بعد تفتيشهم بالكلاب
نقابة الصحافيين تدين إهانة الأمن الأميركي للصحافيين التونسيين
تونس ـ الصافي السعدي
أدانت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ما تعرّض له الصحافيون، عشية الخميس في مقر وزارة الشؤون الخارجية، من "تفتيش دقيق من قبل أعوان من البوليس الأميركي لوسائل عملهم باستعمال الكلاب وبطريقة مهينة" مما ينم عن "عدم احترام وعن غطرسة عمياء." كما أعربت النقابة، في بيان أصدرته عشية الجمعة، عن رفضها إبقاء الصحافيين ينتظرون لمدة تفوق الثلاث ساعات، قبل قدوم وزيرة الخارجية الأميركية لعقد لقاء صحافي في الوقت الذي كانت فيه هيلاري كلينتون تعقد لقاءً حصريًا مع إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة. وأكدت النقابة وقوفها "الصارم في وجه كل محاولات التعدي على الصحافيين من أي جهة كانت"، داعيةً أهل المهنة إلى "التصدي لكل من يحاول المساس من القيمة الاعتبارية لمهنة الصحافة النبيلة".
هذا وأهابت النقابة، بكافة الصحافيات والصحافيين الدفاع عن المطلب التاريخي للصحافيين والمتمثل في "الحصانة القانونية والدفاع عن حرية الرأي والتعبير عن القيمة الاعتبارية للصحافي التونسي المناضل أبدًا من أجل الحرية والكرامة والاستقلالية."
إهانة للصحافيين
ويأتي هذا البيان بعدما قام عدد من أفراد الطاقم الأمني المرافق لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال زيارتها لتونس بتفتيش الصحافيين المدعوين لتغطية مؤتمر صحافي لها في مقر وزارة الخارجية، بينما اكتفى الأمن التونسي بمراقبة الوضع. ولم يكتف أفراد الأمن الأميركي بهذا الانتهاك لسيادة تونس داخل وزارة الخارجية، وإنما عمدوا إلى إهانة بعض من الصحافيين بإخضاع معداتهم الإلكترونية وكاميرات التصوير إلى تفتيش بواسطة كلب بوليسي، ما آثار استياء الجميع، حيث تعالت الأصوات المنددة بمثل هذا الانتهاك للسيادة التونسية، وإهانة الصحافيين.
وأمام ارتفاع الأصوات الاحتجاجية، تراجع أفراد الطاقم الأمني الأميركي، وفسحوا المجال لأفراد الأمن التونسي ليقوموا بعملية التفتيش، غير أن إهانة الصحافيين تواصلت بتأخر هيلاري كلينتون عن موعد المؤتمر الصحافي الذي كان يُفترض عقده في الساعة الواحدة بالتوقيت المحلي.
وانتظر الصحافيون أكثر من ثلاث ساعات ونصف دون أن تأتي كلينتون، ومن دون إبلاغهم ما إذا كان المؤتمر الصحافي قد ألغي أم لا، الأمر الذي دفع بغالبيتهم إلى مغادرة مقر وزارة الخارجية التونسية.
ورفض مسؤولو الخارجية التونسية تفسير الأمر للصحافيين، في الوقت الذي انتشرت فيه إشاعات تقول إن المسؤولين التونسيين طلبوا من كلينتون تغيير مكان المؤتمر الصحافي لتفادي أي احتكاك مع العشرات من التونسيين الذين نظموا مظاهرة أمام مقر وزارة الخارجية التونسية للتنديد بزيارتها لتونس.
انتقادات سياسية
وقد أثارت زيارة وزيرة الخارجية الأميركية لتونس العديد من الانتقادات خاصة من قبل العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني مما أجبر كلينتون على إلغاء مؤتمرًا صحافيًا كان مقررًا أن تعقده في مقر وزارة الخارجية التونسية نتيجة تظاهرة تندّد بزيارتها وأحرقت خلالها صورة لها، ونقلت موقع مباحثاتها مع نظيرها التونسي المولدي الكافي إلى مقر الحكومة. ورفع المتظاهرون إلى جانب أعلام تونس، علم الثورة الليبية، عند باب مقر الوزارة، وشعارات منها "لا وصاية أميركية على الأراضي العربية" و"كلينتون ارحلي" و"شعب واحد لا شعبين من مراكش للبحرين" و"الشعب يريد إسقاط الوصاية".
من جانبه أصدر حزب العمال الشيوعي بيانًا أدان فيه ما أسماه "تدخل للحكومة الأميركية في الشأن التونسي." مضيفًا "إن الإمبريالية الأميركية التي ساندت النظام الديكتاتوري منذ قيامه لا مصلحة لها في قيام نظام ديمقراطي حقيقي في تونس يجسّم إرادة الشعب ويكرّس استقلالية القرار الوطني، بل إن كل ما يمكن أن تحمله هيلاري كلينتون في جرابها هو التآمر على الثورة وحصرها في مجرد ترميم للنظام القديم حتى لا يخرج الوضع في تونس عن مراقبتها."