[center][b]لإعلام الالكتروني وسيلة جامعة.. تتخبط في متاهات الحرية
د. عيسى:" وسيلة متميزة.. لن غياب الرقابة سببت كثيرا من مشكلاتها "
د. أبو السعيد:" سحب البساط قليلا من تحت الصحافة المطبوعة لكنه لم يلغي دورها "
أ. السويطي:" من الصعب إيجاد ضوابط مهنية لكافة المواقع.. لكن بعضها أثبت مهنيتهأ. عطا الله:" رغم تعدد المواقع إلا أن الجمهور هو الحكم في تحديد الأفضل "
أميمه العبادلة:
تعددت وسائل الإعلام، وتوسعت، ودخل عليها الإعلام الالكتروني ضيفا مدللا من أوسع الأبواب.. إلا أن حاله كحال كل مدلل يعاني من حرية مفرطة، أدت لفوضى من الصعب كبحها. فاشتعلت نار حزبية من هنا، وزاد كذب وتلفيق من هناك، وأمسك بزمام المقود أناس آلمهم صمت طويل، وحلموا بالشهرة ليال وأياما.. فانحرفت بوصلة الحقيقة.. وضل كثيرون الهدف.. وتحورت الرسالة من إفادة عامة الناس.. إلى مآرب شخصية..الإعلام الإلكتروني.. أهميته.. ومدى مهنيته.. ما له وما عليه.. نطالعه سويا من خلال التقرير التالي..
ذكي..!
( محمود 33 عاما ) يرى أن مشكلة بعض الإعلاميين في بلدنا، أنهم يظنون أنهم يتعاملون مع أناس جهلة، ولا يدركون أنهم يرون الزيف، ويكشفون الكذب بشكل جلي حيث أن وسائل الإعلام المتعددة أتاحت للجميع الاطلاع على والبحث والتقصي بسهولة ويسر.. ويضيف بقوله:" في كل يوم تولد مئات المواقع الالكترونية لكنها للأسف تفتقد للتميز في مجملها فالجميع يتناقلون ذات الخبر دون بحث حقيقي لجديته ولا الإشارة لمصدرة لكن يمكن للقارئ تبين الحقيقة من الزيف، حيث أن المتابعون أذكياء بما فيه الكفاية..".
صحافة صفراء
أخبرتنا ( سناء 25 عاما ) بقولها:" رغم المتسع والحرية التي تعكسها المواقع الالكترونية.. إلا أنني بت اشعر بالملل لعدم التميز فيها.. وحمى التقليد الأعمى، والنسخ واللصق دون أدنى تغيير للمواد المنشورة.. إضافة لكثير من الزيف الواضح فقط لجذب أكبر عدد من المتصفحين". وتضيف:" حقا تزعجني المواقع التي إن جاز لنا التعبير لا تتعدى كونها صحافة صفراء تعتمد على الإثارة والفضائح وتأجيج بركان الحزبية ".
في آن واحد
أما ( نعيم 40 عاما ) فيفضل الانترنت لاستقاء المعلومة بدلا عن باقي الوسائل فكما يوضح:" أستطيع أن أفعل كل شيء في آن واحد وبجهاز واحد.. فأنا أعمل وأدرس وابحث عن معلومة ما وأطالع الأخبار صوتا وصورة.. وبالتأكد بسبب صعوبة فرض الرقابة فهناك الغث والسمين.. لكن لا ينكر أحد وجود مواقع تحترم المتصفحين وتفرض احترامها عليهم.. وحققت تميزا حقيقيا في نقل المعلومة وعرضها.. إضافة إتاحة المجال للتعبير عن الرأي والنقاش الآني ".حرية مفرطة
يوضح د. أحمد أبو السعيد، أن وجود الإعلام الإلكتروني وتعدد مواقعه أمر مطلوب، وايجابي إضافة للوسائل الأخرى حيث أن الإعلام مجاله واسع. ويقول:" انتشار الإعلام الإلكتروني، واجتذابه للجمهور واقع لا يمكن تغطيته، ولا إغفاله، حيث أنه يغطي جوانب متعددة. وقد يكون سحب البساط قليلا من تحت الصحافة المطبوعة خصوصا، وباقي الوسائل عموما، إلا أنه لا يمكن أن يلغي أدوارهم بسبب اختلال المصداقية فيه، وأيضا لوجود صحف مرموقة، ذات تاريخ عريق، لها محرروها، ومندوبوها، ورصيدها الإعلامي الذي لا يمكن إغفاله ". ويضيف د. أبو السعيد:" إن غياب الرقابة تسببت في حرية إعلامية مفرطة، أدت لفوضى، وتخمة مواقع، صار الإعلام الالكتروني معها منبر من لا منبر، ليجتذب بذلك الفوضويين، وغير المتعلمين. غير أنه يؤكد أن الجمهور الواعي هو الفيصل رغم تعدد أهوائه. وأيضا في ظل غياب أشخاص يحمل مؤهلين في مجال الإعلام الإلكتروني يقومون بدور التدريب والتطوير للطواقم الموجودة.
تطور إيجابي
من جهته يرى د. طلعت عيسى، أن الإعلام اليوم ينحى باتجاه تطور إيجابي جدا بتعدد الوسائل، وزيادة كفاءتها يوما بعد يوم. وبالنسبة لموضوع تقريرنا يوضح مميزات الإعلام الإلكتروني بقوله:" إنها وسيلة حديثة تتميز بالتفاعلية، والسرعة في نقل الحدث، إضافة لاستخدام وسائل متعددة مسموعة ومرئية ومقروءة من خلال وسيلة واحدة ألا وهي الإنترنت". ويكمل في إطار المميزات بقوله:" المواقع الإلكترونية لا تحتاج إمكانات ضخمة كالمكان، والمال، والطاقم.. الخ. إلا أن أبرز عيوبها يتمثل جليا في غياب الرقابة. وإمكانية أن يلتحق للعمل بها أي شخص غير مؤهل أكاديميا، ولا مهنيا. أيضا ما سببته غياب الرقابة من إمكانية السرقات دون إشارة للمصدر. والتعدد غير المهني من باب التنافس الحزبي.
لن تلغي..!
توجهنا للـ د. عيسى بالاستفسار حول تعدد المواقع التي تطلق على نفسها مسمى وكالة أنباء، فأجابنا بقوله:" للوكالات سمات وشروط يجب توافرها كأن يكون الخبر خاصا بها، وتقوم بتوزيعه، ونشره، عبر مراسليها المنتشرين في كل الاتجاهات، ويكون توزيعها للأخبار باشتراكات. أما الحاصل اليوم فما هو إلا مجرد ديكور، وتقليد أعمى ". موضحا ما يثار من أنه قد يلغي الصحافة المطبوعة ليس حقيقا، حيث أن لا وسيلة من الوسائل الأخرى ألغت ما قبلها، وإن كان قد أثر فعلا لكنه لم ولن يلغي. مبينا المتطلبات الخاصة التي تحتاجها هذه الوسيلة، كوجود اشتراك للانترنت، بسرعة عالية، وكهرباء متواصلة، واستعدادات ببرامج معينه. مضيفا:" لكن ما حدث للصحافة المطبوعة من تراجع واعتماد البعض على الالكتروني كان بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وشح الورق، ونسبة الأرباح والخسائر". ويشدد د. عيسى على أن الإعلام الإلكتروني بحاجة ماسة لتطوير العاملين، وتأهيلهم. ووجود رقابة، وقوانين تتناسب مع جرائم النشر والمطبوعات، دعم للوكالات المهنية، وتشجيع الخاصة منها كونها أفضل من المنتمية لجهة بعينها، حتى لا تتأثر الموضوعية المهنية في نقل الأخبار وعرضها. مشيرا أنها لو كانت وسيلة عامة للجميع، فإنها بالتأكيد ستعبر بمضمونها عن الجميع.
فلترة..!
في ذات السياق يخبرنا أ. رومل السويطي، رئيس تحرير شبكة إخباريات للإعلام الإلكتروني، أن الإنترنت الآن صار من أكثر وسائل الإعلام سرعة وأكثرها توثيقا، لكنه بحاجة الى فلتره، ومتابعة للقائمين عليه، دون المس بجوهر عمله القائم على التوعية من كافة النواحي، وإيصال رسالة وطنية، وقومية، وثقافية. ويكمل بقوله:" مما لاشك فيه أن الإعلام الإلكتروني يحقِّق رغبات الجمهور، ولكن كيف يستخدم هذا الإعلام؟ وكيف توظّف إمكاناته في مجال معين؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يتنبه إليه أصحاب العلاقة ". مؤكدا بقوله أن:" الإعلام الإلكتروني يلبِّي حاجة القارئ من حيث السرعة، والمرونة، في نقل الأخبار، والمعلومات، ومساحة الحرية الجوهرية التي يتمتَّع بها، والقدرة على نشر تفاصيل كثيرة حول موضوع ما، وتقديم أيِّ معلومة جديدة تظهر لموضوع نُشر سابقاً، وبسرعة يحبذها القارئ، الى جانب أن بإمكان أي شخص أرشفة وتوثيق وحفظ ما يريده من مواد بكبسة زر ".
ضوابط مهنية
ويوضح أ. السويطي أن طبيعة الشبكة العنكبوتية لا تسمح بأن تكون هناك ضوابط مهنية لكافة المواقع الالكترونية بالشكل الذي نتطلع إليه. لكن أثبتت بعض المواقع الإعلامية الالكترونية أنها حاولت بأن تكون مهنية. مقارنة ببعض المواقع التي لم تهتم سوى بكثرة عدد زوارها، بغض النظر عما تقدمه للمتصفحين، ومردوده على جمهور الشباب من الجنسين. مشددا على أنه من غير المعقول أن يترك العنان لبعض المواقع الإعلامية لنشر تقارير، وأخبار "وهمية" لأهداف سياسية مختلفة. ومطالبا بوجود آلية لوقف من يمس بوحدة الشعب الفلسطيني، والأخلاق، والقيم الأصيلة. وحول سبب الفيضان المواقع يرجع السويطي الأمر لعدة أسباب منها:" الظلم الذي يحيق ببعض الصحفيين الذين لا يجدون فرصة عمل في هذا الموقع أو ذاك، فيلجأ بعضهم إلى تأسيس مواقع خاصة بهم، وبما أنهم يفتقدون إلى المال والخبرة الكافية، فإنهم يعمدون إلى سرقة الأخبار والتقارير. كما أن قوة بعض المواقع الناتجة عن توفر التمويل المالي لها، تجعل البعض يجد نفسه مضطرا الى تقليد هذه المواقع. وهذا التوجه خاطئ، لأن أي إعلامي يريد النجاح يجب أن تكون له شخصيته الخاصة به، ويثبت بأن له مصداقية في كل شأن من شؤون عمله ".بصمة خاصة
سألنا الصحفية علا عطا الله، مراسلة موقع إسلام أون لاين، عن وجهة نظرها حول الإعلام الإلكتروني، فكان رأيها كالتالي:" وضع الإعلام الإلكتروني بصمة خاصة خصوصا مع التطور الحاصل، والسرعة التي زادت في ظل الثورة التكنولوجية. وبالتالي تولد كم هائل من وسائل الإعلام عموما، والمواقع الإعلامية الإلكترونية خصوصاً ". إلا أنها في ذات الوقت تشير لكون أنه رغم تعدد هذه المواقع فالجمهور هو الحكم دائما في تحديد معايير الأفضل من بينها. مؤكدة على أنها تميل لوجود موقع واحد متميز، ونخبوي، تتم من خلاله طرح الأفكار الجدية، ومساحة من الإبداع، أكثر من ميلها لتعدد المواقع وافتقاد التميز المرجو. مبينة أن ما يميز هذا النوع من الإعلام هو وجود مساحة واسعة للبحث وراء الخبر على أكثر من موقع، في حين اقتصار المطبوعة على خبر مسيس ذو وجهة نظر واحدة.
افتقار المهنية
وتقول عطا الله:" لا شك في كونها أضحت تنافس المطبوعة، إلا أنها رغم الايجابيات لا تخلو من سلبيات، تتلخص في فوضى الكم الهائل من المواقع غير المتخصصة، وغير الفريدة. حيث أن الجميع يعمدون للتكرار وتناقل المعلومات من بعضهم ". مضيفة:" أن الإعلام الإلكتروني في فلسطين يفتقر للمهنية في كثير من المواقع. حيث أن المصداقية، والموضوعية تكمن داخل الصحفي نفسه، وضميره ". مستطردة:" إن الكتابة للصحف المطبوعة تختلف عنها في الإلكترونية بسبب اختلاف سمات القارئ الذي يميل للسرعة والاختصار. لكن ما يفقد المضمون الالكتروني جودته هو عدم وجود طواقم متخصصة ومهنية، ونزوع الأغلب للصحافة الصفراء التي يهتم القائمون عليها بالربح المادي، واجتذاب الجمهور، دون إدراك لحقيقة الدور المطلوب منهم ".
لعل الوسائل الإعلامية السابقة للإنترنت كالتلفزيون، والراديو، والسينما.. الخ لم تستطع أن تلغي الصحافة المطبوعة.. ولم تزعزع مكانتها.. لكن لعل السبب يكمن في اختلافها عن المطبوعة.. بينما أن الإعلام الإلكتروني يشابهها إلى حد ما.. وساهم فعلا في سحب البساط قليلا من تحت عرشها.. لتعدد مميزاته وشمول إمكاناته.. لكن الخلل الواضح فيه لغياب الرقابة.. والطاقم المهني المؤهل.. مازال يصب في صالح الوسائل الأخرى.. ويحد من تفوقه.. فهل سنظل أسرى لأقلام عابثة..؟! أم أننا سنعمل جاهدين لجلب طاقات مؤهلة تساهم في نشر الوعي بدور وأهمية هذه الوسيلة..؟![/b]
[/center]