من يتحملون المسؤولية كميلوسيفيتش وقادة صرب البوسنة وتَصَرَفوا كما لو أن المحكمة غير موجودة
نفذ غوران جرائمه بهمجية النازيين فقد عَذبَ عشرات الكروات وقتلهم ودفنهم في مقبرة جماعية
محكمة لاهاي ضربة حازمة ضد ثقافة الإفلات من العقاب في البلقان وغيرها من البلدان
ربط الانضمام بالاتحاد الأوروبي في القبض على الهاربين كان أداة ناجحة للوصول لاعتقالهم
رغم أن العدالة استغرقت 18 عاما منذ تأسيس المحكمة الجنائية لكنها في النهاية أخذت مجراها
ترجمة- كريم المالكي:
حتى شهر يوليو الماضي، كان غوران حاجيتش، زعيم الأقلية الصربية الكرواتي، آخر رجل طليق على قائمة ال 161 شخصا المطلوبين والمتهمين بارتكاب جرائم حرب في يوغوسلافيا السابقة. وقد أدى اعتقاله الى انهاء واحدة من اكثر المطاردات الناجحة في التاريخ .وبالرغم من ان العدالة استغرقت 18 عاما منذ ان تم تأسيس المحكمة الجنائية لكنها في النهاية أخذت مجراها.
وفي الحقيقة إن محكمة لاهاي تعد بمثابة ضربة حازمة لمرتكبي جرائم الحرب الذين يعتقدون أنه بالإمكان الإفلات من العقاب سواء كانوا في البلقان أوغيرها من البلدان. نعم لقد توفي في هذا الأثناء العديد من الناجين من الجرائم دون رؤية العدالة تنال من الجناة لكن هذا لا يمنع القول في أن الحق قد نال من الذين ارتكبوا تلك المجازر البشعة.
لقد كان الرجل الذي دخل غابة في جنوب صربيا لا يبدو عليه وكأنه زعيم حرب أمضى سبع سنوات وهو هارب حيث لم يكن هناك أي تمويه على الوجه بل مجرد رجل سمين، وأصلع يرتدي فانيلا سمائية اللون تزينها زخرفة حداثية مخروط آيس كريم. وبهذه الحالة كان من الصعب تخيل ان هذا الشخص الذي في قبضة العدالة هو نفسه الذي كان يجسد كل ذلك الشر الذي كان عليه.
ان الرجل الذي كان في الغابة هو غوران حاجيتش شخصيا، زعيم الأقلية الصربية الكروات خلال حروب البلقان في التسعينيات. وقد وجهت لعامل المستودع السابق تهمة لعب دور بارز في تدمير مدينة فوكوفار الكرواتية في عام 1991 هي المرة الأولى التي تدمر فيها مدينة أوروبية كبرى منذ الحرب العالمية الثانية.
لقد نفذ ذلك بهمجية تذكرنا بالحقبة النازية. واخذ ما لا يقل عن 264 شخصا من الكروات وآخرين من غير الصرب من مستشفى فوكوفار إلى مزرعة قريبة للخنازير وتم تعذيبهم قبل إطلاق النار عليهم ودفنهم في مقبرة جماعية.
وقبل اعتقاله في العشرين من يوليو الماضي، أمضى حاجيتش سبع سنوات من العشرين سنة الماضية في روسيا حيث كان يعيش باسم مستعار، ويختبئ بمساعدة كهنة قوميين متطرفين موالين للكنيسة الصربية الأرثوذكسية. وبعد ان نفد ما لديه من مال، قام بمحاولة يائسة على ما يبدو لبيع لوحة موديلياني (ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت حقيقية أو مزورة، أو ما إذا كان يملك مثل هذه الصورة) الأمر الذي جعل سلطات بلغراد تلاحظه وتضع اتصالاته لمدة 24 ساعة تحت المراقبة لاعتقادهم انه قد يذهب لطلب المساعدة.
وفي العشرين من يوليو، كشف حاجيتش الغطاء عن نفسه عندما ذهب لجلب بعض المال من أحد الأصدقاء في منطقة فويفودينا الشمالية وهي تلال تكسوها الغابات، حيث يعيش الكثير من أقاربه فيها. ومع بدء اللقاء، ظهرت قوات الكوماندوز الصربية وطوقتهم. وهناك خلاف حول ما إذا كان حاجيتش مسلحا في حينها، ولكن القضية الأهم انه لم يقاوم، واعترف بخنوع بهويته عندما سَلَمَ نفسه. وكان الاعتقال خاتمة مثيرة للشفقة طال انتظارها لعصر أمراء الحرب في البلقان. وكان مثول حاجيتش أمام محكمة لاهاي في الشهر الماضي، واستجابته الفاترة للقاضي الكوري الجنوبي، قد وضع نهاية للحملة التي بدأت مع إنشاء المحاكم في عام 1993.
لقد استغرق العمل وقتا طويلا، لكن مع سقوط هذا الاسم تحديدا من قائمة متهمي لاهاي، يمكن القول إنها المطاردة الأكثر نجاحا في التاريخ. ويذكر أنه قد شارك في البحث عن مجرمي الحرب السابقين اليوغسلاف أحدث أقمار تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي،وعلى الطرف الآخر، اثنان من جنود قوات SAS البريطانية اختبأوا في خندق لأسابيع يراقبون محجرهم.
واشتملت المطاردة على الخداع ومطاردات بالسيارات مباشرة من قبل وحدة إيطالية. أنها القصة التي ألقت بظلالها على الصراع في البلقان، والتي لم يعرف تفاصيل الجزء الأكبر منها إلى الآن. وفي ظل لائحة لاهاي التي إما أصبح أعضاؤها الآن وراء القضبان أو ماتوا، فإن التفاصيل أخذت تظهر الى النور للتوّ، كما ان بعض الدبلوماسيين والجنود الذين تحدثوا لصحيفة الغارديان تحدثوا للمرة الأولى عن المطاردة.
وتمثل المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة وتوأمها رواندا أول محاولة منسقة للتعامل مع الجرائم ضد الإنسانية منذ محاكمات نورمبرغ بعد الحرب العالمية الثانية. وخلافا للعدالة المنتصرة البحتة في تلك المحاكمات، سعت المحكمة الدولية لمحاسبة جميع الأطراف التي تسببت برعب يوغوسلافيا. وفي الوقت الذي لم تقم نورمبرغ بمحاكمة كل من مارتن بورمان وأدولف ايخمان، أنهت لاهاي عملها. وفي مقدمة ذلك ان محاكمات يوغوسلافيا ورواندا قد مهدت الطريق لإنشاء محكمة دائمة لمحاكمة القتل الجماعي، (المحكمة الجنائية الدولية) (ICC). ولم يكن أي من هذه الإنجازات يبدو حتميا أو حتى مرجحا عندما أنشئت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في عام 1993، باعتبارها استرضاء للضمير الغربي إلى حد كبير في ذروة حرب البوسنة، بدلا من التدخل الفعلي. ومن ثم تم تجاهلها على الفور من قبل أولئك الذين أنشأوها.
وحتى بعد أسوأ الفظائع في أوروبا منذ عام 1945، كمذبحة الصرب لحوالي 8000 من الرجال والفتيان البوسنيين في سربرينيتشا في عام 1995، لم يكن هناك جهد دولي لتقديم الجناة للعدالة. لقد تصرف جميع الذين يتحملون المسؤولية في الدرجة الأول، كالرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش وقادة صرب البوسنة رادوفان كرادجيتش راتكو ملاديتش، وكما لو أن محكمة لاهاي لم تكن موجودة. وكذلك القوى العالمية التي ساعد تدخلها الذي طال انتظاره ان يضع نهاية للحرب. وكان التركيز الفوري للدبلوماسيين في العالم ينصب على عقد اتفاق سلام في دايتون بولاية أوهايو.
وفي صيف عام 1996، بعد أشهر من التوقيع على اتفاق دايتون للسلام، قد تغير الامر قليلا. كان كارادزيتش قادر على التنقل في البوسنة، من خلال أربع نقاط تفتيش دولية، التي تملي أوامرها ادارة كلينتون، وجميع هذه النقاط تم منعها من اتخاذ أي إجراء. ويشير تشارلز كراوفورد، الذي كان سفير المملكة المتحدة في البوسنة في ذلك الوقت، ان قواعد الاشتباك تقول في الواقع: لا تلتقطوه إلا إذا اصطدمتم به فعلا، تعاملوا مع أي شيء يحدث خارج الطريق حتى لو كان على بعد 10 أمتار كما لو أن لا يجري في نطاق واجباتكم العادية.
وفي أبريل 1996، وقبل أن ان يرسل الى سراييفو كسفير، حضر كروفورد اجتماع في وزارة الخارجية، وفي ذلك الحين كانت المسألة ليست ما إذا كان يتم اعتقال كارادزيتش ولكن ما إذا كان يتم السماح لحزبه الترشح في الانتخابات المقبلة بعد اتفاق دايتون. ويقول كروفورد: كان البريطانيون وغيرهم من الأوروبيين يراوغون على حظر الملصقات الانتخابية لكارادزيتش وملاديتش، والتي اعتقد كراوفورد أنها كانت شنيعة. وكان الأوروبيون قد أثبتوا وهنا وارباكا، وإطالوا التفكير في الجوانب السلبية. وكان الأمريكيون يقولون اننا نتعامل مع حفنة من الهيلبيليس و لدينا 70000 جندي. وفي الختام كسب الأمريكيون جولة الجدل.
في الواقع، كان الأميركيون أكثر حرصا على ان يكون الأوروبيين هم الذين يعتقلون مجرمي الحرب و الا يقومون بذلك بأنفسهم. وكان كلينتون يخشى من وقوع أية خسائر أمريكية يمكن أن تكلفه اعادة انتخابه.
وكان الرئيس الأمريكي هو الذي أصر على القواعد المقيدة للاشتباك لقوة تثبيت الاستقرار التابعة لحلف شمال الأطلسي في البوسنة. ولكنه بمجرد ان اعيد انتخاب كلينتون، وتعيين مادلين أولبرايت وزيرة خارجية (وهي من اللاجئين من أوروبا النازية) التي كانت تصر على أنه على أمريكا أن تستخدم القوة العسكرية لمنع تكرار مثل هذه الفظائع بدأت واشنطن التركيز بجدية على اصطياد مجرمي الحرب.
وبما أن إفلات مجرمي الحرب من العقاب اخذ بالازدياد بشكل مضطرد، تكونت لدى العديد من المسؤولين البريطانيين النظرة ذاتها، لكن الامر ترك لحكومة حزب العمال الجديد برئاسة توني بلير الذي انتخب في مايو 1997، لإعطاء الضوء الأخضر لأول عملية قبض. وكان وزير الخارجية روبن كوك على وجه الخصوص، أكثر إقداما واستعدادا لتحمل المخاطر في سبيل الاستقرار. وكانت أول الاعتقالات لمجرمي الحرب في يوغوسلافيا السابقة في الأول من يوليو 1997 لرجل يدعى سيمو درلياتشا وكان قائدا للشرطة خلال الحرب، وهو من نظم عملية التطهير العرقي في مدن المسلمين الذين اخذوا الى معسكرات الاعتقال المروعة في اومارسكا وكيراتيرم وترنوبوليي. وقد ضرب العديد من السجناء وتركهم يموتون جوعا.
وفي ايام تقاعده من الخدمة، كان درلياتشا يعيش مسترخيا، وينفق الكثير من الوقت في صيد الأسماك، وذات صباح كان قد اصطحب ابنه وشقيقه معه، غير مدرك أن القبض عليه قد أخذ مجراه.
و في الحقيقة كانت عملية دقيقة لقوات الSAS البريطانية حيث برزوا من الشجيرات قائلين له: ها نحن لإلقاء القبض عليك. مما حدا بدرلياتشا بإطلاق النار من مسدسه باتجاههم لكنهم أطلقوا النار عليه. وفي الوقت نفسه بالضبط، دخل فريق آخر من SAS الى مستشفى برييدور، وتظاهروا بأنهم موظفون من الصليب الأحمر، واعتقلوا مديرها ميلان كوفاسيفيتش، الذي كان رئيس بلدية إبان الحرب وأعطى أوامر باستهداف المسلمين. ولم يقاوم كوفاسيفيتش،بحيث انه وجد نفسه في غضون دقائق على هليكوبتر متجهة الى قاعدة للجيش الأميركي، في المحطة الاولى من رحلته الى لاهاي . وبدأت الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا وفرنسا تنفيذ عمليات الاصطياد للمشتبهين
ولم تجر العملية التالية لل SAS، إلا في سبتمبر 1998، عندما عبر فريق الحدود الى صربيا وأمسك بمتهم يدعى ستيفان تودوروفيتش وهو من المطلوبين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في بلدة بوسانسكي ساماك وكان مختبأ في مقصورة في وسط غابة. ووفقا لمحاميه الخاص تم تقييد تودوروفيتش وتعصيب عينيه وزجوا به في سيارة، ومن ثم عبروا به نهر "درينا" بزورق مطاطي، قبل أن يتم تسليمه إلى لاهاي.
وفي سراييفو، اقترح كروفورد، السفير البريطاني، أن يقوم بجولة إلى مدينة بالي معقل صرب البوسنة القريبة من الحدود في محاولة للتحدث إلى كاراديتش لتسليم نفسه. وكان كوك يعتقد انها فكرة جيدة ولكنه عرض الخطة على وزيرة الخارجية الأميركية، مادلين أولبرايت، التي ألغتها.
وكان للأميركيين خططهم الخاصة لكارادزيتش حيث اعدوا في ذلك الوقت لعملية للقبض عليه، ولكنها فجأة أوقفت عندما تسربت إلى زعيم صرب البوسنة. وألقى مسؤولون أمريكيون باللوم على الفرنسيين، وتحديدا على رائد شاب يدعى هيرفي غورميلون الذي كشف عن عقد لقاءات سرية مع كارادزيتش. وقيل ان وزارة الدفاع في باريس كانت لديها صفقة مستقلة لإقناع كارادزيتش الاستسلام بهدوء. ونفى مسؤولون في الوزارة انه لَمَحَ الى الخطة الامريكية لكنه أعيد بسرعة الى فرنسا بسبب اتصالاته التي يبدو مشكوكا فيه. وقادت قضية غورميلون الى حدوث شرخ عميق بين باريس وواشنطن، وبدأ الأمريكيون القيام بالعمليات الخاصة دون إبلاغ حلفائهم.
كان كل شيء من دون جدوى لكن التقطت بعض الثمار من قبل قوة (سفور)، ولكن هؤلاء المشتبه بهم الذين كانوا على اتصالات مع الحكومتين في بلغراد وزغرب وجدوا ملاذا بين أصدقائهم ورعاتهم هناك. وفي الوقت نفسه، قام حلف شمال الأطلسي بسحب قواته من البلقان وسلمت عمليات جرائم الحرب إلى وكالات الاستخبارات، التي يمكنها ان تراقب طرائدها بالاعتماد على الحكومات غير الجديرة بالثقة في زغرب وكرواتيا للقيام بالاعتقالات.
وفي نهاية المطاف، فقد احتاج الأمر إلى اضطرابات سياسية لتحقيق أي تقدم حقيقي. وقد اطيح بميلوسيفيتش في أكتوبر في عام 2000 وتم تسليمه الى لاهاي في يونيو من قبل الرجل الذي حل محله، زوران دينديتش، في خطوة نظر إليها بأنها كراهية لزميله الصربي. لكن ما هو غير معروف جيدا هو هل ان دينديتش منح البريطانيين فرصة القبض على ملاديتش.
يقول السفير البريطاني كروفورد الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب سفير المملكة المتحدة في بلغراد: في الليلة التي ذهب فيها ميلوسيفيتش الى لاهاي في عام 2001، دُعينا من قبل الصرب لإرسال فريق للقبض على ملاديتش، قائلين انهم كانوا يعرفون اين هو، ولم أتقبل فكرة أن أعرض الجنود البريطانيين إلى الخطر لأنهم لا يعرفون على وجه اليقين ما الذي سيحدث لاحقا أو بمن سيثقون. في الوقت نفسه تقريبا، كما كان يعتقد الأمريكيون أن لديهم فرصة للقبض على ملاديتش. ويقول ضابط أمريكي: كان في المجمع العسكري في بلغراد، لقد تثبتنا منه. وأعطينا الوقت الحقيقي الاستخباراتي للقبض على دينديتش لكن الخبر سُربَ.
إن الفرصة التي منحتها قيادة دنجدتش الموالية للغرب تلاشت في مارس 2003، عندما قتل رئيس الوزراء برصاص قناص يعمل لصالح حلفاء من الجريمة المنظمة وضباط سابقين في الاستخبارات الصربية غاضبين كانوا على استعداد للتعاون مع لاهاي. وبمقتله انتقلت السلطة إلى الرئيس الصربي، فويسلاف كوستونيتشا،الذي أثبت انه أقل استعدادا للمساعدة في مطاردة ملاديتش وكاراديتش.
ومع ذلك بدأت محكمة لاهاي بتكتيكات معينة، منها ممارسة ضغوط دبلوماسية مكثفة، فقد حصلت كارلا ديل بونتي المحامية والمدعية العامة والسفيرة السويسرية ورئيسة الادعاء العام السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، بتعهدات من الاتحاد الاوروبي من انه لن يتعاطى مع الطلب الصربي الكرواتي للحصول على العضوية ما لم يبرهنا على أن حكومتيهما تتعاونان بالكامل مع لاهاي.
وواصل سيرج براميرتز، الذي خَلَفَ، ديل بونتي، زيادة الضغط حتى أصبح وجها لوجه مع حاجيتش في قاعة محكمة لاهاي في الشهر الماضي. وللأسف انه من دون ضغوط، لا تتحرك هذه الأشياء الى الامام في الواقع. لذا فإن ربط توسيع الاتحاد الأوروبي بإلقاء القبض على الهاربين كان أداة ناجحة حقا في الماضي، وكان له دور أساسي في القبض على الهاربين السنوات الماضية.
وفي نهاية المطاف اجبرت الضغوطات على الحكومة في زغرب على تسليم المعلومات الاستخباراتية والتي أدت بالانتربول والشرطة الاسبانية للقبض على اعتى مجرمي الحرب الكروات الجنرال انتي غوتوفينا، الذين كان يتحصن في أحد الفنادق الفخمة في جزر الكناري وذلك في ديسمبر 2005. كما انها ادت ايضا الى انتخابات 2008 بأختيار زعيم جديد مؤيد للغرب في صربيا، بوريس تاديتش. وقام الاخير بتعيين ساشا فوكادينوفيتش كرئيس جديد شاب لجهاز المخابرات، وأدى التطهير اللاحق من قبل الضباط القوميين المتطرفين القديمين، الى جلب نتائج فورية. وبعد أسبوعين من تولى فوكادينوفيتش، تم اصطياد كاراديتش في بلغراد . وكان قد تم تعقب ملاديتش في شهر مايو، في شمال صربيا.
وأخيرا اخذت العدالة مجراها، لكنها استغرقت 18 عاما منذ ان تم تأسيس المحكمة الجنائية الدولية. وخلال ذلك الوقت، قتل الآلاف من الضحايا و عشرة من متهمي لاهاي أخطأتهم العدالة لأنهم ماتوا قبل القبض عليهم.
ويقول سيرج براميرتز مدعي عام المحكمة: يسرنا في نهاية المطاف انه قد تم القبض عليهم، ولكن هل كان من الضروري حقا أن يستغرق الامر وقتا طويلا، وان يكون مؤلما بهذا الشكل ؟ لقد توفي في هذه الأثناء العديد من الناجين من الجرائم دون رؤية العدالة تنال منهم. لذا فأنا أشاركهم إحباطهم. لكنه في الوقت نفسه لا يوافق على رفض العدالة لكونها قد تأخرت.
وإضافة إلى تمهيد الطريق لمحكمة جرائم حرب دائمة، ومحكمة جنائية دولية، يقول ان محكمة لاهاي كانت ضربة حازمة ضد ثقافة الإفلات من العقاب في غرب البلقان وخارجها. ويقول: فمن الواضح،أن أولئك الذين يتحملون المسؤولية الكبرى لم يحاكموا أبدا ما لم تكون هناك محكمة. وكذلك لا أعتقد أنه من دون محكمة، تكون هناك الآن قاعدة بيانات لسبعة ملايين وثيقة توثق بشكل واضح جدا لتاريخ الصراع، بحيث لا أحد يستطيع أن ينكر أن الجرائم التي حدثت وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبت.