الجنس اللطيف الأكثر اهتماما بها
الأبراج وقراءة الطالع.. بين الهوس والرفض والتسلية
يميل الإنسان بطبعه لمعرفة المستقبل وكل ما هو غامض.. لعل ذلك ما يجعل الكثيرين، خاصة فئة الإناث، يهتمون بقراءة الأبراج يوميا من باب الفضول ومعرفة التطورات اليومية لحياتهم، خاصة إذا تعلق الأمر بفارس الأحلام والتطورات العاطفية، ما جعل منها أمرا ضروريا في حياتهم سواء على المواقع الإلكترونية أو صفحات الجرائد والمجلات أوشاشات التلفزيون
الإطلاع على الحظ صباح كل يوم جديد أصبح شأنه شأن فطور الصباح عند الكثير من اللائي يتفاءلن أو يتشاءمن حسب ما تقوله، ويجعلونها تسير حياتهم بشكل فاق المعقول، لتصبح مرضا يهدد استقرارهم النفسي..
من الفضول الى الهوس
هناك فئة كبيرة من الفتيات لا يستغنين عن قراءة الأبراج يوميا، ولا يترددن حتى في شراء كتب المنجمين من أجل معرفة حظهم في كل المجالات، الحب، المال، السعادة وحتى الصحة، وذلك من خلال الاطلاع عليها على الصفحات المخصصة في الجرائد اليومية والاسبوعية أوالمجلات، أو من خلال المواقع الالكترونية والتسجيل فيها لتلقي النتائج يوميا. وغالبا ما تبدأ الفتيات متابعتها بدافع الفضول ثم سرعان ما تتحول إلى عادة، ومن ثم هوس وإدمان.. هذا ما حدثتنا عنه "زهية"، طالبة جامعية، فهي بدأت تقرأ الأبراج لدى تصفحها لبعض الجرائد، وبعد ذلك اعتادت تصفحها يوميا خاصة بعدما أصبحت تتطابق بعض أحداث حياتها مع ما يقوله البرج، ما دفعها إلى الادمان عليها لدرجة أنها تبحث عنها في كل مكان.. الأنترنت، الجريدة والتلفاز، كما تبحث دائما عن كتب التوقعات السنوية.
نفس الشيء بالنسبة لـ"حكيم"، الذي بدأ الموضوع عن طريق الصدفة حين قال له برجه اليوم تتلقى خبرا سعيدا، وصادف ذلك اليوم نجاحه في شهادة البكالوريا، ومنذ ذلك اليوم حكيم لا يفوت يوما دون الاطلاع على ما يقوله برجه. من جهة أخرى، فقد تلجأ بعض الفتيات إلى الأبراج لملء الفراغ، و سرعان ما تتحول الى عادة سيئة، خاصة إذا تعلق الأمر بالفراغ الفكري الذي يؤدي بصاحبه لملئه بأي شكل من الأشكال.. هذا ما حدثتنا عنه "هبة"، طالبة في السنة الرابعة علم النفس، وهي تقول إن أكثر الفتيات انشغالا بهذه الأمور هن من يعانين من فراغ. هو بالضبط ما حدث مع "حنان" فهي ماكثة بالبيت منذ سنوات، واهتدت عبر الأنترنت إلى مواقع متخصصة في الأبراج لتجد فيها التسلية والمتعة، وهي تترقب ما سيتحقق من توقعات برجها اليوم، وبذلك بدأت حكايتها مع الأبراج. حنان الآن من أكثر المدمنات على الأبراج تدهش كل من يعرفها.. فهي أصبحت موسوعة في هذه الأمور!
كما أن الكثيرين يلجأون إليها من أجل الهروب من الواقع والبحث عن بصيص أمل ربما يتحقق في الواقع.
الأمر لا يتعدى التسلية عند البعض
تصفح الأبراج اليومية هو لمجرد التسلية عند الكثير من الأشخاص، كما يعتبرونها لعبة مسلية شأنها شأن الالغاز والبوقالات.. هذا ما ذهب إليه العديد ممن حاورناهم، مثل آلاء، 22 سنة، فهي تقول في هذا الموضوع: "اطلاعي على الأبراج راجع للفضول فحسب، فأنا أعتبرها لعبة، ولست ممن يصدقونها ويسيرون حسبها، كما أني لا أتابعها عن كثب.. فقط إذا صادفتها على أحد الجرائد أو المجلات.
كذلك "هناء"، 17 سنة، من الجزائر العاصمة، تقول إن الأبراج مجرد تسلية مثلها مثل الفال و البوقالات قديما، وتضيف أنها لا تعتبرها قراءة في المستقبل ولا تتعامل معها كذلك، كما تستغرب أمر الأشخاص الذين يؤمنون بها ويتتبعونها باهتمام كبير، لأنها على يقين أنها غير صحيحة. وأردفت قائلة: "في الكثير من الأحيان أجد نفس التوقعات ليومين مختلفين، الأمر الذي يؤكد أن الجرائد تضعها فقط من أجل التسلية لا غير".
بداية في طريق الشرك بالله
قراءة الأبراج تدخل ضمن الأمور التي حرمها الاسلام على اعتبارها مبنية على الوهم والدجل، وتدخل ضمن محاولة معرفة الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فهي تعد مثل قراءة الكف والفنجان وزيارة العرافات..
وفي هذا الأمر هناك عدة أحاديث نبوية جاءت للتحذير من إتيان هذه المنكرات، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد". وكذلك قوله: "ومن تعلق بشيء وكل إليه". وهذا يدل على أن من تعلق بشيء من أقوال الكهان والعرافين وُكل إليهم، وحُرم من توفيق الله وإعانته.
وفي صحيح الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً"، وهذا في مجرد المجيء، أما إذا صدقه بما يقول فوعيده أشد من ذلك.. فقد روى أهل السنن الأربعة: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد"، وذلك لأنه مما أنزل على محمد قوله تعالى: "قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله" (النمل 65)، وقوله تعالى: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول" (الجن 27 ، 26). وفي حديث آخر رواه البزار بإسناد صحيح: "ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له". والتكهن هو: التخرص والتماس الحقائق بأمور لا أساس لها من الصحة.
لذلك فالعديد من علماء الدين ينصحون المسلم أن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها، ويحذرون من سؤال أهلها أو تصديقهم، طاعة لله ولرسوله، وحفاظا على دينه وعقيدته.
بين هذا وذاك، تبقى هذه الظاهرة تتفاقم عندنا، خاصة مع انفتاح الجزائريين على مختلف تكنولوجيات الإتصال التي تسهل ذلك كثيرا.