منتدى حلم المهرجان
Admin
عدد المساهمات : 3461
تاريخ التسجيل : 20/07/2010
 |  موضوع: سوق الاستربادي أول ( مول ) في بغداد القديمة  الأحد 16 يناير - 7:57:40 | |
| سوق الاستربادي أول ( مول ) في بغداد القديمة
جمع المحال التجارية بالمقاهي الثقافية والمدارس الدينية
بغداد – آمنة عبد العزيز
يتخذ سوق ( الاستربادي ) في الكاظمية موقعا مهما بين الأسواق البغدادية القديمة كونه أنشئ قبل 150 عاما تقريبا أثناء الحكم العثماني للعراق في أيام حكم الوالي مدحت باشا عام 1863, ويمتد السوق بشكل أفقي البناء تعتليه جملونات من الصفيح السميك بشكل هرمي وفي الطابق العلوي خانات للمبيت تحتوي على غرف على امتداد البناء الأرضي.
البستان المثمر
الحاج كريم أسود 77 عاما يمتلك محل في السوق قال :أن السوق يعود أهميته التأريخية لكونه أول سوق جمع العديد من المهن في موقع واحد اضافة الى قربه من سوق في آخره مخصص للحبوب وعلف الماشية وقربه للامام الكاظم (ع) والفندق المخصص لمبيت الزائرين ما جعله قبلة يرتاده الناس من جميع بقاع العالم للزيارة والتجارة والتسوق، مشيرا الى ان السوق يعود بملكيته لبيت ( الاستربادي ) وهي عائلة معروفة تنحدر بأصلها من بلاد فارس استوطنت منطقة الكاظمية منذ أكثر من قرن ونصف ويعتقد أن الحاج عبد الهادي البغدادي المتوفى عام 1894 هو من انشأ السوق وقسمه الى محال تجارية بمقاسات تراوحت بين 4م عرضا و5-3 م طولا وكانت أرضه عبارة عن بستان كبير مثمر بأشجار النخيل والحمضيات، وفي تلك الأيام لم تمتلك بغداد سوقاً تجارياً كبيراً متنوعاً لذا استفاد بيت الاستربادي من موقع البستان القريب من الامام (ع) وتوافد الاف الزوار عليه من المدن العراقية والعربية والايرانية والتركية لجعله سوقا تجاريا ناجحا تعرض فيه مختلف انواع البضائع المصنعة محليا والبضائع المستوردة التي يجلبها الزوار من بلدانهم.
مقهى الشعراء الشعبيين
وفي جانب من السوق يوجد مقهى صغير يحتوى على مقاعد خشبية قديمة علقت على جدرانه صور لشعراء ورجال سياسة حكموا العراق في زمن مضى.
صاحب المقهى سعدون صاحب قال : أدير المقهى منذ حوالي خمسة عشر عاما بعد أن كان والدي يهتم بها من قبل وهو شاعر شعبي ( فطري ) وكان من رواد المقهى شعراء محليون ورجال فكر واخرون يمتهنون الغناء أمثال حضيري أبو عزيز وداخل حسن ،موضحا ان مقاعد المقهى احتضنتهم في جميع الزيارات التي كانوا يؤدونها الى الامام الكاظم (ع).
وتابع صاحب: ان حال المقهى اليوم ليس كما كان سابقا اذ اختلفت الذائقة والزمان فبات المكان يشتاق لتلك المباريات بين الشعراء لجميل الشعر وعذوبته وبلاغته في تصوير لواعج الناس وهمومهم.ولحديث السيد زاهد عبد النبي – احد رواد المقهى - منحنى ثقافيا اذ قال : هناك أكثر من شاعر شعبي يعمل في مهن مختلفة ما أوجد هذا الاهتمام مقهى خاصاً بالشعراء الشعبيين يتداولون به شأنهم الشعري وهذا ما أعطى للسوق بعدا آخر لا ينحصر في التسوق فقط، اذ كانت المباريات الشعرية تشتد تحت سقف مقهى السيد صاحب وكان ابطالها شعراء من سامراء وبغداد والعمارة والناصرية والحلة والديوانية وبغداد.
محال بيع الأسلحة العربية والعباءة العربية
من ميزات سوق الاستربادي وربما علاماته الفارقة وجود أكثر من محل لبيع العباءة الرجالية وأنواعها التي تنوعت بين ( البشت ) الخليجي والبصري والأحوازي اضافة للعباءة العراقية الجنوبية الثقيلة القماش والخفيفة.بائع "العبي " عبد العباس كاظم 45 عاما قال: مع مرور الوقت وتعاقب السنين والصرعات على الملابس الرجالية تراجعت مبيعاتنا من العباءة العربية بشكل ملحوظ وكنا في السابق نشتغل بطلبات مسبقة لنوع القماش والطراز في تجميل العباءة وفي السنوات الأخيرة أصبح الطلب عليها ينشط بشكل تدريجي من قبل الوجهاء ورؤساء العشائر وبعض الشباب من مناطق الجنوب كونها تمثل ( الهيبة ) وأناقة خاصة بالمتذوقين والعارفين بقيمتها, لذا أختلفت الأسعار بحسب نوع الخامة للقماش والخياطة لها فتبدأ أسعارنا من 100ألف الى 750 ألف دينار للعباءة وحسب الخامة.
وبالقرب من محل عبد العباس بائع آخر لنوع من بضاعة مختلفة, الحاج عبد الرحيم الكعبي متخصص ببيع الأسلحة العربية القديمة من سيوف مطعمة بالأحجار الكريمة وأخرى مطلية بماء الذهب ودروع قديمة وأحزمة جلدية خاصة بحمل السلاح وغيرها.واوضح الكعبي تمسكه بمهنته: العشق لهذه الأشياء جعلتي امتهن بيعها ومنذ أكثر من عشرين عاما وأنا في سوق الاستربادي أبيع وأشتري مقتنيات ثمينة وقديمة ولكون هذا السوق يستقطب العارفين بمكانته التأريخية يقوم الباحثون عن متعة التبضع في اقتناء الغريب من الأشياء، وأعتقد أنه كان في وقت بنائه قبل أكثر من مئة عام أشبه ( بمول ) كما يطلق هذه الأيام على الأسواق التي تجمع اليها التنوع في البضاعة والمحال والمطاعم والمقاهي وغيرها من المرافق الأخرى.
مدرسة الخالصي
ينتهي سوق الاستربادي بحمام الملوك القديم ومدرسة الخالصي للعلوم الاسلامية والفقهية, صاحب الحمام الحاج راضي الكاظمي 66 عاماً قال: يمتد عمر الحمام الى أكثر من مائة وعشر سنوات وقد ورثته عن والدي وهو معروف لدى الكثيرين ممن لهم دراية بالتراث والحمامات البغدادية القديمة, فبكل فخر واعتزاز أقول هنا في هذا الحمام أستحم الملك غازي وكانت له مناشفه الخاصة التي يستخدمها وقد أحتفظت بها حتى يومنا هذا بصندوق خشبي خاص اعتزازنا به ملكا وانسانا عراقيا من طراز فريد, ولا يمكن أن أنسى هذه البناية التي أمامنا وهي المدرسة الخالصية والتي غالبا ماكان يتردد عليها طالبو العلم والفقه الأسلامي على يد المرحوم الشيخ الخالصي الكبير, لافتا الى ان موقع الحمام والمدرسة يمتد بجذوره الى حقبة زمنية مشبعة بالتأريخ والتراث الحقيقي الذي هو بامتداد بنائه يتصل بالسوق الكبير للمرحوم الحاج عبدالهادي الاستربادي.
دائرة التراث
الدكتورة فوزية مهدي مدير عام دائرة التراث تحدثت قائلة: يعد سوق الاستربادي من الأسواق القديمة والمهمة في خريطة أسواق بغداد التراثية، مؤكدة ان دائرة التراث اعدت خططاً واضحة للتعامل مع المباني التي تجاوزت بعمرها الزمني المئة عام والتي تدخل ضمن قائمة المباني التراثية القديمة.وبينت مهدي ان الجهات المعمارية في المديرية تتولى مهمة اعادة هيكلية مبنى سوق الاستربادي عن طريق رصد الأضرار وترميمها بما يحفظ صورتها البنائية القديمة وعدم المساس بها، موضحة ان دائرتها وبالتعاون مع الدوائر البلدية تمنع الاستحداثات المنشأة على الدور والمباني التراثية وتقوم بازالتها لاعادتها الى شكلها القديم للحفاظ على التراث.
| |
|
