مظاهر “الترمضينة”
هل من تعريف للترمضينة؟ هل يتعلق الأمر بحالة نفسية شائعة أم أننا بتنا أمام ظاهرة اجتماعية موسمية لها أسبابها مظاهرها وتداعياتها كذلك؟
المتجول في شوارع المدن المغربية في هذا الشهر الكريم، وخاصة ساعات قليلة قبل وقت الإفطار، سيلاحظ أن العدوانية والعنف، المادي أو المعنوي، أصبحا أمورا عادية وجزءا من السلوك اليومي للمغاربة في هذا الشهر، الذي خرج عن معانيه السامية وقيمه الدينية النبيلة وأصبح مجرد طقس شكلي للانقطاع عن الأكل والشرب (فقط لا غير)، وغابت عنه معاني الأخوة والصبر والتسامح والبذل والعطاء. فقد أصبح من المعتاد أن تحدث شجارات وخصومات لأتفه الأسباب بين المواطنين بحجة أنهم صائمون، وبعض هذه الخصومات يتحول إلى جرائم في بعض الحالات، ويلاحظ الجميع في شوارع المدن الكبرى حالة من الهيجان وسط السائقين الذين لا يتوانون في إلحاق الضرر ببعضهم البعض، مستعملين العصي والهراوات في مشاهد هوليودية وكأن الناس يتحولون إلى قطاع طرق في شهر رمضان، بسبب الأمعاء الفارغة.
إن هذه الثقافة السلبية التي ارتبطت بشهر رمضان المبارك في بلادنا، وربما في بلدان عربية أخرى، والناتجة عن انتشار قيم الاستهلاك المادي واضمحلال الجانب الروحي في الإنسان، تستدعي في الحقيقة تشريحا علميا دقيقا من قبل الخبراء والباحثين لمعرفة مسبباتها. لكن الملفت هو أن المؤسسة العلمية في المغرب لا تسجل أي حضور لها على هذا المستوى لشرح أهداف الصوم النبيلة، ليس فقط من خلال الخطابات التقليدية وإنما بتطوير آليات التواصل، وهو دور موكول أيضا إلى التلفزة المغربية التي لا تقدم أي توعية بهذا الصدد في شهر رمضان، مكتفية بإمطار المشاهدين بستيكومات ثقيلة، مساهمة هي بدورها في إعطاء هذا الشهر طابع المزاح والضحك فقط دون الاهتمام بالقيم الأخرى التي يؤسس لها رمضان الفضيل.