حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
حللتم أهلا و نزلتم سهلا في الموقع الرسمي للمهرجان الدولي للشعر والزجل ، بتسجيلكم في الموقع تصبحون تلقائيا أعضاءا في "فضاء الشعراء" أكبر فضاء عربي يضم شعراء العالم . الرجاء اختيار رقم سري مكون من الأرقام والحروف حتى يصعب تقليده .
حلم المهرجان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ثقافي فني إعلامي شامل((((((((( مدير و مهندس المنتدى : حسن الخباز ))))))))))
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com
لنشر اخباركم ومقالاتكم تسجلوا في المنتدى أو تواصلوا معنا عبر الواتساب +212661609109 أو زوروا موقعنا الالكتروني الرسمي
eljareedah.com

 

 السيرة الذاتية لعبد السلام ياسين في حوار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعد السعود




عدد المساهمات : 1959
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

السيرة الذاتية لعبد السلام ياسين في حوار Empty
مُساهمةموضوع: السيرة الذاتية لعبد السلام ياسين في حوار   السيرة الذاتية لعبد السلام ياسين في حوار I_icon_minitimeالخميس 17 مارس - 14:46:15

السيرة الذاتية لعبد السلام ياسين في حوار

نشرت جريدة التجديد في حلقات حوارا مع الدكتور عبد العلي مجذوب يحكي فيه تفاصيل المسار الدعوي للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين، نعيد نشره لأهميته. وفيما يلي نص الحوار كاملا.
الجزء الأول من الحوار

س : الأستاذ عبد العلي مجذوب هل يمكن أن تحدثنا عن البدايات الأولى للأستاذ عبد السلام ياسين ؟

ج : ولد الأستاذ عبد السلام ياسين بمراكش سنة 1347هـ(1928م)، من أب بربري ينتسب إلى أسرة عريقة من الأشراف الأدارسة تُدعى "آيت بهي"، أصلهم من سوس من منطقة تُسمى" أولوز. وممن اشتهروا من العائلة "عبد الله ولد بهي"، الذي يُروى أنه كانت له الرياسة على اثنتي عشرة قبيلة، وقد قتل في عهد السلطان العلوي محمد بن عبد الرحمن بتهمة السعي لتأسيس دولة في الجنوب. وقد عاشت هذه هذه العائلة، بعد مقتل ولد بهي، تحت وطأة القمع والتضييق والملاحقات. وكان والد الأستاذ ياسين، واسمه محمد بن عبد السلام، معدودا في فرسان قبيلته "آيت زلطن"، فبلغه ذات يوم أن القائد يريد به شرا فغادر بلدته "حاحة"، وبعد زمان استقر بمراكش عاملا بسيطا ببلدية المدينة، وتزوج على كبر بإحدى بنات عمومته، فرزقا ابنهما الوحيد عبد السلام. وقد عرف ياسين الطفل خطواته التعليمية الأولى في مدرسة بحي الرميلة كان أسسها العلامة محمد المختار السوسي، رحمه الله، وكان فيها أساتذة يمتازون بروح وطنية عالية وغيرة على اللغة العربية والعلوم الشرعية، (ذكر أسماء بعضهم السيد علي سقراط، وهو ممن صاحبوا عبد السلام ياسين منذ الصغر، في مذكرات غير منشورة كتبها عن سيرة الأستاذ ياسين). ولا يزال الأستاذ ياسين يذكر فضل هؤلاء الأساتذة عليه، ويذكر أنهم كانوا من أوقد فيه حب العربية والإسلام.
وقد امتاز الطفل عبد السلام في هذه المرحلة بنبوغ كبير، حسب ما يحكي علي سقراط، وكان سريع الحفظ والاستيعاب؛ فقد حفظ القرآن الكريم وأتقن أصول اللغة العربية وكان يقرض الشعر وهو ابن الثانية عشرة. وقد كان لي لقاء مع العلامة اللغوي أحمد الشرقاوي إقبال، رحمه الله، وكان صديقا للأستاذ عبد السلام ياسين، فقال لي : كان عبد السلام ياسين ناثرا أكثر منه شاعرا، فقد كنت أشْعُره أي أغلبه في الشعر، قالها وهو يضحك، وقد كانت بين الرجلين في أيام الشباب مراسلات وإخوانيات بالاصطلاح الأدبي.
س : وهل استمر على نفس الوتيرة في تعليمه الثانوي ؟ أم أن هذه المرحلة عرفت جديدا في حياته ؟

ج : ما ميز هذه المرحلة هو نبوغه في التحصيل الدراسي، فقد التحق بمعهد ابن يوسف، وكانت العادة أن يمتحن التلاميذ قبل الدخول لتحديد مستوياتهم، واستطاع عبد السلام ياسين، بعد هذا الامتحان، أن يربح ثلاث سنوات ويلتحق مباشرة بالمرحلة الثانوية. وفي سنة (1947)، وبعد حوالي أربع سنوات في المعهد الديني، التحق الشاب عبد السلام، وعمره تسع عشرة سنة، بمدرسة تكوين المعلمين بالرباط، وتخرّج منها، بعد سنة، محتلا المرتبة الثالثة. وكان الطالب عبد السلام قبلها صاحب المرتبة الأولى في قسمه، إلا أنه في السنة التي قضاها بقسم التكوين كان منصرفا إلى تعلم اللغات مما أحدث تغييرا في هذه القاعدة . وفي هذه السنة توفي أبوه، رحمه الله، فانتقل الشاب ياسين مع والدته إلى مدينة الجديدة حيث عُين معلما بالابتدائي. وقد توفيت والدته، رحمها الله، في بيت وحيدها الأستاذ ياسين بسلا سنة 1987.
س : ألم يكن لأساتذة ابن يوسف أي تأثير على مساره الحركي والعلمي ؟

ج : يحكي الأستاذ أنه لم يكن يجد في نفسه رغبة كبيرة في الإقبال على ما يلقيه الأساتذة في ابن يوسف من دروس، لأن مقررات المعهد لم تكن تتميز كثيرا عما حصّله الطفل عبد السلام في مدرسة حي الرميلة على يد تلامذة المختار السوسي، ولهذا مالت نفسه إلى تعلم اللغات الأجنبية، خاصة اللغة الفرنسية، ودخل هذه التجربة من باب العصامية، كما يحكي، لأنه لم يتبع فيها تعليما نظاميا رسميا، بل أتقن من هذه اللغات ما أتقن بالاعتماد على النفس.
س : كيف يتيسر له ذلك ؟

ج : كان يتخذ له واسطة الأصدقاء والمعارف الذين يدرسون في أقسام اللغة الفرنسية، فيأتون إليه ويأخذ عنهم ويحفظ منهم ويستفيد من كتبهم وكراريسهم حتى استطاع أن يحصل أصول اللغة الفرنسية، ومنها انطلق إلى تعلم لغات أخرى كاللغة الإنجليزية.
س : الملاحظ أن الأستاذ عبد السلام ياسين تقلب في مناصب متعددة في التعليم، لكن مساره المهني قد توقف بدخول سنة 1967، ما تفسير ذلك ؟

ج : لقد ترقى الأستاذ ياسين في سلم الوظيفة، طيلة عشرين سنة، من معلم إلى مفتش، فمدير لمدرسة المعلمين، فمفتش للتعليم الثانوي، فمدير لمركز تكوين المفتشين، حتى أصبح خبيرا في شؤون التربية والتعليم يمثل وزارة التعليم في عدة مناسبات إقليمية ودولية. وكان توقفه عن العمل في سنة 1967.
س : هل كان ذلك بسبب تجربته الصوفية التي حكاها في كتابه "الإسلام بين الدعوة والدولة" ؟

ج : قبل سنة 1964 لم يكن له أية تجربة يمكن لنا أن نربطها بالتجربة الذاتية أو الشخصية، بل كان عنوان المرحلة هو الإصرار على التحصيل الدراسي والتفوق العلمي. وفي سنة 1965 عاش الرجل تجربة روحية نقلته من حال إلى حال، وكانت سببا في تغير مسار حياته.
س : لكنك لم تحك أسباب المخاض الذي جعله يخوض تجربته الروحية ؟

ج : للأستاذ عبد السلام ياسين في كتاب" الإسلام بين الدعوة والدولة" وفي رسالة "رسالة الإسلام أو الطوفان" الشهيرة، التي كتبها للملك الحسن الثاني، رحمه الله وغفر لنا وله، ناصحا ومبشرا ومنذرا، كلام طويل في الموضوع؛ فقد تحدث عن هذه التجربة في هذين المرجعين، وأيضا في بعض أجزاء كتاب الإحسان(الجزء الأول)، وفي مناسبات أخرى. ويحضرني هنا لقاء مطول، وربما كان هذا من أطول اللقاءات التي تحدث فيها الأستاذ عبد السلام ياسين، في لقاء صحفي، عن تجربته مع الصحفي الفرنسي "فرانسوا بورجا" في أكتوبر من سنة 1987، وقد نشر بورجا هذا الاستجواب في كتابه (L'islamisme au Maghreb-La voix du sud) "الإسلامية في المغرب العربي. صوت الجنوب" وقد تُرجم هذا الكتاب إلى العربية. وملخص هذه التجربة الروحية أن الرجل أحس فجأة أنه يعيش إسلاما باردا وهادئا، ويعيش حياة عادية. وفي هذه الفترة أحس الأستاذ عبد السلام ياسين أن فراغا ثقيلا يطبع حياته، وأن كل ما يقوم به أصبح فاقدا للمعنى، بما في ذلك صلاته وصيامه وقراءاته بل عيشه كله. أحس الرجل وكأن الأمر قد هجم عليه هجوما، واستبدت به حالة نفسية غريبة، فانتقل الرجل من حال إلى حال، وأصبح الناس الذين يعرفونه ينكرون منه أشياء، حتى ذهب بعضهم إلى أن الرجل قد خرف، ومنهم من قال إن الرجل قد حمق. بعبارة أخرى، لقد أصبح الرجل مهموما من الداخل، فأصبحت الأسئلة تتساقط على رأسه ثقيلة، أسئلة الوجود والمصير والموت وسؤال الجدوى من الحياة، والمعنى في الوجود، واستبد به الهم فجعل يطرق الأبواب لعله يجد جوابا لما ألم به من حالة نفسية؛ يحكي الأستاذ ياسين أنه قرأ كتب الفلسفة والفكر، فضلا عن كتب الصوفية، بل وصل به الأمر إلى البحث في "اليوغا" وفي الثقافات الأخرى الخارجة عن المنظومة المعرفية الإسلامية، فانتهى به الحال، بعد هذا التشعب في القراءة والبحث، إلا أنه وجد أن القوم (يقصد الصوفية) متفقون على أن من كانت هذه هي حاله، فهو يحتاج إلى شيخ يأخذ بيده ويوجهه ويرشده.
س : وبدأت رحلة البحث عن الشيخ ؟

ج : نعم. وبدأ ياسين يسأل : من المرشد الذي سيأخذ بيدي وأنا على هذه الحال؟ وظل هذا السؤال المركزي يرافقه من غير أن يجد له جوابا. وفجأة، جاءه الخلاص، فانكشف الغم والهم وبانت معالم الطريق.
س : كيف تم ذلك؟ هل وجد الشيخ ؟

ج : صلى يوما في مسجد بالرباط، فإذا برجل ينادي بعد الصلاة يدعو الناس إلى شيخ مرب؛ كتب الأستاذ ياسين عن هذا اللقاء في "الإسلام بين الدعوة والدولة" قائل : "حتى إذا أراد الله أن يتم علي نعمته لقيت علي غير ميعاد رجلا لم أكن أعرفه، نطق من دون أن أستنطقه، وأخبرني بأن ما كنت أطلبه موجود، وأن الشيخ المربي في البلاد على قيد أنملة ممن كان يائسا من وجود شادلي أو جيلي في عصره".
س : هكذا، حتى دون أن يعلم من الشيخ وما هي مؤهلاته العلمية والروحية ؟

ج : استجاب الرجل دون أن يسأل عن شيء من ذلك، وصدق الرجل واستجاب له قلبه من الداخل.
س : متى كان ذلك تحديدا ؟

ج : في سنة 1965
س : وتوجه إلى الزاوية البوتشيشية ؟

ج : انتهى به السفر إلى الشيخ الحاج العباس القادري، ولازمه بوجدة، فوجد عنده مبتغاه؛ يقول الأستاذ ياسين عن صحبته للشيخ العباس، رحمه الله، وعن آثار هذه الصحبة في حياته الروحية، في سياق نصحه للعلماء في رسالة "الإسلام أو الطوفان : " ... ولقيت رجلا طيب الله ثراه، أجلسني بين جماعة من المسلمين، فيهم الصانع والعاطل. أجلسني بين جماعة من المساكين، وكنت من سكان الفيلات وأمراء الإدارات، وذكرت الله مع المساكين، وذهبت الكبرياء، وما لبثت أن أذهب الله أيضا الشح، وكان ما لست أذكره هنا. ونمت نومة صوفية دامت ست سنوات، قرأت خلالها، بل أعدت قراءة القرآن الكريم، وقراءة السنة النبوية بقلب جديد، فكنت، ولا أزال، وأسأل الله أن يديم علي هذا الحال ويزيدني فيه قوة، أبكي إلى الله وأضرع في حال المسلمين، ثم أراجع نفسي، فأبكي على خطاياي، وأستغفره، فإذا أصبحت فكرت ودبرت، كيف العمل؟ وتألمت لما أرى من انصراف المسلمين عن حقهم، وتخاذلهم أمام باطل الذرية المرتدة...". وهكذا بدأت مرحلة جديدة في علاقته بهذا الشيخ المربي، ويذكر الأستاذ عبد السلام ياسين لهذا الرجل ولزاويته وأسرته فضلهم عليه، كما يذكر خدمته لشيخه في بيته وفي أسفاره التي كان يصحبه فيها، ودعوة الناس إليه، أينما حل وارتحل.
س : كم مكث مع الشيخ العباس من سنة ؟

ج : لازمه حتى موته.
س : وما هي الأسباب التي جعلته يغادر الزاوية بعد موت الشيخ العباس ؟

ج : غادر الزاوية بعد وفاة الشيخ العباس بمدة لا أضبط زمنها، والأستاذ نفسه لم يحدثنا عن زمنها بالتحديد، لكن بعد وفاة الشيخ العباس بدأ يتسرب نوع من الفتور إلى الزاوية، وبدأت تظهر بعض السلوكات التي كان ينكرها عبد السلام ياسين، مما اضطره، بعد يأس من الإصلاح، أن يغادرها.
س : متى غادر الزاوية ؟

ج : في تقديري، يمكن أن نؤرخ للانفصال الحقيقي برسالة" الإسلام أو الطوفان"؛ فهذه الرسالة كانت إعلانا عن نهاية مرحلة الانتماء للزاوية البوتشيشية، وبداية مرحلة جديدة. أما من الناحية العملية، فقد حصل الانقطاع سنة 1972، أي بعد وفاة الشيخ العباس، وقد كان الأستاذ ياسين يومئذ قد بلغ في تحرير كتابه "الإسلام بين الدعوة والدولة" ما يقارب النصف. وقد ذكر في هذا الكتاب ابن الشيخ العباس بخير كثير وبأوصاف ترد على الشائعات التي تقول بأن الأستاذ عبد السلام ياسين كان يريد خلافة الشيخ العباس، وأن سبب انقطاعه الحقيقي هو فشله في تولي رئاسة الزاوية بعد وفاة شيخه. وما ذكره الأستاذ ياسين في فضل الشيخ حمزة الابن وأنه رجل صادق لولا البطانة التي كانت تحيط به، فيه دليل على عدم صحة تلك الإشاعات وتلك القراءات.
س : إذا كنت تستبعد هذه القراءات، فما السبب الذي جعل عبد السلام ياسين يخرج من الزاوية البوتشيشية ؟

ج : يحكي الأستاذ ياسين معترفا بأن هؤلاء الناس كان لهم فضل عليه، وكانت نيته منعقدة على خدمة الابن كما خدم الأب من قبل، وكان الأستاذ ياسين ينفق كل ما يملكه في سبيل شيخه، وقد ذهب في الدعوة إليه كل مذهب، بل كان يسافر في صحبة شيخه معرفا به وداعيا ومحببا، في المغرب وخارجه. ومن الناس الذين طرق الأستاذ ياسين بابهم بهذه الدعوة الأستاذان محمد العلوي السليماني، وهو اليوم عضو في مجلس إرشاد الجماعة، وأحمد الملاخ، وغيرهما. لقد كان الأستاذ ياسين يسعى من أجل الانتقال بالزاوية من المفهوم التقليدي(اجتماع الناس، الأحوال، المواجد..)، والارتقاء بها إلى منهل الهدي النبوي الصافي وما سار عليه الصحابة الراشدون من بعد، وذلك بالالتزام بالأصول الشرعية وأداء الفرائض بآدابها ومقاصدها، وكانوا يلقبونه من فرط نصيحته لفقراء الزاوية ب"عبد السلام الشريعة".
س : هل كان يريد أن يمارس الإصلاح من الداخل ؟

ج : نعم كان يريد ذلك، لكنه كان يريد للشيخ الابن أن يقوم بذلك. وقد كان الأستاذ ياسين يراقب ما دخل الزاوية من بدع ورقص وشطحات حتى إن بعضهم كان يغفل عن أداء الفريضة في وقتها، بل كثير منهم كان يغفل عن أداء صلاة الصبح في وقتها؛ فقد عايش الأستاذ ياسين هذه الانزلاقات، وكان يلاحظ هذه الاختلالات، وكان في نيته أن يقوم الابن بإصلاحها، لكن وجد نفسه في نهاية المطاف يواجه تيارا أقوى منه، فقد كانت الزاوية تتلقى الهدايا الرسمية المسمومة، وأصبح يرتادها رجالات لهم ثقل في الدولة. ولما تأكد له أن الإصلاح من الداخل مستحيل، وأن أي محاولة للإصلاح تعترضها عشرات العقبات فضل الابتعاد في هدوء.
س : ولكن الأستاذ ياسين لم يفصل الأمر بهذا الشكل في كتبه ؟

ج : لقد وقفت على رسالة كتبها الأستاذ ياسين في هذه الفترة بعنوان "جماعة الإرشاد"، وهي مخطوطة في إحدى وتسعين صفحة، وللأسف لا يعرف الناس عنها شيئا.
س : هل يمكن أن تكشف للقراء مضمونها ؟

ج : هي عرض لمشروع بناء "جماعة الإرشاد" من خلال تجربة الزاوية، وفيها تبيان لفضل الصحبة وفضل التربية وغير ذلك مما ذاق حلاوته في صحبة الشيخ العباس. كان يريد أن يكون البناء والتصحيح من الداخل بحيث يقوم البناء على أساس من الالتزام بالسنة، وأن يرتقي بالناس من البناء التربوي إلى المستوى الجهادي أي إلى مستوى الصحابة، رضوان الله عليهم، فقد كانوا مسلمين مؤمنين صوامين قوامين، وفي نفس الوقت كانوا مدافعين عن الحق مجاهدين لا يخافون في الله لومة لائم. كان الرجل يريد أن يجمع هذين المستويين التربوي والجهادي، ويجعلهما عنوانا لإصلاح الزاوية من الداخل. ويمكن اعتبار هذه الأفكار المبسوطة في هذه الوثيقة النواة الأولى لجماعة العدل والإحسان، بل يمكن اعتبار أن مفهوم العدل والإحسان بالشكل الذي تأصل في مراحل لاحقة كان ناضجا في فكر عبد السلام ياسين في مرحلة ما قبل أسرة الجماعة. ففي هذه المرحلة يمكن أن نتحدث عن تجربة رجل واحد، لكنه رجل كان يحمل معه نواة لجماعة ودعوة ستعرف فيما بعد باسم "جماعة العدل والإحسان".
س : هل يمكن اعتبار فشل مشروع إصلاح الزاوية من الداخل هو الباعث لدى عبد السلام ياسين للتفكير في تأسيس جماعة ؟

ج : مع الاعتراضات التي واجهت مشروع الإصلاح الذي كان يحمله هذا الرجل، ومع المقاومة التي كان يبديها الفقراء في الزاوية لكل تحركاته تأكد الأستاذ ياسين أن الابن حمزة لا يستطيع أن يفعل شيئا مع أنه رجل خير وصلاح. كان يحس بالضعف يدب إليه، وأنه أعجز من أن يتصدى للاختلالات التي أصابت جسم الزاوية وروحها، ففضل أن ينسحب من غير صخب ولا ضوضاء. فضل أن ينسحب انسحابا هادئا، بعيدا عن التفسيرات التي يحاول البعض أن يقرأ بها هذا الانفصال. وكل من صاحب الأستاذ عبد السلام ياسين وعرفه عن قرب يعرف أن الرجل لم يكن يتطلع لأكثر من إصلاح الزاوية من الداخل، وأنه لم يكن يطمع في خلافة الحاج العباس، رحمه الله. وظهور الرجل برسالة "الإسلام أو الطوفان"، بعد ابتعاده عن الزاوية، دليل على أنه كان يحمل مشروعا، إذ لو لم يكن له مشروع لكان بقي مع الفقراء، فقد كانت له سمعة ووزن وسابقة، وكان قد أصبح رمزا من رموز الزاوية.
الجزء الثاني من الحوار

س : أليس غريبا أن يكتب عبد السلام ياسين بمجرد خروجه من الزاوية ''الإسلام أو الطوفان'' ويوجهها إلى الملك ؟ كيف يمكن تفسير ذلك ؟ هل كان يريد أن يقطع المسافات لتأسيس جماعة، أم أنه كان يريد فقط أن يبلغ الملك ما توصل إليه في مشروعه ؟

ج : المشاريع عادة ما تبدأ جنينية ثم تكبر وتنضج، والأستاذ عبد السلام ياسين عاش تجربة الزاوية وتشرب عناصرها الإيجابية، فنضجت أفكاره وارتقت، وبلغت بعد ذلك مستوى من الرشد عبّر عنه الأستاذ، فيما بعد، بوضوح لا مزيد عليه في كتاب ''الإحسان''، بجزأيه، ثم في كتاب ''العدل، الإسلاميون والحكم''، على سبيل المثال. لقد وجد الرجل الحق مع الصوفية، لكنه حق غطته عبر السنين طبقات من البدع والشبهات، بل والانحرافات في بعض الأحيان. لقد سعى جهده من أجل جلاء هذا الحق وتمييزه مما علق به من زيادات الرجال مما يكدّر صفو المنبع النبوي، وعمل أيضا، حسب شهادات بعض من عرفوا الأستاذ وخالطوه أيام الزاوية، من أجل أن يرى هذا الحق مجسدا في رجال إيمانا وسلوكا وجهادا، وكان يقول: ''أعطوني عشرة رجال أصنعْ لكم الأعاجيب''، وهو يقصد بالرجل، طبعا، الراحلة الحامل للمشروع. كانت هذه هي فكرته، ولكن كان يريد لهذه الفكرة أن تنبثق من الزاوية. ولا ننسى أن الأستاذ عبد السلام ياسين كان رمزا من رموز الزاوية وكان نشيطا، دعوة وفكرا وتأليفا؛ ففي هذه الفترة ألف كتابيه ''الإسلام بين الدعوة والدولة'' (1971) و''الإسلام غدا'' (1972)، حيث تعرض لمناقشة عدة مشاريع فكرية وتجارب أممية، ومدارسة دقيقة لأطروحات الماركسيين والماويين للتغيير، وفيه عرض للتجربة التاريخية الإسلامية وتحليل لتطورها وتفسير لأحداثها.
س : ولكنه ضمن كتابه الأول ''الإسلام بين الدعوة والدولة'' معالم مشروعه لتغيير الإنسان (المنهاج النبوي لتغيير الإنسان)، هل نفهم من ذلك أن المشروع كان جاهزا عنده قبل سنة 1972 ؟

ج : إن تجربة الزاوية البوتشيشية هيأت للأستاذ ياسين ووفرت له الشروط التربوية، وهي عامل حاسم فيما نحن بصدده، لصقل أفكاره وتمثل معالم مشروعه. ولا ننسى أن نذكر هنا أن الأستاذ ياسين حينما ألف كتابه ''الإسلام بين الدعوة والدولة'' بعث بنسخة منه إلى الديوان الملكي، وكانت نيته أن يبلغ نتيجة ما توصل إليه إلى الملك لعله يقرأ تجارب الرجال. فالشيخ عبد السلام ياسين كان يؤمن يومئذ أن الدعوة الصادقة يمكن أن تجد من رجالات الدولة، بدءا من الرأس، من يتبناها ويحتضنها ويدافع عنها. هكذا كان يرى الأمور قبيل رسالة ''الإسلام أو الطوفان''، بل في هذه الرسالة نقرأ أن الرجل كان ما يزال يطمع، وهو يحررها، أن يرى الملك ينهض لهذا الأمر ويسمو سمو رجل كعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه.
س : أفهم من ذلك أن ياسين كان يريد أن يكون الملك أول من يتبنى مشروعه ؟

ج : نعم، وقد كرر هذا مرارا في رسالة ''الإسلام أو الطوفان'' إلى الملك الراحل، وقال له سأسرد عليك تاريخ الرجال عسى أن تكون ممن يشرفهم الله تعالى بتحمل مشروع الدعوة، وعرض عليه، كما ذكرت، نموذج عمر بن عبد العزيز. كان في نية الأستاذ عبد السلام ياسين أن يجد كتاب ''الإسلام بين الدعوة والدولة'' وما عرض فيه من تجارب الرجال قبولا وترحيبا لدى الملك، لكن الرجاء تبخر، فلم يكن للكتاب أي أثر يذكر على صعيد الواقع. وهذا يؤكد أن الرجل لم يقصد برسالة ''الإسلام أو الطوفان'' أي استثمار سياسي، بل على العكس من ذلك، فقد جاءت هذه الرسالة منسجمة مع التطور الطبيعي الذي كان يعرفه مشروع الأستاذ عبد السلام ياسين. فرسالة ''الإسلام أو الطوفان'' لم تأت فجأة أو طفرة، بل جاءت في سياق يرتبط فيه اللاحق بالسابق ارتباطا عضويا. ويحكي الأستاذ أنه عندما سُدّ في وجهه الطريق في الزاوية لم يبق له مجال لمتابعة الدعوة إلا أن يقول كلمة للأمير؛ وهنا بدأت الفكرة، وبدأ يطرح جملة من الأسئلة: كيف يقول هذه الكلمة؟ والرجل كان معروفا لدى النخبة المثقفة، والدليل على ذلك أن الأستاذ علالا الفاسي، رحمه الله، حينما علم أن الأستاذ عبد السلام ياسين لم يذكره في كتابه ''الإسلام بين الدعوة والدولة'' مع الرجال الذين ذكرهم أحس بنوع من الإهمال في حقه وكان منه، رحمه الله، كلام فيه بعض العتاب حمله بعضهم إلى الأستاذ ياسين. ولهذا، يمكن أن نعدّ رسالة ''الإسلام أو الطوفان'' شكلا من أشكال السير في الطريق، فقد كان لهذا السير أن يكون على شاكلة أخرى، ولكن شاء الله، تعالى، أن يكون على شاكلة هذه الرسالة ''التاريخية''. وكانت نيته في البداية معقودة على أن يكتبها باللغة الفرنسية، وقد شرع، بالفعل، حسب شهادة من عاشوا هذا الحدث عن قرب مثل الأستاذين أحمد الملاخ ومحمد العلوي السليماني العلوي، في الكتابة باللغة الفرنسية، لكنه عدل عنها إلى العربية بعد صفحات معدودات.
س : ألم يحذره مرافقوه من خطورة توجيه رسالة بهذه اللهجة إلى ملك البلاد في تلك الفترة العصيبة ؟

ج : كان الأستاذ عبد السلام ياسين هو من يحذر أصحابه، وهم يومئذ معدودون على رؤوس الأصابع، ويقول لهم إن السير في الطريق الذي اختاره قد ينتهي بالموت، فمن أراد أن يبقى معي فمرحبا به، ومن أراد أن يبتعد فله ذلك. كان الرجل عازما، وعندما قرر أن يخرج رسالة ''الإسلام أو الطوفان'' إلى العلن، أعدّ كفنه، كما يحكي الحاكون، وكان ينتظر الموت، وقد ورد في نص الرسالة بعض الإشارات إلى هذا.
س : كيف طبع الرسالة، ومن قبل أن يطبعها وهي كلمة قوية إلى الحاكم ؟

ج : كتب الرجل الرسالة بيده، وقام صاحباه (أحمد الملاخ ومحمد العلوي السليماني) بجلب الحروف المعدنية، وأخذا يصففان نص الرسالة صفحة صفحة يدويا إلى أن انتهى طبع الرسالة كلها بهذه الطريقة البدائية؛ كان الأستاذ ياسين يكتب وهما يطبعان.
س : أين تم ذلك ؟

ج : في مدرسة الإمام الجزولي بمنطقة دوار العسكر تعرف اليوم بـ''مدرسة السي العلوي''، لأن السيد محمد العلوي السليماني كان هو مديرها آنذاك. ولما أتما طباعتها، عمل الأستاذ عبد السلام ياسين أن تصل هذه الرسالة إلى كبار الشخصيات والعلماء والسياسيين ورجال الفكر والثقافة، قبل أن تصل الملك.
س : هل كان يريد بذلك أن يشهد كل هؤلاء على رد فعل الملك المرتقب من الرسالة ؟

ج : كان الرجل يريد لهذه الرسالة أن يكون لها ما بعدها، حتى إذا قضى الله أن يموت، انبرى رجال الدعوة والعلم ليحملوا الفكرة من بعده، ولذلك ألحق بآخر الرسالة نداء إلى المؤمنين عامة وإلى أهل الدعوة خاصة، ومما جاء في هذا النداء قوله : '' واعلموا أن صاحبكم (يقصد الملك) إن طرح النصيحة وماطل وراوغ ذاهبٌ أمرُه وصائرٌ إلى ما يصير إليه من أخذته العزة بالإثم حين قيل له : ''اتق الله''. ليس لي ـ يضيف الأستاذ في هذا النداء ـ منظمة ولا أعوان إلا أنتم معشر المسلمين. فإن قرأتم في رسالتي صوابا وحقا فكونوا أنصارا لله، واعتصموا بالمساجد، وادعُوا إلى رفق الإسلام يوم تضطرب المدلهمات بقوم غافلين، وإن موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب. لا تسكتوا عن الحق بعد اليوم، واذكروا أن ''الساكت عن الحق شيطان أخرس''... إلى أن قال في آخر هذا النداء مخاطبا العلماء : ''فما قولكم يا علماء المسلمين ؟ (أئفكا آلهة دون الله تريدون ؟ فما ظنكم برب العالمين ؟) أخذ الله عليكم ميثاقه لتبيننه للناس ولا تكتمونه، وقد كتمتم وسكتم، فما حجتكم بين يدي ربكم يوم تعرضون ؟ والموعد الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن الإسلام غدا حق لا مرية فيه، بالحَسَن، إن تاب وأصلح وبادر، أو بدون الحسَن. صدقنا موعود الله ورسوله، وكذبنا أوهام الواهمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين''.
كان الأستاذ ياسين يؤمن بأن الأمر يتعلق بدعوة ينبغي لها أن تسير بموته أو حياته، وكأن الأمر ليس فيه اختيار، ولذلك حرص أن تصل رسالته إلى كل من له سلطة فكر أو علم أو ثقافة أوسيف.
س : وكيف تعاملت السلطة مع الرسالة، وكيف كانت تداعياتها ؟

ج : بعد انتشار أمر الرسالة بأقل من أربع وعشرين ساعة، حضرت السلطة بسيارة إسعاف إلى بيت الأستاذ ياسين، وأخذته مباشرة إلى مستشفى الأمراض العقلية.
س : اعتبروه مجنونا ؟

ج : في منطق السلطة المخزنية ما أقدم عليه الأستاذ ياسين لا يمكن أن يصدر، في المغرب طبعا، إلا عن مجنون. ولهذا أخذته واحتجزته في مستشفى المجانين في مكان معزول عن المرضى الحقيقيين.
س : وماذا فعلوا بصاحبيه ؟

ج : أخذوهما معصوبي العينين واقتادوهما إلى معتقل درب مولاي الشريف الشهير حيث كان يُحتجز الشيوعيون ويُعذبون (إلى الأمام، و23 مارس...).
س : كم قضى ياسين في مستشفى الأمراض العقلية ؟

ج : قضى حوالي ثلاث سنوات ونصف(من 1974 إلى مارس من 1978)، بينما قضى صاحباه أزيد من خمسة عشر شهرا بدرب مولاي الشريف.
س : ألم يحك لكم الأستاذ ياسين كيف قضى هذه المدة، وكيف كان رد فعله حين أدخل لهذا المكان ؟

ج : لا يفصّل الأستاذ ياسين في حديثه عن هذه المرحلة، لكنه يقول إن الله قد منّ عليه بهذه العزلة التي فرضت عليه فرضا، فانقطع فيها للتعبد وتفرغ لكتاب الله عز وجل والتوسع والتعمق في القراءات والمطالعات والكتابة والتأليف؛ ولا شك أن هذا الحجز الظالم قد ألهم الرجل كثيرا من كتاباته وتنظيراته.
س : هل يمكن أن تمثل لها ؟

ج : في هذه المرحلة وضحت تفاصيل معالم المنهاج النبوي، تربية وتنظيما وزحفا، بعد أن كانت أفكارا عامة مبثوثة في كتاباته السابقة.
س : في سنة 1978 أفرج عن الأستاذ ياسين فوجد نفسه أمام بيئة جديدة، كيف تعامل مع هذه البيئة، وكيف كان تقييمه لأثر رسالة ''الإسلام أو الطوفان'' على النخبة والمجتمع ؟

ج : كان الرجل ينتظر، بعد أن كتب الرسالة وبعد أن ألحق بها نداء إلى أهل العلم ورجال الفكر والثقافة، أن يستجيب هؤلاء وأن يكون للرسالة ما بعدها، ولكن الأمر مضى بعكس المقصود، ولذلك لما خرج وجد الناس قد نسوا كل شيء وكأن الرسالة لم تكن، وانفض الناس عنه إلا ما كان من رجال معدودين على الأصابع ظلوا ملتفين حوله ماضين معه في الطريق مثل السادة أحمد الملاخ ومحمد العلوي السليماني ومحمد النقرة وإبراهيم موزين الملقب ب''الروابزي''، وقد كان صانعا تقليديا يصنع المنافيخ. أما معارفه من أهل الفكر والعلم والثقافة فقد ابتعدوا عنه، بل منهم، كما جاء في بعض الروايات، من حمل النسخة التي وصلته من رسالة ''الإسلام أو الطوفان'' وذهب إلى السلطة ليتبرأ أمامها من الرسالة ومن صاحبها.
س : وهل فكر في خطوة أخرى لاستكمال الطريق بعد أن لم يكن له ما كان ينتظره من رسالته ؟

ج : بعد الإفراج عنه، لم يلبث الأستاذ ياسين أن بادر إلى الاتصال بالناس، في شهر رمضان، بمسجد الحي الذي كان يسكنه بالداوديات، وبدأ يلقي دروسا، بدأها، حسب شهادة من حضروا بداية هذه الدروس، بشرح الحديث القدسي المشهور، الذي يعتبره الأستاذ ياسين دستور الصحبة وبرنامجها: ''حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ. المتحابون فيّ على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصدّيقون والشهداء''. وقد استجاب الناس له وأعجبهم كلامه وكثر عددهم في اليوم التالي، لكن عمر هذه المبادرة الدعوية كان قصيرا؛ فما هي إلا ثلاث جلسات إيمانية في بيت الله حتى ضاقت السلطة بالرجل، فأرسلت إليه من يبلغه أمر عامل المدينة القاطع بأنه ممنوع من التحدث إلى الناس في المسجد. وقد احتج الرجل لدى القائد على هذا المنع، ثم جلس إلى الناس الذين أغضبهم صنيع السلطة يتلو عليهم قوله تعالى: ''ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها''. ثم أخبر الراغبين في الاستماع إليه أن بيته مفتوح لهم. وقد كان الناس يومها متعطشين إلى من يذكرهم بدينهم ويحدثهم حديث القلب، فحضر الناس في البداية بكثرة إلى مجلس الأستاذ ياسين في بيته، لكن عددهم جعل يتناقص بعدما أخبرهم الرجل أنه ليس من الوعاظ الرسميين المعروفين عند العامة، وأن همّه أن يبلغ الناس معاني الإحسان والمحبة والرجولة والقيام لله والجهاد في سبيله، وأن كلامه له تبعات، وأن السلطة تحصي عليهم أنفاسهم داخلين إلى بيته وخارجين، وأنه لم يكن ليخدعهم، فمن اطمأن إليه واختار مجالسه فمرحبا، ومن كان يخشى على نفسه ولا قدرة له على تحمل عسف المخزن، فليس عليه شيء إن هو اختار طريق ''السلامة''.
س : وماذا كان موقفهم بعد ذلك ؟

ج : بعد هذا الخطاب الواضح من الأستاذ ياسين تناقص عددهم، ولم يواظب على الحضور، فيما بعد، إلا نفر قليل منهم.
س : وكيف تحول منهج عبد السلام ياسين من خطاب الأمير إلى خطاب الناس ؟

ج : كانت الكلمة إلى السلطان عسى أن يأتي الله بخير على يديه، ولكن بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من الحجز ظهر للشيخ أن هذه الطريق ليست سالكة، فحول وجهته إلى الناس وفي مقدمتهم المثقفون والنخبة.
س : ولكن الرجل قد يئس من هؤلاء بعد أن انفضوا عنه، وبعد أن لم يكن للرسالة من أثر عليهم ؟

ج : لم ييأس الأستاذ ياسين من خطاب النخبة، وسنجد في خطوة لاحقة أن الرجل سعى كثيرا من أجل التواصل مع هذه النخب من طريق المحاضرات واللقاءات.
س : هل كان إصدار مجلة الجماعة سنة 1979 هو الخطوة التي اعتمدها ياسين للوصول إلى الناس وإلى النخبة ؟

ج : تطورت فكرة مجلة ''الجماعة'' بشكل سريع بعد أن أيقن الأستاذ ياسين أنه لا بد من الهجوم على الناس واقتحام نواديهم خاصة بعد أن قل الوافدون عليه بسبب الخوف. فبعد أن خرج الرجل من تجربة ''الإسلام أو الطوفان''، ولم يجد مستجيبا في المستوى الذي كان يتطلع إليه، دخل المسجد ليخاطب الناس، فإذا بهم ينفضون من حوله بسبب التخويف والتهديد، فرجع إلى بيته يستقبل من اختار الاستجابة لدعوته والإقبال على مجالسه في بيته، فإذا بهذه الفئة المستجيبة لا توفي بالمطلوب كمّا ونوعا. هكذا كانت الصورة، ولهذا، بدأ الأستاذ عبد السلام ياسين يبحث عن طريقة أخرى للخروج إلى سعة العالم من ضيق بيت في درب في زقاق في حي اسمه ''الداوديات''. فكان من الطبيعي أن يفكر الرجل في طريق يسلكها إلى الناس لعله يوسع دائرة مخاطبيه، ويبلغ مشروعه، وهنا جاءت فكرة إصدار مجلة ''الجماعة'' لتخاطب الناس وتبلغهم أفكار الرجل.
س : وكيف تم ذلك، ومثل هذا العمل الإعلامي له شروطه ومواصفاته ؟

ج : أول مشكل طرح هو كيفية الحصول على الإيداع القانوني، ولم يكن هذا هو المشكل الوحيد، فقد حكا الأستاذ ياسين طرفا من المشاكل التي اعترضت إصدار المجلة في عددها الأول، بحيث كان على الأستاذ ياسين ومن معه أن يواجهوا أربع عقبات :
1ـ الإيداع القانوني، ومن يستطيع أن يسلم إيداعا قانونيا لرجل كان منه ما كان من شأن مخاطبة الملك في رسالة ''الإسلام أو الطوفان'' ؟
2ـ التمويل، ومن يستطيع أن يمول هذا المشروع الذي فيه إعلان لكلمة الحق.
3ـ الطبع، وخاصة بعد أن ترددت مطابع كانت تطبع كتب الأستاذ ياسين قبل رسالة ''الإسلام أو الطوفان''، بسبب التخويف والتهديد المخزني الذي وصل إلى كل مكان كان يريد الأستاذ ياسين أن يلجأ إليه للطبع.
4ـ التوزيع.
وقد يسر الله لهذه المجلة أن تظهر بفضل رجل اسمه ''إبراهيم الشرقاوي''. وقد يسره الله في هذه الظروف، لكن الأستاذ ياسين، على الرغم من حاجته لمن يمول هذا المشروع الإعلامي الدعوي الناشئ، اشترط على السيد الشرقاوي أن لا يكون له تدخل في الخط التحريري للمجلة، إذ كان يرفض أن تخضع المجلة، وهي لمّا تولد، لسلطان المال وما يكون مع المال من أهواء وميولات، ولذلك فقد قالها الأستاذ صريحة للسيد إبراهيم الشرقاوي : إذا أردت أن تساعد على إخراج هذه المجلة فمرحبا بك، لكننا، قبل ذلك، نشترط عليك أن تكتب رسالة تبين فيها نيتك وعزمك، وتعطينا عهدا على أن يكون تمويلك خالصا لوجه الله دون أن يكون لك أي غرض شخصي وراء ذلك.
الجزء الثالث من الحوار

من "أسرة الجماعة" إلى تأسيس "جماعة العـدل والإحسان"

انتشرت مجلة الجماعة، وبدأت الوفود تصل إلى بيت عبد السلام ياسين بمراكش، فرحل إلى سلا ليكون قريبا من مركز المغرب، ومن هناك بدأت تجربة أسرة الجماعة، ولما اعتقل ياسين استثمرت الجماعة محنتها سياسيا وإعلاميا، ولما خرج ياسين من معتقله وجد جماعته قد توسعت تنظيميا وعدديا، ونجح في بناء الجماعة، وأعلن شعار العدل والإحسان.
س : هل دشنت مجلة ''الجماعة'' مرحلة جديدة في العمر الدعوي للأستاذ عبد السلام ياسين ؟

ج : بعدما انتشرت المجلة وذاع صيتها، بدأ الأستاذ عبد السلام يستقبل الزوار القادمين من جميع أنحاء المغرب. ومن أبرز الوجوه التي زارت الأستاذ ياسين، الأستاذ محمد بشيري رحمه الله، والأستاذ محمد عبادي وهو اليوم عضو في مجلس إرشاد الجماعة. وعلى الرغم من التضييق الذي تعرضت له المجلة، وكذلك عدم انتظامها في الصدور بسبب المشاكل المادية والفنية، فإن المطلع على موادها وموضوعاتها يجد أن التركيز كان على التواصل مع الناس وعرض الدعوة، ولذلك نجد من بين المواد المنشورة في المجلة رسائل كتبها أولئك الذين انضموا إلى الأستاذ واطمأنوا إلى السير معه، كرسالتي الأستاذين محمد بشيري، رحمه الله، والأستاذ العبادي. وللتاريخ أسوق هنا مقتطفات من رسالة محمد بشيري، رحمه الله، المنشورة في العدد الخامس من المجلة، كتبها بعد أن اطمأن إلى مصاحبة الأستاذ ياسين في طريق الدعوة واقتنع بما كان يعرضه؛ قال، رحمه الله، عن أول لقاء له بالأستاذ ياسين : "...وأقبل علي الأخ عبد السلام ياسين هاشا محييا بتحية الإسلام، وعانقني عناقا حارا ينضح صدقا وإخلاصا، وإذا بالحقيقة الماثلة أمام عيني أكبر من تصوراتي...". ثم يقول عن أثر ترحيب الأستاذ ياسين به: ''وترددت كلمات الترحيب في قلبي وضميري قبل أن تتردد في سمعي، ورحت أقارن بين عذوبة الابتسامة وصفاء النظرة وبين صدق الحديث عند الرجل فازداد قربا مني أو بالأحرى ازددت قربا منه، وكأني أعرفه منذ زمن ضارب في القدم...". ويقول عن بداية توطد العلاقة وما كان بينهما من مناقشات وحوارات : "...وأخذت أتردد على منزل الأخ عبد السلام نتجاذب أطراف الحديث ومحور أحاديثنا الدعوة والدعاة. ولم يخطر ببالي مطلقا أن أتخذ منه شيخا أو مرشدا، وما هو بالحريص على التشبه بالشيوخ ولا بالمرشدين، إلا ما كان من حرصه على لمّ الشعت ورأب الصدع..." إلى أن يقول : "...ولم يشف الأخ عبد السلام غليلي لأول وهلة، وطفق يفتح بصيرتي وبصري على ما كنت أجهله من حقيقة الصوفية النقية الطاهرة موضحا أن الأتباع من ذوي الضمائر المتعفنة قد أساؤوا إلى الصوفية أبلغ إساءة، وخاض أصحاب الأغراض الوضيعة في الماء العكر، ورسخ في أذهان المتطرفين أن الصوفي مثار كل الخرافات والخزعبلات التي نسجتها مخيلات محمومة تستلهم ضلالها من توجيه الشيخ وبإيعاز منه...ولم يكن ما أسرّ إليّ به من حديث استدراجا لتغيير موقفي بقدر ما كان محاولة لإخراجي من ضيق الأفق الفكري إلى سعته...". ثم يقول عن اطمئنانه للأستاذ ياسين : "...وشعرت بألمعية رجل التعليم الخبير بفنون التربية ومناهجها تسيطر على لبي ووجداني، وبدأت الوحشة تزول تدريجيا، وبزوالها بدأت غيوم الخلفيات والترهات الباطلة تنقشع، ولم أر من الأخ عبد السلام ولم أسمع منه ما يندرج تحت وصف ''الصوفي المخرف'' التي ألصقت به بغير وجه حق." ويقول عن العهد الذي قطعه على نفسه : "...ليس في عنقي بيعة لأحد إلا العهد الذي قطعته على نفسي لأحملها على إخلاص النية لله. ولست سنيا تصوف كما يخطر بأذهان البعض، كما أني لست صوفيا نبذ الصوفية ليتمسك بالسنة، وليس بين السني والصوفي أي فارق إلا ما كان من ذلك الركام من الأوهام والأضاليل...". رحمه الله، وجزاه عن الدعوة إلى الإسلام بمنهاج الإسلام وعلى هدي سنة نبي الإسلام أعظم الجزاء.
س : وكيف انتقلت التجربة من مجلة ''الجماعة'' إلى أسرة الجماعة ؟ وهل من الجائز أن نعتبر أن فكرة التنظيم كانت جاهزة، وما كانت مجلة ''الجماعة'' إلا تمهيدا لها ؟

ج : إذا تتبعنا التسلسل التاريخي، فسنجد أن العدد الأول من "مجلة الجماعة" صدر سنة 1979، أما أسرة لجماعة فلم تتأسس إلا في سنة 1981. فبين هذين التاريخين كان هناك اجتهاد في الاتصال بالناس والتواصل مع النخب، ولم يكن في نية الأستاذ عبد السلام ياسين يومئذ أن يؤسس تنظيما. ومن اجتهادات الأستاذ ياسين في هذه الفترة للتواصل مع الناس محاضراته التي ألقاها في"دار الدعوة" بالرباط. وفي هذه الدار كان للأستاذ ياسين ''حوار مع النُّخب المُغرَّبة'' في محاضرة بالفرنسية سنة 1980 بدعوة من جمعية كان يرأسها آنذاك، حسب ما يذكر الأستاذ ياسين، الدكتور زكي مبارك. فهذه الفترة إذن (1981-1979) كانت للتواصل، وكان قصد الأستاذ أساسا أن يضم جهوده وجهود من معه إلى جهود الذين سبقوهم للميدان من أجل صالح الدعوة ومستقبل جماعة المسلمين، ولذلك وجدناه، بعد العدد الأول من مجلة ''الجماعة'' يعترف بفضل من سبقه إلى الجهاد بالكلمة وينوه بصحيفة ''النصيحة'' لعلي الريسوني بشفشاون، و''النور'' لإسماعيل الخطيب بتطوان. فقد كان الهدف هو البيان والتواصل وجمع الجهود.
س : في هذه الفترة تحدث كثير من قادة الحركات الإسلامية الأخرى أنه جرى تواصل بينهم وبين الأستاذ عبد السلام ياسين لتوحيد الصف الإسلامي بعد ما سقط تنظيم الشبيبة الإسلامية وتعرض لنكسة كبيرة ؟

ج : أصبحت مجلة ''الجماعة'' صوتا جديدا يعرض مشروعا دعويا جديدا، وصار لها حضور، ولو في حدود ضيقة، في أندية الناس وبخاصة أندية رجالات الدعوة. ولم يبدأ التفكير في التواصل مع الجماعات الأخرى إلا بعد أن أصبح بعض الإخوة يفكرون في تأسيس عمل إسلامي مستقل. وقد حكى الأستاذ ياسين أن الرأي في البداية لم يكن متجها إلى بناء تنظيم جديد، وإنما إلى جمع جهود العاملين في جسم قوي، في جماعة المسلمين القطرية تحت اسم ''حزب إسلامي''، كما يحكي الأستاذ ياسين. وقد فسر الأستاذ سبب اختياره لفظة ''الجماعة'' عنوانا للمجلة بكونه يقصد جماعة المسلمين التي لن تكون أسرة تحرير مجلة ''الجماعة'' إلا لبنة في بنائها. وهكذا تم اقتراح تنظيم جولات للاتصال بالعاملين وقتئذ في ميدان الدعوة. ويحكي الذين شاركوا في هذه اللقاءات أنهم حين كانوا يعرضون أنفسهم وأفكارهم كان لسان حال الآخر يسألهم : من أنتم ؟ ويعترف الأستاذ ياسين أن الإخوة، في أسرة الجماعة، في هذه الفترة كانوا حالمين حين كانوا يتصورون أنه بالإمكان تحقيق الوحدة بين مكونات الطيف الإسلامي، وأنهم ضيعوا قريبا من سنة ونصف يجرون وراء المثاليات، لأن الواقع الذي لا يمكن لأحد أن يزحزحه، والذي يجب الاعترف به والعمل وفقه هو التعدد.
س : ألم يكن هناك في هذه الفترة تواصل مع بعض الشخصيات المحسوبة على العمل السياسي والعمل النقابي ؟

ج : نعم وقع ذلك، ويحضرني في هذا السياق اسم الأستاذ عبد الله إبراهيم، رحمه الله، والنقابي المحجوب بن الصديق، لكن اللقاء بهم أبان أن همّهم كان بالأساس سياسيا، ولذلك انقطع الاتصال بهم.
س : وماذا عن اللقاءات بقادة الحركات الإسلامية الأخرى، كيف تمت وكيف كانت أجواؤها، وماذا دار داخلها، وما هي رواية الأستاذ عبد السلام ياسين بخصوصها ؟

ج : لا أعرف تفصيلات هذه اللقاءات. والذي أعرفه عموما أنه جرت اتصالات بهيئات وشخصيات إسلامية وبشخصيات سياسية عموما. أما الذين كانوا مكلفين بهذه الاتصالات فهم الأساتذة أحمد الملاخ ومحمد بشيري ومحمد العبادي وأيضا الحاج إبراهيم الشرقاوي الذي سبق ذكره. لقد تم الاتصال بالسلفيين، في فرع الرباط، لأن نشاط هذا الفرع كان أكبر من نشاط المركز، وكان الأستاذ فتح الله أرسلان يومئذ ما يزال من نشطاء جمعية الدعوة إلى الله السلفية في الرباط. وتم أيضا الاتصال في فاس بجمعية الدعوة وبتنظيم الطلائع، وبالإخوة في القصر الكبير، وفي الشمال بالسيد الريسوني، وبأفراد من الشبيبة الإسلامية قبل انفصال جماعة التبين والجماعة الإسلامية...لكن المتصلين عادوا من جولاتهم صفر اليدين إلا ما كان من اكتساب تجربة جديدة من خلال الاتصال بالناس والاستماع إليهم ومعرفة مشاربهم وأهدافهم. وفي تقديري أن من الأسباب التي جعلت الآخرين لا يتجاوبون مع عرض ''أسرة'' الأستاذ ياسين، زيادة على كون هذه التنظيمات كانت أمرا واقعا بخلاف عرض الأستاذ ياسين الذي كان ما يزال يبحث عن ذات، أن كثيرا من الناس، وخاصة من أهل الفكر والدعوة، كان لهم عن الأستاذ ياسين تصور اختلط فيه الواقع بكثير من الإشاعات والدعايات، فمنهم من كان ينظر إلى الرجل من خلال سوابقه مع المخزن، ومنهم من كان مقتنعا، بحكم تجربة الأستاذ في الزاوية، أن الرجل صوفي لا فرق بينه وبين الآخرين من أهل البدع والخرافات.
س : بعد مرحلة الوفود ومرحلة الاتصال بالحركة الإسلامية من أجل توحيد الصف الإسلامي جاءت مباشرة بعد ذلك فكرة تأسيس أسرة الجماعة، هل اقتنع عبد السلام ياسين ببناء التنظيم ؟

ج : من الأشياء الطبيعية أنك عندما تريد أن تتواصل، وتجد أن هذا التواصل الخاص، أي مع الحركات الإسلامية الأخرى، يفرض عليك أن يكون لك كيان قائم، إذ لا يمكن أن ترغم الناس على أن يُذَوِّبوا ذواتهم بكلمة أو بنية حسنة أو بفكرة مثالية حالمة، فإن الواقع يفرض عليك التفكير في إيجاد كيان خاص بك، فكان أن تأسست ''أسرة الجماعة'' في بيت السيد إبراهيم الشرقاوي بمراكش بحضور حوالي ثلاثين فردا، وفي هذا الاجتماع تم التصويت على أول مجلس للإرشاد إيذانا بميلاد تنظيم إسلامي جديد، وبدء الخطوات الأولى لعمل منظم محليا وقطريا. ومن الأسماء التي حضرت هذا اللقاء التأسيسي الأستاذ ياسين طبعا والسادة أحمد الملاخ ومحمد بشيري وصاحب البيت إبراهيم الشرقاوي وعلي سقراط ومحمد النقرة وعبد الكريم الهلالي وإبراهيم موزين (الروابزي).
س : ألم تفكر هذه الأسرة في تأسيس حزب سياسي ؟

ج : تم التفكير في حزب سياسي إسلامي، وبعد ما سدت الأبواب في وجه هذه الفكرة لم تبق إلا صيغة واحدة للعمل وهي تأسيس جمعية إسلامية ذات صبغة سياسية، وهكذا كان ميلاد جمعية الجماعة الخيرية.
س : ومتى تأسست الجمعية الخيرية ؟

ج : تم إيداع قانونها الأساسي لدى السلطات في أبريل سنة ,1983 وهي الجمعية التي اتخذت لها سنة 1987 شعار ''العدل والإحسان''، والتي ما تزال السلطات المخزنية تنكر وجودها على الرغم من الأحكام القضائية العديدة التي أكدت قانونية الجمعية. وكانت السلطات قد اعترضت بمناوراتها الإدارية المخزنية المعروفة على الجمعية في صيغتها الأولى التي ظهرت سنة 1982 باسم ''جمعية الجماعة''، واحتالت حتى انتزعت من المسؤولين الوصل المؤقت الذي كان بحوزتهم. وبعد احتجاجات في أشكال متعددة انتهى رأي ''أسرة الجماعة'' إلى طلب جديد باسم الجمعية الخيرية لكن بنفس القانون الأساسي السابق.
س : انطلت على أسرة الجماعة لعبة السلطة التي كانت تريد أخذ الوصل بدعوى أنها تريد أن تسلم للأسرة الجماعة الوصل النهائي ؟

ج : نعم، هكذا تم الأمر، وطلبوا من السيد فتح الله أرسلان أن يسلم لهم الوصل على أساس أن يعطوه الوصل النهائي، ولحد الساعة لم يظهر لا الوصل الأصلي ولا الفرعي، وبقيت وضعية الجماعة القانونية على هذا الحال إلى اليوم.
س : متى غادر عبد السلام ياسين مراكش إلى سلا وما سبب تغييره للمكان ؟

ج : في سنة 1980 فكر الأستاذ ياسين أن يغادر مدينة مراكش ويستقر بحي السلام بسلا، ليكون قريبا من الرباط حيث ملتقى السياسيين والمثقفين، و''للهجوم على الأمر في عقر داره'' بعبارة الأستاذ ياسين.
س : كيف رتبت أسرة الجماعة أولوياتها، وكيف نزلت أولوية بناء التنظيم ؟

ج : في الحقيقة، الفترة الحاسمة لم تبدأ إلا مع اعتقال 1983.
س : وما سبب اعتقال عبد السلام ياسين هذه السنة ؟

ج : سبب الاعتقال الحقيقي، كما يعتقد مسؤولو الجماعة، كان هو ما كتبه الأستاذ ياسين في افتتاحية العدد العاشر من المجلة بعنوان ''قول وفعل''، وهو رد مباشرعلى الرسالة الملكية المشهورة ب''رسالة القرن''. لكن السلطات المخزنية، كعادتها في الاعتقالات السياسية، لفقت له تهمة أخرى لتبرير اعتقاله.
س : مثل الطعن في المؤسسات والإخلال بالأمن العام ؟

ج : نعم مثل ذلك مما هو معروف ومشتهر. والحقيقة، أن الرجل اعتقل بسبب رأي أعلنه، فاقتيد إلى سجن "لعلو" سنة 1983. وفي تلك الفترة كانت مجلة الجماعة قد وصلت إلى كل أطراف المغرب، على الرغم مضايقات السلطة ومصادرتها للأعداد الخامس والعاشر والسادس عشر الذي توقفت عنده المجلة إلى اليوم. وقد كان جسم الجماعة التنظيمي يومئذ ما يزال في طور النشأة، إلا أنها نشأة كانت تمتاز بسرعة النمو وإقبال الشباب المتزايد. وفي أطوار هذه محاكمة وجد هذا الجسم التنظيمي الناشئ الغض نفسه أمام أول امتحان في مواجهة قمع السلطة وعنفها وإرهابها. فقد كانت هناك اعتقالات يوم جلسة يناير 1984، ويوم جلسة 23 فبراير، ويوم 23 مارس. وفي ماي 1984 صدر الحكم على الأستاذ ياسين بسنتين نافذتين حبسا و5000 درهم غرامة. ولم تكتف الدولة بمحاكمة الأستاذ ياسين بل تعدته إلى رموز الجماعة الناشئة، فاعتقلت الأستاذ محمد بشيري، رحمه الله، وصدر في حقه مع عشرة من إخوانه أحكام تراوحت بين سنتين وثمانية أشهر سجنا نافذا، ثم تغير هذا الحكم في الاستئناف إلى ثلاثة أشهر في حق الجميع، كما حكم على سعيد الغنيمي بخمس سنوات نافذة سجنا. وفي الفترة نفسها اعتقل الأستاذ فتح الله أرسلان صحبة بعض من إخوانه، وقضوا أربعين يوما في الحجز قبل الإفراج عنهم من غير محاكمة.
س : هل يمكن القول بأن الجماعة أحسنت استثمار المحنة سياسيا وإعلاميا وضمنت لنفسها انتشارا كبيرا في المغرب ؟

ج : بالتأكيد، ففي هذه ال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السيرة الذاتية لعبد السلام ياسين في حوار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السيرة الذاتية لنايف حواتمه
» عبد السلام ياسين - واستعباد المريدين- عزيز العرباوي
» أهمية القدرات الذاتية في الدراسة
» قصيدة ثورة الشك لعبد الله الفيصل
» العودة إلى جيبوتي/ معبر الدموع لعبد الرحمن الوابري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حلم المهرجان :: حوارات هامة-
انتقل الى: