المثقّفون المصريّون يرفضون وزير الثقافة:
الصاوي: فاشيّ... قمعيّ... رقابيّ... رجل دعاية وإعلان
محمد الحمامصي من القاهرة
محمد الحمامصي من القاهرة: منذ طرح اسم محمد الصاوي وزيرًا للثقافة المصرية، شن المثقفون المصريون كتّابًا وروائيّين وشعراءً ونقادًا وناشرين ومفكرين حملة ضد الرجل متهمين إياه بالقمعية وكراهية حرية الإبداع والرقابية والتعامل الأمني مع أجهزة النظام السابق، فضلاً عن كونه رجل أعمال لا يشغله سوى إحصاء الحضور وعدد التذاكر في ساقية الصاوي التي أسسها وأدارها واستقطب إليها بعض مثقفي النظام السابق، وعلى الرغم من ذلك كله تجاهل المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحكومة تسيير الأعمال برئاسة الفريق أحمد شفيق، كل هذه النداءات التي توالت في الصحف وعلى التويتر والفايسبوك فضلاً عن البيانات التي تم التوقيع عليها هنا وهناك، وحلف الصاوي أمس اليمين الدستوري أمام الحاكم العسكري بعد تكليفه بالوزارة.
وزير فاشي في حكومة غير شعبية
المخرج السينمائي فوزي صالح : بعيدًا من شخص الصاوي، فإن قبوله الانضمام لهذه الوزارة هو طعن للثورة الشعبية التي لا تزال مستمرة، فمطالب هذه الثورة واضحة، وهي إقالة حكومة شفيق وليس ترقيعها، فالترقيع هذا التفاف على مطالب الثورة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هل كان محمد الصاوي المناضل العنتيل الأشوس في وجه النظام السابق؟ أو على الأقل فتح فمه مُطلِقًا بعض الشعارات عن العدل والحرية ؟
الإجابة على كلا السؤالين بـ "لا"، الصاوي تاجر شاطر "في الأصل يمتلك وكالة إعلانية" ويحسب على الإسلاميين "فكريا" فما علاقته بالثقافة ؟ الإجابة ليس له علاقة إلا إذا اعتبرنا الشرعية الوراثية، فتولى والده الحقيبة نفسها في حكم السادات ولاحقه الشاعر احمد فؤاد نجم بالأبيات التالية :
"وصحافة الصاوي واللظاوي والجمال "وتغنى بها الشيخ إمام.
وتأسيسه لساقية الصاوي "التي تهدف إلى الربح" لا يمنح الحق لحكومة شفيق " يا راجل" اختياره"، لقد عرف عن الصاوي فاشيته في استبعاد الأفلام التي يحتوى حوارها على ألفاظ يراها خادشة للحياء، أو استبعاد أعمال تتناول السياسة أو الحب أو الدين.
وزير ثقافة طلاء الأظافر
الشاعر جمال القصاص: أي عبث بمقدرات الثقافة والمثقفين في مصر، وهل هانت الثقافة إلى هذا الحد؟.. فما كدنا بالأمس نتخلص من وزير " ديكوريست" خدعنا على مدى23 عاما، وعاث في جسد الثقافة خرابا وفسادا، لم يحدث على مدار تاريخها العريق، حتى نفاجأ اليوم بشخص يتسلم هذه الحقيبة، كل مهارته أنه استطاع أن يحول "الثقافة ؟!" إلى تجارة و" بزنس"، وللأسف يحدث هذا في زمن ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالنظام الحاكم، وغيرت صورة الحياة جذريًّا في مصر، ولا يزال تأثيرها نابضًا في محيطها العربي والعالمي.
إذًا، ما هي مهارات السيد محمد الصاوي ومقوماته ليصبح وزيرًا للثقافة، في هذه اللحظة الحساسة ليس فقط على المستوى السياسي، بل أولاً على المستوى الثقافي والحضاري في مصر. هل يكفي أنه ابن عبد المنعم الصاوي الكاتب الكبير، والذي تولى أيًضا منصب وزير الثقافة في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وهل يكفي أنه صاحب ساقية الصاوي الثقافية، المشروع الذي يدر الكثير من الأموال، ويتردد أنه يحصل على دعم مادي من مؤسسات دولية.
ومع احترامي للساقية وصاحبها، إلا أن سقف نشاطها لا يتجاوز "الشو الثقافي"، ثم إن المفهوم السائد في الساقية يتعامل مع الثقافة كمجرد طلاء وديكور، ليس له علاقة بالجسم وما يعتريه من سقم وأمراض. هو مفهوم يتحاشى الحفر والتأسيس والتكوين، بل يسعى إلى الخربشة السريعة لجلب المزيد من الأموال... والطامة الكبرى ستكون في التعامل مع الثقافة المصرية بهذا المفهوم الطلائي الكرنفالي ، وهو ما يعد تكريسًا لسياسات الوزير "الديكوريست".
نحن بحاجة إلى ثورة ثقافية حقيقية، لا تنفصل فيها الثقافة عن رغيف الخبز، وهموم الناس وأحلامهم في الثورة.. نحن بحاجة إلى جرأة في الهدم وفي البناء معا.. مللنا من المجلس الأعلى، والمجلس الأوطى، والمركز القومي، و غير القومي، ومن حكومة تسيير الأعمال التي جاءت بهذا الوزير "الساقيوي".. وغيرها من مخلفات النظم الشمولية، والتي لم تضف جديدًا للثقافة في مصر، بل مزقتها وجعلتها كيانًا مهلهلاً، نهبًا للشللية ولمرتزقة المنافع والمصالح وجماعات الولاء من أبواق السلطة. لذلك أؤكد أنه تم اختيار الرجل الخطأ في الزمن الأصح، وهو ليس زمن ساقية الصاوي ، حيث ثقافة طلاء الأظافر وأصابع الشيكولاته، إنه زمن الأسئلة الصعبة المؤسسة، والإجابات الأصعب الكاشفة، زمن لم تعد تجد فيه سياسة ملء الإناء، بل قبل كل شيء معرفة طبيعة العلاقة بين الإناء وبين ما يحتويه، وفي أي اتجاه ستصب هذه العلاقة، وفي أي مناخ ستنمو وتثمر.
صاحب شركة إعلانات وزيرا للثقافة.. عار
الكاتب والشاعر أسامة عفيفي: إنني أرى أن المطلب الشعبي بإقالة حكومة أحمد شفيق، هو المطلب الأساسي وما يستتبعه من تغييرات ترقيعية في الوزارة مرفوض شعبيًا، وجود هذه الحكومة غير الدستورية هو الذي يدفع الشرفاء والخبراء للاعتذار عن قبول المناصب الوزارية ويدفع الحكومة نفسها لاختيار شخصيات بائسة لا علاقة لها بالثقافة ولا الحركة الثقافية مثل محمد الصاوي، الذي عرفت عنه دائما محاربة حرية الرأي والتعبير، وإيمانه الشديد بأن الثقافة سلعة وليست خدمة، فضلاً عن علاقاته بمنظومة رجال الأعمال وأغلبهم ممن يحقق معهم الآن في مكاتب النائب العام، الأمر الذي يؤكد أنه غير صالح بالمرة لتولي هذا المنصب، فمن العار أن يصبح صاحب شركة إعلانات وزيرًا لثقافة مصر، فقد عرفنا الوزير الشاعر "أحمد هيكل"، والوزير المفكر "ثروت عكاشة"، والوزير الفنان "فاروق حسني"، ونحن الآن بصدد الوزير التاجر، وهذا لا يليق بمصر ولا ثقافتها العريقة.
رجل لجنة سياسات جمال مبارك
الناشر محمد هاشم صاحب دار ميريت : أنا ضد هذا الاختيار ووقعت على بيان موجود على صفحة ميريت فى الفيسبوك، وأعتبر هذا الاختيار سرقة للثورة، الرجل كان في لجنة السياسات مع جمال مبارك ويصادر ويمنع أعمال فنيه ويبلغ الأجهزة الأمنية بها، وأقرب لوزارة رجال الأعمال السابقة وليست حكومة للثورة.
رقابي يتفوق على الإخوان المسلمين
الروائي حمدي أبو جليل: على الرغم من أنها وزارة موقتة وتصريف أعمال إلا أن اختيار الصاوي له دلالات خطرة جدًّا، أولها أنه يعتبر ارتدادًا خطرًا لفاروق حسني، فالأخير بالنسبة إليه فنان مستنير بل علامة كبير جدًا، ثم انه ضد الحرية وقامع للأعمال والكتابات حتى في مؤسسته الصغيرة فما بالك بوزارة الثقافة، وأتوقع أن يعيد الرقابة على الكتب التي ناضل الناس من أجل إلغائها على مطبوعات الوزارة.
والحقيقة أن اختياره يدل على عدم دراية لا بالعمل الثقافي ولا بالمثقفين اللهم إلا إذا كان الغرض منه المزايدة على الإخوان، فالصاوي يتمتع بحس رقابي يفوقهم بكل تأكيد.
الصاوي الذي يمنع اللوحات والأفلام ويراها خارجة على الآداب، ويفرض شروط رقابية على مسابقاته الأدبية، ماذا سيفعل في مطبوعات وفنون وزارة الثقافة بالتأكيد سيفرض الرقابة، والأهم أن اختياره يعني أنه لم يتخير شيئًا، وأن النظام قائم بغبائه وعناده القديم يطعن في نجاح الثورة، فمن ناحية هو رجل أعمال ومن ناحية هو محافظ جدا وكاره للحرية والاستنارة، بل يعتبر كارها للإبداع. ورسالته الأساسية هي الحض على ممارسة الرياضة والحث على الجري في الصباح والمساء ولم يبدُ على محياه أي اهتمام جدي بالثقافة.
رجل الدعاية والإعلان
الباحثة والكاتبة د.عزة عزت: يبدو للعامة من غير المطلعين على بواطن الأمور أن المشروع الثقافي "ساقية الصاوي" لصاحبها والمتربِّح منها رجل الدعاية والإعلان محمد الصاوي ابن وزير الثقافة الأسبق عبد المنعم الصاوي، كان وراء اختياره كوزير للثقافة في وزارة تسييِّر الأعمال ـ التي يرفضها برمتها الجميع على كل صعيد ومستوى من مؤيدي الثورة ـ وهي الوزارة التي يحاولون من خلالها تمرير بعض الشخصيات التي يبدو أن لها شعبيتها بين الشباب على وجه الخصوص؛ باعتبارها بديل للوجوه الكريهة المرفوضة؛ وذلك لأن الساقية كانت مركز تجمع الشباب من الموهوبين ومتذوِّقي الفن بكل أشكاله، وعشاق الثقافة والأدب.. إذ كانت تقدم الثقافة بثمن ذهيد، في جو يتسم بالحميمية والألفة من موقع جميل على شاطئ النيل.. لكن قرار إختيار محمد الصاوي وزيرًا للثقافة لم يلقَ قبولا من الكثيرين الذين تظاهروا رافضين لوضع رجل أعمال على رأس وزارة الثقافة، الأمر الذي أثار جدلاً حول الرجل كان في غنى عنه.. لو أنه ترفـَّع عن قبول المنصب ككثيرين ممن ترددت تكهنات حول ترشيحهم من مثقفين وشعراء.. ربما حسبوها بشكل مختلف كمثقفين حقيقيين.. وليسوا تجار ثقافة، فرفضوه قبله؛ لأسباب كثيرة ومختلفة.
فالمعروف أن عمر هذه الوزارة قصير، وأن الأعين مسلطة على كل رجالها وقراراتهم.. لكن يبدو أن رجل الأعمال الشاطر محمد الصاوي قد حسبها بشكل مختلف، فقد سنحت له فرصة أن يكون وزيرًا كوالده، الفنان والمثقف صاحب الثلاثية التليفزيونية الرائعة "الرحيل"، التي كانت تحبس أنفاس المشاهدين وقت إذاعتها على مدى شهور.. لكن رغبة الاستوزار التي تملكت الصاوي الإبن جلبت عليه الكثير من التقولات والشائعات التي كان في غنى عنها.. والتي أتت له ممن كانوا يلتفون حول مشروعه الثقافي، وليس من كبار المثقفين الذين يقدرون اتساع المنصب على تاجر ثقافة.. أكثر منه مثقف مبدع، فهم يقدرون أن المهمة صعبة، والمنصب كبير ومتسع عليه، ويتخوفون من أن يحوِّل الأنشطة الثقافية التي يفترض أن تقدم مجانًا إلى بزنس بعقليته التجارية.
هذا ولعل رفض محمد الصاوي من قبل الشباب بالذات أمر لافت للجميع، ممن لا يعرفون عن الرجل الكثير، فرحبوا للوهلة الأولى باختيار الصاوي، على اعتبار أنه سيجعل الثقافة في متناول الجميع وينزل بها إلى الشارع، ويخفف من الوجه المتجهم لها، ومن الاستعلاء الذي يتملك القائمين عليها، لكن يبدو أن الشباب الثوار يعرفون أكثر منا.. فهم من احتك بالرجل أكثر وخبروه عن قرب، ورفضهم يأتي في إطار حمايتهم لثورتهم التي صنعوها بدمهم، وإقدامهم، ورفضهم هذا يعد مؤشرًا جيّدًا ليقظتهم لكل محاولات الالتفاف عليهم وتمرير من لا يرضون به، حتى لو كان في حكومة انتقالية لها مهمة محددة ونهايتها قريبة، كما يعد مؤشرًا لأنهم يعرفون أكثر منـَّا في تقييم الرجال، والفرق بين ما يمارسون في العلن وما يمارسون في الخفاء.
الثقافة ليست الساقية
الشاعر والمترجم د.طلعت شاهين: فلترحل حكومة شفيق برئيسها الى الجحيم، الثقافة لا تدار بعقلية الربح والخسارة، ووزارة الثقافة ليست الساقية، ولا ننسى لعبد المنعم الصاوي استخدامه لوسائل غير مشروعة لإزاحة من واجهوه في انتخابات مجلس الشعب قبل رحيله وزبانيته في كل مكان.
الفشل الذريع
الشاعر رفعت سلام: اختيار الصاوي هو عودة غير حميدة إلى اختيار رجال الأعمال في الوزارة، وذلك هو المنهج الذي ثبت فشله فشلاً ذريعًا، ولأن النظام الآن هو حكومة مبارك فهو ما يزال يواصل نفس المنهج، وكأن مصر قد خلت من كبار المثقفين من غير رجال الأعمال، مصر أكبر بكثير من أن تكون ساقية الصاوي، فهى تستحق وزير ثقافة أفضل من ذلك بكثير.
وزير يحصي الجمهور وتذاكر الدخول
الشاعرة علية عبد السلام: لماذا لا يدرك البعض أن 25 يناير أدخل البلاد عهدًا جديدا ؟هل الصاوي بما عرف عنه من الاتجار بالثقافة والمواقف الظلامية من إبداع الشباب مناسب لهذا العهد الجديد؟ بمتابعتي لقرارات المجلس العسكري وحكومة تسيير الأعمال لاحظت تجاوبًا مع نبض الشباب على الفايسبوك ومع جملة الرفض التي واجهت نبأ الصاوي وزيرًا للثقافة توقعت العدول عن اختياره، لكن هذا لم يحدث، ولا أظنه فقرًا في البدائل بل الحكومة الحالية المطلوب إقالتها كاملة مازلت تسير البلاد بالنهج نفسه لزمن ما قبل 25 يناير، الصاوي رجل أعمال ولا موقف له نشيد به، ومرفوض تمامًا كل من عرف عنه العمل والتواطؤ مع النظام البائد، قول أن كل متربح من قضايا الوطن والثقافة غير صالح للعهد الجديد.
ولا.. لا.. لا للصاوي وزيرًا للثقافة، كنت أظن بثورة 25 يناير كشاعرة ـ أرفض النشر والتعامل مع النظام البائد ووزارة الثقافة المقالة واخترت العزلة والبقاء في الظل منذ أكثر من 15 عاما ـ أن هذا زمن الحرية الذي انتظرته ـ لست وحدي ـ بل هناك مبدعون كثر فضلوا العزلة على الانتشار والنشر في مؤسسات النظام خيب هذا الاختيار للصاوي كل آمالنا.
في وقت كل منا يدرس كيفية القيام بدور تنويري لدعم قيم جمالية وفكرية عمل النظام متمثلاً في وزارة الإعلام والثقافة المقالتين على تقويضها، يكون الصاوي وزيرًا سدًّا جديدًا أمامنا.. نريد وزيرًا يعي قيمة الإبداع والفن وليس ليحصى عدد الحضور وقيمة تذكرة الدخول، نريد وزيرًا يقدر الفن والفنانين القيمة، وليس الصاوي الذي أساء تقدير الموسيقى زياد رحباني في زيارته الأولى لمصر،
ولم يلق بالا بأعداد الإضاءة والأجهزة الصوتية، بل ظل يرفع قيمة تذكرة الدخول ويدخل من الحضور ما فاق عن قدرة المكان في الاستيعاب مما دعا إلى الفوضى والاستياء الشديد للفنان زياد رحباني والجمهور أيضًا.
التعامل مع النظام قبل ثورة25يناير
الروائي والناقد السيد نجم: قبل أن أتناول الرأي حول "الصاوي" وزيرا للثقافة، أسجل ما أراه من حولي كل صباح ومساء، من ضجيج (مشكوك فى مصداقيته) بعد أن أكدت دماء الشهداء نجاح الثورة.. فى يوم وليلة أصبح الجميع ثوريا أكثر من هؤلاء الذين بذلوا الدم وصمدوا، رغبة فى اعتلاء منصة أو احتلال مقعد فى الهيكل البيروقراطي والمؤسسي في الأيام القادمة.
أقرأ وأسمع وأرى كل من هم فى الصف الثاني فى المؤسسات (حتى المؤسسات الشعبية والمجتمعية) يسرع للإعلان عن ضرورة سقوط من هم فى الصف الأول لأنه من عينهم أو تواجدوا فى ظل النظام القديم، بينما هم أنفسهم لم يصلوا إلى صفوفهم المتقدمة إلا بعد موافقة النظام كما تم مع من هم في الصف الأول ولكنها الأطماع.
أرى وأسمع وأقرأ أننا الآن في مرحلة تتسم بأنانية تكشف عن نفسها، هناك من يدعى أنه ثوريّ أكثر من الثوار الحقيقيين.. ومن بدأ ينظر ويتحدث باسم الثورة، بينما لم يكن ليفعل لولا ما أقدم عليه شباب العشرينيات والثلاثينيات. وأرجو أن تنتهي تلك المرحلة سريعًا، وإلا اكتشفنا بعد فترة قصيرة أننا أمام عناصر تعتلي الموجه ومعبرة عن نظام جديد يديره ثلة من الانتهازيين والمدعين.
هذا لا يمنع من ملاحقة كل من أخطأ أو أساء إلى موقعه والناس، خلال فترة ما قبل ثورة25يناير
أما عن "الصاوي" وزيرا للثقافة، فلست في موقع الدفاع عنه، ولا عندي ما أهاجمه به.. فقط أراه استطاع أن ينجح فى انجاز تجربة ثقافية تستحق الدراسة
أما كيف نجح وقد كان يمنع بعض العروض المسرحية للشباب (كما قيل) وبأمر وتعليمات من جهات أمنية؟ أراه نجح أيضا في عروض عبرت عن تلك الفترة التي كانت تموج ببشائر الثورة.. ومن يكون فى مثل تلك المواقع فى تلك الفترة، كان عليه كمن يسير على السلك فوق فراغ، أو على الأشواك!
كما يقال أن له أفكار إخوانية، فلا استطيع أن أنفي ولا أؤيد، على الرغم أنني أسجل رفضي لأفكار الإخوان المسلمين ولا أتمنى لهم الوصول إلى السلطة، ومع ذلك لم أعد أشعر بما كنت أشعر به قبل ثورة الشباب ثم المجتمع كله، من كون الإخوان فزاعة لأسباب موضوعيه (ليس هذا مجالها)
وأخيرا لتكن الفترة القليلة المتاحة للوزارة الحالية، اختبارا للصاوي ولنا أيضا، وهناك مثل يقول: "وان عدتم عدنا".. جميعنا أسقط الخوف وعرف حريته.
ركوب كراسي والسلام
الشاعر والصحافي حمدي عابدين : الطريقة التي يفكر بها رئيس وزراء مصر اللواء أحمد شفيق مازلت تشير إلي أنه ابن النظام الغابر الذي أختاره ليكون رئيسا للوزراء ليصالح الشعب، ويثنيه عن رغبته في الرحيل، النظام الغابر الذي أفسد الحياة المصرية والمجتمع المصري بطريقته التقليدية ولا أريد أن أصفها وصفا آخر أراه مناسبا، لكن رغبة في التأدب مع النفس لن ألجأ إليها، هذه الطريقة التي في شباطنها إن أي رجل ناجح في مؤسسة ما أو صاحب مشروع ما بارز يمكن أن يكون وزيرا ناحجا، هي الطريقة الفاشلة نفسها التي أنتجت مجموعة من الماثلين اليوم أمام النائب العام, ليس لأنهم مسؤولون عن جرائم فقط, لكن لأنهم كانوا فاشلين أيضا في إدارة شؤون وزاراتهم، ولم ينظروا لشيء سوي لمصالحهم.
وهنا أريد أن أقول لرئيس الوزراء ابن التفكير المباركي الفاشل الذي ظل طوال ثلاثين عاما سائرا في الاتجاه الخطأ، إن نجاح محمد الصاوي في إدارة مشروعه المعروف بساقية الصاوي في منطقة الزمالك ليس معناه أنه يستطيع أن يدير الثقافة المصرية، ويقودها من عصر غفلتها الذي دخلته بسر التفكير الغريب الذي يقول إن كل صاحب محل أحذية ناجح يمكنه أن يدير وزارة للأحذية، وكل صاحب مدينة ملاهي يمكنه أن يدير وزارة للكوميديا، وأن كل من لدية مصنع لحبوب الفياجرا يمكنه أن يكون ناجحًا في تولي وزارة للابتسام ببلاهة في شارع مزدحم مليء بالغبار الخانق.
نعم استطاع محمد الصاوي أن يقدم مشروعًا استناريًا تجاريًا عارضًا من خلاله فنون كثيرة، لكن إدارة المشاريع التجارية لا يمكن أن تكون دليل قدرة علي رسم سياسات وزارة ثقافة لدولة بحجم مصر، في مرحلة فارقة من تاريخها الحديث، في مجتمع به كثير من المشاكل المتراكمة عبر سنوات طويلة، إدارة هناجر تحت كوبري الزمالك لا يمكن أن تكون مثل إدارة ثقافة بلد كبير يحتل هذه القيمة التي يعرفها العالم ونعرفها نحن، ووضعها أمام أعيننا شباب ثورة 25 يناير المجيدة، من يقود جملًا يا سادة في صحراء جرداء لا يمكنه أبدا قيادة طائرة في هذا الفضاء العظيم الذي يمتلك موقعا عظيما في خريطة العالم اسمه مصر. الحكاية ليست ركوب كراسٍ والسلام، وجود المهندس محمد الصاوي علي كرسي ساقيته، لا يمكن أن يكون مبررًا ولا دليلاً علي أنه سوف يكون قادرًا على قيادة طائرة الثقافة المصرية والتحليق بها في سماء شاسعة تمتد من حلايب جنوبا وحتى سيناء شمالا، لا بد أن يتعامل المسؤولون في مصر عن شئونها المرتبطة بحياة الناس ببعض الجدية، فما بالكم بثقافتها التي تضرب بعمق في التاريخ، والتي لا بد أن يعمل المسؤول وهو يرسم إستراتيجيتها الثقافية على ألا يظل أبناؤها مستهلكين لما يقدمه لهم غيرهم من أبناء الأمم الأخرى. كما لابد أن يكون قادرًا على التفكير في قطاعات كبيرة من أبناء شعب دأب النظام الفاسد علي تهميشه وتتفيه أحلامه وطموحاته وإفساد ذائقته عبر خطة رديئة لا يمكن أن يكون قادرًا على وقف سريان أمراضها في الجسد المصري مهندس ناجح أنشأ مشروعا تحت كبري حي الزمالك سارت حوله الكثير من الشائعات والأقاويل.
ملخص ما أريد أن أقوله أن رسم الاستراتيجيات الثقافية للدول العريقة لا علاقة له مطلقا بعمل برامج شهرية لأي مؤسسة ثقافية مهما كانت ضخمة وكبيرة، دعك من أن ساقية الصاوي لم تكن في يوم من الأيام مؤسسة ولا ضخمة ولا كبيرة، كما أن أبناء الوزراء حتى لو كان آباؤهم ناجحين لا يمكن أن يكون دليلاً على نجاح أبنائهم حال اطلاعهم بمسؤوليات وزارية، ولكم في ما قام به يوسف بطرس غالي مثالا يا أولي الألباب لعلكم تدركون فداحة ما ارتكبه نظام مبارك من جرائم لم تطل صحة وحياة المصريين فقط ولكن أرواحهم أيضًا.