أكد خبراء في مجال الإعلام وصحافيون عرب بالرباط، أن الصحافة الالكترونية لعبت دورا أساسيا في الحراك السياسي والاجتماعي الذي تشهده المنطقة العربية. وأبرزوا، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش ندوة “قوانين الإعلام في البلدان العربية” التي ينظمها مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية بتعاون مع شبكة «انترنيوز نت وورك»، إسهام الصحافة الالكترونية وباقي وسائل التكنولوجيات الحديثة في إسقاط نظامين في المنطقة العربية، مصر وتونس. وفي هذا الصدد، أوضحت شراز نوفيسة بن مراد صحفية بجريدة «أخبار الجمهورية» التونسية، أن الصحافة الالكترونية بمعناها الشامل لعبت دورا أساسيا في الثورة التونسية منذ 17 دجنبر 2010 إلى غاية سقوط نظام بنعلي على صعيد نقل الوقائع وتعميم الأخبار ونشر الصور.
وقالت إنه “لو لم تكن الصحافة الالكترونية لما تمكن الرأي العام من تتبع ومعرفة بصفة كافية التغييرات التي كانت جارية في الساحة التونسية لاسيما في ظل القمع المسلط من طرف السلطات التونسية على وسائل الإعلام السمعية البصرية والمكتوبة”.
وأشارت إلى أن المجتمعات العربية تعرف تغييرات جوهرية في علاقتها مع الإعلام بالنظر إلى كون تركيبات هذه المجتمعات فيها نسبة هامة من الشباب «الذي يتوجه نحو الإعلام الالكتروني وينتقي المعلومة أكثر من الصحافة الالكترونية»، مشددة على أن العلاقة بين الصحافة الالكترونية والصحافة التقليدية هي «علاقة تكامل».
وأكدت الصحافية التونسية، بالمقابل، على أهمية التأطير القانوني لهذه الصحافة وضرورة التوفر على قوانين إطار تؤطر الصحافة الالكترونية.
ومن جهته، أكد الحسين ولد مدو رئيس نقابة الصحافيين بموريتانيا، أن الصحافة الالكترونية لعبت دورا كبيرا في التحولات والثورات التي تشهدها البلدان العربية حاليا، «وهي مدينة باضطلاعها بهذا الدور لطبيعتها كوسيلة تقنية متحررة ولانسيابيتها». وبقدر ما لعبت هذا الدور الهام، يضيف الحسين ولد مو، بقدر ما يتعين على المهتمين والمعنيين العمل من أجل تلافي الانعكاسات السلبية التي تطرحها الصحافة الالكترونية سواء في الجانب الأخلاقي بشكل عام وأخلاقيات المهنة أو في إطار الجريمة والإرهاب.
وأشار إلى أن أغلب الدول العربية « تتمنع عن عملية تأطير هذا الفضاء لكونه فضاء لا تتحكم فيه»، مبرزا أنه تم في موريتانيا «شرعنة» الصحافة الالكترونية بإدخال تعديلات على القانون المنظم للنشر والمطبوعات والاعتراف بالصحافيين الالكترونيين كصحافيين مهنيين.
ومن جانبه، أبرز السيد عمر الشوبكي، رئيس منتدى البدائل للعلوم السياسية – مصر، ومدير تحرير مجلة «أحوال مصرية» الأدوار الرائدة التي لعبها«الإعلام الالكتروني» في ثورتي مصر وتونس، وفي مواكبته لتطور الأوضاع في باقي البلدان العربية كاليمن وسوريا، وأدواره خلال الحراك السياسي الذي عرفته إيران إبان إعادة انتخاب أحمدي نجاد.
أما فادي هاني توفيق أبو سعدة، مؤسس شبكة فلسطين الإخبارية وهي أول وكالة أنباء فلسطينية مستقلة، فقد توقف عند أهمية الأدوار التي أضحت تضطلع بها الصحافة الالكترونية لاسيما في مجال خدمة القضايا الحيوية للأمة كالقضية الفلسطينية. وقال «الثورة الالكترونية ساعدتنا في نشر الأخبار المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وكذا بالحياة اليومية للفلسطينين، لان الصحف المطبوعة تبقى محلية لكن الالكترونية تتوزع على العالم».
وأشار إلى أن هناك تكاملا بين الصحافة الالكترونية وباقي وسائل الإعلام رغم التنافس الشديد الظاهر، مبرزا أنه بفضل المواقع الالكترونية «صرنا نعرف الكثير عن المغرب خاصة أن للمغرب قيمة كبيرة في فلسطين لدعمه القوي للقضية الفلسطينية». وبدوره، أبرز السيد علي كريمي أستاذ القانون بالمعهد العالي للإعلام والاتصال وبجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن التدوين والصحافة الالكترونية بشكل عام لعبت دورا «خطيرا جدا» في تحريك الأحداث في المنطقة العربية «وقامت بما لم تستطع الصحافة الأخرى أن تقوم به».
وفيما يخص الجدل حول طبيعة العلاقة بين الصحافة الالكترونية ووسائل الإعلام الأخرى، قال إن «الساحة الإعلامية شاسعة للجميع ولكل مجاله وستبقى للدعامات الإعلامية المكتوبة والسمعية البصرية أهمية إلى جانب الدعامة الالكترونية».
وأشار إلى الصعوبات التي يطرحها التأطير القانوني للصحافة الالكترونية حتى على المستوى الدولي مشيرا إلى مبادرات بعض الدول العربية بإدماجها في القوانين المنظمة للاتصال السمعي البصري والصحافة المكتوبة. وتسعى ندوة «قوانين الإعلام في البلدان العربية»، المنظمة في الفترة ما بين 27 و 29 يوليوز الجاري، إلى بلورة تصور مشروع مبادئ قانون إعلام عربي موحد.