يُقَتل الناس في أحيان كثيرة لمجرد استفهامهم لماذا عليهم مغادرة منازلهم
تترك جثث القتلى في العراء ليراها الجميع من أجل أن يخيفوا من يجرؤ
اتهموا شقيقها بالتجسس للسي إي أيه والكي جي بي لأنه خَزَنَ حصة غذائية
عندما وجدوا صعوبة في قتل الشباب اليافعين بادروا إلى حرقهم لسهولة التنفيذ
كان البكاء ممنوعاً ويجلب أقصى العقوبات وتنتظر سومالي الليل لتبكي بصمت
ترجمة – كريم المالكي:
لم يكن عمر "سومالي لون" سوى 15 عاماًً عندما استولى الخمير الحمر على كمبوديا. والآن ، وبعد مرور 30 عاما على فرارها من بلدها، تستذكر ذلك الرعب الذي كتمته عن نظام بول بوت، بعد ان وجدت حياة جديدة ومختلفة في أوكسفوردشاير. وفي الحقيقة ان قرية أوكسفوردشاير الهادئة في "يتنى" ليست المكان الذي تتوقع ان تواجه فيه دراما مأساوية لكن هذا ما حصل، وتحديداً عندما أوغلت الغارديان البريطانية لتنبش صفحات من ذاكرة سومالي التي هي ضحية من ضحايا الخمير الحمر.
وتعيش "سومالي" الآن في هذه القرية حيث تعمل محاسبة في سوبر ماركت وتفصلها سنوات عن الجحيم الذي طوق حياتها بمآسٍ لا يمكن تصورها، فقد عاشت تلك المرأة كل شيء: المعاناة والقتل الجماعي، والترقب، وإرادة البطل، وحب مزقته الحرب، وفي نهاية المطاف، أمل في مستقبل قادم مكنتها الاقدار من بلوغه. وهنا تروي "سومالي" قصة الجحيم التي أبقتها لمدة 30 عاما طي الكتمان حتى عن اقرب الناس لها.
في يناير 1979، عندما غزت فيتنام كمبوديا جارتها الشيوعية انهار نظام الخمير الحمر، وتقهقر الى الغابات التي انطلق منها في الأصل. وهكذا انتهت أربع سنوات من عهد الإرهاب ، وظل هذا الحدث أمرا أقرب إلى الصدمة وأبعد ما يكون على التصديق. لقد وصلت تقديرات القتلى ما بين مليون الى مليوني شخص من السكان الذين يبلغ عددهم 8 ملايين فقط في تلك الفترة.
وقبل التدخل الفيتنامي، كان من المستحيل تقريبا الخروج من البلاد، ولكن بمجرد ان فروا الخمير الحمر الى الغابة، تدفق الآلاف من اللاجئين عبر الحدود الى تايلاند. وكانت سومالي من هؤلاء اللاجئين وعمرها (20 عاما). لقد شكلت الحرب طفولة سومالي، فقد شهدت وهي بعمر 10 سنوات في مدينة كراتي التي ولدت فيها، التي تقع على مقربة من الحدود الفيتنامية، قصف الطائرات الأمريكية بي – 52 للمدينة بطريقة غير مشروعة حيث كانت تحاول قطع خطوط الإمداد الفيتنامية، وذات مرة شاهدت مقاتلة من طراز اف 11 تحلق منخفضة جدا بحيث تمكنت سومالي من رؤية الطيار ،وتسبب الصوت العالي بإعاقة دائمة لحاسة سمعها.
وهربت عائلتها إلى بنوم بنه عاصمة كمبوديا، حيث كان والد سومالي يعمل طبيبا في إحدى المستشفيات الرئيسية. وكان عمرها 15 عندما دخل الخمير الحمر لأول مرة حياتها، وذلك في عام 1975، عندما تعرضت بنوم بنه الى قصف عنيف بالمدفعية، وكانت تلك المرحلة الاخيرة من الحرب الاهلية بين حكومة لون نول الفاسدة، المدعومة من الأمريكيين والمتمردين من الخمير الحمر المدعومين من الصينيين. وتستذكر"سومالي" قائلة :الحصار والهلع، الذي كان يطبق على السكان الذين تنفسوا الصعداء مع توقف القصف أخيرا حيث خرجت الحشود لاستقبال القوات الشيوعية المنتصرة عندما دخلت بنوم بنه في 17 ابريل 1975 وكنا نعتقد أن سلاما حقيقيا قادما".
وكان رد فعل الخمير الحمر ازاء الترحيب بالإعلان عن أنه على الجميع مغادرة المدينة فورا. أخليت المستشفيات من المرضى والجرحى حيث ترك أصحاب الإصابات الخطيرة يموتون في الشوارع. كما فقد قرابة، 20 ألف شخص حياتهم في الإجلاء القسري في بنوم بنه. وقتل الناس رميا بالرصاص أو ضربوا حتى الموت لمجرد اشارة صغيرة على الاعتراض، وفي أحيان كثيرة لمجرد التجرؤ على السؤال التالي: لماذا عليهم مغادرة منازلهم.
وبين عشية وضحاها، أصبحت البلدات والمدن مهجورة وانتهت جميع أشكال التجارة وبدأ عصر الظلام وما قبل الصناعة والاستعباد العالمي . وقيل لجميع الكمبوديين المذهولين والحائرين أن سلطة مجهولة تدعى انجكر تدير الآن كل جانب من جوانب الحياة. ولم يعرف أي شخص داخل كمبوديا بأن رئيس قوات انجكر كان طالبا فاشلا في الالكترونيات اسمه سالوث سار، والمعروف باسم الأخ رقم واحد، والأكثر خزيا، بول بوت. وتقول سومالي، متذكرة تلك الأيام الأولى من الفوضى: "حاول والدي أن يبقينا هادئين كنا تسعة أطفال. لي أخ أكبر وشقيقة كبرى وستة من الأخوة الأصغر سنا. ولم ينج من حقول الموت من أسرتي المكونة من 11 فردا، سوى أربعة فقط. كان يسموها كمبوديا الديمقراطية والحرية الموعودة، ولكنها في الواقع سجن مروع وجوع وتعذيب واستغلال، وتهديد مستمر بالموت.
في البداية، ذهبت الأسرة الى قرية أجداد سومالي التي كانت تحت قيادة الخمير الحمر حيث بدأنا العمل في الحقول. وتقول "عاملونا بطريقة سيئة جدا لأنهم اتهمونا بالترف". وتقول سومالي أرغم أفراد العائلة الواحدة على الاتهام والابلاغ عن بعضهم البعض. وفي الليل يتلصص الجواسيس إلى أي همسة يوسوس بها احد من المعارضة، وكان علينا أن نتعلم بسرعة كبيرة لأن هناك أناسا تم اقتيادهم بعيدا بسبب ما قالوه". وسرعان ما علمت سومالي انه قد تم قتلهم. وقد تركت جثث أولئك الذين قتلوا بسب الضرب المستمر، في مقابر مفتوحة ليراها الجميع، وعندما كنا نسير الى الحقل لإنجاز العمل المفروض علينا نرى الجثث الكثيرة حيث كانوا يفعلون ذلك ليخيفونا".
وما ان أصبح الطعام نادرا انتقلت العائلة إلى بورسات في عمق الريف. وسرعان ما أخذ والدها في أول الأمر لعلاج مسؤول كبير بالحزب ومن ثم قتلوه. وعلى الرغم من أن جميع الأعضاء البارزين في الخمير الحمر درسوا في الخارج في فرنسا ،الا انه أي شخص آخر حصل على التعليم، بما في ذلك الأطباء الذين هم بأمس الحاجة إليهم، كانوا يصنفون بدرجة عدو خطير ولابد من القضاء عليهم. وفي وقت لاحق تم القبض على الشقيق الأكبر لسومالي لتخزينه حصة غذائية. و تقول سومالي "لقد اتهم بالتجسس لصالح السي اي ايه والكي جي بي ولانه لم يعترف بذلك فقد تعرض للضرب حتى الموت."
ان الملاريا والتيفوئيد تشكل خطرا مستمرا والحصص الغذائية بلغت مستوى المجاعة حيث مات الآلاف من سوء التغذية، والعديد لقوا مصرعهم لمحاولة العثور على الطعام. وتقول سومالي: "عندما رأى أخي الصغير الذي كان عمره 10سنوات البطاطا الحلوة وتحايل من أجل الحصول عليها كانت عقوبة الإعدام بانتظاره ، لقد قادوه بعيدا ثم اسكتوه. ومن بين الصور المروعة التي تختزنها في ذاكرتها هو ذلك المشهد المأساوي، الذي جمعوا فيه مابين 50 الى 100 شخص وأحرقوهم وهم على قيد الحياة، وتقول:كنت أسمع صرخاتهم . ويبدو بسبب صعوبة قتلهم بالضرب حتى الموت لانهم شباب يافعون رأوا انه من الأسهل حرقهم.
حتى البكاء كان ممنوعا ويجلب اقصى العقوبة ، وتنتظر سومالي حتى الليل لتسمح لنفسها بالبكاء بصمت. وفي خضم هذا الواقع المرير، كانت واحدة من أكثر الأفكار صعوبة بالنسبة للمراهق التسليم بالاعتقاد أن العالم تخلى عن كمبوديا. وتقول سومالي «ظللت طوال الوقت أفكر» لماذا لا أحد يأتي وينقذنا؟ كنا ننظر في السماء لرؤية خيال طائرة. او أي صوت بسيط لاطلاق النار يجعلنا متحمسين أو قد يأتي شخص ما، ولكن لا صوت غير أصوات طلقاتهم وهم يقتلون شخصا قد حاول الهرب، وإلا فإنهم لن يضيعوا رصاصتهم". بالنسبة لمعظم وقتها الذي قضته تحت حكم الخمير الحمر ، قد تم فصلها عن عائلتها ونقلها الى جميع أنحاء البلاد في "لواء العمل". وخلال موسم الأمطار كانت تزرع الأرز، وتعمل 18 ساعة تقريبا في اليوم، وفي موسم الجفاف تشارك في بناء السدود وصيانتها.لقد توفي أربعة من أشقائها بسبب الإجهاد والجوع والمرض. وبحلول أغسطس 1979، سيطر الفيتناميون على معظم انحاء كمبوديا، ولكن سومالي وعائلتها كانت في جزء من البلاد ما زالت بيد الخمير الحمر.وبعد أسابيع من التحرير، جاءها أحد أخويها من الباقين على قيد الحياة يشكو المرض.وتقول "كان يعاني من سوء التغذية، وبطنه منتفخة، ثم فجأة تكونت فقاعات مائية تحت جلده، وأخذ يبكى وهو يردد: انظروا ماذا حدث لي. وحينها كنت ادرك انه لن يقاوم. وبعد أسبوع توفى حيث كان المشهد ان ترى أخاك يموت أمامك.
وبمواجهتهم الهزيمة الواضحة، بدأ الخمير الحمر حملة يائسة لقتل أكبر عدد ممكن من الكمبوديين بدلا من تركهم يؤخذون من قبل الفيتناميين. وفي بورسات ارغم المئات على التوجه نحو المنحدرات الصخرية الحادة إلى ان توفوا. وفي ظل هذا القتل الجماعي كان الأمل الوحيد في البقاء على قيد الحياة هو الهرب. وفعلا هربت سومالي ليلا الى الغابة سوية مع100 أسير آخر. وطاردهم الخمير الحمر حيث فقد البعض أطفالهم ، وقتل آخرون وهم يعبرون مستنقعات المنغروف. وتتذكر سومالي بقولها"عجزت عن السير وكأني لا أملك ساقين، فعندما لم يكن لديك طعام تتناوله وتحاول الهروب وهم يطلقون النار كان لابد من ان اقول لمن معي: «اذهبوا واتركوني". واحدة من الاشياء التي تعلمتها سومالي خلال تلك الفترة في كمبوديا ،انه في أحيان كثيرة وفي أحلك اللحظات وأكثرها يأسا، كان هناك شخص ما يقدم لك كلمة طيبة أو تمتد يد العون. ولذا كان احد الفارين من الموت قد مد يده نحوها وسحبها من المستنقع.ومع ذلك ما زال أمامهم أربعة أيام للاختباء في قارب في بحيرة تونلي ساب دون أي طعام. وذات ليلة جاءت على مقربة منهم دورية تابعة للخمير الحمر، لكنهم تمكنوا من التزام الصمت ليفلتوا من أيديهم. وأخيرا ،وبعد ان تمزقت أعصابهم، وصلوا إلى المنطقة الفيتنامية.
وفي هذا الوقت، أدركت سومالي ان عمليات قتل ستقع في بورسات وخشيت من ان ما تبقى من أسرتها قد يلقوا حتفهم. ومع ذلك، قررت ان تبقى واقفة عند جانب طريق يندفع عبره الكمبوديون المتجهون نحو بنوم بنه. وبعد ما يقرب من أربعة أسابيع قضتها في سؤال المارة عما اذا سمعوا شيئا عن عائلتها، استطاعت ان ترصد والدتها مع اثنين من أشقائها الآخرين الباقين على قيد الحياة. وهناك شاهدت والدتها، وشقيقها الاصغر وشقيقتها. وتتذكر سومالي تلك اللحظة "بكينا جميعا، لقد كان أسعد يوم في حياتي".
وإلى وقت قريب جدا لم تتحدث، سومالي عن محنتها في كمبوديا إلى أي شخص بل آثرت ان تدفن الماضي بصمتها. التقت سومالي بزوجها الحالي بوريثي، وهو كمبودي ايضا، في بنوم بنه، عندما توجهت للقاء ما تبقى من عائلتها. وبلغتها الانجليزية كتلميذة، عثرت على عمل في أحد الفنادق، وبدأت الاتصال بعمال الإغاثة الأجانب الذين بدأوا يصلون. وكان من بينهم شخص بريطاني يدعى ماركوس طومسون (34 عاما) يعمل لحساب مؤسسة أوكسفام، والذي سيمد لها في وقت لاحق يد العون.
اما زوجها الشاب بوريثي، ابن احد القضاة المتميزين، فقد وقع بحب سومالي (20 عاما). ولم تقتنع به بسهولة،إلا بعد ان استمعت الى قصته الرهيبة. وقد علمت أنه فقد والديه وشقيقه الأصغر. وتوفيت إحدى أخواته من الجوع بين ذراعيه،فيما ربطت الأخرى الى عمود وتركت تموت تحت حرارة الشمس.وعندما اكتشف بوريثي أن حياته في خطر في بنوم بنه ،أخبر سومالي بانه مضطر الى الرحيل ، لكنه لن يكون ذلك من دونها. في مارس 1980 تزوجا، وفي اليوم التالي فرا الى الحدود التايلندية. ومرة أخرى يواجه الزوجان مخاطر هائلة. وتوضح سومالي "كان هناك الخمير الحمر والخمير من قطاع الطرق واللصوص التايلانديين، والجنود التايلانديين، الذين كانوا يطلقون النار على أي شخص يحاول العبور، فضلا عن حقول الالغام." ومع ذلك مروا عبر ذلك ومكثوا في مخيم للاجئين مع الآلاف من الكمبوديين الآخرين. وهناك التقت بماركوس طومسون (موظف الاغاثة) من جديد الذي صعقته الظروف المروعة التي يعيشونها، وبدعم من منظمة أوكسفام تقدم بطلب للجوء نيابة عنهم. ومنحت السلطات البريطانية سمة دخول لسومالي وبورثي، وبعد فترة قصيرة، لوالدتها وشقيقها وشقيقتها. وعندما وصلوا الى إنجلترا، في مايو 1981 قطعوا على أنفسهم عهداً بألا ينظروا الى الوراء. وبدلا من ذلك وضعوا كل الطاقات من أجل بناء حياة جديدة. وفي هذه الأثناء كانت سومالي حاملا بطفلتها الأولى، ماري ثيدا.
وتقول سومالي "في أول 10 سنوات قضيتها هنا ،كنت اكتم كل شيء وكلانا لا يذكر شيئا لأننا عشنا كوابيس قاتلة، وكنا نستيقظ نتصبب عرقا في بعض الأحيان، لكننا لا نتحدث عن ذلك على الاطلاق ". وفي عام 1986، وضعت ابنتهم الثانية بوفاني. وتقول: لا نرغب في ان يعيشوا ما مررنا به، لقد ولدوا أحراراً في حين ان كل ما أحمله أنا منذ سن العاشرة هو الحرب والكراهية والقتل. ان المجيء إلى هنا ورؤية السلام والهدوء يسقط في داخلك ما أنت بحاجة إلى سرده من مآسٍ.
ولم يكن سومالي وبوريثي مهاجرين يبحثان عن مستوى معيشي أفضل وإنما يرغبون حياة أفضل. وعملوا بجد للحصول عليها، فبينما درست بوريثي اللغة الإنجليزية في جامعة أكسفورد بروكس، وفعلت سومالي ما بوسعها للعثور على عمل ، وامتهنت الخياطة في المنزل، وعملت بدوام جزئي في احدى المحلات التجارية. وفي عام 1994، عاد بوريثي إلى كمبوديا ليعمل مع ضحايا الألغام الأرضية. ولا يزال هناك، منذ ذلك الحين، يرأس الآن مجموعة من المنظمات غير الحكومية الكمبودية. وفيما تلتقي الأسرة عبر زيارات سنوية، تنهمك سومالي في تربية الطفلتين. وتتعمد اخفاء قصتها عن أولادها، وتخفي عنهم الكتب التي تتناول كمبوديا، وتبقي تاريخها بعيدا عن الأنظار. ولم تقم لا هي ولا أمها، التي توفيت قبل ثماني سنوات بإخبار البنات ما حدث لأسرتهم. وتقول "لا أريد أن أثقلهم بماضيهم". بل ان ما تريده لأبنائها طفولة طبيعية حيث تقول. "أعيش من أجلهم، ومن المهم جدا بالنسبة لي ان يتمتعوا بحياتهم".
لذا فإن ابنتها "ماري" ذهبت لدراسة وسائل الحماية الشخصية في جامعة أكسفورد ، في حين تدرس "بوفاني" الإنجليزية في بريستول. وتعمل الآن ماري ( 27 عاماً) مساعدة للسكرتير الخاص لغاريث توماس، وزير الدولة في وزارة التنمية الدولية. وتعترف ماري أنها ظلت لفترة طويلة غريبة عن خلفيتها العائلية لكنها لم تطلب ذلك من والديها مباشرة لأنها ترى في ذلك تقليبا للجروح. لكن ماري أنفقت الكثير من الوقت في القراءة عما حدث في كمبوديا، وغيرها من الأعمال الوحشية في العالم لأن ذلك أصبح مجال اهتمامها المهني كجزء من عملها للتنمية الدولية، وقد أمضت تسعة أشهر في العراق، وفترات طويلة في السودان. وتقول سومالي أن الأشهر التسعة تلك التي قضتها ماري في العراق كانت الاطول في حياتها مشيرة الى عمق القلق الذي تعيشه الأم. وتقول ماري "اعتقد اننا حصلنا على الكثير مع أطفال اللاجئين من الجيل الثاني: ويشعرون انهم مدينون بشيء ما". لكن هذا لا يعني ان ماري ليس لديها تحفظات بشأن التدخل الأجنبي، لأنها اطلعت من خلال قراءاتها على ما حدث في كمبوديا عندما كان العالم ينأى بعيداً، وتقول بأنها لا تعتقد ان عدم التحرك هو الجواب.
ثلاثون عاما وكمبوديا تعاني مشاكل هائلة، رغم انه لا مقارنة مع عهد بول بوت. كما ان كل انواع الظلم ما زالت مهملة أو التستر عليها، واستمرار الفقر في الأونة الأخيرة أدى إلى عودة منظمة أوكسفام إلى البلاد ، لتقديم الإغاثة الطارئة لمكافحة الفيضانات.