا حتى الآن للدعوة إلى فرض حظر عليه"، مضيفًا أنه على الرغم من كون "النقاب" يتعارض مع فهمه في مجال تحقيق المساواة للمرأة، "فإنه يفضل إجراء محادثات واجتماعات مع المسلمين حول المسألة، حيث أن النقاش حول القضية لا يجوز أن يتخذ منحى أيديولوجيًّا".
وكانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أثارت غضب المسلمين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عندما قالت إن التعددية الثقافية في ألمانيا "فشلت تمامًا"، وقالت في خطاب تاريخي لها، إنها تدعم مناهضة الهجرة إلي بلادها، بزعم أن المهاجرين، من خلفيات ثقافية مختلفة عن ألمانيا، فشلوا في العيش بسعادة جنبًا إلى جنب مع المواطنين الألمان. وأضافت أن هناك مشكلات باندماج المهاجرين في المجتمع، على الرغم من الجهود المبذولة في هذا الصدد، وهو الخطاب الذي لاقى صدى عند الكثير من رافضي اندماج المهاجرين، لاسيما المسلمين في المجتمع الألماني، بما يزيد من المشاعر المعادية للإسلام في ألمانيا، بخاصة أنهم يشكلون كما ذكر سابقًا ما يقدر بأكثر من 4 ملايين من تعداد السكان في ألمانيا الذي يصل إلي 82 مليون نسمة.