أسباب القتل كثيرة منها الاضطراب النفسي والسلوكي
جريمة رأس النبع تظهر فظاعة ما وصل اليه العنف في لبنان
ريما زهار من بيروت
لم يستفق اللبنانيون من هول فظاعة جريمة رأس النبع، فالجريمة التي قتل فيها سبعة من افراد عائلة واحدة ليست الاولى في لبنان، وسبقتها حالات عدة، ما سبب تلك الانحرافات في لبنان، وهل للحرب التي مرت على هذا البلد الصغير تأثيرات مباشرة على تفكك الاخلاق والقيم وحتى العائلة؟
بيروت: استقبلت بلدة عرمتى في قضاء جزين أمس، أبناءها ضحايا عائلة علي أمين الحاج ديب السبعة، الذين قضوا منذ يومين في محلة رأس النبع في بيروت، وهم الأم نوال يونس، وأبناؤها هادي، وأمين، وزاهر، ومها، ومنال، وزهراء.
ولم يستفق اللبنانيون من هول فظاعة جريمة رأس النبع بعد. انشغل الرأي العام على مدى الساعات الماضية بالجريمة التي قُتل فيها سبعة أفراد من عائلة واحدة. وكانت دوافع الجريمة محور حديث كثيرين استهلكوا أنفسهم لإيجاد مبرر لجريمة لا تبرر. طُرحت تساؤلات عن وقائع الجريمة ودوافعها، لكنها ظلّت بلا أجوبة واضحة. فكيف يُقتل سبعة أفراد من عائلة واحدة بسبع طلقاتٍ نارية من دون أن يلتفت إلى وقوع جريمة بهذا الحجم أيّ من الجيران. وهل يمكن أن يُقتل سبعة أفراد في منزلٍ واحد من دون أن يصرخ أحد منهم. هل ثبت أن القاتل هو الابن البكر لهذه العائلة البائسة، أم أن هناك قاتلاً مجهولاً؟ تساؤلات لا تنتهي، لكنها توضع برسم التحقيق الذي يُفترض به الإجابة عنها لجلاء ملابسات الجريمة. في التحقيقات الجارية، علم أن معظم الدلائل المتوافرة لدى المحققين تكاد تحسم بأن القاتل هو هادي، الابن البكر. يستند هؤلاء، بحسب إفادات عدد كبير من الجيران، إلى أن المشتبه فيه كان يعاني اكتئابا مزمنا. فيذكرون أنه كان منزويًا ومنطويًا على ذاته، بحيث لم يروه يوماً يتحدث إلى أحد. جميعها احتمالات تساهم في إثبات التهمة عليه.
ويبقى القول إن هذه الحادثة ليست الاولى في لبنان فهل ما نشهده اليوم نتيجة لترسبات الحرب ولتفكك العائلة في لبنان؟
تؤكد هيام قاعي (مساعدة اجتماعية، ومديرة المركز الجامعي للصحة في جامعة القديس يوسف) لإيلاف انه لا يمكن لطفل متوحد ان يقوم بعمل إجرامي، التوحد يؤدي الى العصبية والى أعمال غير إرادية، ولكن اراديًا لا، وعلماء النفس يؤكدون ذلك.
اما بالنسبة إلى العوارض النفسية والاجتماعية للشخص الذي يقرر يومًا ما ان يقضي على عائلته فهي كثيرة، فهذا الشخص يكون مارًا بوضع غير طبيعي مع تعرضه لمرض نفسي، وما حصل قد يكون ضمن العمل غير المسؤول، مع سابق تصور وتصميم، ويكون هذا الشخص يعاني أمراضا نفسية لها مدلولاتها ولا تظهر علنًا بين ليلة وضحاها، يكون لها عوارض سابقة تظهر، ولم تعد هذه الامور خافية على أحد.
وتضيف:" في الماضي كان يتم إخفاء المرضى النفسيين، ويمكن القول ان هناك مرضى عقليين مسالمين ومنهم من لديهم نوع من العنف، ولم يعد الأمر خافيًا على أحد، مع وجود ظواهر وعوارض، تظهر للجيران وللعيان.
ولدى سؤالها الملاحظ ان هذه الحوادث اي قتل أحد أفراد العائلة لاسرته كثرت في المدة الاخيرة على ماذا يدل ذلك في لبنان؟ تجيب قاعي لا نستطيع القول اليوم إنها كثرت هناك ربما 3 جرائم هذا العام، ومنها الاب قتل اولاده وام متهمة بقتل افراد اسرتها ولكن تبقى التحقيقات جارية، هناك في بعض الاحيان قد ينتحر اشخاص بعد اليأس من الحالة الاجتماعية ومن الفقر، واليأس المفرط يفقد معه الانسان السلوك الطبيعي وقد يؤدي ذلك الى الانتحار الجماعي، ولكن تبقى هذه من ضمن النوادر.
هل الحرب التي مرت على لبنان كان لها تأثيرها النفسي على الاشخاص للإقدام على القتل والانتحار؟ تقول قاعي:" تأثير مباشر للعنف مرده الحرب في بعض الاحيان، الحرب تؤدي الى سلوكيات عنفية، والى الجنوح، ولكن كي يقدم احد الاشخاص على قتل عائلته، فهو تصرف غير طبيعي وليس مباشرة بتأثير من الحرب التي مر بها لبنان.
ورغم ذلك، يمكن القول ان الحرب تؤدي الى أمراض نفسية كثيرة، ولمسناها في الكثير من الحالات، وفي السنوات الاخيرة هناك الكثيرون الذين يتناولون المهدئات، ولكن لا اعتقد ان تلك الاحداث مرتبطة مباشرة بالحرب.
ولدى سؤالها هل السبب ايضًا يعود الى اندثار قيمة العائلة في لبنان؟ تقول قاعي:" لا تزال تلك الحالات من النوادر، ولا يمكن القول اليوم ان العائلة بوضع سليم في لبنان، ولكن للوصول الى حالة قتل العائلة فهي حالات نادرة.
وتضيف:" اذا كان هناك من امراض نفسية فمن الضروري على العائلة المسؤولة ألا تكتمها، وليس كل الامراض النفسية تؤدي الى اعمال عنفية.
كيف يمكن معالجتها؟ تجيب:" علامات الاكتئاب اغلب الاشخاص تعرفها اليوم، هناك عوارض عدة للمرض النفسي، هناك مراكز عدة واطباء نفسيون، ولا نخفي انها مكلفة، ولكن تبقى هناك جمعيات ومراكز اجتماعية تهتم بمن لا يستطيع دفع المصاريف.
وتضيف قاعي:" لا تزال تلك الحوادث نادرة وكانت تحصل في السابق، وليست وليدة اليوم ولا ارتباط مباشر بالحرب رغم ان العنف زاد خصوصًا في ظل الاوضاع التي نعيشها فهناك نوع من العنف، الذي يمارس علينا كل يوم من قبل مؤسسات واشخاص، بأشكال مختلفة ومتعددة، من العنف الكلامي والكذب