[center] [b]
«فلاش باك» مونودراما كوميدية عن القهر
عبدالمحسن الشمري
-
للمرة الثانية أشاهد عرض مسرحية «فلاش باك» لفرقة بدعة التونسية، المرة الأولى كانت في مهرجان الفجيرة الرابع للمونودراما الذي أقيم في الفجيرة في يناير الماضي، والمرة الثانية يوم أمس الأول على مسرح الدسمة ضمن فعاليات مهرجان صيفي ثقافي 5 الذي يقيمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
ويبدو أن الثنائي المؤلف والمخرج حسام الساحلي والممثل والمؤلف آدم العتروس قد نجحا إلى حد كبير في تشكيل ثنائي متجانس من خلال هذا العمل، ولم يتغير عرض أمس الاول عن سابقه إلا في بعض التطويل غير المبرر، لكن العرض أكد موهبة الممثل العتروس الذي جسد شخصيات العرض بلياقة تامة، حضر العرض بدر الرفاعي أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وجمهور من الفنانين والأكاديميين ومتذوقي المسرح لم نشاهده من فترة طويلة.
تأليف مسرحي
ربما العرض الذي شاهدناه لا يعتمد في الأساس على نص مترابط، لأنه يقدم فرجة حقيقية تنبع من فكرة في مخيلة المؤلفين الساحلي والعتروس، قاما بعد ذلك بتطويرها مع الأيام خاصة أن المسرحية تعرض منذ خمس سنوات، وقدمت في أكثر من مهرجان ومناسبة، وفكرتها الأساسية تحتمل الإضافات والحذف والزيادة حسب نوعية الجمهور الذي تقدم له، ويؤكد العرض أن المونودراما ليست نخبوية، وبالإمكان ان تكون عرضا جماهيريا يقبل عليه المشاهدون، كونه كوميديا في الدرجة الأولى.
تتحدث المسرحية عن شخصية مهمشة في الحياة اسمه جلول يعاني القهر، ويستعرض حالات القهر التي مر بها منذ طفولته في المدرسة، ثم في المنزل من والده الحاج محمود، مرورا بالظروف التي عاناها بعد ذلك من بطالة وضياع وعدم قدرة على الزواج، والقهر الذي يتعرض له يوميا من المجتمع.
وتكشف المسرحية عن واقع اجتماعي معاش فيه الكثير من التناقضات التي تقود الانسان إلى الحرمان والضياع.
تلك الحالات من القهر تزدحم في مخيلة جلول، ويحاول التخلص منها لكن من دون فائدة فتظل معششة في ذاكرته حتى نهاية المسرحية عندما يتوارى في الظلام مع صوت سيارة الإسعاف الذي يتعالى، في إشارة إلى المصير المجهول لجلول، ومن هم على شاكلته في مجتمع يمارس القهر بلا هوادة.
أداء ممثل
النصوص المونودرامية تحتاج إلى قدرات ممثل قادر على التلوين في الأداء، وتقمص العديد من الشخصيات، والانتقال من شخصية إلى أخرى في لمح البصر، والقدرة على تقديم حركة انسيابية متجانسة على الخشبة، وهي عوامل توافرت عند الممثل التونسي آدم العتروس، فقدم أداء متجانسا إلى حد بعيد، وتعايش مع الشخصيات التي لعبها، ونجح تماما في الانتقال من حالة إلى أخرى بسلاسة، ومن دون أن يؤثر ذلك في أدائه، وكان واعيا جدا لكل حالة يقدمها، وتحرك على خشبة المسرح بليونة تامة، قدم حالات الحزن والفرح واليأس والإحباط بشكل عفوي، وقدم لمسات كوميدية تؤكد قدرته الفائقة على التعايش مع الشخصية التي يؤديها على الخشبة.
أما المخرج حسام الساحلي فقد نجح في تقديم رؤية إخراجية من روح النص، ولاشك أن المشهد الأخير من العرض، عندما تتداخل صور الفلاش باك في مخيلة جلول الذي يعاني القهر، هذا المشهد يكفي للإشادة بموهبة الساحلي كمخرج واع مدرك تماما لما يعمل.
«فلاش باك» عرض مسرحي فيه متعة بصرية ولمسات كوميدية تكشف عن فنان موهوب.[/b]
[/center]