هل تفضل العدل والإحسان النظام الإسلامي الشمولي على الإصلاح في المغرب؟
قالت مصادر مغاربية أن ثمة قلقا حقيقيا من ردود فعل جماعة العدل والإحسان المغربية على المبادرة الملكية التي أعلنها العاهل المغربي الملك محمد السادس وطرح فيها مبادئ واسعة لتعديل النظام السياسي في البلاد بما يتناسب مع الرغبات الشعبية.
وذكرت المصادر "تعد المبادرة الملكية خطوة كبيرة في سبيل إرساء نظام سياسي متقدم تشمل إسناد منصب رئيس الوزراء لحزب الأغلبية في الانتخابات، وفتح المجال على أوسع أبوابه للممارسة السياسية الناضجة. لكن جماعة العدل والإحسان استمرت في ترديد نفس المقولات القديمة وتحاول الإيحاء بأن طرحها السياسي يحظى بالقبول في الشارع المغربي على الرغم من تكشف ضعف حضورها السياسي بعد الاستجابة المحدودة لدعوات كوادرها للتظاهر في المغرب على خلفية حركة الاحتجاجات في المنطقة العربية."
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن الجماعة لا تعد تنظيما إرهابيا، لكن ثمة بعد أيدلوجي جهادي ملموس في أدبيات الحركة وخصوصا في مؤلفات مرشدها العام عبدالسلام ياسين.
وقال مصدر مغربي اشترط عدم ذكر اسمه "ان ما يتردد في وسائل الإعلام عن سلمية الجماعة وعدم لجوئها إلى العنف، ينقضه كتابات المرشد العام وخصوصا كتابا 'المنهج النبوي' و'سنة الله' اللذان لا يدعان مجالا للشك في وجود وجهين للحركة."
ويشير الكتابان في الكثير من المقاطع إلى خطة بعيدة المدى للوصول إلى غايات جهادية. ويقول عبدالسلام ياسين "علينا أن ننظر عاليا وبعيدا لنخطط لحركة الإسلام ونقودها إلى ساحات الجهاد" ولا يخفي عنفية التوجه عندما يتحدث عن "جند الله المنظمين" و"اقتحام العقبة جهاد تربوي وتنظيمي وميداني ومالي وقتالي وسياسي حتى تقوم دولة الإسلام الخليفي" ويذكر بالحرف أن "حمل السلاح واجب".
يردد المرشد العام الكثير من مقولات "الاستشهاد" و"الجهاد" و"الموت في سبيل الله" وهو ما يتعارض مع الطبيعة السلمية المعلنة للجماعة.
ويرى محللون أن ثمة خطرا كامنا في التعامل مع معطيات الجماعة خصوصا في الوقت الراهن الذي تسود فيه حالة اضطراب غير مسبوقة في المنطقة ترافقها حملة تعبئة إعلامية تتبناها قنوات فضائية محددة قادت فعليا إلى حروب أهلية حقيقية وصراعات طائفية واجتماعية في عدد من الدول العربية بسبب التحريض غير الموضوعي تحت غطاء التذمر الاجتماعي الشرعي في تلك الدول.
ويعتبر عبدالسلام ياسين أن ما يسميه "صناعة الموت" ضرورة تربوية مما يفتح المجال لتفسيرات الجماعات الصغيرة والشابة في تبنيها لمنطق عنيف ودام في مسعاها للتغيير خارج الأطر السلمية المقبولة.
كما يتحدى فكرة الديمقراطية أساسا بالقول أن المسعى هو إقامة دولة الخلافة، أي الصيغة المطلقة للحكم، ويمجد الثورة الإسلامية في إيران التي تقوم أصلا على فكرة شبيهة بالخلافة الشيعية تحت مسمى "ولاية الفقيه"، ويشيد في نفس الوقت حكم طالبان في أفغانستان وسيطرة حزب الله على لبنان.
وتلقي هذه الكتب الضوء على مشهد صار واضحا ويكشف عن وجود أواصر وعلاقات سياسية على مستوى التنظيم بين حركات الإخوان المسلمين بمختلف مسمياتها وواجهاتها وبين إيران على الرغم من الاختلاف المذهبي.
ورغم الحديث عن مطالبات ديمقراطية، إلا أن ثمة شكوى مكررة من الكوادر المتقدمة في الحركة من سيطرة المرشد على القرارات فيها دون الحد الأدنى من الشورى.
وقال مراقب "تلجأ الجماعة إلى التكتم في سياساتها العامة، ليس خوفا من استهدافها من قبل أجهزة الأمن المغربية كما يقال، بل بسبب التعتيم على أهدفها الإستراتيجية الحقيقة."
وأضاف "ثمة امتداد أوروبي للحركة يشمل عناصر تمويل غير معروفة وتنظيم لجماعات في المدن خصوصا في دول أوروبا الجنوبية المتوسطية. ولعل استهداف الشرطة الايطالية لأفراد هذه الجماعة مؤخرا بتهم التحريض هو مؤشر على المستوى المتطور الذي بلغته شبكتهم التي تمتلك بعدا إخوانيا أيضا."
ويعتقد أن الوجه الأخطر يتمثل في المنتمين من الشباب الذين يأخذون فكر الحركة على علاته وهم أصلا على الهامش الفكري والسياسي للحركة مما يجعلهم عرضة للانجراف باتجاه الحركات السلفية الجهادية مع أول هزة اجتماعية أو سياسية إقليمية أو دولية.
ويقول محللون غربيون أن الكثير من الجهاديين بدءوا تحولهم العنيف من خلال الوعظ الذي تردده الجماعات الإسلامية "المعتدلة" الذي سرعان ما يتحلون عنه إلى السلفية المقاتلة.
وحاولت الجماعة الاستفادة من حركة الاحتجاج الاجتماعي في المغرب وهي الحركة الشبابية بالدرجة الأولى ودفعها نحو أجندة مختلفة تماما عن مطالب الشباب.
وعلى الرغم من المبادرة الملكية التي تجاوبت مع مختلف الطلبات التي تتردد في المغرب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، إلا أن الجماعة أصرت على موقفها بعيدا عن كل الحقائق الموضوعية والمعطيات التي تتحكم في مفاصل حياة المغاربة في العصر الحديث.
وقال المراقب المغاربي "يحاولون أن يستخدموا فكرة المستضعف - الضحية وهي فكرة إيرانية بامتياز لجذب تعاطف الناس. ولهذا سعوا إلى المواجهة مع قوات الأمن يوم 13 مارس الماضي خصوصا في الدار البيضاء.