الأسئلة المعلقة
في زمنٍ تختنق فيه الأقلام و تختبئ وراء الأساطير والقصص، لا لسرد الخرافات المتوارثة بل لسرد معاناة معاشة ومشاعر مقموعة، يبقى السؤال و الإستفهام أحيانا وسيلة من وسائل العتاب والعقاب، وتسليط الأضواء على المواضيع الشائكة ٠
الإستفهام هو طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل، وهو أداة للحصول على المعارف في مختلف الميادين، ويعتبر السؤال و ممارسته فعل مهم بالنسبة للحياة الإجتماعية ،و الإقتصادية، والسياسية، و الدينية٠
وهناك عدة أنواع من الأسئلة ، منها ما يقبل إجابة محددة ومنها ما يقبل إبداء الرأي ،ومنها ما يفتح المجال للأخذ والرد والجدل القائم على الحجة والدليل، ويعتبر هذا الأخير«الجدل» علما قائما بحد ذاته وهو ليس وليد العصر الحديث ٠
كما أن هناك أسئلة تُطرح لا بغرض المعرفة و تلبية الحاجة العلمية أو العملية، بل بُغية الإحراج و الإستفزاز و بُغية الدفع بالأخر لإعادة النظر في الموضوع المطروح، أو توجيهه لفكرة معينة
وتُعتبر الأسئلة المعلقة من بين أنواع الأسئلة الأكثر ممارسة ، والأكثر إثارة للجدل من غيرها، ليس لأننا لا نملك إجابات شافية و وافية ، بل لأن الإجابات أحيانا تكون صاعقة وصادمة، وأحيانا أخرى تُعري حقائق مُرة٠٠٠
حيث تفرض نفسها وتجبرنا على خوض فعل التفكير، ويستوجب الرد عليها إجابات معينة دون غيرها أو اتخاذ قرارات حاسمة و نهائية ، وهذا النوع من الأسئلة شائع جداً ٠٠٠
أما الإجابات فهي تختلف حسب السؤال الموجه ،وحسب الشخص المفروض فيه فعل الإجابة ، ويُحتمل فيها الصمت٠٠٠ التهرب أو التحايل٠٠٠ الإجابة الوافية والصادقة ٠٠٠المرواغة والكذب٠٠٠ التزييف ٠٠٠ اتخاذ إجراءات أو قرارات ٠٠٠ وفي بعض الحالات تكون الإجابات سخيفة وفاشلة وأحيانا أخرى تبتعد الإجابة عن السؤال كبعد الأرض عن السماء٠٠٠
وهذه نماذج من التساؤلات:
إلى متى هذا التجهيل المتعمد للشعب؟
إلى متى هذا التزييف للحقائق؟
إلى متى هذا التهميش المتعمد للمواطن ؟
إلى متى هذا الإستغلال المبالغ فيه لخيرات البلاد؟
إلى متى هذا الإهمال للعالم القروي؟
إلى متى الإعتماد على التوصيات و المحسوبيات ؟
إلى متى هذا القمع الممارس على السلطة الرابعة و إلجامها ؟
إلى متى هذا التماطل في ملفات الفساد ونهب المال العام ؟
إلى متى هذه الفوارق الطبقية التي تتسع يوما بعد يوم؟
إلى متى هذا النظام المخزني الخانق و السالب لكرامة المواطن؟
متى ستسحب الإمتيازات الممنوحة للفئة معينة من الشعب دون غيرها؟
إلى متى هذه المضاربات العقارية التي أتقلت جيب المواطن؟
متى ينتهي زمن توريث المناصب؟
ترى، هل رحت أخبط خارج الصدد؟ فلنعد إذن للسؤال
والمفترض في السؤال تلبية حاجة المعرفة ،وفتح مجال النقاش والسجال، المؤدي لتعزيز مفهوم المشاركة والتعددية والإختلاف ما لم يكن سؤالا ساذجا أو تعجيزيا٠
وقد يتحول السؤال لمُساءلة بتدخل يد السلطة ،بُغية تحقيق العدالة وخلق جو من الشفافية ،وكم نحتاج لممارسة المساءلة أكثر منها للسؤال٠
رسوان بشرى