حاوره ـ سلام الشماع: وصف الشيخ الدكتور طارق العبدالله رئيس هيئة توحيد الجهد الوطني العراقي أن العراق سد عال أمام الأطماع الإيرانية التوسعية في الخليج العربي، لو عاد إلى وضعه الطبيعي. وقال في حوار مع ''الوطن'' إن دور العراق كبير ومهم وأساس في جعل إيران تفكر ألف مرة ومرة قبل أن تتدخل في شأن دولة من دول الخليج أو الدول العربية الأخرى. وأضاف العبدالله أن دول الخليج إذا كانت مهتمة بأن يعود العراق سداً يحميها من المطامع الإيرانية فيجب أن تهتم بأن تجري فيه انتخابات عراقية حقيقية وأن تسند للعراقيين الحقيقيين لتتم السيطرة على العراق ديمقراطياً، فإذا تم حل هذه الاشكالية تم حل مشكلة العراق، وإذا تم حل مشكلة العراق حلت مشكلة دول الخليج العربي مع إيران وأطماعها. وأكد أن إيران لا تحارب، وإنما لديها من يحارب نيابة عنها من عملاء تعبت على تربيتهم وتجهيزهم للحظة التي تريد، فحزب الله اللبناني والتيار الصدري وجماعات أخرى في الدول العربية يتبعون إيران وينتظرون إشارة منها للبدء في حرب ضد أوطانهم وشعوبهم.. وقال العبدالله: إن هناك مخططاً تآمرياً ضد الأمة العربية، وإذا كنت أتفق مع القائلين إن هناك انتفاضات في ليبيا وسوريا ومصر وتونس وغيرها بسبب وجود الجوع وقمع الحريات والتعذيب والاعتقالات، فلماذا تستهدف دول الخليج العربي وهي بلدان مستقرة تعيش شعوبها برخاء ورفاء واستقرار وأمن وتتوفر فيها حياة ديمقراطية لا تتوفر في الدول التي ذكرناها؟. وقال العبدالله: إن الدول العربية إذا وحدت كلمتها فلا إيران ولا سواها يمكنها النيل منها، مشيراً إلى أن انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي سيجعل أي دولة طامعة تفكر قبل أن تتدخل في دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف: إن إيران تعيش اليوم ذروة التناقض فهي تؤيد حركات شعبية في دول وتعارضها في دول أخرى، فهي تمنع التظاهرات التي يقوم بها شعبها وتقمعها وتؤيد قمعها في العراق وسوريا، وفي الوقت نفسه لا تريد لدول أخرى أن تحل مشكلاتها سلمياً وتحقق إصلاحات لشعبها.. وفيما يأتي نص الحوار لماذا لا يعيشون في إيران؟ ؟ ما يجري من محاولات تمزيق للعراق ووحدته بدعوى الفيدرالية، هل يؤثر على وحدة بلدان مجلس التعاون الخليجي؟ - إن دور العراق كبير ومهم وأساس في جعل إيران تفكر ألف مرة ومرة قبل أن تتدخل في شأن دولة من دول الخليج أو الدول العربية الأخرى، فهو سد عال أمام أطماعها التوسعية في الخليج العربي لو عاد إلى وضعه الطبيعي، وإيران لا تحارب بنفسها، وإنما لديها من يحارب نيابة عنها من عملاء تعبت على تربيتهم وتجهيزهم للحظة التي تريد، فحزب الله اللبناني والتيار الصدري وجماعات أخرى في الدول العربية يتبعون إيران وينتظرون إشارة منها للبدء في حرب ضد أوطانهم وشعوبهم.. وإني أتساءل: إذا كانت هذه الجماعات مؤمنة بإيران حقاً فلماذا لا تذهب وتعيش في إيران، أو تنتمي إلى بلدانها وتعيش فيها من دون تلقي توجيهات سياسية من إيران؟. وأعتقد أن ما يجري في العراق يؤثر تماماً على الأوضاع في الخليج العربي، لذلك من الضروري أن يتنادى الجميع لإعادة العراق إلى وضعه الطبيعي وممارسة دوره الإقليمي والقومي. ماذا وراء الأكمة؟ ؟ هل تعتقد أن ما أطلق عليه الربيع العربي هو مؤامرة تستهدف الأمة العربية، كما يقول بعض الناس؟ - إذا كنت أتفق مع القائلين إن هناك انتفاضات في ليبيا وسوريا ومصر وتونس وغيرها بسبب وجود الجوع وقمع الحريات والتعذيب والاعتقالات، فلماذا تستهدف دول الخليج العربي وهي بلدان مستقرة تعيش شعوبها برخاء ورفاء واستقرار وأمن وتتوفر فيها حياة ديمقراطية لا تتوفر في الدول التي ذكرناها؟. الدول العربية طوال عمرها تحسد دول الخليج العربي على نعمة الأمان والرخاء والاستقرار، بغض النظر عن الأنظمة.. فكيف أصبح حكام الخليج فجأة في نظر هؤلاء طغاة ومجرمين؟.. لماذا يريدون زعزعة أمن دول الخليج؟.. إن هناك مخططاً تآمرياً ضد الأمة العربية، بالأمس كان العرب جميعاً يتمنون الحصول على الجنسية البحرينية، ويتمنون التمتع بالعيش فيها لتوفر حياة ديمقراطية، فما الذي حدث الآن لتكون البحرين دولة غير ديمقراطية؟.. إن وراء الأكمة ما وراءها إذاً، وعلينا التدقيق في هذا الأمر وعدم الانسياق وراء ما يريده أصحاب الغرض السيء للبحرين والخليج. هل هذا هو العراق الجديد؟ ؟ وهل يستثنى العراق مما سمي بالصحوة الشعبية في العالم؟ - الصحوة الشعبية التي انتشرت مؤخراً في أرجاء العالم لن تستثني العراق، والعراق لن يكون بعيداً عنها.. نحن مازلنا نعيش في الظلمة، فإذا كان النظام الذي حكم العراق مدة 35 سنة قاسياً وظالماً فإن نظام حزب الدعوة الآن أكثر قسوة وظلماً، وقد بدأ بعض القياديين في العراق يدركون ذلك ويقولونه علانية، فأحد الاتهامات التي وجهت إلى النظام السابق تجاوزه على دول الجوار، بغض النظر عن الظروف التي دفعته إلى ذلك، ولكن ماذا نسمي تدخل نظام حزب الدعوة في شؤون دول الجوار وبحثه عن دور في زعزعة الأمن في دول الخليج العربي وفي مقدمتها البحرين.. فهل هذا هو العراق الجديد؟ الأردن متميز بعقول أبنائه ؟ هل سيؤثر انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي إيجابياً على دول المجلس، وكيف؟ - شهادتي في هذا الأمر قد تكون مجروحة فأنا عربي وحدوي أتمنى أن تتوحد الأمة العربية كلها لتكون قوة في هذا العالم الذي يتكتل، لكني أقول إن الأردن بانضمامها إلى مجلس التعاون الخليجي ستضيف إليه الكثير لأن لديها إمكانات بشرية مثقفة، والعقول هو ما تحتاجه الدول اليوم، وقبل مدة كنا نتحدث عن أثر هذه العقول على مستقبل البلدان وقلنا إن النفط كثروة يمكن أن تنضب ويمكن للاقتصاد أن يتدهور لكن العقول تبقى لتبدع وتجد الحلول للأزمات، والأردن متميزة بتوفر العقول، فهذه المملكة ركزت منذ زمن على تعليم أبنائها، والدول العربية إذا وحدت كلمتها فلا إيران ولا سواها يمكنها النيل منها، وأعتقد أن انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي سيجعل أي دولة طامعة تفكر ألف مرة ومرة قبل أن تتدخل في دول مجلس التعاون الخليجي. إيران وذروة التناقض ؟ كيف تنظر إلى تصدير مبدأ ولاية الفقيه الإيراني إلى الدول الإسلامية؟.. هل ستنجح إيران في ذلك؟ - المفارقة إن مبدأ ولاية الفقيه فشل بنحو ذريع جدا في حاضنته الرئيسة إيران، فكيف يراد له أن يحقق نجاحاً في دول أخرى، لكن غاية إيران من تصدير هذا المبدأ إلى الدول هو زعزعتها لتحقيق مآربها المعروفة، فلا شيء أهم لإيران من نفسها ومصالحها، والنظام الإيراني حينما يتشدق بالديمقراطية والحرية، ويعيب على بعض الدول دكتاتوريتها، نستطيع أن نسأله: ماذا فعلت أنت يا نظام إيران مع شعبك الذي طالب بإصلاحات؟.. ماذا فعلت مع الشعوب غير الفارسية التي تعيش على أرض إيران وتطالب بحق تقرير المصير؟. إن إيران تعيش اليوم ذروة التناقض فهي تؤيد حركات شعبية في دول وتعارضها في دول أخرى، فهي تمنع التظاهرات التي يقوم بها شعبها وتقمعها وتؤيد قمعها في العراق وسوريا، وفي الوقت نفسه لا تريد لدول أخرى أن تحل مشكلاتها سلمياً وتحقق إصلاحات لشعبها.. أنا لا أعترض على حق إيران في رعاية مصالحها ولكن لي اعتراض على أن شعوبنا العربية التي لم تع للآن خطورة الدور الإيراني الطامع، ولا تقف ضده، ولا تشعر أنها كانت لديها امبراطورية عربية عظمى وحضارة مهمة جداً وأنها يجب أن تسعى لإحيائها مثلما كان لإيران وتركيا امبراطوريات تريد إعادتها. وثائق تثبت التزوير ؟ ما المخرج مما يعانيه العراق من فوضى سياسية قد تؤثر على دول المنطقة؟ - إن فشل الانتخابات في العراق أدى إلى فشل التوافقات وبالتالي قاد هذا الأمر إلى فشل تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأنا أعرف وأعي تماماً ما حصل في الانتخابات العراقية، ففي حين كان الجميع يأملون أن تنقل هذه الانتخابات العراق من حالة الفوضى إلى حالة النظام والاستقرار وتعيده إلى الخارطة، حدث العكس، إذ صدرت نتائجها قبل فرز الأصوات في الصناديق، والأقراص المدمجة التي زودتنا بها المفوضية العليا للانتخابات أثبتت أن هناك تزويراً واضحاً وكبيراً حدث في هذه الانتخابات.. ولم تتم الاستفادة من أصوات العراقيين في الخارج وعددهم كبير جداً في الخارج، ولدي كتاب رسمي يثبت أن عدداً كبيراً من أصوات العراقيين في الخارج لم يصل إلى بغداد أصلاً، ونحن دخلنا الانتخابات تحت عنوان ''هيئة توحيد الجهد الوطني العراقي'' التي أرأسها، وهي مجموعة من النخبة من العراقيين ولكننا لم نفز لأنهم سرقوا أصواتنا، وأعتقد أن الانتخابات يجب أن تكون نزيهة لتعبر عن رأي الشعب، وعدم نزاهتها في العراق قاد إلى وصول شخصيات غير مؤهلة إلى قيادة البلد، مع الأسف الشديد. انتخابات عراقية حقيقية ؟ ما الذي يمكن أن تفعله دول الخليج العربي، في رأيك، لإعادة العراق لممارسة دوره الإقليمي والقومي؟ - معاناة العراق الوحيدة، الآن، هي ضعفه لأنه ليست فيه حكومة مركزية قوية، ودول الخليج إذا كانت مهتمة بأن يعود العراق سداً يحميها من المطامع الإيرانية فيجب أن تهتم بأن تكون هناك انتخابات عراقية حقيقية وأن تسند العراقيين الحقيقيين لتتم السيطرة على العراق ديمقراطياً، فإذا تم حل هذه الإشكالية تم حل مشكلة العراق، وإذا تم حل مشكلة العراق حلت مشكلة دول الخليج العربي مع إيران وأطماعها. إيران تستهدف العقول ؟ من يستهدف العقول العراقية بالاغتيال والقتل؟ - في العراق اليوم إرهاب ومقاومة وطنية، واستهداف العقول العراقية وتصفيتها ليس من مصلحة المقاومة الوطنية، واعتقد أن إيران هي التي تستهدف هذه العقول لأن هذه العقول ثروة لا يمكن بناء العراق وإعادته قوياً من دونها.. وحيثما وجدت استهدافاً لهذه العقول ستجد أصابع إيران فيها. الطائفية بضاعة إيران ؟ هل تعتقد أن الطائفية حالة أصيلة في المجتمع العربي، أم أنها طارئة؟ - هناك نفور الآن من بعض أصحاب العمائم في العراق، بسبب الطائفية التي يُراد لها أن تنتشر في العراق والتي يمقتها العراقيون، والمطلوب الآن توحيد الصفوف خارج الاطار السياسي الهزيل المطبوع بالطائفية في العراق، فالكيانات السياسية التي تتحكم بمصير العراق تقتات على الطائفية التي يرفضها الشعب، والدليل على ما أقول التظاهرات الشعبية، فهؤلاء السياسيون متفقون فيما بينهم على أجندات تضر بالعراق والمنطقة. إن الطائفية هي بضاعة إيران الفاسدة التي تريد نشرها في المنطقة والعالم بشتى الطرق لتحقق سيادتها، وهي تعتمد في ذلك بعض أصحاب العمائم الذين انكشفوا في العراق ولن يمر وقت طويل حتى ينكشفوا في كل مكان يريدون إشعال الفتنة فيه، وقد أثبتت الأحداث أن المجتمع العربي يمقت الطائفية، ولو كان هذا المجتمع طائفياً لوجدت أن حروباً طائفية اشتعلت فيه لا يمكن إخمادها. قناة بلا هوية ؟ أنت أسست قناة فضائية سميتها (التغيير) كان ينتظر منها أن تكون إضافة في الإعلام العراقي، لكن هناك من يقول إن هذه القناة بلا هوية محددة ولم يتبلور خطابها الإعلامي.. فما قولك؟ - لا تستطيع أية قناة أن تحدد انتماءها إلى معسكر ما منذ اليوم الأول لتأسيسها، بل ينبغي أولاً أن تخلق لها حضوراً وتفرض وجوداً وبعدها تستطيع التعبير عن نفسها، وهذا، كما أظن هو سبب ملاحظتك، فنحن نريد أن نخلق للقناة جمهوراً ثم ننطلق بعدها للتعبير عن مبادئنا وتوجهاتنا وأفكارنا.. لكنني أقول لك منذ الآن إن قناتنا ستكون بلا انتماءات طائفية أو عرقية، فنحن نريدها للعراقيين كلهم.. وأن تكون لنا بصمة واضحة وسعي إلى عودة العراق حراً سيداً ينتزع دوره المسلوب ويعود مؤثراً في محيطه العربي، فطوال عمره كان العراق قائداً لكنه الآن وبسبب الظروف الصعبة التي يمر بها أصبح مسلوب الإرادة.