انا مجنون
انا مجنون
ومن يقراني يصاب دمه بالجنون
احمق انا
ان اشعلت النار في ابياتي
وعاقل ان ابقيت لساني في فمه مدفون
فلم الحديث فكل شيء في بلادي مضمون
حق الفقر مضمون
حق البؤس مضمون
وحق الجهل مضمون مضمون
ومن يطلب اكثر من هذا
فله الخيار بين ان يبقى
خارج الفكر كاي شيطان
ملعون
وبين ان يعيش اجمل ايامه
في افخم ما لدينا من كل هذه السجون
فلنغير الحديث اذن
ولنحك عن سهرات المجون
فلنتحدث عن الفن عن الغناء
عن الرقص
عن اللحن والملحون
عن كل من يحسن الصراخ لدينا
يغني
وكل من يعرف كيف يتعرى
يرقص
ففننا اصبح عفنا
فلا كان هذا الغناء ولا كان هذالرقص
ولا كان هذا الفن المعفون
فلنتحدث عن ليالينا الحمراء
عن هذه القدود العرايا
عن محيط من الخمر
تتكسر امواجه وسط هذه البطون
ليصبح سباتنا طويلا
ونومنا لا يفارق هذه الجفون
فنحن كائنات نائمة
النوم عندنا يمتد بدل الساعات او الايام
الى عشرات القرون
فنحن لا نعرف سوى
الاكل والشرب والنوم
و...
و...
و...
كاي كائن اخر
وانجاب الاطفال عندنا
معجزة كبرى
كم يسيل لعابنا لها
كم تدق قلوبنا لها
وكم تتسع فرحة لها كل هذه العيون
وكم مرة اتساءل
هذا العقل العربي
باي شيء معجون
فنحن للاسف
مازلنا نعيش بغرائزنا
بفطرتنا
مازلنا لم نتخط بعد مرحلة الفطام
واي حديث عن الرشد العربي
لن يكون الا حديثا ذا شجون
فنحن مازلنا لم نتعلم بعد
والتاريخ لدينا ليس الا مجرد ارقام نعدها
او قصة نرويها لاطفالنا
ليناموا من المهد الى المنون
فالعبرة لدينا ليست بما كان
وانما بما سيكون
فلم يعد يهمنا شيء
ولم يعد يخيفنا شيء
فحقارتنا الفناها
ووضاعتنا الفناها
وهزائمنا
كل يوم نحسبها بالمليون
واروع مالدينا من احلام
هو نوم بين فخدي امراة
هو سفر في دخان سيجارة ملغومة
هو ان لا نموت بالطاعون
ونموت بجرعة من الافيون
فاحلامنا انهيناها
ولم يعد لدينا شيء
واشياؤنا بعناها
كرامتنا قتلناها
شجاعتنا نسيناها
وكل ما تبقى من هذه الحضارة
فهو مرهون
اشعار عنترة
عيون زرقاء اليمامة
سيف صلاح الدين
ومستقبل هذا الشعب العربي المغبون
مرهون مرهون مرهون
فلنغير الحديث اذن
ولنترك وضف الليل المسكون
غزل الجواري والاماء
مدح الرشيد والمامون
لنتكلم عن قصب السبق
في مختلف العلوم والفنون
لنتكلم عن الجهليلوجيا
والقمعيلوجيا
والتخلفيلوجيا
ولنتعلم من فنوننا فهي لست كباقي الفنون
فاذا كان الحمار في بلاد الغرب
بعملية تجميل يصبح حصانا
ففي بلادنا بقليل من المال
يتحول الى وزير مصون
في اصبعه خاتم الحكمة
وفي يده عصا سحرية
تجعل كل شيء يفعله
متقون....متقون
والحكومة لدينا ليست الا مهزلة
يضحكون بها علينا كل عام
والسياسة التي يرسمونها لنا
ليست الا ضحكا على الذقون
وهؤلاء المهرجون من القادة والحكام
كل صعب عندهم يهون
فمن يحكمون لدينا
يعيدون علينا نفس النكتة كل عام
يكررون نفس المسرحيات
عين الاكاديب والحكايات
سنفعل
سنترك
سنقوم
س س س س...
لا يعلمون اننا سئمنا لعبة السين والنون
لا يخجلون ولا يستحون
ولا ينتهون
فهم يستنسخون كالسحيليات
منذ عشرات القرون
فماذا عسى نفعل
اذا كانت الثورة لدينا
هي ان نستبدل المر بالامر
هي ان نستبدل الطاغية بالجلاد
ان نستبدل الاحمق بالمجنون
وكان هذا الغباء
قد رضعناه
اكلناه او شربناه
او هو كالجسد بالروح مسكون
ماذا نفعل اذا كانت الوحدة لدينا
هي ان تتفرق الكعكة
على عشرات الصحون
هي ان يكنز زيد الذهب والفضة
ويترك عمرو مثقلا بالديون
هي ان يبع الثاني حبة زيتون او ليمون...
ويشتري الاول
عن طريق جاك او جون...
هي ان يتحاور القحطانيون والعدنانيون
بلغة فرنسوا او سيمون...
هي ان يخاف العربي من العربي
ان يقام بين البلد والاخر
الاف الحدود وعشرات الخنادق
والحصون
فلنغير الحديث اذن
ولنتكلم عن الثقافة والفن
عن قلم لايكتب
الا باذن الاذن و الماذون
عن الثقافة
عن الفكر
عن قصة المقص
هي من تحدد الشكل
والمضمون
عن شاعر يتغزل بوجه امراته
المفتون
وفجاة ينتحر فوق اشعاره
امام مراى من الميم والنون
لان الوجه الذي ظل يتغزل به
لم يكن سوى لوحة
من المراهم والدهون
فانا مجنون
ومن يقراني يصاب دمه بالجنون
عاقل انا
ان اشعلت النار في ابياتي
واحمق ان ابقيت لساني في فمه مدفون
فهاهي يداي زينوها بالاغلال
لاني خرجت عن صمتي
وبحت بالحقيقة...وكشفت السر المكنون
فهاهي يداي...