أسامة مهدي
فيما أعلن التحالف الكردستاني اليوم الاتفاق على الانتهاء من تغييرات في قيادات أقليم كردستان ستعلن منتصف الشهر المقبل، فقد تأكد الاتجاه لتولي نجيرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة الحكومة الجديدة للاقليم خلفاً لرئيسها الحالي برهم صالح وسط محاولات لتهدئة الانتقادات التي توجه حالياً لتهديدات اطلقها مسؤولون أكراد بأعلان الدولة الكردية.
برهم صالح ونجيرفان بارزاني خلال اجتماع سابق
ابلغ مصدر مقرب من القيادة الكردية "إيلاف" اليوم أن قيادتي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس أقليم كردستان مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني قد توصلا بعد نقاشات مطولة إلى اتفاقات شبه نهائية لاجراء تغييرات في قيادات الاقليم تتضمن تعيين رئيسين جديدين لحكومة وبرلمان إقليم كردستان.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقات تأتي منسجمة مع اتفاقية استراتيجية وقعها الحزبان عام 2007 تقضي بأن يكون منصب رئاسة الحكومة لمدة سنتين فقط لكل منهما حيث ستنتهي ولاية رئيس الحكومة الحالي برهم صالح القيادي في الاتحاد الوطني مع نهاية الشهر المقبل لتخلفه شخصية من الحزب الديمقراطي.
واشار المصدر إلى أن اختيار نجيرفان لرئاسة الحكومة الجديدة قد تم بعد ان كانت هناك ثلاث شخصيات مرشحة للمنصب هم : نجيرفان وروز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي وفؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الاقليم الا ان محادثات الحزبين استقرت على الاول لتولي المنصب الذي كان شغله سابقاً.
وبالتزامن مع ذلك فقد اعلن التحالف الكردستاني اليوم الاثنين أن الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني اتفقا في وقت سابق على أن تمنح رئاسة الحكومة والبرلمان بالتناوب لمدة سنتين لكل حزب. وقال الناطق باسم التحالف مؤيد الطيب في تصريح صحافي إن نيجرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الوطني الكردستاني سيتولى رئاسة الوزراء بدلاً من برهم صالح فيما سيتولى نائب رئيس البرلمان الحالي ارسلان باييز من الحزب الديمقراطي رئاسة البرلمان بدلا من كمال كركوكي.
وبشان إعلان اقليم كردستان دولة مستقلة أكد الطيب أنه لا يوجد اي توجه لدى الكرد لاعلان دولتهم لحد الان وان اي شخص مهما كانت سلطته في اقليم كردستان لا يمكن ان يتخذ هذا القرار دون الرجوع الى رئيس الاقليم وقيادات الاحزاب الكردية. وأشار إلى ان الوفد الكردي الذي زار بغداد اكد على تمسك الكرد بتحالفاتهم السياسية ووحدة العراق والالتزام بالدستور واتفاقات اربيل.
وأوضح أن القيادات العراقية اكدت ذلك واظهرت استعدادها الكامل لحل المشاكل العالقة بين الاقليم والحكومة المركزية على اساس تشكيل لجان فنية من قبل الطرفين تتبنى تنفيذ ذلك.
وكان رئيس برلمان إقليم كردستان كمال كركوكي هدد أمس الاحد بلجوء قيادة الإقليم إلى إعلان دولة كردية في حال عدم التزام الكتل السياسية بالدستور العراقي وضمان العيش بعراق فيدرالي ديمقراطي بحسب قوله في مؤتمر صحافي في اربيل عاصمة الاقليم. واضاف ان الاكراد سيقولون كلمتهم بخصوص إعلان الدولة الكردية في حال عدم الالتزام بالدستور العراقي، مشيرًا إلى أن إعلان الدولة الكردية متوقف على حكومة إقليم كردستان قبل كل شيء.
وأضاف كركوكي أن "الالتزام بالدستور يجعلنا نعيش مع باقي العراقيين لبناء عراق فدرالي ديمقراطي". ودعا الكتل السياسية إلى العمل على التوافق في مجال الفيدرالية والاتفاق على صيغة ترضي جميع الأطراف.
تناوب الحزبين في تولي المناصب
وعين برلمان كردستان برهم صالح بمنصبه الحالي مطلع نيسان (أبريل) عام 2009 ثم تولاه رسميا في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه واعلن البرلمان خلاله ايضا عن توحيد الوزارات المتبقية في حكومة الاقليم وهي الداخلية والبيشمركة والمالية بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على توحيد الادارتين الكرديتين السابقتين في اربيل والسليمانية في ادارة واحدة. وكانت الادارة الموحدة لحكومة الاقليم قد تشكلت في عام 2006 مع الابقاء على مجموعة وزارات دون توحيدها لحين تصفية المشاكل الموجودة بين الحزبيين الرئيسيين في كردستان.
وبحسب الاتفاقية الاستراتيجية يفترض مداورة جميع المناصب بين الحزبين بعد مرور سنتين من تشكيل الحكومة وبهذا يتوجب على برهم صالح الذي تولى رئاسة الحكومة في تشرين الثاني 2009 التخلي عن منصبه في الشهر المقبل. وقد أتت الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة في السابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 2007 لتنهي جميع الخلافات العالقة بين حزبي الطالباني وبارزاني بعد ان خاضا حربا داخلية طاحنة استمرت منذ عام 1994 وحتى عام 1998.
و ظلت بنود الاتفاقية سرية لكن القليل الذي كشف عنه ينص على توزيع المناصب بين الحزبين بحيث تؤول رئاسة جمهورية العراق للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني فيما تذهب رئاسة الإقليم للديمقراطي بزعامة بارزاني. كما يتولى أحدهما منصب رئاسة الحكومة فيما يشغل الآخر منصب رئيس برلمان كردستان شرط أن يكون نائب كل مسؤول من حصة الحزب الآخر ويتم تغيير المناصب كل عامين عدا رئاستي الجمهورية والإقليم.
وكان برهم صالح نائبا لرئيس وزراء العراق قبل إجراء الانتخابات الكردستانية الأخيرة في 25 تموز (يوليو) عام 2009. لكن بعد ظهور أحزاب معارضة قوية في الإقليم خصوصا حركة التغيير بقيادة نوشيروان مصطفى النائب السابق للطالباني في الحزب عاد صالح إلى كردستان ليقود الحملة الانتخابية للحزبين الرئيسيين ويتولى رئاسة قائمتهما المشتركة ليحصد 59 مقعدا من 111 معقدا هي مجموع مقاعد برلمان كردستان.
وشكل صالح الوزارة السادسة في كردستان المؤلفة من 19 وزيرا بمشاركة الحزب الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي والحركة الإسلامية والحزب الشيوعي وحزب الكادحين الكردستاني. ومع تأدية أعضاء الحكومة القسم، واجهت حكومته معارضة قوية داخل البرلمان بعد أن حصد كل من حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية 35 مقعدا مجتمعين.
نجيرفان بارزاني رئيس سابق للحكومة وابن اخ مسعود بارزاني
ونيجيرفان إدريس بارزاني يشغل حاليا منصب نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني وكان يتولى قبل عام 2009 منصب رئيس حكومة كردستان. وهو من مواليد قرية بارزان بشمال العراق عام 1966 وابن اخ مسعود بارزاني اي هو حفيد الزعيم الكردي الملا مصطفى بارزاني.
وقد اهتم بالشؤون السياسية في إلاقليم منذ ما يقارب 25 عاما واضطر إلى الهجرة إلى إيران مع عائلته بجانب الآلاف من الاكراد عام 1975 بسبب سياسات النظام العراقي السابق وهناك درس العلوم السياسية في جامعة طهران، لكنه ترك الدراسة بسبب وفاة والدهُ إدريس بارزاني ثم أصبح ناشطاً في صفوف الحركة التحررية الكردية و تقدم بسرعة في صفوف الحزب الذي نال عضوية مكتبه السياسي خلال المؤتمر العاشر للحزب عام 1989 وإعيد انتخابه في المؤتمر الثاني عشر للحزب والمنعقد عام 1999وفي عام 1996 عين نائباَ لرئيس الوزراء في حكومة إقليم كردستان.
وعندما عين رئيساَ للحكومة عام 1999 شرع في برنامج نشط في تحسين رفاهية المجتمع وفي آذار (مارس) عام 2006 انتخب أول رئيس حكومة موحدة لاقليم كردستان وتحت قيادته أصبحت الحكومة علمانية تعددية. ونيجيرفان بارزاني متزوج وله 4 بناء ويجيد اللغتين الكردية والعربية والفارسية وله إلمام بالانكليزية وهو مولع بالشعر الكردي والفارسي. وقد تنقل بين بلدان الشرق الأوسط واوروبا والولايات المتحدة الاميركية وإجتمع مع عدد من رؤساء الدول وكبار المسؤولين الحكوميين فيها.
وفي الختام يقول المصدر في حديثه مع "ايلاف" ان تقاسم الحزبين الرئيسيين يلقى الان معارضة من قبل قوى كردية اخرى لها تاثيرها على الساحة الشعبية في كردستان خاصة مع التغيرات التي شهدتها مؤخرا وخروج تظاهرات ضد أستمرار هيمنهما على الاوضاع السياسية وللمطالبة باصلاحات في ادارة الاقليم ومشاركة أوسع في هذه الادارة.
وأشار الى امكانية اجراء تعديلات مستقبلا على اتفاق الحزبين الموقع عام 2007 بحيث يتم وضع اسس جديدة تضمن مشاركة القوى السياسية الاخرى المتحالفة مع الحزبين الرئيسيين في الحصول على مناصب سيادية في قيادات الاقليم وربما يصل الامر لتولي احدها رئاسة حكومة الاقليم مستقبلا او التنافس على رئاسة أقليم كردستان ايضا.