[center][b]
:: كوميديا "حيوية"! ::
الكاتب : جورج طرابلسي
كوميديا "حيوية"!
جورج طرابلسي
ملاحظة: هذه ألملهاة عرضت للمرة ألأولى، عام 1950، في "برج ألحوت"، على راحتي قابلة قانونية، صارت غباراً...
***
تنزاح ألستارة عن عينين زائغتين تتنقلان بحركة دائرية بين ألأرض وألسماء، ناقلتين الى "ألخشبة" صوراً محيّرة:
من هنا يبدو ألهناك صغيراً... من هناك يبدو ألصغير كبيرأً... تختلف ألرؤية (ألرؤيا؟!) كثيراً بين ألفوق وألتحت وبين ألعكس وألعكس...
تصبح حركة ألعينين أكثر توترأً...
تتدحرج حبة "بنادول" الى أسفل ألمسرح...
يخف ألصداع...
أحدهم ( وهو واحد من ستة مليارات بحسب آخر ألاحصاءات) يشهر قلمه... يحاول شرح نظرية ألنسبية... يغلق ألستارة... يستبدل ألبصر بألبصيرة... تبدأ ألملهاة...
ألمخرج
***
بداية، ألنشيد ألوطني وقوفاً، تليه فوضى عارمة وحركة ثابتة من بزات وفساتين وتسريحات شعر مختلفة، تتحوّل فجأة الى نقاط منتظمة، وسط صمت مطبق، يخرقه صوت بهلوان: "ما ألفارق بين أدولف هتلر وحبة ألأنتيبيوتيك؟".!
يقهقه ألجمهور بسذاجة...
يسعل ألبعض...
يتنحنح ألبعض ألآخر...
يرتفع مستوى ألغباء...
تُسمع في أرجاء ألصالة تمتمات وانتقادات لاذعة!
ألمشهد ألأول
عينا طبيب تلتصقان بعدسة مجهر...
تنتقل ألرؤية الى شاشة عملاقة... يصفّق ألجمهور للمشهد ألرائع، مشهد ملايين ألخلايا وألجينات في فلك جسد واحد.
- مدهش... مدهش!...
تسيطر على ألوجوه حالة من ألذهول وألبلاهة...
ألمشهد ألثاني
فلاحون يزرعون أرضاً.
يأكل ألفلاحون ألأرض... تأكل ألأرض ألفلاحين.
تفوح رائحة ألطعام ألنتنة في أرجاء ألصالة.
يهزأ ألمخرج من ألجمهور...
يعرض صوراً ساخرة لمآدب فاخرة على ضوء ألشموع، وأخرى لمشردين مع كسرة خبز، لحيوانات تنهش بعضها بعضاً، لصيادين في ألبراري، لطيور تلتهم حشرات، ولحشرات تنخر جثثاً في مقابر...
ألمشهد ألثالث
باقات ورد كثيرة...
واحدة الى حبيبين، واحدة الى عروسين، وواحدة الى والدين سعيدين...
أما بعد، فبدل أكاليل... ودموع بهلوان!
ألمشهد ألرابع
تلسكوب فضائي... وصور مذهلة، تُلتقط للمرة ألأولى، لثقوب سوداء على بعد مليارات ألسنين ألضوئية، تلتهم مجرات عملاقة... وصور أخرى تبدو فيها مجرات حديثة ألولادة....
...وبحركة ذكية، يعود ألمخرج فيسلّط ألضوء بسرعة على مجهر ألطبيب في زاوية ألمسرح، مثيراً دهشة ألجمهور بهذه ألمقارنة ألمذهلة...
- برافو... برافو...
وتصفيق حار، من دون أن يفهم أحدٌ شيئاً!!
ألمشهد ألخامس
يُسمع صوت ألمخرج:
سيداتي، آنساتي، سادتي...
سننتقل بكم ألآن الى ألمنزل في بث مباشر من غرفة ألتواليت...
***
يحدّق ألجمهور بألشاشة...
يشاهد ربة منزل عرجاء تدخل ألحمّام وهي تحمل مطهرأً طبياً قوياً واسفنجة ضخمة.
تضع ألسيدة قليلاً من ألمنظّف على ألاسفنجة.
تغمض عينيها قرفاً.
تزم شفتيها امتعاضاً.
وبحركة عصبية، تمسح ألبكتيريا ألمتكاثرة على حوافي ألمرحاض، ثم تشد "ألسيفون" بعنف، وتخرج متأففة...
ألمشهد ألسادس
يفلت ألقليل من ألبكتيريا من عملية ألتطهير...
يروي أحدها لأحفاده حكاية "طوفان"!!!
ألمشهد ألسابع وألأخير
يشعر ألمخرج بأنياب ألتراب تنغرز في مسامه وخلاياه...
يستبق نهاية ألمسرحية بتناول حبة أنتيبيوتيك...
يوقّّع مقاله...
يأوي الى فراشه...
يصلّي احتياطاً...
وينام...[/b]
[/center]