اعتبرها المراقبون رسالة شديدة اللهجة لإسرائيل والولايات المتحدة
زيارة اللواء موافي إلى دمشق صياغة جديدة لمرحلة ما بعد مبارك
محمد نعيم من القاهرة
حملت زيارة مدير الاستخبارات المصرية العامة اللواء مراد موافي إلى سوريا العديد من المؤشرات التي تؤكد انفتاح مصر ما بعد مبارك على علاقات جديدة مع دول مركزية في المنطقة، وإعادة صياغة العلاقات الدولية المصرية بما يتسق مع متطلبات المرحلة الجديدة التي يمر بها الشرق الأوسط.
مدير الاستخبارات المصرية العامة اللواء مراد موافي
القاهرة: عكست زيارة مدير الاستخبارات المصرية العامة اللواء مراد موافي إلى سوريا صياغة جديدة لملامح علاقات مصر الخارجية، فقبل الزيارة بأيام توالت الاتصالات الهاتفية المتبادلة بين قائد المجلس العسكري المصري المشير محمد حسين طنطاوي، والرئيس السوري بشار الاسد، في محاولة لإعادة ترتيب أوراق العلاقة بين البلدين، بعدما سادتها اجواء من الخلاف وتباين وجهات النظر إبان حكم النظام المصري السابق.
وعلى خلفية تنسيق المواقف المشتركة بين الطرفين خلال اتصالات طنطاوي – الأسد، توجه اللواء مراد موافي الى دمشق، ليلتقي الرئيس السوري في مسعى إلى رأب الصداع بين دمشق والقاهرة، والتعاطي مع المتغيرات الجديدة التي تشهدها المنطقة العربية، بما يؤكد السعي المصري الى اعادة قراءة علاقاته بدول المنطقة، وما ينطوي عليها من تمرير رسائل لقوى اقليمية ودولية، تتقدمها الولايات المتحدة واسرائيل.
الدول المركزية في المنطقة
في حديث خاص لـ "إيلاف" يرى الدكتور طارق فهمي الخبير السياسي في المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط: "ان زيارة اللواء موافي لسوريا ولقاءه بشار الاسد، تأتي ترجمة حية لمحاولة مصر استئناف علاقاتها بالدول المركزية في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية وسوريا، فضلاً عن انفتاح القاهرة بشكل اكبر على دول الخليج العربي، مع الحفاظ على توازن اقليمي حول تلك العلاقات مع ايران، فلا يعني توطيد العلاقات المصرية السورية - انطلاقاً من المنظور المصري الجديد - التباعد عن ايران وتجاهل ثقلها السياسي في المنطقة".
ويحمل لقاء موافي – الأسد بحسب حديث الدكتور فهمي لـ "إيلاف" رسائل شديدة اللهجة لقوى اقليمية ودولية، تتصدرها الولايات المتحدة واسرائيل، فكلتا القوتان تتعاملان مع التقارب المصري السوري على انه بات مؤشراً خطراً، يرفض انحسار الدور المصري في القضايا ذات الصلة بالأمن القومي الاسرائيلي، فكما إن دور القاهرة لن يغيب عن التعاطي مع ملفات الصراع العربي الاسرائيلي، سيّما القضية الفلسطينية وما يتعلق منها بالوضع في قطاع غزة، والعلاقات الفلسطينية – الفلسطينية، فإن دورها سينفتح بشكل اكثر جرأة على ملفات عربية وخليجية أخرى دون قيود او معوقات، وسيكون الملف العراقي والسوري والخليجي ايضا على رأس اولويات التوجه المصري الجديد.
أما المحلل السياسي المصري عمرو حمزاوي، فأكد في حديث خاص لـ "إيلاف" أن "مدير الاستخبارات المصرية العامة اللواء مراد موافي لا يمثل نفسه خلال زيارته لسوريا، وانما يمثل وزير الخارجية نبيل العربي، إذ إن الاخير يتمتع برؤى راديكالية، تصرّ على ضرورة فتح افاق من التعاون والعلاقات مع مختلف المحاور والدول في المنطقة، كما تؤكد زيارة اللواء موافي محورية دور الاستخبارات المصرية العامة في متابعة ملفات امنية وسياسية ذات صلة بالمناطق الساخنة كافة، مما يعكس الدور الايجابي المتعلق بجهاز الاستخبارات المصرية العامة خلال الفترة المقبلة".
احتمالات تضارب المسارات
في ما يتعلق باحتمالات تضارب المسارات بين الانفتاح المصري السوري من جهة والتحالف السوري الايراني من جهة اخرى، أعرب حمزاوي عن اعتقاده أن الفترة الحالية ليست منعطفاً للصراع على الادوار في منطقة الشرق الاوسط، وعلى حد قوله لـ "إيلاف" فإن "هناك ادراكًا سوريًا مباشرًا للتطورات الجديدة التي تشهدها المنطقة، فضلاً عن ان الاسد يعي جيداً حجم الضغوط الممارسة عليه داخلياً وخارجياً لإعادة ترتيب اوراق اجندته السياسية.
ولعل الدوائر السياسية في دمشق باتت على قناعة بأنه لابد من تبني النظام السوري سياسة الانحناء للعاصفة، وعدم التمسك بأفكار كانت في الماضي نهجاً سياسياً لنظام بشار الاسد". واعتبر حمزاوي ان المظاهرات السورية التي احتشدت امام مقر سفارة دمشق في القاهرة خلال اليومين الماضيين، تؤكد ان نظام بشار الاسد بات قاب قوسين او ادنى من السقوط، اذا لم يعيد النظر في اجندته السياسية خارجياً وداخلياً.
على الرغم من ذلك لا يستبعد عمرو حمزاوي استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، فتح قنوات جديدة للتقارب بين مصر وايران، شريطة ان يكون هناك التزام ايراني حيال القضايا ذات الصلة بمنطقة الخليج العربي، وعلى حد قوله لـ "إيلاف" فـ "ينبغي على ايران التخلي عن الصراع مع منطقة الخليج العربي على اساس إثني "الشيعة والسنة"، سيما ان هذا الصراع بات ورقة خاسرة لا ينبغي التلويح بها في وجه الانظمة الخليجية، ولكي تحظى الدولة الفارسية بتقارب مع دول الخليج والدول العربية بشكل عام، ينبغي عليها التخلي عن استراتيجيات المد والنفوذ الشيعي، واحترام سيادة دول المنطقة العربية والخليجية على اراضيها".
اشتباكات ومواجهات دبلوماسية
بالعودة الى الرسائل التي تحملها زيارة اللواء مراد موافي لسوريا، يرى الدكتور طارق فهمي في حديثه لـ "إيلاف" أن "تلك الزيارة تعطي انطباعاً بأن مصر ما بعد مبارك لن تتورع عن الدخول في اشتباكات ومواجهات دبلوماسية مع انظمة ترفض التعاطي مع الواقع الأمني والسياسي الجديد في المنطقة، فلن يكون هناك مانع من مواجهة اسرائيل في معاقل نفوذها في مصادر مياه النيل في القارة السوداء، او الاشتباك دبلوماسياً معها في مسألة الحدود المصرية مع قطاع غزة".
وأضاف "كما إنه لن يمنعها ايضا المواجهة الدبلوماسية مع ايران، إذا لم يكن هناك التزام من طهران بالحفاظ على أمن وسيادة دول الخليج على اراضيها، كما ان سوريا لن تعارض هذه الخطوط العريضة، إذا كانت ستشكل انطلاقة جديدة تحافظ على استقرار المنطقة وحمايتها من الانهيار".
وتشير الأوراق الشخصية لمدير الاستخبارات المصرية العامة الجديد اللواء مراد محمد موافي الى انه ولد في الثاني من شباط/ فبراير عام 1950، وانه تولى منصبه الجديد في الحادي والثلاثين من كانون الثاني/يناير العام الجاري بقرار من الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لخلافة رئيس الاستخبارات المصرية العامة اللواء عمر سليمان بعد تعيينه نائباً لرئيس الجمهورية، وقبل تعيينه في منصبه الجديد كان موافي محافظاً لشمال سيناء.
أنهى موافي دراسته في الأكاديمية العسكرية المصرية في عام 1970، وشغل عدداً من المناصب العسكرية ثم مناصب قيادية اخرى في الجيش المصري، حتى تم تعيينه قائداً للمنطقة الغربية، وقبل سنوات من تعيينه محافظاً لشمال سيناء، شغل موافي منصب مدير الاستخبارات العسكرية المصرية، كما حاز موافي عددًا ليس بالقليل من الانواط والاوسمة العسكرية.
وكان احد متخرجي الاكاديمة العسكرية المصرية العليا "اكاديمية ناصر"، كما كان احد اعضاء قيادة اركان الجيش المصري، وهو متزوج، واب لابن وابنتين، ومن بين الأقوال التي أثرتها اسرائيل عنه خلال توليه منصب محافظ شمال سيناء قوله بحسب الموسوعة العبرية على شبكة الانترنت "ان اتفاقات كامب ديفيد جعلت مصر تتقهقر ملايين السنين الى الوراء، واتهم بدو سيناء بأنهم عملاء لإسرائيل".