بحث في بغداد خطط إستكمال الانسحاب الأميركي بنهاية العام الحالي:
غيتس أكد لطالباني والمالكي إلتزام بلاده بتسليح وتدريب القوات العراقيّة
أسامة مهدي من لندن
بحث وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في بغداد اليوم مع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كلا على انفراد خطط استكمال الانسحاب الأميركي من العراق مؤكدا التزام بلاده بتدريب وتتسليح القوات العراقية وذلك عشية اعتصامات وتظاهرات ستشهدها انحاء البلاد السبت المقبل للمطالبة برحيل القوات الأميركية.
بحث وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تطوير العلاقات بين العراق والولايات المتحدة في جميع المجالات لاسيما التدريب والتسليح بموجب الاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين. وأكد المالكي ان قوات بلاده المسلحة من الجيش والشرطة أصبحت لديها القدرة للتصدي لأي إعتداء وان قدراتها على بسط الأمن والإستقرار تزداد يوما بعد آخر.
من جانبه اشاد وزير الدفاع الأميركي بالتطورات الجارية في العراق على مختلف المستويات واكد استعداد بلاده لدعم الحكومة العراقية ومساندة قواتها الامنية في مجال التجهيز والتدريب. كما تناولت المباحثات خطط استكمال انسحاب القوات الأميركية من العراق بنهاية العام الحالي برغم تقارير تشير الى امكانية الاتفاق على ابقاء 20 الف عسكري منهم الى ما بعد هذا الموعد.
وفي وقت سابق اليوم قال غيتس خلال لقائه جنود أميركيين في قاعدة ليبرتي قرب بغداد ان تطور الاوضاع في العراق رغم انها غير مكتملة تعتبر مثالا للمنطقة. واضاف في تصريحات للصحافيين بعد اللقاء "اذا نظرنا الى الاضطرابات التي تعم المنطقة، فان كثيرين من هؤلاء الاشخاص سيشعرون بالسرور اذا كان بامكانهم الوصول الى حيث يوجد العراق اليوم".
وتابع "ان الامور لا تزال غير مكتملة بعد. لكن هذا شيء جديد، انها الديموقراطية حيث للشعب حقوقه". واوضح غيتس ان "ما تم انجازه هنا مقابل تضحيات ضخمة من جانب العراقيين وجنودنا ومن جانب الشعب الأميركي يعتبر امرا مدهشا".
غيتس وطالباني بحثا تطوير التعاون الامني والعسكري المشترك
كما اجتمع الرئيس العراقي جلال طالباني في قصر السلام ببغداد عصر اليوم مع غيتس والوفد المرافق له الذي ضم من السفير الأميركي لدى العراق جيمس جيفري والقائد العام للقوات الأميركية في العراق الجنرال لويد اوستن.
وقد اكد طالباني اهمية تطوير التعاون البناء وتعزيز العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية بما يضمن المصالح المشتركة لشعبي البلدين. وسجل الامتنان "للولايات المتحدة الامريكية وجيشها على مساعدة الشعب العراقي في التخلص من النظام الدكتاتوري البائد فضلا عن دورها في الوقت الحالي في دعم العملية السياسية و المسيرة الديمقراطية في البلاد" كما قال بيان صحافي رئاسي عراقي.
وبحث الطرفان تطوير مستوى التعاون الامني والعسكري بين الجانبين فضلا عن الدعم الذي يقدمه الجيش الأميركي للقوات المسلحة العراقية "في مجال التدريب والتجهيز وتأهيل بنيتها التحتية لكي تضطلع تلك القوات بالمهام الملقاة على عاتقها في الدفاع عن المنجزات المتحققة وتوفير الاستقرار ومحاربة الإرهاب".
وأكد طالباني وغيتس خلال الاجتماع "على ان هناك مجالات واسعة للتعاون الثنائي المثمر في ضوء الاتفاقية المعقودة بين البلدين لاسيما اتفاقية الإطار الاستراتيجي وبما يسهم في تعميق علاقات الصداقة المتينة بين الجانبين".
ووصل غيتس الى بغداد الليللة الماضية قادما من السعودية والتقى صباح اليوم قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال لويد اوستن والسفير الأميركي جيمس جيفري اضافة الى لقاء 175 عسكريا في قاعدة ليبرتي يشاركون في تدريب القوات العراقية. وتشكل زيارة غيتس هذه وهي الاولى منذ ايلول (سبتمبر) الماضي مناسبة للقاء المسؤولين عن تدريب القوات العراقية التي تواجه صعوبات في تحقيق استقرار امني قبل تسعة اشهر من الانسحاب التام للقوات الأميركية.
ومن المنتظر ان يغادر غيتس الذي زار العراق 12 مرة منذ توليه وزارة الدفاع عام 2006 في في وقت لاحق الى اربيل في زيارة الى اقليم كردستان لاجراء مباحثات مع القادة الاكراد حول العلاقات المستقبلية بين الجانبين اضافة الى الاوضاع في مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط والمتنازع عليها والتي تشهد توترا عرقيا اثر دفع سلطات اقليم كردستان الشهر الماضي بحوالي 5 عنصر من قوات البيشمركة الكردية الى ضواحيها بذريعة حماية الاكراد في المدينة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد دعا امس الاول القادة العراقيين الى استكمال تشكيل الحكومة في أسرع وقت وملء الشواغر الرئيسة وحض على تشكيل مجلس وطني للسياسات الاستراتيجية عملاً باتفاقية المشاركة في السلطة. واضاف في تقريره الدوري الثاني حول تطبيق القرار 1936 أن الأحداث الأخيرة في كركوك تؤكد الحاجة الملحّة الى تعزيز الحوار بين الكورد والعرب حاثا القادة العراقيين على العمل معاً لحل مشكلة كركوك والمناطق الأخرى المختلف عليها.
وعلى الرغم من انخفاض وتيرة اعمال العنف في العراق خلال الفترة الاخيرة لكن الاوضاع الامنية ما زالت غير مستقرة حيث شهدت محافظة صلاح الدين شمال غرب بغداد الاسبوع الماضي هجوما داميا عندما اقتحم انتحاريون من تنظيم القاعدة مقر مجلس المحافظة ما ادى الى مقتل 58 شخصا واصابة 97 اخرين بجروح.
وتأتي زيارة غيتس للعراق التي تستمر ثلاثة ايام بعد أكثر من ثماني سنوات على احتلال العراق والاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين وحيث يستعد ناشطون عراقيون لتنظيم اعتصامات حول القواعد الأميركية في البلاد في ذكرى سقوط بغداد واحتلال البلاد التي تصادف السبت المقبل.
ويتوقع ان يبحث غيتس مع المسؤولين العراقيين ابقاء حوالي 20 الف جندي أميركي في العراق بنهاية العام الحالي وهو الموعد المقرر لانسحاب كامل القوات الأميركية وفقا للاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين اواخر عام 2008. وتأتي زيارة غيتس في وقت ماتزال فيه القوى السياسية عاجزة عن الاتفاق على الشخصيات التي تتولى الوزارات الامنية الشاغرة للدفاع والداخلية والامن الوطني والتي يتولاها المالكي وكالة منذ اعلان حكومته اواخر العام الماضي.
وكان المالكي تلقى الليلة الماضية اتصالا هاتفيا من نائب الرئيس الأميركي جو بايدن تبادلا فيه وجهات النظر حول التطورات الجارية في المنطقة والقضايا ذات الاهتمام المشترك وآفاق التعاون بين البلدين في جميع المجالات. كما جرى الحديث عن توسيع التعاون المستقبلي بين العراق والولايات المتحدة بعد انسحاب القوات الامريكية من البلاد نهاية العام الحالي بموجب الاتفاق الموقع بين البلدين بحسب بيان رسمي. وكان بايدن زار العراق مطلع العام الحالي في أول زيارة له للبلاد منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نوري المالكي وهي الرابعة له إلى العراق خلال سنة.
ويوجد في العراق حاليا حوالى 47 ألف جندي أميركي ينتشرون في 75 قاعدة عسكرية مقارنة مع نشر 166 ألفًا في تشرين الأول (اكتوبر) عام 2007 من خلال 500 قاعدة عسكرية. ويشير مسؤولون عسكريون أميركيون ودبلوماسيون غربيون في بغداد الى أن عدد القوات التي تتم دراسة ابقائها في العراق الآن وستعمل تحت قيادة السفارة الأميركية حوالي 20 الفًا من الجنود المحتمل أن يتجمعوا في قواعد بعيدة عن مناطق النزاع حيث سيتفاعلون بشكل محدود جدًّا مع المدنيين العراقيين.
يذكر أن العراق والولايات المتحدة وقعا اواخر عام 2008 اتفاقية الإطار الإستراتيجية لدعم الوزارات والوكالات العراقية في الانتقال من الشراكة الإستراتيجية مع العراق إلى مجالات اقتصادية ودبلوماسية وثقافية وأمنية وتقليص عدد فرق إعادة الأعمار في المحافظات فضلا عن توفير مهمة مستدامة لحكم القانون بما فيه برنامج تطوير الشرطة والانتهاء من أعمال التنسيق والإشراف والتقرير لصندوق العراق للإغاثة وإعادة الأعمار.
وتنص الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن على وجوب أن تنسحب كامل قوات الولايات المتحدة من جميع الأراضي والمياه والأجواء العراقية في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وكانت القوات الأميركية المقاتلة قد انسحبت بموجب الاتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران (يونيو) عام 2009.