شح المياه يدفع الاردن الى اللجوء لمصادر ملوثة
اجبرت مشاكل المياه المزمنة الاردن الذي يعد احد افقر عشر دول في الثروة المائية في العالم، على التوجه نحو خطط "غير تقليدية" و"غير صديقة للبيئة" في بحث يائس عن هذا المورد الحيوي.
وتواجه المملكة التي تغطي الصحراء 92% من اراضيها "فوضى" في التخطيط الاستراتيجي في مجال المياه ما يعيق الجهود المبذولة لادارة مواردها المائية المحدودة بما يتلاءم مع النمو السكاني.
ويحاول الاردن الاستفادة من مياه حوض الديسي القديم (325 كلم جنوب) رغم مخاوف تتعلق بارتفاع مستوى الاشعاع فيما تجرى دراسات لبناء قناة مائية مثيرة للجدل بيئيا تربط البحر الاحمر بالبحر الميت.
ويقول دريد محاسنة خبير المياه والرئيس السابق لسلطة وادي الاردن ان "الطرق التقليدية للحصول على المياه هي الافضل بيئيا. اما غير التقليدية كمشروع الديسي فهي تؤثر على البيئة".
وبحسب الحكومة الاردنية فان المشروع يهدف الى جر مئة مليون متر مكعب سنويا من مياه الحوض الذي يتجاوز عمره 300 الف عام.
ويقول المهندس بسام صالح مساعد الامين العام لوزارة المياه والري مدير المشروع ان "المشروع سيزود عمان بالمياه لمدة خمسين عاما".
واطلق المشروع في 2008 على ان ينتهي بحلول 2012 باستخدام 250 الف طن من الانابيب الحديدية وحفر 55 بئرا لضخ المياه لعمان التي يقطنها 2,2 مليون نسمة ويبلغ الاستهلاك اليومي للفرد فيها 160 لترا.
وكشفت دراسة اعدتها "جامعة ديوك" الاميركية في 2008 ان مياه الحوض تحتوي على نسبة اشعاع يفوق بعشرين مرة المستويات الآمنة بعد فحص 37 بئرا جوفيا.
واكدت ان "مياه الحوض ملوثة بشدة بالراديوم المسرطن".
واضافت ان العديد من الدراسات التي اجريت في الولايات المتحدة وكندا ربطت بين التعرض للراديوم وزيادة معدلات سرطان العظام، فضلا عن اضرار صحية اخرى، بما في ذلك هشاشة العظام وتأخر النمو وامراض الكلى واعتام عدسة العين.
ويؤكد محاسنة ان "الضخ من مياه حوض غير متجدد خطأ"، مشيرا الى ان "مياهه ملوثة بالاشعاع وتحتاج الى معالجة".
الا ان الحكومة تتجاهل هذه المخاوف.
ويقول مدير المشروع ان "هذا الامر معلوم بالنسبة لنا في الاردن ولممولي المشروع ومنفذيه"، مؤكدا "اخذ الاحتياطات اللازمة لمعالجة الاشعة ومنها خلط مياه الديسي مع مصادر مائية اخرى".
واكد ان "مدينة العقبة (325 كلم جنوب) تتزود بمياه الشرب من الحوض منذ سنوات"، مؤيدا ما قاله استاذ المياه الجوفية في الجامعة الاردنية الياس سلامة الذي اعتبر ان "المياه يمكن معالجتها والتخلص من الاشعاع بسهولة، وهو امر عادي لا يشكل مشكلة وليس امرا معقدا كيميائيا او فنيا".
والى جانب هذا المشروع، يخطط الاردن بالتعاون مع جيرانه الفلسطينيين والاسرائيليين لمد قناة بكلفة اربع مليارات دولار من البحر الاحمر الى البحر الميت المهدد بالاضمحلال نتيجة تبخر مياهه وانخفاض منسوبه.
ويجري البنك الدولي دراسة جدوى لهذا المشروع لكن خبراء البيئة يخشون من ان يكون لمياه البحر الاحمر اثر سىء على النظام البيئي للبحر الميت وخليج العقبة.
وبدا انخفاض مستوى البحر الميت في الستينات عندما شرعت اسرائيل والاردن وسوريا بتحويل مجرى مياه نهر الاردن المورد الرئيس لهذا البحر.
ولعقود مضت استغلت الدول الثلاث 95 بالمئة من مياه نهر الاردن لاغراض صناعية وزراعية. وتحول اسرائيل وحدها نحو 60 بالمئة من مياه النهر الذي تحاول جمعية اصدقاء الارض انقاذه.
ومما زاد اكثر في تأثر البحر الميت انخفاض مستويات المياه الجوفية ومياه الامطار من الجبال المحيطة اضافة الى النشاطات الصناعية والسياحية حوله.
ويؤكد منقذ مهيار رئيس جمعية اصدقاء الارض/الشرق الاوسط-عمان ان مشروع قناة البحرين سيؤدي الى "كارثة بيئية للشعب المرجانية بطيئة النمو والبيئة البحرية في خليج العقبة"، داعيا الحكومة الى البحث عن بدائل ممكنة.
وتعترف الحكومة بأن المشروع يشكل تحديا كبيرا الا انها تعتبر ان الوقت لازال مبكرا للحكم عليه.
ويقول فايز البطاينة مدير المشروع في وزارة المياه والري، ان "هناك ست دراسات تتعلق بالمشروع واي مشروع يخطط له في الاردن يتم عمل دراسة جدوى بيئية له"، مؤكدا ان "مشروع ناقل البحرين ليس استثناء".
ونفى "غياب استراتيجية شاملة عن المشروع".
من جانبه، رأى محاسنة ان "هناك مبالغة في بعض التوقعات بخصوص الأثر البيئي للمشروع"، مؤكدا ان "المشروع مجد اكثر من الديسي".
الا انه تحدث عن "فوضى في السياسات المائية" وغياب "استراتيجية حقيقية وادارة كفوءة". وقال ان "الخطط الحالية لم تأخذ برأي احد".
وتعتمد المملكة التي يتزايد عدد سكانها، البالغ 6,3 مليون نسمة بنسبة 3,5 بالمئة سنويا، بشكل كبير على مياه الأمطار لتغطية احتياجاتها في حين يفوق العجز السنوي 500 مليون متر مكعب.
ويحتاج الاردن الى 1600 مليار متر معكب من المياه لسد حاجاته العام 2015.
ويستغل الاردن نحو 60 بالمئة من استهلاكه السنوي من المياه الذي يقارب 990 مليون متر مكعب في الزراعة التي تساهم في 3,6% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للارقام الرسمية.
وقال مهيار ومحاسنة ان الاردن "ليس لديه مشاكل مائية مزمنة (...) الواقع يقول انه يوجد في الاردن مياه لكن هناك سوء ادارة هائل".