أسبوع واحد كفيل باكتشاف الفرق الكبير
لا لاستخدام السيارة عندما تكون المسافة التي تريد الذهاب إليها لا تزيد على 10 دقائق
التخلص من العادات السيئة والدخيلة والمؤذية التي تكونت لدينا مع مرور الوقت
الاعتماد بشكل يومي على الأطعمة والخضراوات الطازجة يحقق فائدة كبيرة
يجب المحاولة للعودة إلى الستينيات لعَيْش حياة خالية من منغصات الحداثة ومتاعبها
ترجمة-كريم المالكي:
على مدى الـ 50 عامًا الماضية شهدت معظم جوانب الحياة الصحية تحسنًا لافتًا غير أنه على الجانب الآخر أصبح لدينا الآن ما يعرف بأوبئة العصر ومنها وباء السمنة. وهنا لابد من الوقوف على ما يمكن أن نتعلمه من هذا العصر الذي أوصلنا إلى حالة غير مُرضيةٍ حتى بات الكثير من الناس يشكو أمراضًا كثيرة ومن بين أكثر ما يعانونه هو تلك السمنة التي صارت تضرب معظم المجتمعات وكذلك علينا أن نفكر في جدية لماذا يجب علينا العودة إلى الستينيات وإلى تلك الأيام التي كان يتمتع بها أهلنا بصحة وعافية ينافسون بها الرياضيين بفضل الاعتماد على أقل الأشياء وأبسطها ..
ومع ذلك فلو عدنا إلى الستينيات لتذكرنا كيف أن شلل الأطفال كان يشكل تهديدًا رئيسيًا ، وكيف أن أمراضًا كثيرة كانت تودي بحياة الناس من دون وجود الدواء الذي يوقف المرض. ومع أنه في تلك السنوات كنّا لا نستطيع أن نقلع عن محاولة إضافة الحليب المكثف بالسكر إلى الشاي إلا أنه كان من السهل أن نرى لماذا نحن غير صحيين جدًا. إذن ما الذي تغير في نمط الحياة ؟وما الذي علينا أن نفعله دون أن نربك حياتنا لكن في الوقت نفسه نعيد عقارب الساعة إلى الوراء حتى نستفيد مما كان يجعل أهلنا أصحاء أقوياء.
في السنوات الـ 50 الماضية تحسنت معظم الجوانب الصحية بشكل كبير ، ولكن هناك إحصائية واحدة كانت مثيرة للقلق، وهي أن وسط كل الاختراقات التي تحققت في منع وعلاج الأمراض، ارتفعت على الجانب الآخر معدلات البدانة بنسب لافتة منذ بضعة عقود. إن الدراسات الجديدة التي بحثت في كيفية تغيير نهج النظام الغذائي وممارساته منذ عقد الستينيات خلصت إلى أن التحولات الخفية التي حدثت في حياتنا يومًا بعد يوم هي المسؤولة عن وباء البدانة. والآن يذهب الخبراء سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص، ومن خلال الحملات التي تهدف لجعل الناس يأكلون غذاء بحمية أفضل ليصبحوا أكثر نشاطًا ، إلى أن يطلبوا منا أن نتبني بعض العادات الجيدة التي فقدناها أو تخلينا عنها خلال في نصف القرن الماضي. وفي الحقيقة لابد من عودة إلى الوراء من أجل أن يكون الإنسان في أعلى مستويات الجاهزية الصحية والبدنية.
أبسط حمية
في معظم الأسر كان هناك نمط معتاد في التعاطي مع اللحوم والخضراوات ، والأسماك لاسيما في أيام الجمع . وكانت المتاجر الكبرى لا تزال في مراحلها الأولى أو غير موجودة أو قليلة بحيث يعتمد معظم الناس على جعل رحلات التسوق العادية غير يومية وفي الغالب تملأ السلة بأشياء بسيطة جدًا.
وكانت الفاكهة والخضار يكاد يكون معظمها من الخارج ، بما في ذلك الطماطم (البندورة) وقد لا تتوفر على مدار السنة ، لكنها فيما بعد أصبحت متاحة على نطاق أوسع لكنها كانت محدودة جدًا. أما الجبن وبعض الرقائق فقد وصلت في وقت لاحق من هذا العقد. وعلى الرغم من أن الأغذية المجمدة أصبحت أمرًا شائعًا في معظم المنازل لكن فيما مضى لم تكن هناك ثلاجة ، الأمر الذي كان يجعل معظم الأسر تعتمد على الأطعمة الطازجة ، والأغذية والمنتجات المتاحة موسميًا .
إن الهجرة الجماعية خلال فترات الماضية تسببت بوصول المطعم الهندي ، لكن معظم العائلات كانت في البداية نادرًا ما تأكل من تلك الأطعمة. وكان الخيار الوحيد هو الوجبات الجاهزة المكونة من الأسماك والبطاطا. وفي بعض الأحيان هناك وجبات جاهزة أصبحت هي الوحيدة المتاحة على نطاق واسع في السبعينيات.
لم يكن هناك هذا الكم الهائل من الأنواع من القهوة مثل الكابتشينو أو القهوة بالحليب.أو القهو التركي أو غيرها من الأنواع الأخرى.وأعتقد أن هناك نوعًا واحدًا هو القهوة العربية الشقراء التي كما يعرف الجميع أنها بفائدة صحية. ويقول الاختصاصيون إن أكبر تغيير في عادات الأكل وعدد وجبات الطعام الآن هو الأكل خارج المنزل وغالبًا ما تكون الوجبات التي تؤكل بعيدًا عن المنزل أعلى من حيث السعرات الحرارية وبأحجام أكبر من تلك الوجبات التي نتناولها في المنزل".
العودة إلى الستينيات
في البداية لابد من خفض كلّ ما هو دخيل علينا ـ ومن بين ذلك المشروبات بكل أنواعها من التي تكون عادة محملة بسعرات حرارية كبيرة- ومن الواجب التخلي عن عادات الشرب السيئة ، وبالإمكان التعاطي مع ذلك والتخلص من تلك العادات الذميمة من خلال الأجهزة المختصة بمكافحة هكذا آفات اجتماعية .
أما إذا كنت من الأشخاص الذين يأكلون كثيرًا فعليك أن تحاول تجنب تناول الأطعمة الدسمة واختيار وجبة واحدة أو وجبتين بدلاً عن ثلاث وجبات.
تخفيض الوجبات الخفيفة
التخلص من عادات الشرب السيئة بما فيها تلك العادات التي تتمثل بالإكثار من شرب القهوة بالحليب والكابتشينو ، والتي هي عادة تكون تحتوي على سعرات حرارية عالية.وبالإمكان تجريب كوب من الشاي المخلوط بلبن منزوع الدسم.
تناول الخُضر الطازجة الموسمية أكثر واختر الأسماك لأنها وجبة صحية ، لاسيما أيام العطل. واستبدل الحلويات أو السكريات بالحبوب المعالجة لاحتوائها على الحبوب ذات الألياف العالية.
التعلق بالسيارة
بحلول ذلك العقد الذي بدأت فيه السيارات بالدخول إلى البلاد كانت معظم العائلات تملك سيارة ولكن كانت هناك حالتان تمثلتا بعدم التخلي عنهما في تلك الأوقات: المشي أو ركوب الدراجة عند الذهاب إلى العمل أو عند التسوق من المحلات التجارية. إن العودة إلى تلك الممارسات من شأنها أن تقضي على الكثير من ذلك الوباء الذي اسمه سمنة .
كان هناك المزيد من الاعتماد على وسائل النقل العامة حيث كان على الناس أن يسيروا إلى مواقف الحافلات أو على سبيل المثال المشي عندما تكون الأماكن التي يقصدونها قريبة كأن تكون زيارة الأصدقاء أو الأقارب . وتقول الدراسات : إن المشي انخفض بشكل مطرد مع تزايد تملك السيارات والآن معظم الناس أقل نشاطًا بسبب قلة الحركة.
العودة إلى الستينيات
غسل السيارة باليد بدلاً عن الذهاب إلى غسيل السيارات الآلي لأن ذلك سيوفر فرصة كبيرة لبذل مجهود جسدي . حاول أن تسير على الأقدام عند الذهاب إلى الأسواق على أقل تقدير من حين لآخر واحمل ما تشتريه من السوق إلى المنزل بدلا عن ان تستخدم السيارة . وإذا كنت ممن يشتري طعامه من المحلات الصغيرة فسوف تتفاجأ عن المديات الإضافية التي ستمشيها فيما لو كنت قد اتخذت قرارك في السير على قدميك بدلاً عن استخدام السيارة عند الذهاب لأسواق بعيدة.
مشاهدة التلفزيون
في بداية الستينيات كانت ثلاثة أرباع المنازل لديها جهاز تلفزيون أبيض وأسود ، ومع تقدم الزمن أصبح لدى كل عائلة جهاز وأخذت النسبة تتزايد إلى أن أصبح في كل غرفة في المنزل يوجد تلفزيون وهناك من يضعه في أماكن قد لا يسمح المكان وضعه فيها . وفي البداية كان هناك خيار واحد يكاد يتمثل بالقناة المحلية ومن ثم أخذت القنوات تتزايد إلى اثنتين ثم ثلاث قنوات ، إلى أن أصبحت الآن الأقمار الصناعية تأتي لك بالغث والسمين من القنوات .
ومع ذلك ، كان التلفزيون لا يبدأ إلا في وقت متأخر من المساء في معظم أيام الأسبوع ،وربما هناك استثناء في يوم الجمعة حيث يبدأ الإرسال صباحًا . وكانت هناك فترات طويلة مخصصة للأطفال . كما لم تكن هناك أجهزة التحكم عن بعد ، ولم يكن هناك إرسال نهاري في التلفزيون ولا توجد أجهزة الفيديو.
ويقول أحد الخبراء: إن الأم اعتادت تقليديًا أن تعد وجبة العشاء عند وصول الأطفال إلى المنزل من المدرسة ،ولأنها لا تريد لهم أن يعيقوا حركتها أثناء العمل في إعداد الطعام ترسلهم إلى اللعب خارج المنزل ،لقد أثبتت البحوث أن الفترة التي تسبق وجبة العشاء تعد وقتًا مهمًا للأطفال ليكونوا على درجة من النشاط.
عودوا إلى الستينيات
قم بتغيير قنوات التلفزيون بدون استخدام جهاز التحكم عن بعد. قم ببعض التمارين الرياضية أو ممارسة أي الألعاب الحركية وكذلك لتكون هذه الممارسة روتينية بعد عودة طفلك من المدرسة ،حاول أن تقلل وتحدد الوقت الذي تنفقه في استخدام أجهزة الكمبيوتر ومشاهدة التلفزيون . وإذا كنت داخل المنزل خلال النهار، فمن الأفضل الذهاب للنزهة لمدة نصف ساعة.
الأعمال المنزلية
يعتقد الباحثون أن الأعمال المنزلية في السابق كانت تساعد الأم في جعلها أكثر لياقة وحيوية ،لاسيما تلك التي كانت تحافظ على بقاء متواصل داخل البيت لإنجاز احتياجاته. كما أن أجهزة ادخار الجهد اليدوي ، مثل غسالات الصحون ، والمجففات التي لم تكن متاحة في السابق حيث وجد الباحثون أنها قد أثرت كثيرًا على النساء التي كانت تقضي الكثير من الوقت -قد يصل إلى أكثر من الضعف- عند القيام بالأعمال المنزلية. وفي الوقت نفسه ، كان الأب على الأرجح لديه الكثير من الجهد اليدوي الذي عليه أن يبذله وهو ما يساعده على التمتع بلياقة وحيوية.
وعلى سبيل المثال عندما يكون الجو ملائمًا فبالإمكان نشر الغسيل على الحبل بدلاً عن وضعه في ماكينة تجفيف الملابس .ومن الأفضل التحول نحو الغسل بواسطة اليدين مرة واحدة في الأسبوع على أقل تقدير بدلاً عن استخدام ماكينة التجفيف. وحاول استخدام خافق السجاد القديم للحصول على سجادة نظيفة بدلاً عن المكنسة الكهربائية لأن حركة التنظيف اليدوي تمنحك نشاطًا لافتًا.
عودوا إلى الوراء
إن السعي نحو العودة للوراء سيكون عاملًا ضروريًا في تذليل الكثير من الأوبئة ومن بينها تلك التي أحدثت فجوات في البناء الجسماني للناس في هذه الأيام.لذا فإن الاعتماد على أسلوب الحياة الموجود في زمن الآباء ولو لمدة أسبوع من أجل إحداث التغيير في دورة الحياة. فمن ذكريات الزمن الجميل هو ذلك المنظر عندما تقف الأم وهي تحمص الخبز أمام موقد النار المفتوح ومن ثم تنشر الزبدة على الخبز.
كانت رائحة الأشياء كلها جميلة لاسيما تلك الطقوس التي تقوم بها العائلة كل يوم جمعة في التعاطي مع زجاجة من الحليب التي يمكن أن تعطي زبدة طازجة بفضل ما تقوم به ربة المنزل وهي تخفق الحليب وبذلك تكون الفائدة مزدوجة. وهناك أيضًا الكثير من الأكلات التي كانت تعتبر طبيعية وخالية من الكيمياويات التي صارت تقتل حتى الفوائد.
مشروع وأهداف
إن التفكير في مثل هذا المشروع الذي يهدف إلى العودة إلى العديد من العادات الصحية التي لها فائدة فورية ومباشرة على أجسادنا يتبلور عندما ندرك كم تغيرت الحياة وإلى أي مدى أصبحنا نعتمد على الأجهزة لتوفير الجهد ، حيث توفر لنا الأدوات والسيارات الخاصة جهدًا تكاد تكون فائدته عظمى.وهناك من الناس ممن يملكون الفرصة على التغيير في نمط الحياة والعودة إلى الوراء في بعض النشاطات اليومية ،لكنهم لا يفعلون ، فمثلاً هناك من يستطيع الاعتماد في بعض المسافات على المشي أو ركوب الدراجة الهوائية لكنه يبقيها في الكراج ولا يستخدمها أبدًا .
لو عدنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أنه ليس هناك من يستخدم السيارة في الوصول إلى مبتغاه عندما تكون المسافة قصيرة ، حيث تكون مدة 10 دقائق للوصول إلى العمل من الأمور الشائعة. كما أن المشي إلى المحلات التجارية والسوبر ماركت من العادات التي يحرص عليها الجميع بل إن البعض يفكر في أن تكون جولته في الذهاب أطول قليلاً حتى يتسنى له بذل جهد أكبر. أما الاعتماد على النفس في حمل الأشياء عند القيام بالتسوق فأنه كان يتعدى إلى أن يحملها الشخص بنفسه وصولاً إلى المنزل بدلاً عن التفكير بمن يحملها له إلى باب السيارة كما يحصل في يومنا هذا.
التغيير تكتشفه بزمن قياسي
اليوم أصبح كل شخص يشعر بأنه مستنفد بعد أن يقوم بحمل كيسين وليس أكثر إلى المنزل ، ومن الممكن أن نشعر أن معدلات دقات قلوبنا قد زادت عن الحالة الطبيعية . ومع ذلك ، فأن هناك من يقول الجو حار جدًا فلا يستطيع أن يتحمل تلك الحرارة وهكذا وجد نفسًا تتوق لاستخدام السيارة. وبمجرد أن يراودنا شعور بالتعب أكثر من المعتاد فإننا نعتبره دليلًا على نشاط إضافي قمنا به.
وبلا شك أن نمط الحياة بشكل عام أخذ يميل إلى الاعتماد على الوجبات الجاهزة وفي بعض الأحيان الوجبات الجاهزة من المطاعم التي تعتمد على المطبخ الآسيوي وذلك بأكمله ممتلئ بسعرات حرارية لها آثارها لذلك فإن عملية حظر على مدى أسبوع كامل سيكشف حجم التغيير الذي يحصل ،لاسيما عندما يكون الاعتماد في هذه الفترة على تناول طعام الغداء الطازج المستند على الخضراوات فضلاً على الأسماك. وبالتأكيد إن تجربة التسوق واختيار الغذاء محليًا بمزيد من العناية بشكل شخصي يعتبر من الإنجازات بدلا عن مجرد تحميل عربة التسوق بأشياء كثيرة تكاد تكون فائدتها محدودة أو بلا فائدة أصلاً.
فائدة بساطة وقلة الأشياء
في الأيام القديمة لاسيما أيام الستينيات لم يكن المنزل يحوي أشياء كثيرة وكذلك وجبات الطعام كانت بسيطة جدًا ولا تحوي هذا الكم الهائل من الأطعمة والمقبلات والحلويات والمشروبات .كما أن بعضًا من هذه الشياء لا تتوفر إلا إذا خرجوا للاحتفال بذكرى خاصة بهم. إن أي زيادة في الأعباء المنزلية ، من الكنس إلى التلميع بحماس كبير أوتنظيف الحمام أو القيام بأي جهد عضلي له مردودات طيبة على الأجساد وعلى النفوس لاسيما إذا كانت بعض هذه الأعمال غير روتينية .
وهناك من النشاطات التي يمكن التخلص منها لكن هناك ما لا يمكن التخلص منها ، فعلى سبيل المثال إن عدم الاعتماد على غسالة صحون لن أشعر بأنه يعيقني أو يربكني لكن ربما أن تغيير قنوات التلفزيون دون استخدام جهاز التحكم عن بعد نواجه فيه صعوبة كبيرة بسبب ذلك الفرق الكبير. وهناك من يرى أن الحالة عقيمة وأنت تتحرك في كل مرة من مقعدك حتى تغير القنوات التلفزيونية .
وبالتأكيد إن اتباع بعض النشاطات والتخلي عن بعض العادات سوف يأتي ثماره خلال فترة قياسية فيما لو كان هناك انضباط واعٍ لما يواجه الناس من مشاكل بسبب تلك "اللا أبالية" التي يتم فيها التعامل مع حياتنا التي تبقى ثمينة والتي لا يمكن أن نضيعها بأيدينا.
أعتقد أن على الجميع أن يحاولوا العودة إلى الستينيات ،وفي الأسبوع سبعة أيام وبالإمكان أن نختار أيًا من هذه الأيام لكي نحقق فيها هدفنا في حياة خالية من منغصات الحداثة التي سببت لنا الكثير من المتاعب.