[center][b]عندما يتحول الصحفي إلى مسحراتي!!
بات انقطاع التيار الكهربائي في غزة من أمور الحياة الاعتيادية؛ فلا يتعجب السكان حين تظلم عليهم ليلاً ولا يتأففون أو يتضجرون؛ ولما التعجب أو الشكوى وقد أصبحت الظلمة من ضرورات حياتهم اليومية، وكما يقولون فإن التكرار يزيل الدهشة ويؤدي في النهاية إلى الألفة وحالة من التعود المرير، فليس بالإمكان خير مما كان. وعندما نقول ألفة لا نعني بالضرورة ذلك المصطلح الذي ينم عن ايجابية ما بقدر ما نعني تلك المرارة والحسرة المختلطة بالشعور باليأس من عدم القدرة على التغيير؛ فلا أحد يعتاد فرحاً على ظلمة حالكة أو جفاف دائم أو حصار مستمر.
وللصحفيين قصة أخرى فهم الذين يعتمدون في عملهم على كل شيء متعلق بالكهرباء؛ ومن دون كهرباء لا وجود لأخبار عاجلة وآنية وإنما تتجه الأخبار على "مزاج" التيار الكهربائي وبالتوافق مع مواعيده؛ فإذا أتت الكهرباء الساعة الثانية عشرة ليلاً فإنك لا بد أن تكتب خبرك وتبعثه في هذه الساعة المتأخرة دون النسيان أن التأخر في الوقت قد يجعل الخبر "بايت" ولا ضرورة له.
ما حدث قد حدث
أشرف سحويل مراسل جريدة الحياة الجديدة وموقع الإعلام الحقيقي يصف الحالة بالمتردية قائلاً: "هذا بالنسبة لنا فوق الحد فنحن كصحفيين نعتمد بالأساس على التغطيات الصحفية والمتابعات الإخبارية الفورية فعندما نصحو في الصباح يكون التيار مقطوعاً إذ يأتي عادة وقت الظهيرة مع العلم أننا نكون حينها في أعمالنا نؤدي متابعاتنا وتغطياتنا التي لا بد منها، لكننا عندما نعود للبيت ما بين السادسة والثامنة مساءً لتجهيز المادة الإخبارية وكتابتها نجد أن الكهرباء قطعت من جديد".
ويتساءل سحويل: "أنا لا أدري متى يجب أن أنجز مادتي الصحفية الفورية ما دمنا نعمل على مزاج التيار الكهربائي ومواعيد حضرته، وهو الذي لا يشرفنا إلا الساعة الثانية والنصف منتصف الليل، فما حدث من أخبار قد حدث وانتهى ولا فائدة من تأجيل التغطيات لليوم الذي يليه لأن لكل يوم مادته وأخباره وفعالياته الخاصة به".
ويؤكد سحويل أن جودة العمل الصحفي تقل مع انتقائية مواعيد الكتابة مشيراً إلى أنه يضطر إلى الذهاب إلى بيت صديق له في منطقة ذات تيار كهربائي حتى ينجز المادة المهمة التي لا تنتظر قدوم الكهرباء ويقول سحويل مازحاً: "عندما تأتيني الكهرباء الساعة الثانية عشرة ليلاً من الأفضل لي أن أعمل مسحراتي بدلاً من صحفي".
8 ساعات يومياً
أما حسن جبر مراسل جريدة الأيام في غزة فيؤكد للPNN أن التيار الكهربائي ينقطع لمدة 8 ساعات في اليوم مما يسبب ضغطاً حاداً على الصحفيين لأن العمل الصحفي كما يقول يعتمد جل الاعتماد على الأجهزة التي تعمل بالكهرباء كالحاسوب إضافة إلى ضرورة وجود الإنترنت ناهيك عن عدم القدرة على الكتابة في الظلام الدامس.
ويشير جبر إلى أن الغالبية العظمى من الصحفيين قد اضطروا إلى تركيب مولدات تعمل على الديزل أو البنزين حتى يواصلوا أعمالهم إلا أن ذلك لا يحل المشكلة بل يفاقمها في ظل النفقات الزائدة التي يتكبدها الصحفي جراء تركيب المحول إضافة إلى أن الإنترنت في معظم الأحيان لا يعمل وهذا بحد ذاته مشكلة.
وربما أن الكهرباء ليست الشيء الوحيد الذي يفتقر إليه القطاع وإنما لا يسعنا هنا إلا أن نتناول كل موضوع على حدى فالمصائب لا يجب أن تجمع حتى لا نحس بعظمها.
هبة لاما/خاص/PNN[/b]
[/center]